ارتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا منذ نهاية أيلول، فيما بدأ متحور "أوميكرون" يفرض نفسه نظراً لسرعة انتقاله، وسط توقعات بأن يصبح السلالة المهيمنة في عدد كبير من الدول خلال فترة قصيرة.
وشهدت دول شمال أوروبا أكبر زيادة في الحالات، على رأسها النمسا وبلجيكا وألمانيا وأيرلندا وهولندا وبولندا.
وقال التقرير الأسبوعي الصادر عن "بنك قطر الوطني"، إنّ التساهل بشأن التطعيم والإغلاق جعل هذه الدول تعاني من ارتفاع أكبر في عدد الحالات بالمقارنة مع بقية دول الاتحاد الأوروبي، ما سيدفعها إلى قيود صارمة ستؤثر على نموها الاقتصادي. ولفت التقرير إلى أسباب ارتفاع الإصابات في الدول الست بالمقارنة مع بقية دول الاتحاد الأوروبي.
وعزا التقرير ارتفاع الإصابات في تلك الدول إلى تباطؤ معدل التطعيم في الدول الست المذكورة بشكل حاد في بداية سبتمبر، وبقدر أكبر من بقية دول الاتحاد الأوروبي.
وفي حين أوصت وكالة الصحة العامة في الاتحاد الأوروبي بتسريع طرح الجرعات "المعززة" الثالثة، كان طرح هذه الجرعات في هذه الدول أبطأ بالمقارنة مع بقية دول الاتحاد.
علاوة على ذلك، تم تطعيم عدد أكبر من الأطفال في بقية دول الاتحاد الأوروبي مقارنة بالدول الست. على سبيل المثال، تم تطعيم معظم الأطفال في الدنمارك وإسبانيا بجرعة واحدة على الأقل، في حين لا تزال ألمانيا متأخرة في هذا الجانب. وأخيراً، فرضت الحكومات في إيطاليا وفرنسا إلزامية التطعيم على مجموعات معينة من العاملين، لكن الدول الست لم تتخذ خطوات مماثلة إلا أخيراً فقط.
ونظراً لهذا التساهل والتردد بشأن إعطاء غير المطعمين الجرعة الأولى، وإقناع الأشخاص بأخذ جرعة ثانية، واعتماد جرعات ثالثة "معززة" للأشخاص الأكثر عرضة للخطر، وتطعيم الأطفال، أصبحت الدول الست أكثر عرضة لتزايد الحالات الجديدة في فصل الشتاء الحالي.
ولحظ تقرير البنك اختلافاً ملحوظاً في مدى صرامة عمليات الإغلاق منذ نهاية شهر آب، حيث عمدت الدول الست إلى تخفيف القيود على الرغم من مخاطر تزايد الحالات خلال موسم الشتاء، بينما قامت بقية دول الاتحاد الأوروبي فعلياً بتشديد القيود. على سبيل المثال، خففت النمسا معظم تدابير الإغلاق لدعم التعافي الاقتصادي في الفترة بين سبتمبر ومطلع تشرين الثاني، كما أزالت بلجيكا بسرعة التدابير الاحترازية.
ويساعد هذا التساهل بشأن القيود، إلى جانب مقاومة سكان هذه الدول لتلقي التطعيمات، على تفسير الارتفاع الحاد في حالات الإصابة في الدول الست خلال فصل الشتاء الحالي.
وأضاف التقرير أنّ بسبب الارتفاع المفاجئ في حالات الإصابة بكوفيد-19، اضطرت الحكومات في الدول الست إلى تشديد القيود بشكل حاد.
ودخلت النمسا في إغلاق كامل في 22 نوفمبر وهي تعمل على فرض إلزامية التطعيم اعتباراً من 1 شباط 2022. وبدأت ألمانيا في حصر الوصول إلى الخدمات غير الأساسية (بما في ذلك المسارح ودور السينما والمطاعم) على العملاء المطعمين فقط. كما قامت بلجيكا وهولندا أيضا بفرض إغلاقات.
وقامت بولندا بتشديد القيود الاحترازية من خلال إعادة فرض سعة استيعابية قصوى على الخدمات غير الأساسية. وأدى تشديد القيود إلى تخفيض عدد حالات الإصابة، ولذلك أصبح لدى الدول الآن حيز إضافي للمناورة وبات بمقدورها التركيز فقط على فرض التدابير الأكثر فعالية.
وتابع التقرير "ستؤثر هذه القيود الصارمة بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي خلال الأشهر القليلة المقبلة. وسيكون التأثير أكبر على قطاع الخدمات في البلدان الستة، حيث سيتم تقييد زيارات الأماكن الترفيهية والثقافية بشكل كبير أثناء فرض القيود وعمليات الإغلاق".
ومع ذلك، قد يمتد التأثير إلى بقية الاتحاد الأوروبي لأنّ هذه الاقتصادات مترابطة ومتكاملة بشكل وثيق. وتوقع التقرير أن يكون النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي أضعف من نسبة 5.1% التي توقعها صندوق النقد الدولي في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" لشهر تشرين الأول.
كما توقع البنك أن يكون هناك نمط مشابه في قارة أميركا الشمالية، وتحديداً في الولايات الأميركية التي لديها أدنى مستويات تطعيم وأكثر قيود مخففة، فهي تشهد أيضاً زيادة في عدد الإصابات، وهو ما سيجبرها في نهاية المطاف على تشديد القيود.
https://telegram.me/buratha