علاء الطائي||
*إن رسم سياسات الإعلامي ومهمته، أن يؤكد حقيقة مفادها
إنه إنتصر في الواقع لطموحات عراقية وهموم وطنية
وأن يدفع بكل المفردات الداخلة ضمن صلاحياته، وقد لعب دوراً أساسياً في إرساء قواعد دولة المؤسسات، والدفاع عن قوانينها *
الإعلام كما اصطلح عليه هو أيُّ وسيلةٍ أو تقنية أو منظمة أو مؤسسة تجارية أو أخرى غير ربحية، عامة أو خاصة، رسمية أو غير رسمية، مهمتها نشر الأخبار و نقل المعلومات. إلا أن الإعلام يتناول مهاماًمتنوعة أخرى، تعدت موضوع نشر الأخبار إلى موضوع نشر الفكر والتوجهات، وصارت اداة مهمة بيد الممسك بها، يوجه بها الاذهان والعقول ويرسخ الموازين او يقلبها .. وهكذا نرى، ان الاعلام سلاح متعدد الاوجه ويجب ان يتسم باخلاقيات عالية من اجل فاعليتهِ وضرورة وجودهِ.
وكما نعلم، ان وسائل الإعلام على اختلافها تتمتع بأهمية كبيرة في العصر الحديث. ويمكن ان نرتب اهميتها ومسؤولياتها على النحو التالي:
· بعد انفتاح العالم على بعضه البعض تحولت الكرة الارضية الى شبكة منبعها قرية إلكترونية. حيث أضحت الحاجة ملحة لمتابعة الأحداث والأخبار في كل مكان في العالم.
· انتشار المحطات الفضائية والإنترنت والمنصات الإعلامية والصحف والمجلات باختلاف أنواعها واتجاهاتها مما أدى بطبيعة الحال الى سرعة انتقال المعلومة وسرعة التأثير في عقلية وتوجهات المواطن.
· من ضمن واجبات وقدرة الاعلام بوسائله المتعددة التأثير في توجيه الرأي العام، فهو الذي يخلق وعياً لدى المجتمع ، كما أنه يروج لأفكار المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية.
· عِبر الاعلام يمكن لكل الجهات المتوافقة على بناء الوطن، أن تترك بارائها وتوجهاتها وتطلعاتها
من أين تنتهي الحرية المطلقة في النقل والحديث والكتابة ، واين تبدأ حدود المسؤولية الاخلاقية في ترتيب المجتمع وما تعطى له من معلومات؟
لا ريب بان الاعلام بكل تفرعاته يشكل سلاحا ذو حدين ، ويعتمد بالدرجة الاولى على الجهة التي تسوقه وكذلك الوسيلة التي تعتمد عليها هذه الجهة.
لا بد من معايير وحدود حيث ان هذه الحرية ليست مطلقة فهناك أخلاقيات المهنة التي تحكمها في الأساس أخلاق عامة مثل الصدق والشرف والنزاهة، وما إلى ذلك من أخلاقيات، والغرض منها في النهاية هو تحسين الأداء الإعلامي والتحكم في وسائل الإعلام لصالح خدمة المجتمع وقضاياة.
ولا بد من إحترام بعض المبادئ والقيم.
وبكل تأكيد من الصعب الإتفاق على مرجعية لضوابط حرية التعبير، فكل مجموعة اعلامية لها توجهاتها. فمن اين نذهب هنا؟
لنضع مسألة المعايير الاخلاقية والمسؤولية الاعلامية في النقاط التالية:
· الفكرة الاساسية تتجلى في أن يكون هناك حوار بين جميع الأطراف في المجتمع للوصول إلى المعايير الأخلاقية الهامة.
· وهناك معايير أخرى لا يمكن إغفالها اليوم مثل الكفاءة والقدرة وفهم المتغيرات الحقيقية التي يشهدها العالم وهي أهم قيمة الآن في أخلاقيات المهنة، بحيث تستند على احترام الأفكار التي تطرح من الأطراف الأخرى ليحدث التوازن الطردي بين العاملين والمستهلكين في حقل الإعلام.
· ولوسائل الإعلام أربعة وظائف أساسية تقوم بها:
1. الأولى، وظيفة سياسية وتعنى ب إخبارالمواطنين بكل مايدور في المؤسسات الحكومية والهيئات الأخرى من أنشطة.
2. الثانية، الوظيفة التعليمية، وتشمل تقديم التقارير الصادقة ومناقشة مختلف الأفكار والآراء والمواقف التي ينتفع منها المجتمع او التي تريد تلك الوسائل الاعلامية ان تحذر منها.
3. الثالثة، وظيفة المنفعة، وتعني تقديم المعلومات المرتبطة بالوقائع اليومية
4. الرابعة هي الوظيفة الثقافية
وعليه تقع المسؤولية على كاهل وسائل الإعلام لتحقيق الوظائف السابقة بطريقة إيجابية أو مسؤولة من خلال مستويات مختلفة أهمها مسؤولية الإعلامي تجاه المجتمع العام.
فيما رأياً آخر يرى أن وسائل الإعلام كثيراً، ما تضحي بالجانب الأخلاقي عند الممارسة في سبيل الحصول على الأرباح وتحقيق السبق الصحفي، ويتصادم حق وسائل الإعلام في الحصول على الأخبار والمعلومات ونقل الثقافة والفنون والعلوم مع حق المجتمع في الحفاظ على بنائه وأمنه وقيمه وتقاليده، وكذلك حق المواطنين في حماية سمعتهم من القذف والتشهير والحفاظ على أسرار حياتهم.
وهناك رأياً اخر يقول أن الإعلام مظلوم.
وحسب نظرية الأواني المستطرقة، فالمياه تأتي عليها من كل جانب سواء من الحكومة أو الرأي العام، ومن النخب، إلا أن هذا لا يبرئ الإعلام، ولكن يجب أن ننظر إلى أطراف المعادلة بالكامل. لأن الإعلام ليس هو المتهم الرئيس.
كما أن أطراف المعادلة هي القيم التي يجب أن تسود في علاقة الإعلامي بالمؤسسة التي يعمل فيها أو بالمصادر أو بالحكومة أو بالمستهلكين أو بالرأي العام أو بالفكرة، وهذه الأطراف هي التي تخلق هذه القيم والتنافس الجاد في وسائل الإعلام،ممايجعل من صاحب المنصة والمسؤول عنها من الأطراف الضعيفة ، ويجب عليه أن يلهث في هذا الصدد حتى يكون موجوداً في(الوسط) . ولكن إذا خرج عن المعايير التي تسود في هذا السوق أو حاول أن يستغل صحيفته ومهنته مثلاً سوف تفشل الصحيفة وتنزوي، وبالتالي لا تكون ذات تأثير كبير، وخاصة أن الإعلام لم يعد مكلفاً، ويصل الآن للجميع، كما أن الميزة الاحتكارية سقطت منذ زمن طويل.
وفي تصوري أننا قادرون على التطور والنمو. ولابد للإعلام من تشجيع روح التفاؤل والرغبة في التغيير والتنظيم ووقف الفوضى والانهيار وقتل روح اليأس والعجز والتشديد على محو النغمة التشاؤمية لأنها ليست من قيم الصدارة.
كما أن أصحاب الصدارة عليهم أن يتواضعوا ويسمعوا إلى رجل الشارع، وحق النخب أيضاً أن يسمعوا لأفكار الآخرين ولا يستوردوا الأفكار التي كانت موجودة فيما مضى، فالتعلم من الآخرين يجب أن يكون بالقدر الذي يساعدنا على تطوير مجتمعنا في الوقت الراهن.
فوسائل الإعلام تعكس الكثير من القيم والعادات وأساليب الحياة، ليس لكونها تعبر عن الواقع والحقيقة وإنما لتلبية بعض حاجات المجتمع، ولا يستطيع الكثيرون منا أن يميّزوا بين الواقع الذي تخلقه وسائل الإعلام والواقع الحقيقي.
وأخيراً فقد إنفرد هذا العقد من الزمن بظاهرة تفجر المعلومات التي يتم نقل جانب كبير منها عن طريق وسائل الاتصال الجماهيرية مما يفرض على الإعلاميين ضرورة الالتزام بمسؤولياتهم الاجتماعية حيال مجتمعهم، وعدم تغليب الاعتبارات المهنية الضيقة على الاعتبارات الأخلاقية العامة، مع العمل للصالح العام، وليس للمنفعة الخاصة.
والإعلام الحر هو الذي يكون مناوئاً للحكومة، وليس عدائياً، والشخص الواقعي هو الذي يدرك أنه لا توجد حكومة معصومة من الخطأ، وكذلك لا يوجد إعلام معصوم من الخطأ، والتقويم يتم عن طريق النقد الهادف. وبأي حال من الأحوال، فإن العبرة ليست دائماً بفرض القوانين والتشريعات، وإنما العبرة بمراعاة الأخلاقيات عند ممارسة العمل الإعلامي
ـــــــ
https://telegram.me/buratha