أن قصة محمد المبعوث نبيا ، إلى أكثر المجتمعات بدائية ، استثناء من القاعدة ، لم يكن في مجتمع محمد ، وفي أكثر مدنه انفتاحا وتطورا ، أي في مكة العاصمة التجارية ، لشبة جزيرة العرب ، لم يكن فيها ، سوى سبعة أنفار ، يعرفون القراءة ، وما سوى هؤلاء ، من أهل الجزيرة ومكة ، لم يكونوا يفكرون ، فيما عدا الحرب ، والغارة والقتال ،والسيف ، والأبل وكثرة الأولاد الذكور ، في مجتمع كهذا ، يعلن محمد معجزته ، في صورة كتاب ، في بلد لم يذكر التاريخ ، أن أهله يفقهون ماذا يعني الكتاب ، اويكونون قد رأوه من قبل ، واله محمد لا يقسم إلا (بالقلم وما يسطرون )، في أوساط مجتمع ، يعتبر أبناؤه القلم جهد العاجز ، وآلة المغمورين ، والذي يأتي بهذه المعجزة ، شاب يتيم ، مغمور لاسند له، ولا ظهير ،كان يرعى أغنام الناس ، نبي معجزته الكتاب ، وربه يقسم بالقلم وما يسطرون ، وهو نفسه محروم من نعمة القدرة على القراءة والكتابة ، وهذا بعينه معجزة ، في المجتمعات البدوية ، ذات النزعة الخرافية ، الكتاب هو المعجزة الوحيدة التي لاتتطلع إلى أثارة إعجاب الناظرين، ودهشتهم على غرار المعجزات الأخرى، وهو ليست مقدمة أو وسيلة للاذعان للرسالة ، بل هو الرسالة ذاتها ، والهدف المتمثل بتربية وتعليم المؤمنين، به سعى محمد لأن يستقطب اهتمام أولئك القوم الأجلاف ، من الأمور الغيبية والخارقة للعادة، إلى قضايا عقلية منطقية، علمية طبيعية اجتماعية أخلاقية، ويحول مصب اهتمامهم من العجائب والغرائب ، إلى الحقائق والوقائع ، وليس هذا بالمهمة السهلة ، خاصة بالنسبة لقوم لا يؤمنون، إلا بقدرة ما وراء الطبيعة ،أن من بواعث الأنبهار ، ادعاء المرء النبوة ، ودعوته الناس إلى رسالته ، وفي الوقت ذاته ،الاعتراف بعدم الإطلاع على الغيب ، ومع الغض عن القيمة الإنسانية ، لهذا العمل فأن المثير في الأمر الدرجة العالية من الصدقية ، في سلوك محمد ، ما يجعل الأفئدة تهوى اليه ، منقادة وتقر أمامه بالطاعة والأحترام والتقديس ، يسألونه أن كنت نبيا ، فنبئنا بأسعار البضائع ، من قبل لكي نربح في التجارة ، ونجني ثروات طائلة ، فيأتيه الجواب من القرآن ((قل لا أملك لنفسي نفعا ولاضرآ الا ماشاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء أن إنا ألا نذيرا وبشير لقوم يؤمنون ))سورة الأعراف آ ية 188 محمد يدعوهم الى التفكير في الكائنات ، وتدبر معنى الطهارة والمحبة والعلم ، وسر الوجود والحياة ، ومصير الأنسان ، وهم يطالبونه بمعجزات ، وكرامات واخبار غيبية ، ويأتي الجواب ، على هيئة الأستفهام المتضمن للأنكار الشديد والاستغراب الأكيد ، من هكذا مطالبات ، ((قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ))سورة ألإسراء آية 99 لقد انقلبت الامة على الرسالة الحضارية للاسلام ، وأصبحت سلطنة وراثية ، وانهت الاسلام المحمدي الاصيل ، والله يعلم ما هم فاعلون ( وما محمد الا رسولا قد خلت من قبله الرسل فإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) الاية 144 سورة آل عمران
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha