فهد الجبوري ||
تحت عنوان : الضغوط القصوى لترامب ونتنياهو على ايران فشلت ، ولم تسفر الا عن نتائج محدودة
نشرت صحيفة ها آرتس أمس الثلاثاء ٣٠ مارس ٢٠٢١ تحليلا عن الاتفاقية الإيرانية -الصينية .
صحيفة ها آرتس هي واحدة من أهم الصحف الاسرائيلية وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية ، وهي تنتمي الى الخط الاسرائيلي اليساري ، ومن توجهاتها هي الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وتدعم اتفاقات أوسلو .
وفيما يلي ترجمة لهذا التحليل :
إن توقيع اتفاقية أمدها ٢٥ سنة ، وبمبلغ قدره ٤٠٠ مليار دولار ، بين ايران والصين يمثل علامة اخرى على أن ستراتيجية ترامب ونتنياهو إزاء طهران هي فشل ذريع .
وأكثر من أهميتها المعلنة ، وأكثر من أهميتها الجيوسياسة المحتملة ، فإن التوقيع على اتفاقية " الشراكة الأستراتيجية الشاملة " بين الصين وإيران هو شهادة على فشل السياسة الاستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل .
إن سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، والتي هي عبارة عن ممارسة أقصى الضغوط على ايران ، وبتحريض حماسي من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أنتجت ما يلي :
* ايران الآن لديها كمية من اليورانيوم المخصب ١٢ مرة أكثر مما كان في العام ٢٠١٥ عندما تم التوقيع على الاتفاق النووي .
* ايران فقط قبل أيام وقعت اتفاقية شاملة مع الصين . ايران لديها حضور عسكري بالوكالة في مرتفعات الجولان الجنوبية ، بالقرب من الحدود الاسرائيلية .
وبالنسبة الى سياسة يتم الاحتفاء بها على أنها حققت نصرا على " اتفاق سئ " ، وممارسة أقصى الضغوط لتحقيق انهيار الاقتصاد الإيراني ، وزعزعة النظام ، وفرض تغيير السلوك ، فإن النتائج هي ضئيلة على نحو محرج .
والأكثر من ذلك هو أن الولايات المتحدة ، تضع الآن مبادئ الحركة والصيغة لإعادة الدخول في الاتفاق النووي المعروف باتفاقية التعاون المشترك الشاملة ، وبالضد من وجهة نظر إسرائيل .
إن الاتفاقية الصينية -الإيرانية ليست فقط حول الاتفاق النووي الإيراني ، ولكنها هيكل استراتيجي رباعي أكبر يضم كل من الولايات المتحدة ، والصين ، وإسرائيل وإيران .
فكر بها على أنها مخطط معقد : الولايات المتحدة وإسرائيل حليفين قريبين ؛ الصين تصبح شريكا ومستثمرا رئيسيا لإسرائيل ؛ الصين قد وقعت لتوها اتفاق شراكة استراتيجي مع ايران ؛ إسرائيل تعتبر ايران التهديد الرئيسي ربما الوجودي لها ( اذا حصلت على النووي ) ؛ الولايات المتحدة ترى الصين منافسا رئيسيا وتحدي ؛ الصين تشعر بنفس الشئ ازاء الولايات المتحدة .
هناك طريقتان و مقاربتان للنظر في هذا التطور وتحليله : من وجهة نظر واحدة ؛ اتفاقية لمدة ٢٥ سنة ، و بمبلغ ٤٠٠ مليار دولار بين الصين وإيران ، وتغطي مجالات الطاقة والشؤون العسكرية ، لا ينبغي الاستخفاف أو الاستهانة بها من الولايات المتحدة أو إسرائيل ، حتى وإن تدخل حيز التنفيذ في غضون عامين .
إنها تبرهن على أن ايران هي بعيدة عن الانهيار تحت وطأة العقوبات الصارمة والقاسية والتي أعادت الولايات المتحدة فرضها عبر الانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي قبل حوالي ثلاث سنوات . وهي أيضا تعطي إشعارا الى الولايات المتحدة و أوروبا و إسرائيل بأن ايران قد وجدت حليفا قويا، ومشاورا ناصحا ، مما سيحطم العزلة التي إعتقد ترامب و نتنياهو أنها سوف تحاصر ايران .
وكلاهما الصين و ايران ، لديهما مصلحة خاصة ، وإن كان ذلك على نطاق مختلف ، في إضعاف الولايات المتحدة : وهذا يتعارض مع مصلحة إسرائيل الأساسية ؛ وهي أمريكا قوية و مهابة ولها الحضور القوي .
والنظرة الثانية ترى أن الاتفاقية هي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية الصينية ، وليس بالضرورة جزءا مركزيا . الصين ليس لديها مصلحة بالنزاعات العسكرية الإقليمية ، ناهيك عن التورط في واحدة منها ، مما يعرض استثماراتها للخطر . الصين لديها مصلحة في أسعار نفط منخفضة ، بينما بالنسبة للاقتصاد الإيراني ، فإن السعر الأعلى هو مصلحة أساسية .
وعلاوة على ذلك ، فإن الصين تحترم علاقتها التكنولوجية مع إسرائيل ، ومن المشكوك فيه أن تخاطر بذلك من خلال تزويد ايران بالصواريخ المتطورة المضادة للسفن ، والتي تسعى ايران للحصول عليها . إن فعالية التكلفة لذلك ربما لا معنى لها بالنسبة للصين .
إن ايران هي من بين البلدان ال ١٤٠ التي وقعت على مذكرة تفاهم ثنائية مع الصين ، مما يجعلها عضوا في " مبادرة الحزام والطريق " الصينية ، ومن بين هذه البلدان ، يوجد ١٧ بلدا في الشرق الأوسط ، أو شمال أفريقيا .
إن الاتفاقية الصينية - الإيرانية هي بالأساس جزءا من هذه المبادرة ، والتي هي ستراتيجية لسياسة الصين الخارجية والتجارية هدفها الاستراتيجي هو الربط التدريجي لآسيا بأفريقيا ، والشرق الأوسط وأوروبا من خلال شبكة طرق برية وبحرية و موانئ .
والفكرة الجوهرية هي إيجاد منفذ اقتصادي كبير ، وتحسين التكامل الإقليمي من خلال الخدمات الجيدة للصين ، وتسهيل خطوط سلسلة توريد البضائع .
ولكن الهدف الأساسي الواضح هو ؛ إظهار قوة الصين الاقتصادية والسياسية ، ودعم حضورها ، وإيجاد نفوذ دبلوماسي وتجاري ، وتعزيز مصالحها .
https://telegram.me/buratha