فهد الجبوري ||
خلال الأسابيع الماضية كنا قد كتبنا عدة مقالات حول أزمة المناخ في العالم ، وتأثيراتها على العراق وعموم منطقة الشرق الأوسط ، وآخرها مقالة اليوم ( ١ حزيران ٢٠٢٢) ، وفي تصوري إن إلقاء مزيد من الضوء على ما بات يعرف بتغير المناخ وتأثيرات ذلك الراهنة والمستقبلية على مجمل شؤون الحياة ، أمر في غاية الأهمية ، وهو بمثابة تحذير وإنذار لكل من يعنيه الأمر للقيام باتخاذ الخطوات والمبادرات لمواجهة هذه الأزمة وما قد تجلبه من كوارث طبيعية وانسانية ومجتمعية .
في هذا السياق ، ومن خلال متابعتي اليومية والمستمرة لما يصدر ويكتب من دراسات وتقارير ومقالات حول أزمة المناخ العالمية ، وجدت دراسة مهمة للباحث آدم لامون ، نشرها في مجلة ناشونال انتريست يوم ٢٠ مايس ، ولأهمية هذه الدراسة ، فيما يلي خلاصة لأهم ما ورد فيها :
الشرق الأوسط يواجه مشكلة مناخية حادة . وطبقا لاحدث تقرير من صندوق النقد الدولي ، فإن معدل الحرارة في المنطقة قد زاد بنسبة ١.٥ درجة مئوية ( ٢.٧ درجة فهرنهايت ) منذ عام ١٩٩٠ ، وهو مرتين أكثر من المعدل العالمي .
وعلاوة على ذلك ، فإن البلدان هناك ، وفي وسط آسيا تشكل ما يقارب من نصف الدول الخمسين الأكثر عرضة لموجات الحرارة الشديدة ، ( وهي فترات درجات الحرارة المرتفعة جدا والرطوبة ) .
وزيادات إضافية في درجات الحرارة متوقعة ، مع نتائج سلبية على البيئة والحياة والاقتصاد في المنطقة .
وعلى سبيل المثال ، في العام ٢٠١٩ ، دقت الأمم المتحدة جرس الإنذار لعصر قادم وهو " عنصرية المناخ " حيث أن درجات الحرارة الشديدة ، وموجات الحر الطويلة تهدد بتقويض ما تم انجازه خلال السنوات الخمسين الماضية من تنمية ، وصحة عالمية ، وتقليل من نسب الفقر " ، وتهدد بإفقار الملايين . وإن هذه الحقيقة الجديدة ستكون ذات أهمية خاصة بالنسبة الى منطقة الشرق الأوسط ، والتي هي بالأساس تكافح من أجل معالجة النقص في الطاقة الكهربائية ، وعدم المساواة الاقتصادية ، والضرر الإنساني الذي يتضاعف بموجات الحرارة الطويلة ، مع درجات حرارة قياسية.
وهذه الآلام وحسب تقارير صندوق النقد الدولي من المحتمل أن يكون لها تأثيرا اقتصاديا واضحا .
وبالطبع ، ليس فقط الارتفاع في درجات الحرارة ، ولكن ايضا انخفاض معدلات هبوط الأمطار التي تفاقم من التحديات التي تواجه المنطقة . وفي الواقع ، فإن النقص في المعدل السنوي لهبوط الأمطار يساهم في تفاقم أزمة المياه في الشرق الأوسط ، وهي واحدة من الأسوأ في العالم نتيجة لمناخ المنطقة الجاف، وسنوات من سوء ادارة مصادر المياه من قبل الحكومات .
وكحقيقة قائمة ، فإن بلدان الشرق الأوسط هي عرضة لأكثر من مشكلة هطول كميات قليلة من الأمطار : وكمعدل ، فإن تلك البلدان تستلم أكثر من نصف مصادر المياه الكاملة والمتجددة ( على سبيل المثال الأنهار ) من مصادر تقع خارج حدودها . وأن تحذير صندوق النقد الدولي من التبعية للخارج " التي توسع من مخاطر نزاعات حول المياه ، وموجات هجرة " ليس قضية نظرية . في الواقع نحن شاهدنا من قبل التهديد العسكري المصري لإيقاف مشاريع إثيوبيا المائية والتي تقلل من تدفق كميات المياه الواردة الى نهر النيل - والتي تزود مصر بنسبة ٩٧٪ من مصادر المياه المتجددة . ومثل ذلك ، فالنزاعات حول " السياسات المائية "قد زادت من خطر صراعات " بين الدول " مثل بين إسرائيل وفلسطين ، ايران وأفغانستان ، سوريا ، العراق مع تركيا ؛ والهند وباكستان .
وعلاوة على ذلك ، فأن الزيادة المحتملة في الجفاف ودرجات الحرارة قد تشعل فتيل انتفاضات عنيفة ، وأعمال انتقامية .
وفي الوقت الذي لاتكون المياه دائما هي السبب الأساسي للحرب وعدم الاستقرار ، الا أنها تصبح على نحو متزايد جزءا من التنافس والصراع في هذه المنطقة الجافة .
وعندما يجري تحليل تلك الاتجاهات الى جانب النمو في سكان منطقة الشرق الأوسط ( والذي يتوقع أن يتضاعف بحلول عام ٢٠٥٠) ، يصبح من الصعب التنبؤ في مدى خطورة الوضع . اليوم ، اكثر من ٦٠٪ من سكان الشرق الأوسط إما لديهم كميات قليلة من الماء أو لامنفذ لهم الى الماء ، وطبقا لتقرير عام ٢٠٢٠ الصادر عن صندوق طوارئ الاطفال العالمي التابع للأمم المتحدة ، فإن ما يقارب تسعة من عشرة أطفال يعانون من مشاكل صحية وسوء تغذية بسبب سكنهم في مناطق " تعاني من نقص مائي مرتفع أو مرتفع للغاية "