د. سعد سادر الدراجي
باحث
S_saad72@yahoo.com
ان للشعائر الحسينية المباركة اثارا وتاثيرا واضحا على المجتمع، ليس لاتباع اهل البيت ( عليهم السلام ) فقط، - وانما على جميع المسلمين- وقد لا ابالغ ان قلت ان اثار النهضة الحسينية القت بظلالها على كثير من المجتمعات غير الاسلامية، بدليل ان الثورات الكثيرة التي نهض بها قادة التغيير في العالم قد استلهموا الروح الثورية من مبادئ واهداف هذه النهضة المقدسة، كما جاء على لسان الكثير من قادة هذه الثورات كـ( غاندي، وهوشي منه، وماو سي تونغ ) وغيرهم بالاضافة الى ما قاله الكثير من الفلاسفة والمستشرقين بحق ثورة الحسين (عليه السلام) وبالتالي فان احداث هذه النهضة المباركة اثرت بشكل او باخر على المجتمعات الانسانية، بفضل المبادئ والقيم والاهداف التي خرج من اجلها سبط رسول الله ( صلى الله عليه واله) الامام الحسين( عليه السلام) .
والشعائر الحسينية المباركة مصداق جلي لتاثر المجتمعات – بالخصوص المجتمع المسلم – لما لها من تاثير مباشر على الحياة الانسانية بجوانبها المتعددة، وأحد وظائف الشعائر الدينية (الحسينية) انها تؤدي دور الإعلام والبث الديني والإعلاء ومن نتائجها الواضحة هو المحافظة على الهوية الدينية في بيئة المسلمين، لأنه لولا الشعائر فإن الدين سوف ينكفئ شيئا فشيئا وتتغير المفاهيم الدينية بل تنقلب رأسا على عقب وتصبح منكوسة الراية بدلا من أن تكون مرفوعة عالية مرفرفة، فمن الوظائف المهمة للشعائر جانب المحافظة على الهوية الدينية وإلا أُلغيت الشعائر الواحدة تلو الأخرى وحدث نوع من المسخ التدريجي، ونرى ومنذ اكثر من الف سنة ان الحوزات العلمية الدينية تقوم بدعم الشعائر الدينية الحسينية، كونها ركيزة اساسية في إحياء الدين ونشره وحفظه عن الاندراس، وما تقوم به في هذا الدور وإن كان بشكل هادئ وبلا ضجيج، انما هو دور عظيم؛ لأنها تحافظ على الدين الاسلامي من خلال الإعلام والتعلم والتفقه والنسيان وصيانته عن التحريف والتغيير وحفظ الجانب التنظيري والبعد العقائدي للاسلام، ومما لا شك فيه أن الشريعة قد حثت على بناء العلاقات الاجتماعية الرصينة في المجتمع، وأن الله تعالى جعل علاقة المؤمن بالمؤمن كعلاقة الأخ بأخيه قال تعالى:" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "، كما ندبت الشريعة إلى التزاور والمجالسة والتذاكر بين المؤمنين، كما في قول الإمام الصادق(عليه السلام):"تجلسون وتتحدثون...إن تلك المجالس أحبها.."، فكيف إذا اجتمع كل ذلك مع ذكر الله تعالى، وذكر الحسين(عليه السلام) وأولياء الله الصالحين، سواء في مجالس العزاء، أم في المواكب، أم في الزيارات الحسينية، فلا شك حينئذ في أن البركات التي تعم تلك المجالس - سواء البركات الدنيوية أم الأخروية، والمادية أم المعنوية - مما يعسر الإحاطة بها، فالحفاظ على بنية المجتمع كوحدة واحدة، ونسيج متجانس، هي واحدة من أهداف الشعائر الحسينية، بما حوته من تلاق وتزاور وتعارف، وكثيرا ما كانت المجالس الحسينية سببا أساسيا في تعارف أبناء المجتمع مع بعضهم بعضا، وإزالة أسباب الخصومات التي قد تنشأ في غمرة مشاكل الحياة الكثيرة، كما أن هذه المجالس تشعر الجميع بالوحدة والوقوف صفا واحدا حول نصرة الدين الإسلامي الحنيف بل ان الشعائر الحسينية المباركة خلقت حالة من التكامل الانساني، وفعلت مبدأ التكافل الاجتماعي بين من يقوم بتلك الشعائر، وساهمت في الانفتاح على الاخر، حتى باتت هدفا ووسيلة وغاية في التقرب لله (سبحانه وتعالى) من خلال اقامتها وتطويرها بما يتلائم ومتطلبات العصر وبشكل لا يتعارض والتعاليم الدينية والقيم الاسلامية.
https://telegram.me/buratha