حازم أحمد فضالة ||
ما زال الغرب المتغطرس المستكبر، يغزو الحضارة الإسلامية، مستهدفًا لغة القرآن الكريم (اللغة العربية) في الأساس، وما زال المترجم العربي، الذي يترجم من اللغة الإنجليزية إلى العربية؛ هو الأداة الفعَّالة لتوغُّل هذا النوع من الغزو في إعماق اللغة العربية، زيادة على كسل المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية؛ عن مواجهة هذا الغزو مواجهة ذَريَّةً دقيقة، وإيقاف مدِّه التدميري!
الآن، في قلب بغداد (الجادرية)، نرى لافتة كبيرة فيها صورة الشهيد أبو مهدي المهندس (رضوان الله عليه)، مكتوب عليها: (أبو مهدي المهندس أيقونة النصر… )! وهو نفسه الذي كان كثيرًا ما يُحَذِّر من الغزو الثقافي، ويصف معركته أقسى من المعركة العسكرية وأعتى. ما دامت هذه الكلمة (أيقونة، آيقونة) هي موضوعنا اليوم؛ لذلك نقدم دراستنا في أدناه، تشريحًا لها، وما هو المقابل القرآني لها، وما هو المقابل العربي الأصيل لها:
1- تفكيك الكلمة:
أولًا: كلمة (Icon) التي يلفظها العربي اليوم (أيقونة)، هي كلمة إنجليزية، وهي في الأصل لا تُلفظ بهمزة القطع، أي: (أ) لا فوق الألف ولا أسفله، ولا تُلفَظ في آخرها هاء أو تاء مربوطة أي: (أيقونة)؛ لأنَّ الرمز الصوتي الإنجليزي لها هو: /aɪ kɒn/ أي: حركة الألف فيها المد (آ)، ولا تنتهي بتاء التأنيث، وهي تعني: (الرَّمْز)، ولها معانيَ أُخَر مقاربة.
ثانيًا: كلمة (آيقون، أيقونة)، لا أصل لها في لغة القرآن الكريم، ولا في المعجمات العربية الأصيلة.
2- المُقابل القرآني لها في لغة القرآن الكريم:
أولًا: كلمة (قُدوة):
ذُكِرَت في القرآن الكريم في آيتين:
أ- ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ… ﴾ [الأنعام: 90].
ب- ﴿… وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 23].
ثانيًا: كلمة (أُسْوَة):
ذُكِرَت في القرآن الكريم في ثلاث آيات:
أ- ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ… ﴾ [الأحزاب: 21].
ب- ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ… ﴾ [الممتحنة: 4].
ج- ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ… ﴾ [الممتحنة: 6].
3- المعاجم القرآنية:
أولًا: المعجم الاشتقاقي المُؤَصَّل لألفاظ القرآن الكريم:
يقول في مادة: (قدو/ قدى) المذكورة آنفًا في: (2-أولًا-أ):
(المعنى المِحْوَرِيّ: اتباع الشيء انجذابًا أو امتدادًا إليه لاستطابته أو أصالته: كالرائحة الطيبة من الطعام والمسك تجذب من يشمها فيتبعها، وكالفروع من الأصل… )
[المعجم الاشتقاقي المُؤَصَّل لألفاظ القرآن الكريم، محمد حسن حسن جبل، المجلد الرابع]
ثانيًا: معجم التحقيق في كلمات القرآن الكريم:
يقول في مادة: (أسو) المذكورة آنفًا في: (2-ثانيًا-أ-ب-ج):
(التحقيق:… فالأُسوة ما يُؤتَسَى ويُصلَح به من العمل والحالة والسلوك والطريقة، فيلزم لكم اتِّخاذ هذه الطريقة المأخوذة من رسول الله، من قوله وعمله وسلوكه وأدبه وأخلاقه… )
[معجم التحقيق في كلمات القرآن الكريم، العلّامة حسن المصطفوي، ج1، ص100-101].
4- معاجم اللغة العربية الأصيلة:
أولًا: معجم العين:
يقول في مادة: (قدو: قدي): (الأصل الذي انشَعَبَ من (الاقتداء، أي يُقتَدى به… )
[معجم العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، ص773] (توفى سنة 175 هجري).
ثانيًا: معجم مقاييس اللغة:
يقول في مادة: (قدو): (القاف والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدل على اقتياس الشيء بالشيء واهتداء، ومُقادَرة في الشيء حتى يأتي به مساويًا لغيره.
[معجم مقاييس اللغة، لأبي الحسن أحمد بن فارس، ص848] (توفى سنة 395 هجري).
ثالثًا: معجم أساس البلاغة:
يقول في مادة: (قدو): (لي بك قَِدوة [قُدوة] واقتداء. وأنت لي قَِدوة [قُدوة]، ويقال: لا تقتدِ بمن ليس بالقَِدوة [بالقُدوة]) انتهى. أساس البلاغة يقبل حركة القاف بثلاث حركات: (الفتح، الكسر، الضم).
[معجم أساس البلاغة، جار الله أبي القاسم الزمخشري، ص499] (توفى سنة 1143 ميلادي).
5- الخلاصة:
1- لا تستعمل كلمة: (أيقونة، آيقون) المعرَّبة -دون داعٍ- من الكلمة الإنجليزية: (Icon)، أي: لا تستعملها أبدًا.
2- استعمل إحدى الكلمتين: (قُدْوَة) أو (أُسْوَة)؛ لأنهما كلمتان عربيَّتان أصيلتان شَفَّافَتان آسِرتان، مؤصَّلتان في القرآن الكريم، ومعاجم اللغة العربية الأصيلة، وهما أجمل من (أيقونة)، وأبلغ، وأسمى، ولا توجد موازنة بينهما وبين (أيقونة)؛ فتحفظ بذلك الثقافة العربية والإسلامية، وتساهم في ردع الغزو الغربي الليبرالي الثقافي.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha