د.جواد الهنداوي *||
الانتخابات ألعراقية: تبديد ألألتباس بين الكتلة الانتخابية الفائزة بالاصوات والكتلة النيابيّة الاكثر عدداً .
من الغرابة أنْ يستعين بعض الكتاب و المُحللين بالمادة ٤٥ من قانون الانتخابات لعام ٢٠٢٠ ، ليحمّلوها مالمْ يردْ بها ( في الفقرة الاولى منها ) ، وينكروا عليها ما نصّت عليه صراحة ( في الفقرة الثانية منها ) .
لنطّلع على المادة المذكورة :
" لا يحق لاي نائب او حزب او كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة مسجّلة في الانتخابات الانتقال الى أئتلاف او حزب او كتلة او قائمة اخرى الا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة " . اعلاه الفقرة الاولى من نص المادة ٤٥ من قانون الانتخابات .
قبلَ ان انتقلُ لتدوين الفقرة الثانية ، اطرحُ على القارئ الكريم والمتمعن السؤال التالي .
ما علاقة النص المذكور اعلاه بمفهوم الكتلة النيابيّة الاكثر عدداً والذي ( و اقصد المفهوم ) وردَ حصراً في المادة ٧٦ من الدستور الاتحادي العراقي ؟
النصُ واضحٌ ،يتحدث عن عدم جواز انتقال النائب او الحزب او الكتلة من قائمة اخرى الاّ بعد تشكيل الحكومة ، و لا يتطرق لا من بعيد و لا من قريب الى الكتلة النيابيّة الاكثر عدداً ، والتي حباها الدستور بالحق الحصري لترشيح رئيس الوزراء الى السيد رئيس الجمهورية ،وفقاً للمادة ٧٦ من الدستور .
اوردُ الآن الفقرة الثانية من المادة ٤٥ :
" دون أن يخلُ ذلك بحق القوائم المفتوحة او المنفردة المسجلة قبل اجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم اخرى بعد اجراء الانتخابات " .
في هذا النص ،المُشرّع واضح جداً في احترامه لنص المادة ٧٦ من الدستور ،والتزامه بما و ردَ فيها بخصوص حق الائتلاف ، بعد الانتخابات ،بين القوائم والكتل كي يؤلفوا الكتلة النيابية الأكثر عدداً!
بدون وجود هذه الفقرة في المادة ٤٥ من قانون الانتخابات لأصبحت هذه المادة مخالفة للدستور !
اذكر ادناه نص المادة ٧٦ ،الفقرة الاولى ،من الدستور الاتحادي العراقي ، والمختصة حصراً في موضوع الكتلة النيابيّة الاكثر عدداً " : " يُكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابيّة الاكثر عدداً بتشكيل مجلس رئيس الوزراء ... " .
النص اعلاه يُسّمي صراحةالكتلة النيابيّة الاكثر عدداً ،وليس الكتلة الانتخابية الفائزة بالاصوات ،و يخوّلها حق تسمية المُرشح لرئاسة الوزراء . لهذه الاليّة
الدستورية ألمُتبَعّة، و اقصد الكتلة النيابية الأكثر عدداً ، مزايا و فوائد مقارنة بآلية القائمة الانتخابية الفائزة ، التي تحاشتها لجنة صياغة الدستور .ماهي اذاً هذه المزايا و الفوائد ؟
أول هذه المزايا هو كسب الوقت و دفع القوائم للتشاور و التفاهم و الاتفاق قبل الذهاب الى قبّة البرلمان للتصويت و منح الثقة ، لاسيما بأنَّ موضوع الاتفاق لا يقتصرُ فقط على التصويت على اختيار ر. الوزراء وانما ايضاً على اختيار ر .مجلس النواب و ر. الجمهورية .
تساعد هذه الالية على ديمومة و أستمرار تماسك الكتلة النيابية الأكثر عدداً ، مما يساعد كثيراً في استقرار عمل السلطات الثلاث ، وتجنب اجراء سحب الثقة عن ر . مجلس الوزراء . وقد اثبتتْ الدورات الانتخابية السابقة صحة ذلك ، حيث و بالرغم من ما مّرَ به العراق من تحديات سياسية و أمنية ،لم نشهد ، وعلى مدار الحكومات الاربع ، اجراء سحب او حجب الثقة عن ر . الوزراء . في الوقت الذي شهدت دول عربية مجاورة،مُستقّرة أمنياً و سياسياً ، إجراءات سحب الثقة عن ر . الوزراء ثلاث مرّات لعام واحد .
لا أُريد القول بأنَّ اجراء سحب الثقة امرٌ غير ديمقراطي او سلبي ،لا بل قد يكون ضرورة و حَلْ ، ولكن في وضع كوضع العراق أبانَ العقد المنصرم ،كان و لا بُّدْ من استقرار في ديمومة و استمرار عمل السلطات الدستورية السياسية (ر. الجمهورية ، رئاسة الوزراء ، رئاسة مجلس النواب ) .
في حقيقة الامر ، دور الكتلة النيابية الأكثر عدداً لا يقتصر فقط في ترشيح ر . الوزراء ، وانما يتعداه الى التحكم نسبياً في اختيار ر . الجمهورية و كذلك ر. مجلس النواب .
ولهذا الدور الواسع للكتلة النيابية الأكثر عدداً ما يُبّرره دستوريا ، كونها هي التي تُمثِّل ارادة أغلبية الشعب .
عندما تفلحُ هذه الكتلة بتشكيل الحكومة ، وتساهم في اختيار ر . الجمهورية ، و ر. مجلس النواب ،تصبح كُتلة الشعب ،كُتلة تُمثلُ كل الشعب ، وعليها ان تتجرد من الشعور او الوصف بانها كتلة اكثر عدداً ، و تتحلى بصفة و شعور و اداء كتلة كلُ الناخبين ، كُتلة كل الشعب.
*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل
في ٢٠٢١/١٠/١٢.