دراسات

ثقافة المقاومة...الضرورات ومستلزمات العمل المطلوب ج ـ 3  


رياض البغدادي ||

 

الحقبة الأولى هي حقبة بدايات المقاومة الاسلامية التي امتدت نموا واتساعا واتصالا بالجماهير وتعرفا عليها ، وكذلك تعرفا من قبل الجماهير على الحركات المقاومة ، حتى العام1972 . في هذه المرحلة كان المجاهدون الاسلاميون بكل تصانيفهم الحزبية نموذجا متقدما في كل شيء ، نموذجا في الخلق ، نموذجا عاليا يقتدى به في الجد والحياة العملية ، طلابا كانوا - وهم الكثير - أو عمالا او معلمين وموظفين .

    كان الاسلاميون نموذجا في الوعي والثقافة العامة والخاصة معا ، كان المجاهد يجتذب الجماهير الى المقاومة ، لا من خلال الاقتحام فحسب على كثرة ما كان لمجاهدي حركات المقاومة من مواقف اقتحاميه ولكن كان الاسلاميون يجتذبون الجماهير الى احزابهم من خلال كونهم نموذجا متقدما في كل شيء ، وبشكل خاص من خلال وعيهم ، ومن خلال ثقافتهم ، ومن خلال امتلاكهم حصيلة واسعة من المعارف ، وقدرة عالية على توظيفها ، لانهم ينطلقون اساسا من موقف فكري ومبدئي واضح .

    هذه هي الصورة الأولى وهي طبيعية جدا في كل حركة عند بداياتها ، وعند مراحل نموها الاولى .

الحقبة الثانية بعد العام1973 فان الكم الكثير الذي استقبلته حركات المقاومة الاسلامية ، لكي تستطيع أن تواجه به الهجمة الاستبدادية المنحرفة ضد الأهداف الجوهرية لجبهة المقاومة وضد الوعي الاسلامي ، مقترنة بتحالف النظام البعثي مع الحزب الشيوعي العراقي آنذاك ، فقد كان في هذه المرحلة انفراج الحركات الاسلامية على الكسب واسعا ، وكان لابد من ترجيح العناصر ذات الصفة الصِدامية والقدرة على المواجهة ، والتساهل في بعض المقاييس التي كانت الاحزاب الاسلامية تتشدد بها ، كما كان لزاماً على الاسلاميين ، وعلى المجاهدين ان يعطوا هذه الناحية أهمية متقدمة اضافة الى ان منشورا اسلاميا واحدا او كراسا يحمل اسم الشهيد الصدر او الامام الخميني كان كفيلا بأن يدفع بالمجاهدين إلى أشد العقوبات.

    هذه الصورة أدت اضافة الى اتساع العمل المقاوم - منتسبين وجماهير وحلفاء - الى ان تفقد جبهة المقاومة قدرتها على تأكيد القيم التربوية الأخلاقية الجهادية بنفس الصيغ والدرجات السابقة ، وبالتالي ضعف الجانب الثقافي في عملية الجهاد ولا نريد ان نتهم احداً او جهة ما بالتقصير لان ذلك اصبح واضحا ومعروفا ومطروقا بشكل واسع ، وقد تحدث عنه الكثير من مجاهدي الحركات الاسلامية بشكل عام .

    بعد التغير ومنذ يوم ٩/٤/٢٠٠٣ نواجه ظروفا جديدة تماما ، هذه الظروف تحمل في بعض جوانبها وجوها للشبه بظروف ما بعد العام ١٩٨٠ ، وفي جوانب أخرى تتناقض معها تناقضا كاملا وبشكل لا يقبل الجدل ، فمن ناحية التشابه ، نشير الى اتساع جبهة المقاومة وكثرة المنتمين اليها بصيغة مطلقة وبالمقارنة مع العدد القليل من المجاهدين ذوي الحصيلة الثقافية والايمانية المتكونة عبر العمل الثقافي والممارسة الجهادية السابقة ، اما من الجانب الاخر فان هناك تناقضا واضحا ، فجبهة المقاومة اليوم تقود مواقع ادارية وقيادية كثيرة في كثير من الدول ولا تعاني المطاردة والاعتقالات وبالتالي فان كل مستلزمات العمل الفكري والثقافي متوفرة للمجاهدين ولكل المستويات العلمية وللجماهير ايضا ، سواء كان ذلك من خلال توفر اسباب المقاومة بأوضح صيغها ، أو توفر المستلزمات والامكانات المادية والفنية، فقد توفر لجبهة المقاومة ، وبشكل خاص في مجال نظرية العمل ، نتاجات كثيرة ورائعة ايضا ، ولا نأتي بجديد اذا قلنا ان الامام الخامنئي دام ظله اعطى - خلال السنوات الاخيرة - حصيلة فكرية وثقافية واقعية وثورية اغنت فكر المقاومة من جانب ، ووضعت أسسا راسخة لمسار واضح في نظرية العمل المقاوم من جانب آخر ، وهذا أمر نادر في تاريخ الحركات الثورية ، وقلما نستطيع أن نجد له مشابها ، لكن الامر المختلف ان الدولة في ايران تقودها جهات تنفيذية منتخبة اعطت لقائد المقاومة القدرة في اعطاء المجاهدين الوقت الكافي لرعايتهم والاهتمام بشؤون كل جبهات المقاومة وفي بعض الاحيان يهتم بأفرادها ويتابع اعمالهم بنفسه ولكن المؤسف الى حد الأسى والالم العميق ان كل هذه العطاءات الرائعة ، اضافة الى عطاءات جبهة المقاومة منذ نشأتها الأولى - ايام كانت حركة دعوية ـ حتى الان كل هذه العطاءات لا نستطيع أن نقول انها وظفت بمستوى ما تتطلبه المرحلة ولا بمستوى قيمتها هي ، ولا بمستوى الحدود المعقولة لمتطلبات العمل المقاوم ، وهذا كله يرجع إلى عوامل عديدة او جملة اعتبارات، ولا بد أن نشير الى ناحية نفسية في هذا المجال ، ومن خلال الامثلة والشواهد التاريخية في عملنا المقاوم نستطيع أن نصل بشكل واضح ومجسد يستفيد منه اخوتنا المجاهدون .

(يتبع)

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك