دراسات

الرداء الحقيقي للمدنية الراهنة..!

11534 2017-12-31

قاسم العجرشqasim_200@yahoo.com

ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.. هذا هو الشعار الذي يعتنقه، من يفضلون أن يطلق عليهم أسم"المدنيون".

قيصر في هذا الشعار ند للخالق عز وجل! فقد قسموا الوجود على إثنين، نصف لقيصر الحاكم ونصف لله، وما لله يجب أن يتعامل معه بصمت مطبق، خلف الجدران فقط، في الكنائس والجوامع وأماكن العبادة، وما خلاها فهو مساحة الحاكم القيصر، لا ينازعه فيها أحد، ولو كان الخالق جل في علاه!

هذه هي جدلية المثقفين وأنصافهم وأشباههم، وهونفسه جدل دعاة الدولة المدنية، وهم فئة  تمتلك أصواتا عالية، رفعت من مستوى اعتناقها لبعض المفاهيم السياسية، إلى مستوى الاعتقاد الإلتزامي!

المتمدينون؛ من دعاة المدنية، تبنوا إعتقادا ظلاميا؛ وإن كانوا يدعون الى الإنفتاح؛ فهم متشددين بمعتقدهم، يعتقدون أنهم وحدهم؛ يمتلكون مفاتيح الحقيقة وأقفال المستقبل، وان غيرهم مخطئين فشلوا على مر الزمان!

الأديان لاسيما السماوية منها؛ لا تدعو إلا إلى الفضائل، إلا أن المفاهيم الجديدة؛ ودعونا نصفها مثلما يصفها معتنقيها بالمفاهيم المدنية، أسقط معتنقوها ثقافة الاستبداد على الأديان، وهو إسقاط لا ينم عن خطأ بل عن تصميم؛ لأنهم كانت أبدا عيونهم على الاستبداد، واستظلوا بظل أفياءه الحالكة، وهو إستبداد مارسه حكام "مدنيون" وليسوا "دينيين" قطعا.

في محيطنا العربي الإسلامي، لم تكن الدولة دينية بتاتا، على مر خمسة عشر قرنا، ما خلا أربع سنوت وبضعة شهور، هي حكم علي بن ابي طالب عليه السلام، هذه الفترة التي عدتها الأمم المتحدة، أفضل فترة عدالة في تاريخ البشرية على الإطلاق، فقد كانت وحدها فترة حكم قائم على أساس ديني خالص!

كان الحكام يحكمون على أساس ديني؛ كما يبدو من عناوينهم، معظمهم كانوا "خلفاء"، والخليفة حاكم زمني وديني، ولكن خليفة الله ، كان يدور في اليوم والليلة على ألف من الجواري، مختبرا فحولته متباهيا بها، منتشيا بمديح الشعراء لغزواته الجنسية، وكانت الخمور والغلمان في بلاطهم، هي الطابع الرسمي، مثلما كان يفعل هارون، ويذهب في العام نفسه ماشيا إلى الحج، في ازدواجية كانت تتكرر مع كل الحكام، الذي كانوا قبله وبعده، عدا واحد فقط إزدرى الدنيا وما بها، فقال له: يا دنيا غري غيري..! 

لم يقرأ هؤلاء المتمدينين حقائق الأديان، بل تمسكوا بما فعله الحكام باسم الدين، أوربا كانت مثالهم، حيث كان ناشطا؛ ذلك التحالف المرعب، بين الكنيسة والملوك، والذي قاد أوربا إلى سلسلة من الحروب، تحت راية الصليب ومحاكم التفتيش.

الكنيسة أكتشفت لاحقا؛ خطأ تحالفها مع الملوك والأباطرة، وأنها خسرت الرب والشعب، فانسحبت إلى أضيق حيز متاح لها، واكتفت بدولة واحدة فقط ، قائمة على أساس ديني، على مساحة أكبر بقليل من قرية، وأطلقوا عليها الفاتيكان، كان الاتفاق بين الطرفين؛ ان يصبح الحاكم اي حاكم، ندا للخالق عز وجل، مساويا له بالحقوق والإمتيازات..

كلام قبل السلام: المدنية بمعناها الراهن، إمتداد لكل الإستبداد المضاد للمدنية الحقة!

 

سلام.....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك