بهاء الخزعلي||
لماذا ستعود الولايات المتحدة لطاولة الحوار للأتفاق النووي مع إيران رغم معارضة الكيان الصهيوني والخليج لتلك الخطوة؟؟؟؟؟؟
الحقيقة أن الموضوع لم يعد يخص السعودية وإسرائيل وإيران فقط بل أن الأمر أكبر من ذلك، الأمر أصبح مسألة مكانة أميركا الدولية ومدى أمكانية الحفاظ عليها، الخطر المحدق بأميركا الأن أكبر من أي وقت مضى.
بخطوات تطمينية من بايدن لإيران سارع لتعليق صفقات السلاح مع الأمارات والسعودية، وإدارته عازمة على إنهاء الحرب في اليمن، وبالرغم من تصريحات أفيف كوخافي رئيس أركان الجيش الأسرائيلي الى أن الولايات المتحدة متجهة الى العودة للأتفاق النووي، وكل ذلك بسبب الخطر الصيني.
عندما يصدر مقالا لمدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية (جون رادكليف) ، في صحيفة (وول ستريت جورنال) بعنوان (الصين هي الخطر الأول على الأمن القومي الأمريكي) ، وبالنظر لمكانة الكاتب ومنصبه المهم وكم المعلومات التي يحصل عليها بسبب منصبه، نصبح على يقين بأن الصراع بين الصين وأميركا هو السبب الرئيسي للتحالفات من كلا الطرفين، ويوظف كل شيء ليعرقل أحدهما مشاريع الأخر التوسعية.
في عام 2016 شهدت الصين وإيران أتفاق شراكة إستراتيجي عندما زار الرئيس الصيني (شي جين بنغ) طهران، ولم يكن أحد يعرف مضمون الأتفاق الى ان سربت مسودة من الأتفاق عددها(18) ورقة مكتوبة باللغة الفارسية الى صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، التي بدورها ترجمة تلك المسودة ونشرتها، وعلى الرغم من أن الأتفاق لم يوقع بشكل رسمي الى أن بنوده تقلق الجانب الأميركي، حيث كان مضمون الأتفاق ان الصين تضخ إستثمارات بقيمة (400) مليار دولار في إيران، وتشمل جميع القطاعات الحيوية والبنى التحتية والتكنلوجيا وكذلك على الصعيد الأمني والعسكري، بالمقابل تمنح إيران أمتيازات للشركات الصينية وتوفر كل ما تحتاجه الصين من غاز وبترول بأسعار تفضيلية ولمدة (25) عام.
ويصف المفكر الأستراتيجي الأمريكي (روبرت كابلن) التحالف بين الصين وإيران بأنه تحالف لا يهزم، لأن الصين لديها كل ما تحتاجه إيران وكذلك إيران لديها كل ما تحتاجه الصين، لأن بأختصار إيران تحتاج للتعاون مع دولة غير خاضعة للنفوذ الأميركي، كذلك أن تكون تلك الدولة لديها قدرات مالية هائلة لكي ينعشها أقتصاديا، ويكون لديه كذلك قدرات تكنولوجية في قطاعات مختلفة خصوصا القطاعات الإستراتيجية والتسليح، كذلك دولة لديها قدرات دبلوماسية، ولأن الصين واحدة من الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن ولديها كل تلك القدرات فهي الخيار الأنسب لإيران.
كذلك الصين مستعدة لتقدم كل تلك الأحتياجات للجمهورية الإسلامية لأنها بحاجة ماسة لإيران، وتكمن أهمية إيران للصين بنقطتين مهمتين جدا، النقطة الأولى هي أمن الطاقة لأن الأقتصاد الصيني كله قائم على إستيراد المواد الخام من دول أسيا وأفريقا وبعض الدول الأخرى في أوربا، وتذهب تلك المواد الخام الى السوق الصيني وثم تخرج منه منتجات نهائية الى كل دول العالم، والمشكلة في هذه العملية الأقتصادية الصينية أن الكثير من المواد الخام تأتي من دول خاضعة للنفوذ الأمريكي، و تمر عبر ممرات ملاحية خاضعة للنفوذ الأمريكي أيضا، وعلى سبيل المثال البترول 50% من أحتياجات الصين تأتي من الخليج العربي، ثم يمر هذا البترول من الخليج العربي الى خليج عمان ثم المحيط الهندي ثم الى بحر الصين الجنوبي وصولا الى الموانئ الصينية.
وبما أن كل تلك الممرات خاضعة للنفوذ الأمريكي من الممكن أذا جد الجد في حادثة ما، تخنق أميركا الأقتصاد الصيني وتخسر الصين أي مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة، ولتلافي ذلك الأحتمال من قبل الصين يجب عليها أن توفر بديل لنقل الطاقة لها خارج منطقة النفوذ الأمريكي، وبما أن إيران ثاني أكبر دولة في العالم بعد روسيا في الاحتياط الغازي، وكذلك لديها أحتياط عالي من البترول وخارج النفوذ الأمريكي،وكذلك بأمكانها أيصال الطاقة للصين عبر ممرات برية بعيدة عن طرق الملاحة أذن هي الخيار الأنسب للصين.
أما النقطة الثانية التي تجعل إيران مهمة بالنسبة الى الصين هو موقعها الجغرافي، حيث أن أهم مشروع بالنسبة للصين الذي نجاحه يكفل لها ان تكون قوى عظمى هو مبادرة الحزام والطريق أو ما يعرف ب(طريق الحرير)، طريق الحرير هو عبارة عن شبكة طرق كبيرة جدا تربطها الى الان ب(125) دولة من خلال (6) مسارات رئيسية تربط الصين بدول أسيا وأفريقيا وأوربا.
ولكي تربط الصين نفسها بكل تلك الدول فهناك نقاط أرتكاز أساسية، والصين تعتبر إيران واحدة من تلك اهم نقاط الأرتكاز في كل مشروع الحزام والطريق، فموقع إيران الجغرافي يربط الشرق بالغرب وذلك يعطيه أهمية بالغة في مشروع الحزام والطريق،ولأن أيران تتوسط مابين الخليج العربي من جهة وبحر القوقاز المليء بالطاقة من جهة أخرى فذلك أمتياز لها يجبر الصين على التمسك بإقامة أتفاق معها.
وبما أن هذا التحالف الذي وصف بأنه لا يهزم يعتبر تهديدا للمكانة العالمية للولايات المتحدة، فمن البديهي أن تفكر أميركا في أيجاد حل لمنع ذلك التحالف، وبما أن الولايات المتحدة على يقين بأن الصين هي الخطر والتهديد الأكبر على مكانتها العالمية، فمن البديهي أن لا تذهب بأتجاه الأتفاق مع الصين، أضف الى ذلك أن أميركا تدرك أن الصين لن تتخلى عن فكرة مشروع مبادرة الحزام والطريق.
لذلك لم يبقى أمام صانع القرار الأمريكي سوى الأتفاق مع إيران، وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني والسعودية يؤكدان على خطر البرنامج الصاروخي لأيران، وإصرارهما على تنبيه الولايات المتحدة لضم ذلك البرنامج ضمن بنود الأتفاق النووي، الى أن الإدارة الأمريكية مستعدة لتقديم التنازلات للجانب الإيراني لأيقاف الأتفاق الصيني مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وما تقوم به الولايات المتحدة الأن هو عبارة عن مناورة سياسية لتخرج بأقل الأضرار من تلك التنازلات، فما هي الا مسألة وقت وسترفع العقوبات عن إيران وتعود إدارة بايدن للمفاوضات في الملف النووي الإيراني.
https://telegram.me/buratha