علاء الطائي ||
* لا بد من تحديد بعض المفاهيم التي نستخدمها يوميا، فهنالك فرق ما بين المعرفة والفهم. فقد تتراكم المعارف دون الفهم الحقيقي للبنية التي تقوم عليها تلك المعرفة*
التعليم هو الوسيلة الوحيدة والأسلوب الأمثل لتحقيق نهضة البلاد وتقدمها وأن الابداع العلمي والثقافي يرتبط أشد الارتباط بتوافر مناخ الديمقراطية والحريات العامة التي لا يمكن بدونها أن يكون هناك خلق أو عطاء. فالعلم كالماء والهواء، وهو حق أساسي للمواطن وواجب على الدولة توفيره وفقاً للمعايير العصرية لاعداد المواطن الصالح الذى يأخذ من التعليم بقدر استعداده الذهنى وقدراته الشخصية ومواهبه الخاصة. وحتى تصبح مجانية التعليم حافزاً لخلق المواهب وتشجيعها والأخذ بيد الموهوبين وليست عاملاً للتكاسل.
من هنا نؤكد على:
أولاً: التمويل:
تتلخص المصادر التى ينفق منها على التعليم فى الآتى:
1- زيادة الاعتمادات المخصصة للتعليم فى الموازنة العامة للدولة كى تصل إلى المعدلات العالمية.
2- تشجيع المواطنين والجمعيات الأهلية على التبرع لانشاء المدارس وإدارتها تحت اشراف الدولة على أن تكون منشآت خيرية لا تهدف للربح.
3- السماح بانشاء مدارس وجامعات خاصة طبقاً للقانون الذى يحدد مجالات نشاطها وإدارتها للتأكد من نوعية التعليم بها ووضع الحد الأقصى للمصروفات ومواصفات الطلاب المقبولين بها وتحت اشراف الدولة.
4- يجب توفير معايير الجودة التعليمية وفقاً لأحدث المعايير الدولية والاستفادة من التجارب الناجحة فى الدول المتقدمة.
ثانياً: المعلم:
المعلم هو عصب العملية التعليمية كلها, وبدونه لا يمكن تحقيق أية استراتيجية تعليمية. إن اعداد المعلم وتدريبه هو أساس كل تطوير جذرى فى العملية التعليمية كلها, ويقع على وزارة التربية العبء الأكبر فى إعداد المعلم وتدريبه بما تملكه من وسائل وامكانيات مع استمرار ذلك لمواكبة التطور.
ثالثاً: مراحل التعليم
1- مرحلة رياض الأطفال:
يجب أن تولى الدولة تلك المرحلة اهتماماً خاصاًعلى:
- إعداد المعلم الكفء المؤهل لتدريس الأطفال هذه المرحلة وتفهم احتياجاتهم النفسية والذهنية والقدرة على اكتشاف وتنمية مهاراتهم.
- التوسع فى القبول لتشمل هذه المرحلة جميع الأطفال فى المرحلة العمرية 4 – 6 سنوات مع التركيز على تدريبهم على كيفية التعامل مع الحاسب الآلى وتعلم اللغات وتنمية المهارات الخاصة.
- تطوير المناهج بصفة مستمرة لمواكبة التقدم السريع فى كل فروع المعرفة.
- التركيز على تدريس الدين والاخلاق والعادات والتقاليد للأطفال فى هذه المرحلة بشكل يضمن ترسيخ القيم الاصلية من الصغر فى نفوس الأطفال.
- ضرورة توفير شروط الرعاية المتكاملة للنمو السوى للأطفال تحت اشراف الاخصائيين.
2- مرحلة التعليم الأساسى "الابتدائى والاعدادى"
هى أهم مراحل التعليم ويجب أن تتوافر خلالها المقومات التالية:
- العمل على أن تستوعب هذه المرحلة جميع التلاميذ فى سن التعليم الأساسى مع مراعاة ألا تزيد كثافة الصف على 30 تلميذاً يتلقون تعليمهم بنظام اليوم الكامل.
- تدريب وتأهيل مدرسى هذه المرحلة على اكتشاف وتنمية مواهب التلاميذ.
- الاهتمام بالأنشطة الثقافية والفنية والرياضية تنمية للاستعداد الطبيعى لكل تلميذ.
- انتقاء المحتوى الدراسى وطرق تقديمه ليحقق للطلاب القدرة على الفهم والتحليل والابتكار, وتدريب عقولهم على التخيل والابداع. وتحفيزهم على استخدام المنهج العلمى فى التفكير وحثهم على السعى إلى مزيد من البحث عن المعرفة المتجددة.
- إكساب التلاميذ قيم الحرية والديمقراطية حتى يمكن بناء مجتمع حر وديموقراطى ومثل هذه المقررات والأنشطة تدعم انتماء الطلاب للوطن وبدورهم الفاعل كمواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات.
- الاهتمام بالتربية الدينية والأخلاقية المستمدة من الدين والتقاليد والأعراف السائدة فى المجتمع، بعد محاولات متعددة لتهميش هذا البناء الروحى والنفسى للإنسان العراقي.
3- التعليم الثانوى
تمثل هذه المرحلة من التعليم أهمية خاصة, فهى ترتبط بمرحلة المراهقة, كما أنها مرحلة فاصلة وحاسمة فى مستقبل الطالب العلمى والمهنى, لذا وجب التركيز فى هذه المرحلة على الأسس التالية:
- العمل على استمرار تحفيز الطالب لطلب المعرفة وإكسابه المهارات اللازمة وفق متطلبات المرحلة العمرية. وتوفير الأماكن لاستيعاب جميع الطلاب حسب السن بهذه المرحلة.
- التأكيد على الهوية وتنمية الانتماء الوطنى من خلال حوار حر بناء مبنى على احترام الرأى الآخر مع إتاحة الفرصة لهم لممارسة أنشطة متنوعة داخل وخارج المدرسة لترسيخ هذه القيم والمفاهيم.
- الاهتمام بمحتوى المناهج التى تحقق الانتماء الوطنى عن طريق خلق الوعى السياسى والالمام بقضايا المجتمع ومراحل التاريخ المختلفة للوطن مع ترسيخ التعاليم الصحيحة للدين والتركيز على اتقان اللغة العربية.
- يمثل التعليم الثانوى الحد الأدنى لاعداد مواطن قادر على التعامل مع معطيات العصر ومتغيراته. وهو الامتداد الطبيعى للتعليم الاساسى وفيه يتعرف الطالب على إمكانياته ومواهبه ويستطيع بذلك اختيار مستقبله.
- إعادة النظر فى المناهج كى تزيد قدرة الطالب على الاستيعاب وتقيس الامتحانات القدرة على التفكير والابتكار وليس الحفظ والتلقين. وبهذا يمكن القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية التى تفشت ـ بالقضاء على أسبابها.
4- التعليم الفنى:
ضرورة الاهتمام بالتعليم الفنى وتطوير مناهجهه ودعم برامجه التعليمية عن طريق ما يلى:
- ربط مناهج التعليم فى هذا المجال بالبرامج الدولية التى تضمن تخريج فنيين مدربين مهرة لا يقل مستواهم الفنى عن المستوى العالمى وفى التخصصات التى يحتاج إليها المجتمع.
- الاهتمام بالمتميزين والموهوبين فى التعليم الفنى لمنحهم الفرصة فى استكمال تعليمهم الجامعى. وتشجيع قدراتهم على الابتكار وتبنى ابتكاراتهم بتصنيعها محلياً.
- إن ربط التعليم الفنى باحتياجات سوق العمل خير دافع للشركات والمؤسسات الانتاجية ومراكز الخدمات على إنشاء مراكز تعليم فنى لامدادها بالفنيين المطلوبين وبالمستوى المطلوب للمنافسة فى ظل اقتصاد السوق. وهنا يمكن تضييق الفروق المادية بين خريج الجامعة وخريج التعليم الفنى.
- مساعدة خريجى التعليم الفنى فى إنشاء مشروعات صغيرة بالتعاون مع المؤسسات الدولية والحكومية والمجتمع المدنى.
5- الجامعات والتعليم العالى:
تحكم رؤيتنا فى هذا المجال المبادىء الأساسية التالية:
- استقلال الجامعة بكل شؤونها، وحرية البحث العلمى هما الأساس الذى يمكن الجامعة من القيام بدورها فى التدريس والبحث العلمى وخدمة المجتمع وتطوير البيئة.
- وضع سياسة ثابتة لانشاء الجامعات والكليات طبقاً لحاجة المجتمع وفى المحافظات المختلفة للربط بين الارتقاء بالتعليم وفرص البحث العلمى والموقع المناسب لذلك.
- وضع سياسة للقبول تتفق مع حاجة المجتمع للخريجين, كماً ونوعاً مع توفير الميزانية الكافية لكى تلحق الجامعات العراقية بمثيلاتها فى العالم.
- تطوير أسلوب الدراسات العليا ليكون الهدف المساهمة فى تقدم المجتمع واحتياجاته وليس مجرد منح درجات علمية.
- إعطاء التدريب العملى العناية التى يستحقها لترسيخ المعلومات فى ذهن الطالب ويمتد ذلك خلال الاجازات الصيفية محلياً ومع الجامعات خارج العراق.
- التوسع فى التعاون مع الجامعات الخارجية يعود ـ ولا شك ـ بالفائدة على الطلبة والأساتذة بتبادل الزيارات والاعارات واللحاق بما فات الجامعات العراقية خلال العقود السابقة.
- التأكيد على حصانة الاستاذ الجامعى وحرمته فى التدريس والبحث وعدم تحديد سن تقاعد الأستاذ للاستفادة من علمه وخبراته طالما كان قادراً على العطاء, وكف يد أية أجهزة من خارج الجامعة فى شؤونها, مع رفع المستوى المادي لأعضاء هيئة التدريس وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية على أن يكون حقاً للجميع وليس من خلال مشاريع أو صناديق خاصة.
- إعادة النظر فى لائحة الطلاب الحالية لتعطى الفرصة لممارسة ديموقراطية سليمة طوال سنوات دراساتهم وهو ما يقدم للوطن بعد ذلك كوادر تعرف أصول الحوار وتحترم الرأي والرأي الآخر.
6- التعليم عن بعد:
ضرورة إتاحة الفرصة لكل مواطن فى تحصيل العلم عن بعد بدراسة مقررات معينة فى الوقت المناسب له, وذلك بهدف تطوير مهاراته الخاصة وامكانياته, وضرورة التوسع فى ذلك النوع من التعليم لمساعدة غير القادرين على تعويض ما فاتهم من العلم, وذلك كمحاولة للقضاء على بعض الظواهر الاجتماعية التى تهدد المجتمع نتيجة عدم القدرة على تحصيل العلم ومنها عمالة الأطفال, والقضاء على ظاهرة التسرب من التعليم.
7- محو الأمية:
رغم كل المحاولات التى بذلت للقضاء على الأمية, إلا أن معدلات الأمية تتزايد فى العراق بشكل كبير.. ونرى أن الأمية الحقيقية التى تحتمها طبيعة التطور العالمى حالياً هى عدم القدرة على استخدام الوسائل التكنولوجية المختلفة.. ولهذا فإن نرى ضرورة أن تكون عملية محو الأمية الزامية، بحيث يشارك كل خريج جديد فى محو أمية عدد معين من الأميين، ويصبح ذلك بمثابة الخدمة العامة التى يجب أن يؤديها الخريج, وأن يكون ذلك وفق خطة مدروسة تحدد أعداد الأميين بدقة وأماكن وجودهم, وتكليف الخرجين فى نفس مناطق تواجدهم بمحو أميتهم.
٨_البحث العلمي
نؤكد على أهمية دور البحث العلمى والتكنولوجيا فى نهضة الأمم.. وقد تراجعت مكانة العراق العلمية بشكل كبير خلال العقود الماضية بسبب عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بالبحث العلمى.. وهو الأمر الذى أدى لتخلفنا فى عصور الصناعة والذرة والفضاء وامتلاك التكنولوجيا فهى الاداة الاساسية للأمن القومى. فالحرب على التكنولوجيا لا تقل ضراوة وشراسة عن الحرب التكنولوجية. وتحرص الدول المتقدمة على احتكار الأولى إمعاناً فى اضعاف الآخرين لتسهل السيطرة عليهم.
ومن هنا، يتوجب التركيز على البحث العلمى كأساس للنهضة ومحاولة للحاق بعصر التكنولوجيا, فمن يمتلك التكنولوجيا حالياً أصبح يمتلك التفوق الاقتصادى والقوة السياسية.. وذلك من خلال المحاور التالية:
١- تضييق الفجوة العلمية والتكنولوجية بين العراق ومختلف دول العالم عن طريق النهوض بميزانية البحث العلمى إلى 5% على الأقل من ميزانية الدولة.
2- تشجيع القطاع الخاص على المساهمة فى دعم البحث العلمى وبخاصة فى مجال البحوث التكنولوجية.
3- الاستعانة بعلماء العراق الذين هاجروا خارج البلاد وحصلوا على درجات علمية متميزة فى مختلف المجالات, ويتم منح الدعم الكامل لهم لتخطيط وتنفيذ مشروعات بحثية كبرى يستفيد منها المجتمع, وتحقق نهضة تكنولوجية تمكننا من اللحاق بعصر التكنولوجيا.
4- إنشاء مجلس أعلى مستقل للبحث العلمى يضم كافة الجامعات والمراكز البحثية العسكرية والمدنية والخاصة تكون مهمته وضع خطة استراتيجية للبحث العلمى, ويكون لهذا المجلس كافة الامكانيات والصلاحيات لانتقاء فرق عمل بحثية فى مختلف المجالات, وتخطيط مشروعات بحثية لهم لتنفيذ هذه الاستراتيجية.
5- العمل على توفير حياة كريمة للباحثين لوضعهم فى مناخ علمى ونفسى واجتماعى يمكنهم من البحث والابتكار, مع تزويدهم بكل الامكانيات البحثية من المعامل والاجهزة.
6- ضرورة التوقف عن تنفيذ البحوث العلمية بطريقة عشوائية مما سبب بتكرار البحث فى أكثر من مكان, وذلك عن طريق ميكنة البحث العلمى, ووضع قاعدة بيانات بالبحوث التى تم تنفيذها فى المجالات العلمية المختلفة, وأهم النتائج التى توصل إليها الباحثون حتى تكون نقطة انطلاق لبحوث أخرى تخدم المجتمع, والا تكون مجرد بحوث لمنح درجات علمية, على أن يتم ربط البحوث العلمية باحتياجات المجتمع.
7- إعادة النظر فى القوانين والتشريعات وتعديلها وتغييرها حسب الحاجة مع تحفيز القطاع الخاص على خوض مجال البحث العلمى, والسماح بالتبرعات للمراكز البحثية خصماً من الوعاء الضريبى بدون حد أقصى.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha