دراسات

أهمية العراق في الاستراتيجية الأمريكية (5)


إعداد: إشراق علي

 

" الأهداف السياسية الأمريكية تجاه العراق

يقوم جوهر الرؤية الأمريكية لأهدافها السياسية الاستراتيجية تجاه العراق، على أن تغيير نظام الحكم في العراق يمثل مجرد خطوة أولى لإعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط، استنادا إلى فكرة مؤادها أن احتلال العراق واقامة نظام حكم ديمقراطي علماني فيه سيكون مقدمة للتغير الشامل في العالم العربي ككل، وفق نظرية الدومينو، بحيث أن التغيير في العراق سيكون دافعا للتغيير في باقي دول المنطقة.

وطبيعة هذا النظام الديمقراطي يقوم على اساس تقسيم العراق إلى عدد من الولايات والكانتونات العرقية والطائفية، على وفق تعبير (هنری کسنجر) اذ أكد بقوله: "ان العراق دولة انشئت على غرار يوغسلافيا السابقة لأسباب جيوسياسية، وانه لا يمكن توحيده بمؤسسات تمثيلية لذا سيتجه العراق إلى الأوتوقراطية أو سيفكك إلى عناصره المكونة" ، كما أن بعض الدراسات الاكاديمية كالدراسة التي كتبها (مورافيك) الصادرة عن مؤسسة (راند) الأمريكية، وفيها يدعوا إلى تقسيم العراق إلى الجنوب حيث النفط والشمال كذلك، وابقاء الوسط محروقا وهي خطة تشبه خطة اسرائيلية ظهرت في عقد الثمانينات من القرن العشرين دعا اليها الصحفي الاسرائيلي (عودید بنون) الذي نادى بتقسيم العراق إلى ثلاثة كانتونات: الاول: کردي في الشمال والآخر (سني) في الوسط والثالث (شيعي) في الجنوب.

وجاءت اراء المحافظون الجدد في الاستراتيجية الأمريكية باتجاه تنفيذ مشروع طائفي شوفيني لتقسيم العراق وفق صورة مفترضة لمكونات الديمقراطية للشعب العراقي، وتضمنت هذه الصورة توليفا يعتمد على تشظية مكونات الشعب العراقي إلى مكونات اصغر أولا كتشظيه عرب العراق ثم تشظية العراق ثانيا، بالغاء هويته العربية.

ودفع مشروع، الطائفية إلى الأمام تمهيدا لترسيمه وإعطانه صفه دستورية وقانونية وواقعية وهذا ما جاء على وفق السيناتور (جون بایدن) بطرحه مشروع تقسيم العراق إلى ثلاث مكونات. كما عمدت ادارة الاحتلال الأمريكي إلى خلق مجموعات وحركات سياسية واقتصادية مناصرة لها اضافة إلى الجماعات السياسية العراقية في الخارج التي نسقت معها ورافقتها أثناء الاحتلال، في محاولة لتوسيع الرفعة الاجتماعية التي حصلت عليها جاهدة على أن تجعلها قاعدة تمتد تدريجيا فاسست هیئات ومنظمات وادارات في المجتمع المدني ونقابات مهنية وأجهزة اعلامية.

وفي الثالث عشر من تموز 2003، تم تشكيل مجلس الحكم الانتقالي في خمسة وعشرين عضوا ستة عشر منهم من الأعضاء القياديين في الأحزاب العراقية السبعة التي قاومت نظام الحكم السابق وتعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية في اثناء مدة التحضير للحرب، وقد توزعت مقاعد المجلس بين الطوائف والقوميات العراقية، وواحد من بين كل من التركمان والمسيحيين في نفس الوقت طرحت الفدرالية كمشروع لإدارة الدولة العراقية، وجاء التعاطی الأمريكي مع الوضع الكوردي في العراق على غير تعاطيها مع اکراد الدول الأخرى، واستثمر الكورد بدورهم المعطيات الجديدة للحصول على انواع مختلفة من الدعم لهم، جاء التعاطي الأمريكي مع الطروحات الكوردية متناغمة مع صيغة الفدرالية التي تطرح بقوة على الساحة العراقية، ففي الوقت الذي يصر فيه الكورد على الفيدرالية القومية أو الجغرافية، فان الأمريكيين يكتفون باعلان الدعم لها من دون أن يتخذ هذا الدعم خطوات ]جادة[...(1)"

"اما بالنسبة إلى الأهداف الحقيقية للسياسة الأمريكية في العراق فهي :

1) الأهداف السياسية :- وتتمثل في تعزيز المكانة العالمية للولايات المتحدة الأمريكية عبر إستغلال المناخ الدولي لفترة ما بعد احداث سبتمبر من اجل فرض سياساتها على المجتمع الدولي دون أن تأبه كثيرا بالاحتجاج الذي قد تلقاه تلك السياسات من جانب القوى الدولية والإقليمية الأخرى.

فعلى المستوى العالمي كانت هذه العملية تحولا من التعددية إلى الأحادية في سیاسة واشنطن العالمية حيث العراق بما يحتله من موقع إستراتيجي وبما يملكه من موارد اقتصادية يعتبر من الدول المركزية او الاقاليم المفصلية في تحقيق اهداف الإستراتجية الأمريكية، لقد كان غزو العراق احد محطات السياسة الأمريكية نحو إعادة هندسة منطقة الشرق الاوسط وبدات تظهر المخططات والمشاريع من إدارة بوش الأبن لإعادة تقسيم وتقنين المنطقة العربية بما فيه خدمة لإسرائيل".

2) ضمان أمن اسرائيل: وهو هدف لاينفصل باية حال عن الهدف السابق حيث أن الاطاحة بالنظام العراقي واستبداله باخر موال للغرب سيضمن أمن اسرائيل في اكثر من جانب من خلال:

أ- إضعاف الروح المعنوية والتخفيف من تطرف الشارع العربي وهذا بدوره سيقلل من إرادة الفلسطينين لمقاومة الاحتلال ويرغمهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل ويمنحهم فترة زمنية لحل المشكلة الفلسطينية.

ب- تكريس تفوق إسرائيل على الدول العربية مجتمعة فالحرب على العراق أدت إلى تنامي قدراتها على حساب الدول العربية.

ج- اعطاء المتحدة الأمريكية الشرعية والهيمنة على المنعطقة من خلال استغلال أحداث 11 سبتمبر وهو بالتالي يؤدي الى تدعيم أمن إسرائيل.

3) الأهداف العسكرية الأمنية: كانت من نتائج الغزو الأمريكي للعراق تحول الولايات المتحدة الأمريكية مرحليا إلى طرف إقليمي مباشر في منطقة الخليج العربي وتكریس وجودها العسكري لدرجة أصبحت معها منطقة الخليج من أكثر مناطق العالم من حيث حجم القوات المسلحة والنشاط العسكري اليومي وعدد العمليات العسكرية وحجم الإنفاق العسكري وهذه العسكرية الضخمة اثارت بدورها العديد من التساؤلات حول طبيعة الأهداف الحقيقية لهذا الوجود خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام حسين واعتقال رموزه ويمكن إدراك هذه بالأتي:

أ- تحديد معالم النظام السياسي المستقبلي بما يضمن اصدقاء لها في مراكز مهمة في هذا النظام المزمع إقامته.

ب- عدم التسرع في سحب القوات الأمريكية من المدن والقصبات والتمركز في مواقع بعيدة عنها لأنها سوف تشكل أهداف سهلة لـ (المقاومة العراقية الوطنية)

ت- ضمان النفوذ الأمريكي هناك والعمل على عدم عودة العراق إلى السياسات السابقة المعادية للمصالح الأمريكية.

4) توسيع السفارة الأمريكية وجعلها الحكومة الخفية للعراق. فالولايات المتحدة الأمريكية من خلال تواجدها العسكري الفخم تهدف إلى تحويل العراق في المدى البعيد الى قاعدة مهمة في بناء نظام أمني إقليمي جديد في المنطقة وخاصة بعد اتجاهها لإقامة أربع قواعد عسكرية بالعراق واحدة بالمطار الدولي خارج بغداد مباشرة والثانية في طليل بالقرب من الناصرية في الجنوب والثالثة عبارة عن مهبط جوي معزول يسمى (اتش) بالصحراء الغربية على خط النقل الإستراتيجي الذاهب إلى الأردن والأخير في باشور بالشمال الكردي ".

5) محاولة إنعاش الاقتصاد الأمريكي: وهو الذي يعاني من الركود منذ 11 أيلول - سبتمبر سنة 2001م، وذلك ببيع السلاح وتشغيل المصانع العسكرية المنتجة للسلاح فيها والتي تعتبر أكبر منتج للسلاح في العالم بل أن ميزانيتها العسكرية توازي ميزانية تسع دول كبرى مثل روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا، ولقد تعددت الأهداف بالنسبة للحرب على العراق وقد اعطت الأهمية الاساسية للعامل النفطي، حيث يعتبر مهم للولايات المتحدة الأمريكية ليس لسد احتياجاتها فحسب بل للسيطرة على سوق الطاقة في العالم لإسباب سياسية ولتعديل الميزان التجاري الأمريكي فالنفط بالنسبة لها هو سلعة إستراتيجية في المقام الأول قبل أن يكون سلعة اقتصادية وهو بهذا اهم وسيلة للهيمنة على العالم.

6) إرهاب وتخويف العالم بالتلويح بالقوة العسكرية: نتيجة لما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية من ترسانة عسكرية ضخمة وقدرتها على إستخدامها ضد دول وشعوب العالم دون رادع أو سبب، سوى انها تعارض السياسة الأمريكية.(2)"

_________

رابط المقالة الأولى والثانية التي تمثل بداية تسلسل هذا الموضوع:

أولا: الأهمية الجيواستراتيجية للعراق

https://www.facebook.com/kakqkakqkakqk/posts/201608837901748

ثانيا: الأهمية السياسية

https://www.facebook.com/kakqkakqkakqk/posts/201628401233125

"ثالثا: الأهمية الاقتصادية

https://www.facebook.com/kakqkakqkakqk/posts/201649854564313

رابعا: الأهمية العسكرية والأمنية

https://www.facebook.com/kakqkakqkakqk/posts/201672064562092_________

1- كتاب: العلاقات الإيرانية الأمريكية: توافق أم تقاطع/ لـ محمد طالب حميد/ من صفحة 118 الى 120

2- كتاب: تطور العلاقات العراقية الأمريكية/ ل ـد.ارشد مزاحم الغريري/ من صفحة 46 الى 48

ــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك