بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بدأ اسم "مسعد بولس"، والد صهره ورجل الأعمال اللبناني الأصل، يبرز بشكل لافت.
ولم يدخر بولس جهداً في طرق أبواب الناخبين العرب الأميركيين لإقناعهم بالتصويت لصالح ترامب، خاصة في ولاية ميشيغن المتأرجحة، مستغلاً حالة الإحباط في صفوفهم تجاه الحزب الديمقراطي بسبب طريقة تعاطيه مع الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
وأصبح الملياردير مسعد بولس من المقربين من ترامب بحكم القرابة العائلية التي جمعتهما بعدما تزوج نجله مايكل بولس بأصغر بنات الرئيس الأميركي المنتخب تيفاني ترامب في العام 2022. ولد مسعد بولس في لبنان لينتقل بعدها إلى تكساس حينما كان لا يزال مراهقاً، ودرس القانون هناك بجامعة "هوستون". وبعد إنهاء مشواره التعليمي، تولى إدارة أعمال عائلته ليصبح المدير التنفيذي لشركة "SCOA Nigeria"، المختصة في توزيع المركبات والتجهيزات بمنطقة غرب أفريقيا
.
واستطاع مسعد بولس دخول غمار السياسة الأميركية بحكم مصاهرته ترامب، وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية للحزب الجمهوري سخر أصوله اللبنانية من أجل حشد أصوات الناخبين العرب الأميركيين، وبالأخص المحبطين من الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس وطريقة تعاطي إدارته مع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة والعدوان على لبنان، والتي تجسدت نتائجها بعدما فشلت هاريس في الفوز بأصوات الناخبين بولاية ميشيغن الحاسمة، والتي تقيم بها أعداد كبيرة من الجاليات العربية.
وفاز ترامب بالولاية التي يصل عدد أصوات العرب فيها إلى نحو 400 ألف، طبقاً للأرقام المعلنة قبل الانتخابات، بينما تبلغ أصوات المسلمين نحو 250 ألفاً. وحصل ترامب في مدينة ديربورن، التي توصف بأنها قلب السكان العرب الأميركيين، على نسبة 42.5% من الأصوات، مقابل 36% لهاريس. وأثناء حملته الانتخابية، حرص ترامب على التواصل مع الجالية العربية والمسلمة، وذهب إلى مقر وجودها في ديربورن بأحد المقاهي، كما توجه إلى الجالية اليمنية في مقرها بمدينة هامترامك وجلس مع الأئمة وممثلين للجالية، واتفق معهم على وقف الحرب في غزة، والتقط صوراً مع مجموعات ترتدي الملابس التي تمثل هويتها وثقافتها، كما دعا بعض الأئمة للصعود إلى تجمعاته الانتخابية، وإلقاء كلمات تدعو العرب والمسلمين للتصويت له.
ووعد ترامب وحملته اليمنيين الأميركيين في ميشيغن بألا تمتد الحرب في الشرق الأوسط إلى اليمن، متعهداً بمزيد من الاستقرار لبلدهم. وكانت التصريحات التي خرجت من المجموعة اليمنية في مدينة هامترامك وعمدة المدينة أمير غالب العلنية بعد لقائها مع ترامب تشير إلى أنه وعد بإنهاء الحرب على غزة، وأنه يمثلها في ما يخص الحفاظ على القيم الأسرية والمجتمعية.
الوعود نفسها رددها بولس وغيره من حلفاء ترامب، حيث حاولوا إقناع الناخبين بأن ترامب لديه مقاربة مغايرة وسيعمل على إعطاء الأولوية للاستقرار وتفادي اندلاع نزاعات جديدة في الشرق الأوسط، رغم أن الولاية الرئاسية السابقة لترامب شهدت خطوات غير مسبوقة على الصعيد الأميركي صبت كلها في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي.
فحينما كان رئيساً للولايات المتحدة بين 2016 و2020 دعم ترامب الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، واعترف بـ"السيادة الإسرائيلية" على مرتفعات الجولان المحتلة، ورعا اتفاقات التطبيع بين عدد من البلدان العربية والاحتلال.
وفي ما يخص العدوان الإسرائيلي على لبنان، قال بولس خلال الحملة الانتخابية في تصريحات إعلامية إنه في حال فوز ترامب بالانتخابات "فسيعمل بشكل فوري على إنهاء الحرب في لبنان ولن ينتظر حتى يتم تنصيبه رئيساً في يناير/كانون الثاني".
وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كتب ترامب في منشور على حسابه بمنصة "إكس": "سأحل المشكلات التي سببتها كامالا هاريس وجو بايدن وأوقف المعاناة والدمار في لبنان"، مشيراً إلى أنه يود أن يعود الشرق الأوسط إلى "سلام حقيقي، سلام دائم، وسوف نحقق ذلك على الوجه الصحيح حتى لا يتكرر الأمر كل خمس أو عشر سنوات".
ولا يُعرف كيف سينفذ ترامب هذه الوعود، وما إذا كان سيلتزم بها بالنظر لسوابقه الكثيرة في التضليل والكذب، وما إذا كان صهره مسعد بولس سيلعب دوراً ما في إقناعه بتغيير بوصلته والتخلي عن دعمه الأعمى للاحتلال الإسرائيلي كما كان الحال خلال ولايته السابقة.
https://telegram.me/buratha