رياض البغدادي
ان الفكر قوة في حد ذاته وجبهة المقاومة، كما نعلم ليس حركة فكرية مجردة، انه حركة جهادية تستند الى الفكر القرآني ، وهذا يعني أن الفكر هو الموجّهُ وينبغي أن يبقى الفكر القرآني مواكبا لحركة المقاومة لا بصيغة التوازي ولكن بصيغة التقدم عليها لكي يرشدها ويقودها الى مواقع التقدم بدل ان يدعها للتجارب اخفاقا و نجاحا وعندها تتحول حركة المقاومة الى حركة تجريبية ، والتجربة قد تخطىء وقد تصيب ومهما كانت درجات الاصابة اعلى في المراتب او اكثر في العدد فان خطأ فادحا قد يوقع جبهة المقاومة بأسرها في مهاوي السقوط وفي طرق هامشية بعيدة عن حياة الجهاد وعن حياة المجتمع لا سامح الله ، ولقد اعطى الامام الخميني (رض) منذ بدايات عمله الثوري المقاوم اهتماما كبيرا للمسألة الفكرية والثقافية في حياة المجاهدين بل كان العمل الأول في حقيقة الحال عملا دعوياً فكريا ، وهذا لا يعني انه كان منعزلا عن العمل السياسي والعمل الجهادي ، الا ان العمل الجهادي الشعبي كان مقترنا بالفكر دائما ، وكانت الفكرة هي التي تلهب العمل الجهادي ، وهي التي تستقطب القوى الجماهيرية باتجاه المبادىء التي حددها الدين بوضوح وواقعية جهادية ، لأول مرة في حياتنا الاسلامية المعاصرة على صعيد تجربة المقاومة في العراق ، ولابد أن نعطي لهذه التجربة اهمية خاصة لانها من التجارب الاساسية التي استطاعت جبهة المقاومة من خلالها أن تقود حركة الجهاد وتكوِّن له جبهة واسعة في مقاومة العدو بشكل مباشر او مواجهة العدو البديل الذي يحارب بالنيابة عن العدو الاساسي وعلى صعيد التجربة في العراق ، لا بد أن نشير الى مسألة كثيرا ما رددها بعض المجاهدين ، هي في حقيقتها وهمٌ شاع حتى كاد أن يتحول الى حقيقة لا تقبل الجدل ، هذا الوهم هو أن جبهة المقاومة ، و بصيغة مطلقة لم تكن تهتم بالعمل الثقافي ايام العمل السري ، واذا قلنا أن جبهة المقاومة لم تكن تعير العمل الفكري الاهتمام المطلوب ابان ايام العمل السري ، فان هذا القول لا يخلو من الصحة تماما ، الا انه لا يشكل الحقيقة كاملة فإبان العمل السري كانت المعارك تتطلب من المجاهدين ان يعطوا جهدا أكبر وأوسع ، لمقارعة النظام الديكتاتوري ، وكانت تقتضي منهم ايضا ان يبذلوا جل وقتهم في التحرك وكسب المؤيدين والأنصار ، واستقطاب الجماهير ، ودفعها الى ساحة المعركة الاسلامية والوطنية ، أفليس هذا نفسه عملا فكريا وثقافيا في حد ذاته ؟ هل تستطيع أن تتحرك في صفوف الجماهير ، وان تكسبها إلى داخل جبهة المقاومة او تدفعها وهي متلاحمة معها إلى معارك جهادية حاسمة بعيدا عن الفكر ، وبعيدا عن القناعات المبدئية ، مهما طغت صيغ الحماس والعاطفة إبان المواقف الملتهبة لحركة الجهاد والعمل المقاوم في فترة الثمانينات والتسعينات ؟ الجواب . بالتأكيد ، لا يمكن ان يكون الا بالنفي . لا بد أن نشير ـ اذن - الى مسألة مهمة وهي ضرورة تحديد تأريخين لهذه القضية ابان العمل السري . اذا جاز لنا أن نصنف هذه المرحلة التاريخية إلى مرحلتين ، ولنقل الى حقبتين :
(يتبع)
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha