دراسات

التعليم العالي في العراق...... بلارتوش‏.............................. .....///بقلم : د. خالد الخير الله

3294 09:05:00 2012-08-08

 

كان لوظيفتي خارج العراق الدور الرئيسي في متابعة ملف التعليم العالي في العراق ,وفي الاطلاع على انظمة التعليم في بلدان اخرى من خلال المعايشة او البحث والاطلاع ,لاعداد دراسة شاملة عنها احاول في هذه العجالة تقديم الخطوط العامة لها,وتشخيص مواطن الخلل في الحالة العراقية وكيفية معالجتها.

 بداية اود ان اوضح ان العراق يضع كما كبيرا من الضوابط (الشكلية والموضوعية) في وجه المتقدم للدراسة الاكاديمية سواء على مستوى البكلوريوس او الماجستير والدكتوراه بشكل غريب لم اجد نظيرا له حتى الان .

ففي الوقت الذي تسمع فيه عن ستيني او سبعيني حصل على البكلوريوس او الدكتوراه في هذا البلد او ذاك تجد ان شروط القبول في الجامعات العراقية تحدد عمر المتقدم بسن مبكرة دون مبرر,كذلك الامر بالنسبة للتقديم للدراسات العليا التي يزيد عدد شروط التقديم اليها على عدد مواد الدستور الامريكي اضعافا!!وقد يبرر البعض تحديد عدد المقبولين في الجامعات وقلة عدد الجامعات اصلا بانتفاء الحاجة الى اعداد كبيرة من الخريجين الذين سيطالبون بالتعيين بعد التخرج....وهذا مبرر سقيم مغرق في التخلف ,اذ انه لايفرق بين الحق في التعليم ونيل الشهادة الجامعية او العليا وبين الوظيفة التي تحولت الى ركيزة اساسية في المجتمع العراقي لاسباب منها تحجيم القطاع الخاص بشكل رهيب وخطير ,ومنها تحويل الوظيفة الى ورقة بيد المتنفذين لكسب اصوات الناخبين في الانتخابات .ومن ابسط الادلة على هذه الدعوى ,امتناع الحكومة عن العمل بقانون مجلس الخدمة الاتحادي الذي اقر من البرلمان عام 2009. المبرر الاخر هو القول بانتفاء الحاجة الى الشهادة العليا لمن تجاوز الاربعين من عمره لانه مقبل على الشيخوخة وانه سيحال على التقاعد قريبا,اقول وهذا بسبب تخلف النظام الوظيفي وتهميش القطاع الخاص الامر الذي يدفع باتجاه دفع الموظف للتقاعد لفتح المجال لتعيين بدلاء,مع اننا نلاحظ (في دول اخرى)وجود اساتذة اكفاء وغيرهم من الخبراء باعمار تعدت السبعين الا انهم لازالوا في قمة العطاء.

اضافة لكل هذا فان الغالبية من افراد المجتمع العراقي كانوا قد ضيعوا معظم سنوات عمرهم زمن النظام السابق في الخدمة الالزامية ابان حروب النظام ,ثم في الجري بحثا عن لقمة العيش ابان الحصار الدولي. اذن فان المبررات المطروحة ماهي الا مبررات واهية يفندها واقع الحال في دول العالم المختلفة لاسيما المتقدمة منها,ولاسيما اذا علمنا ان غالبية الراغبين باكمال الدراسة الجامعية او الدراسات العليا هم من الموظفين اصلا ,ممن يرغب بتنمية او اشباع اهتمامه بهذا المجال او ذاك ,او لتنمية موقعه الوظيفي او مكانته في مجال عمله.

فالحكومة ملزمة اذن بتوفير فرصة التعليم العالي لكل فرد,ولعل ابسط الحلول في هذا الاطار هو تاسيس الجامعات المسائية التي يمكن ان تكون في ذات مقر الجامعة الصباحية وبنفس الكادر ان رغب وبشرط ان لايكون مستوفيا لساعات العمل الوظيفي في دوامه الصباحي,والا فان الاولوية تكون لتعيين اساتذة جدد من حملة الشهادات الامر الذي يقضي على نسبة من البطالة كذلك,واذا علمنا ان التعليم المسائي غير مجاني وباسعار معقولة تخدم الحكومة والطالب علمنا ان الحكومة ستربح , ولن تكون بحاجة الى تخصيصات مالية لرواتب الاساتذة الجدد!! والامر ذاته ينطبق على مرحلة الماجستير او الدكتوراه ,ومعه (التعليم المسائي),اذ لن يكون الموظف بحاجة الى موافقة دائرته او الزامه بالتفرغ لانه الاعلم بمقدرته على التوفيق بين الوظيفة والدراسة وهو وحده من يتحمل مسؤولية فشله لاسيما اذا كان التعليم...مدفوع الثمن.وهو ماتسير عليه مختلف دول العالم التي لن تجد عندما تطلع على شروط القبول فيها ماتراه هنا من شروط عمرية ووظيفية غير مبررة لاسيما شرط خدمة الموظف سنتين وظيفتين بعد اخر شهادة قبل التقديم على الشهادة اللاحقة,وهذا اغرب مااطلعت عليه في القوانين العراقية,ومن الواضح ان الطالب اذا ما انتقل مباشرة من مرحلة الى اخرى سيكون متواصلا مع ماكان قد تلقاه من علوم وانه سيكون مدفوعا بزخم الوسط الدراسي والتكيف مع الدراسة بخلاف ماعليه الحال اذا انقطع عن الدراسة لسنتين,بل لعله لن يتواصل بعد السنتين لتغير ظروفه او لقلة حماسته بعد تركه للدراسة. اما بالنسبة للجامعات الاهلية,فقد اطلعت على ضعف بعضها وتحولها الى مؤسسات لبيع الشهادات,ولكن,وللحقيقة اقول,ان الجامعات العراقية الحكومية ذاتها كانت قد وصلت الى هذا الحال ابان فترة الحصار التي اوصلت الكثير من الاساتذة الى مرحلة بيع الضمير والدرجة للطالب الذي يدفع ,بل ان بعضهم صار يتعمد رسوب من لايدفع,مع اجلالي واحترامي للكثير ممن تحمل الم جوعه وجوع افراد اسرته ولم ينحدر الى هذه المرحلة.

وللحقيقة اقول ايضا فان هذا الواقع لازال بدرجة اقل في بعض الجامعات الحكومية ,وهو لايختلف عن واقع الفساد المستشري بشكل خطير في كل مفاصل الدولة,ولعل من افضل طرق معالجته بالنسبة للتعليم العالي هو جعل الاسئلة الامتحانية والتصحيح.. مركزيين, رغم اطلاعي على قضايا تسريب الاسئلة الوزارية في المرحلة الاعدادية,او قضية الاتفاق بين اساتذة المدارس على تلقين الاجوبة للطلبة لاسباب شخصية او للحصول على نسب نجاح متقدمة,الا ان هذا الحال هو الافضل في الوقت الراهن ,مع ضرورة متابعة الوزارة لواقع حال الجامعات الحكومية والاهلية على السواء , مع الاشارة الى عدم قانونية قرار الوزارة الاخير بخصوص الجامعات الاهلية وكون القرار خارج صلاحيات السيد وزير التعليم العالي المنصوص عليها في قانون الجامعات الاهلية رقم13 لسنة 1996ساري المفعول.

فالشهادة التي تمنحها الجامعة الاهلية معادلة للشهادة التي تمنحها الجامعة الحكومية ,(مادة32),والنص جاء مطلقا ولايجوز تقييده بتعليمات كما هو معلوم. كما ان صلاحية السيد الوزير تنحصر بغلق القسم او الفرع في حالة مخالفته للشروط المطلوبة,ولكن بعد تنبيه الجامعة او الكلية(مادة34).ووفقا للفقرة ثانيا من المادة ذاتها فانه وفي حالة حدوث (خلل جسيم) فان للوزير التوصية الى مجلس الوزراء بسحب اجازة الجامعة او الكلية ,وحتى في مثل هذه الحالة فان الدراسة تستمر لحين تخرج اخر وجبة من طلبتها وفقا للفقرة ثالثا من ذات المادة. ولو فرضنا جدلا دخول مثل هذا القرار ضمن صلاحيات الوزير,فيجب ان لايشمل في كل الاحوال من تخرج قبل صدور القرار,لاكتساب الخريجين حقا مكتسبا وفقا للقوانين النافذة اولا,ولان القاعدة تنص على عدم رجعية القرار الاداري.

وبودي ان اشير هنا الى ان مستوى خريجي الكثير من الجامعات الاهلية العراقية يفضل المستويات العلمية لخريجي الكثير من الجامعات الاجنبية الاستثمارية التي يندفع اليها الشباب العراقي مرغما بعد ان اوصدت التعليم العالي ابوابها بوجهه بشروطها(الشكلية والموضوعية) حيث لايشترط هناك العمر او المعدل او موافقة الدائرة وسنوات الخدمة الخ,فضلا عن ان كلفة الدراسة هناك اقل من نظيرتها التي توفرها بحجم ضئيل وزارة التعليم العالي تحت مسمى (النفقة الخاصة) ,ويمكن التاكد من ذلك من خلال الاطلاع على اسعار الدراسة على النفقة الخاصة في العراق ومثيلتها في الجامعات الاجنبية او العربية بصورة غريبة وغير مبررة وتكلف العراق سنويا مبالغ كبيرة من العملة الصعبة,والاغرب في هذا ان التعليمات التي تحرم العراقي من الدراسة في الداخل وتلزمه بمبالغ كبيرة,تقرر منح العراقي مساعدات مالية اذا ما التحق بجامعات اجنبية ولو على النفقة الخاصة,........ودون ان تطرح هنا مبررات العمر والتعيينات وانتفاء الحاجة الى الشهادات,فما الذي يدفع بالتعليم العالي الى هذا السلوك المتناقض؟؟! وفوق هذا وذاك ,فاني الاحظ ان اوكرانيا تحديدا اصبحت صاحبة الحظ الاوفر في استقبال الطلبة العراقيين , ياتي هذا في وقت كشفت فيه احداث يورو2012 ان هذا البلد يتجه مسرعا نحو اجتذاب الشباب من مختلف انحاء العالم للحصول على (جنس رخيص) في محاولة لجعل (الجنس) واحدا من اهم ركائز الاقتصاد الاوكراني!

ان واقع الحال يشير الى ضرورة رفع المستوى الاكاديمي في مختلف المجالات,فالقضاة الذين يشهد على هزالة مستواهم كثرة ماينقض من احكامهم ,مثلا, يجب ان يعالج ضعفهم بان يشترط حصول القاضي على الماجستير كحد ادنى للقبول في معهد القضاء,ثم الدكتوراه لاعضاء هيئات الاستئناف والتمييز,كما يجب ان تلغى معاهد المعلمين ويصار الى ان يكون المعلم حاصلا على شهادة البكلوريوس,وان يكون المدرس حاصلا على شهادة الماجستير,ويكون الكادر التدريسي في الجامعات من حملة الدكتوراه...وهكذا! كما ارى ,فيما يتعلق بضوابط التقديم للدراسات العليا ,ان لاتحدد بارقام معينة فيما يخص العمر والمعدل ,وان يكون التقديم من خلال قناتين ,تخصص الثانية لمن عجز عن حجز مقعده من خلال الاولى ,ولاتكون هذه القناة مجانية طبعا,كما لاتكون بالاسعار المرتفعة المقررة حاليا! ان الاخذ بهذه المقترحات يلبي ,كما اعتقد,طموحات شريحة واسعة الجأتها الضوابط الحالية الى التغرب واهدار مبالغ كبيرة من العملة الصعبة سنويا في بلدان لايرقى نظام التعليم فيها الى نظيره في العراق,فضلا عن الخوف على الشباب من الانحلال والتردي في مستنقعات (السياحة الجنسية). حقيقة لااجيد قراءة المشهد السياسي العراقي ,لانه صعب مستصعب ,فشلت كل الاقلام حتى الان في قراءته وتحليله ,لذا فاني اضع سياسة التعليم العالي الحكومية في هذا السياق ولا اضع التحليلات والتكهنات بشانها واكتفي بتوضيح ما اوضحت وطرحت من مشاكل وحلول ,بامل نشر الدراسة المفصلة حول الموضوع في المستقبل القريب، ومن المؤسف والمعيب ان يكون عدد الجامعات في (اسرائيل)اضعاف مثيلاتها في العراق.رغم الفرق الشاسع في المساحة وتعداد السكان بين الاثنين!

9/5/808

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كاكاو
2013-03-06
اوسع الفرص من اجل بناء جيل يرفع الجهل ويشغل الشباب باالعلم
كمال
2012-08-10
نؤيد رايكم و كل ما قلتموه فان مبرر وضع العمر لطلب العلم امر غير صحيح فالرسول محمد ص يقول اطلب العلم من المهد الى اللحد و يقول الامام علي ع منهومان لا يشبعان طالب علم و طالب مال ، لا ادري لماذا يتم عرقلة العلم و التعليم في العراق بحجة العمر فان ذلك سابقا كان يفتعله النظام من اجل تجييش و عسكرة الناس و تجهيلهم ايضا اما و قد فات اوان الجهل فحري بنا ان ننهض و نفتح ابواب العلم للناس دون تمييز فان العالم المتحضر اليوم في اوربا و امريكا و غيرها من البلدان ليس لديهم تحفظ على طالب العالم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك