في نهاية دراماتيكية لا ينبغي لها الا أن تكون، مرّ قانون العفو العام مع توأميه غير المتطابقين، قانون الاحوال الشخصية وعقارات كركوك، فبعد محطات معقدة من رحلة مقايضة قوانين الطوائف دامت لنصف عام، مرت القوانين الثلاثة بتصويت واحد ليشعل جدلًا سياسيًا وقانونيًا حول مدى دستوريته.
العفو العام .. أكثر القوانين الجدلية "جدالا" وخطورة
وبالرغم من ان القوانين الثلاثة جدلية بالكامل ولها آثار متعددة قد تظهر فيما بعد، الا ان الجدال الأكبر دار حول قانون العفو العام، وما اذا كان سيفتح باب الفرج للارهابيين والفاسدين، وبينما كان القانون قد ظهر للمرة الاولى في البرنامج الحكومي بهدف اعادة تعريف الارهابي لغرض شمول من لاينطبق عليه التعريف بالعفو، تمددت التعديلات لتشمل فقرة تخص مختلسي وسراق المال العام.
العفو العام جاء "باعادة تعريف الارهابي".. وخرج بصيغة ثانية اجمالا
لم تخرج القوى السنية بتعديل القانون الذي يعود لعام 2016 كما كانت تريد وكما جاء بالبرنامج الحكومي، فتعريف الارهابي اصبح اكثر تشددا من النص السابق، لكن المكسب الوحيد كان بصيغة اعادة التحقيق والمحاكمة التي كانت موجودة اصلا في القانون السابق، لكن بصيغة مختلفة.
تعريف الارهابي أصبح أكثر تشديدًا.. والتغيير بجعل إعادة التحقيق "إجبارية"
جاء تعديل قانون العفو فيما يخص اعادة التحقيق والمحاكمة، بأنه جعل اعادة التحقيق لمن يدعي ان الاعترافات انتزعت منه بالقوة والتعذيب، امرًا اجباريًا تلتزم به اللجنة القضائية المختصة التي تستلم طلبات الشمول بالعفو واعادة التحقيق، فيما كانت اعادة التحقيق والمحاكمة متروكة لتقديرات اللجنة القضائية، ولا يلزمها القانون باعادة التحقيق وتلبية كل طلب يأتيها.
فقرة الفساد والاختلاس.. أخطر فقرات قانون العفو العام
أمّا على صعيد الفقرة التي تخص اختلاس الاموال والفساد وسرقة المال العام، فكان قانون العفو بصيغته السابقة لعام 2016، تشمل الفاسدين بالعفو لكن بشرط أن يستعيد جميع الاموال التي سرقها قبل ان يتم اطلاق سراحه، الا ان تعديلا خطيرا جرى على هذه الفقرة في تعديل قانون العفو المصوت عليها مؤخرًا.
القانون السابق يتيح اخراج الفاسد شرط "دفع كل الاموال" للدولة.. أمّا الجديد "يتيح التسوية"
جاء في نص التعديل الأخير ان المتهم بجرائم اختلاس وسرقة أموال الدولة واهدار المال العام وجرائم الفساد المالي والإداري لا يشمل بالعفو العام ما لم يسدد ما بذمته من أموال بأجراء تسوية مع الجهة المتضررة تضمن استرداد الأموال العامة على ان يسدد المبلغ كاملا، يتضح من النص أنه يختلف عن النص السابق في قانون العفو لعام 2016 بادراج مفردة "تسوية"، وهي مفردة مشبوهة أساسًا في القاموس العراقي نتيجة التجارب.
التعديل الجديد.. يمكن العفو عن الفاسد بتسوية مع الجهة المسروقة قبل تسديد الاموال
يظهر بوضوح ان النص الاصلي في قانون 2016 كان يمنع اطلاق سراح الفاسد وسارق المال العام الا اذا قام بتسديد الاموال كاملة ويبقى في الحبس طوال هذه المدة لحين الانتهاء من تسديد الاموال، لكن في التعديل الجديد، فيمكن اطلاق سراح الفاسد ليقوم بتسوية مع الجهة المتضررة والمقصود بها الوزارة او المؤسسة التي قام بسرقة اموالها، ويقوم بتسديد الاموال لهذه الجهة وفق صيغة يتفق عليها بين الطرفين وهو خارج السجن.
صيغة مشبوهة.. من يضمن الفاسد الحر باختيار الدفع بدل الهروب؟
صيغة يتضح منها حجم الشبهة التي تحيطها، فكيف سيضمن القانون او الجهة المتضررة من ان المتهم سيقوم بالتسديد بعد اطلاق سراحه ومن يضمن عدم هروبه؟، ومن يضمن أن لا تقوم الجهة المتضررة اساسًا بالاتفاق مع المتهم على صيغة تضمن تقاسم الاموال بينهما خصوصًا وان الاموال تعود للدولة وليس للجهة المتضررة غالبًا.
https://telegram.me/buratha