دراسات

الامة وجبهة المقاومة (6) الأخير


  ‎رياض البغدادي ||

 

طبيعي جدا أن حالة التلاقي الحي، بين الجماهير وقادتها، حالة مفتقدة في حياة امتنا الاسلامية المعاصرة، باستثناء العلاقات الروحية الابوية الصادقة للامة بمراجع الدين، وهناك نماذج معينة لم يكن لقاؤها مع الجماهير من مواقف الايمان الكامل بها، فأن القاعدة التي سادت حياة الامة الاسلامية هي الافتراق عن قادتها، إما خوفا منهم، او شعورا بانها لا ينبغي أن تتصل بهم، او لأي اعتبار من الاعتبارات ذات الصلة باهتزاز الشخصية الاسلامية التي ورثتها الأجيال الحالية من العهد الاموي وصولا الى عهد الخلافة العثمانية، وكذلك اهتزاز القيم في هذه المرحلة تلك القيم الاجتماعية التي كانت سائدة ايام النبي (ص واله) بين الحاكم والأمة. لنعود الى فكرة الانتقال بالامة الى المرحلة الحاسمة ( حين تتحول كل جماهير الامة الى مجاهدين ) .. اننا يجب أن ننتبه الى بعض الجوانب التي اذا اسيء فهمها سوف لا تؤدي الغرض المطلوب، ماذا يعني ان يكون كل المواطنين مجاهدين، هل يعني ذلك، او هل يجوز أن يفهم من بعض المجاهدين انه لا حاجة لهم بعد الان الى العمل في صفوف الامة واقناعها بتأييد العمل الجهادي او الانضمام اليه، هل معنی هذا أن الولاء للدين الحنيف لا يمر بمفردة الجهاد بالنفس والجود بها وترخيص الدم في سوح القتال ؟   هذا الافتراض او التساؤل الذي يمكن أن نطرحه ازاء ما قد يتعرف من خلاله بعض المجاهدين، اما التساؤل الآخر الذي لا يقل أهمية عنه، فهو هل ستحاول قوی وفئات سياسية أخرى، معادية او حليفة، استغلال هذا الشعار وتکییفه، وتوجيهه لصالح كف بعض جماهير الامة، وابعادها عن جبهة المقاومة ؟ وبالتالي محاولة كبح توجهها تحت ذرائع آن قادة جبهة المقاومة يقولون أن الامة كلها مجاهدة ؟ ..  وفي الحالتين كلتيهما نقول ان الجوهر الذي يؤكد عليه اهل البيت (ع)، سواء في أحاديثهم او في سلوکهم، هو الجوهر الحقيقي الذي يجب ان تكون عليه علاقة جبهة المقاومة وقادتها بالامة، الجوهر الحقيقي للانتقال بالامة من حالة الافتراق والتناحر بين حاضرها وقيمها ومبادئها، الى حالة التطابق بين واقعها وبين تلك القيم وتلك المبادىء، وعلى هذا الأساس وحده يمكننا ان نقول ان احاديث أهل البيت هي دعوة لنا، كمجاهدين في جبهة المقاومة، إلى العمل المكثف والواسع في صفوف الامة لتحشيد طاقاتها وعدم الكف عن ذلك بدعوى أن الامة كلها مجاهدة . اننا ازاء حالة دقيقة، وهي نقل الامة الى مستوى حياة المجاهد الذي نذر نفسه وماله للاسلام، كذلك السعي الى وضع جبهة المقاومة في خضم حياة الامة، لكي تتمثلها بشكل دقيق، وتستوعبها بصورتها الحية، وهذا كله لا يتم من خلال العمل المنظم على الطريقة الحزبية التي تحول حالة الجهاد العامة في الامة، الى تكتلات من المجاهدين يتيهون في خضم مصالح احزابهم، فيتحول الجزء الاهم من طاقاتهم وجهادهم – جهادا - في سبيل بقاء وتقوية وجودهم الحزبي .  ان تحقيق هدف نقل الامة الى حالة الجهاد، سيتعكر كثيرا عندما تتكرر الاخطاء، وتفتقد المقاومة قدرتها على نقد نفسها، ومتابعة سلوكيات افرادها .. كيف يمكن وضع الامة امام مسؤولياتها في الوقت الذي تفشل فيه المقاومة في تحمل تلك المسؤوليات ولو على مستوى سلوكيات افرادها المجاهدين ؟! حينما تصل العلاقة بين الأمة وجبهة المقاومة الى هذا المستوى الرائع، فهذا يعني أن نمطا جديدا للعمل قد شق طريقه، عمليا ، وبصورة حيوية وملموسة في حياة الأمة، مهما بدا في هذه المرحلة ان رقعة هذا العمل لم تتسع لتشمل كل الارض الاسلامية، أن ذلك يعني بالدرجة الأولى .. أن ذلك ايذان بالانتقال إلى مستوى نوعي جديد من العلاقة .. مستوى لا يصنف الناس الى مراتب متفاوتة في الولاء، مستوى لا يبتكر طبقية يفرضها على بعض المجاهدين، على اساس سنوات التحاقهم بجبهة المقاومة والجهاد، ولكن لا يغفل في الوقت نفسه الاخلاص والمبدئية التي تظهر على سلوكيات المجاهدين، ولا يغفل الارتباط الروحي والالتزام الديني والاخلاقي لهم.  وفي كل الحالات .. نحن ازاء حالة جديدة ومتميزة في حياة الامة، نسعى الى بعثها من جديد – حالة - هي بالحقيقة دعوة كل المصلحين الذين يسعون الى تحرير الانسان من قيود السلوكيات الارضية، والانتقال به الى سلوكيات الروح، التي ترتفع به الى الصورة المثالية للمؤمن الحقيقي – المؤمن – الذي اراده أهل البيت واشتاق له وناداه كثيرا الامام علي (ع) في خطبه المنقولة في نهج البلاغة ...  أنتهى ما أردت قوله في هذه الدراسة عن علاقة الامة بجبهة المقاومة والحمد لله اولا وآخرا وهو ارحم الراحمين
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك