الدّكتور عليّ الدّلفيّ ||
(القوّةُ التّفاعليّةُ المُؤثّرةُ)
أعلنَ مركزُ الإعلامِ الرّقميّ العراقيّ (DMC) يومَ الأحد الموافق (14/ شباط/ 2021) عن (وجودِ أكثرِ مِنْ (25) مليون مستخدم (Active) لمواقع التّواصلِ الاجتماعيّ في العراقِ ولا سيّما عَلَىٰ منصّتي: (فيسبوك) و(تويتر). طبقًا لآخر احصائيّةٍ لمؤسّستي:
We are Social and Hootsuite المُختصّتين في هذا المجالِ.
هذا يعني؛ بصورةٍ واضحةٍ وجليّةٍ؛ أنَّ الرّقمَ كبيرٌ جدًّا قياسًا بعددِ نفوسِ العراقيّينَ؛ ويكشفُ عن الأثرِ البالغِ والمُهمِّ لمواقعِ التّواصلِ الاجتماعيّ في صناعةِ الرّأي العامِّ العراقيّ وتوجيههِ. ويفضحُ السّيطرةَ التّامّةَ لهذهِ (الوسائلِ) عَلَىٰ الإعلامِ الرّقميّ وما يُرادُ طرحهُ فيهِ. ويعملُ عَلَىٰ صناعةِ جيلٍ يسمعُ ويرىٰ ولا يُبصرُ؛ ويكتبُ ولا يقرأُ! وهذا كُلُّهُ يستلزمُ أنْ يسودَ خطابُ الحوارِ المُزركشِ باللّياقةِ والرّزانةِ؛ ويعتليَ مفهومُ الفكرِ والمعرفةِ؛ بدلًا مِنَ التّفاهةِ والرّثاثةِ؛ والتّصدّي لرموزِ التّفاهةِ ونُفاياتهم؛ فَهُمْ (ڤيروساتٌ) مُعديةٌ؛ قَدْ تمَّ تطويرها في مُختبراتٍ سرّيّةٍ؛ وبرعايةٍ خاصّةٍ؛ وَمِنْ ثَمَّ تَمَّ نشرها بينَ (أبناءِ المُجتمعِ وشبابِهِ) ضعيفي المناعةِ المعرفيّةِ والفكريّةِ والثّقافيّةِ والعقائديّةِ؛ إذْ تعدُّ مشكلةُ (ظاهرةِ الخواءِ الفكريّ) منْ أخطرِ المُشكلاتِ التي تواجهُ (الأبناءَ والشّبابَ) وتجعلُ عقولهم أشبهَ بالكهوفِ المُعْتِمَةِ؛ ويتبيّنُ ذلكَ جليًّا في مواقعِ التّواصلِ الاجتماعيّ وتوجّهاتهم واهتماماتهم التواصليّة.
لَقَدْ شهدنا في الآونةِ الأخیرةِ فضيحةً مُدوّيةً تمثّلتْ باتّساعِ رقعةِ دائرةِ التّأثیرِ في (ظاهرةِ الخواءِ الفكريّ) هذهِ؛ لیشملَ العدیدَ من وسائلِ التكنولوجيا والإنترنت؛ والانصیاع لأوامرها تماشيًا معَ ما یسمّى بـ(وهمِ التّطوّرِ والحضارةِ)؛ الذي هو في أساسهِ نوعٌ منَ (الانسلاخِ عن القیمِ؛ والمبادىءِ؛ والحقِّ؛ واتّباعِ الباطلِ؛ وتهیئةِ العقولِ وتنظیمها إلى ما یتّصلُ بخدمةِ سیاساتٍ معاداةٍ للإسلامِ والعقیدةِ الدّینیّةِ، وهو بدایةُ حافّةِ الهاویةِ)؛
وممّا لاشكّ فیه أنّ هذا النوع منَ الحروبِ الثقافیّةِ النّاعمةِ عَلَىٰ المُجتمعِ أشدّ ضراوةٍ منَ الحربِ التّقلیديّةِ؛ إذْ إنَّ التّخلّفَ الثّقافيّ مسألةٌ تنذرُ بالشّرِّ عَلَىٰ المُجتمعِ بكلِّ طبقاتِهِ وشرائحِهِ.
ولاحظنا؛ أيضًا؛ أنَّ مظاهرَ الخواءِ الفكريّ والثقافيّ لدىٰ (الشّبابِ) ساطعةٌ للعیانِ ولا یمكنُ أنْ تكونَ خافیةً عَلَىٰ العینِ البصیرةِ، ویكونَ التحقّقُ من هذهِ الظاهرةِ بالمقارنةِ بینَ عددِ المؤسّساتِ المعنیّةِ بالثّقافةِ؛ كالمكتباتِ العامّةِ؛ والأهليّةِ؛ والنوادي؛ والملتقیاتِ الثقافیّةِ؛ والأدبیّةِ؛ والعلمیّةِ الهادفةِ؛ وبینَ غیرها منَ الأماكنِ ممّا في الجانبِ الآخر؛ وإذا أحسّستَ بشيءٍ منَ الشّكِّ في هذا الكلامِ وذاكَ؛ فعلیكَ بمجالسةِ بعضِ الشّبابِ والتّحدّثِ إلیهم لتكتشفَ السّطحیّةَ في تفكیرهم وتتعرّفَ عَلَىٰ المواضیع التي تستجلبُ اهتمامهم وتسترعي انتباههم؛ ولا یملّونَ الكلامَ عنها؛ وما المواضیعُ التي یتضایقونَ ویتذمّرونَ مِنْ ذكرها أوْ مناقشتها. وَقَدْ امتلأتْ عقولهم بكلِّ ما هو غیرُ مفیدٍ، فإنّ ما یستحوذُ عَلَىٰ تفكیرهم؛ الیومَ؛ مِنْ حيثُ لا يشعرونَ؛ هو: (التعصبُ الفكريّ؛ والتطرّفُ الثقافيّ؛ وتفاهة الإنترنت؛ وحرقُ الوقتِ أمامَ شاشةِ جهازِ الموبایل لساعاتٍ طويلةٍ؛ وارتیادُ المواقعِ غيرِ اللّائقةِ؛ والإدمانُ عَلَىٰ اللّعبِ واللّهوِ الإلكترونيّ... إلخِ).
إذَنْ منِ المسؤولِ عَنْ وصولِ (شبابنا) إلىٰ ذلكَ المُستوىٰ مِنَ السّطحيّةِ؛ والتّفاهةِ؛ والسّفاهةِ؛
يَا تُرىٰ؟!!
———————————
✋تنويهٌ مُهمٌّ:
الحديثُ عنِ (الأبناءِ والشّبابِ) لا يشملُ الجميعَ بطبيعةِ الحالِ؛ فَعَلَىٰ (المُستوىٰ الشّخصيّ) تربطني علاقاتٌ إنسانيّةٌ كثيرةٌ جدًّا ومُتعدّدةٌ بالشّبابِ (طلبتِنا الأعزّاءِ) في داخلِ الجامعةِ وخارجها؛ وجميعها مِلؤها الحبّ والاحترام المُتبادل؛ وهي مِمّا أعتزُّ بهِ دائمًا وأبدًا. أضفُ إلىٰ ذلكَ علاقاتي الطّيّبة والمُحترمة ببقيّةِ أبنائنا الكرامِ وإخوتنا الأفاضلِ بمختلفِ (فئاتهم؛ وشرائحهم؛ وعنواناتهم؛ وأسمائهم؛ ورمزيّاتهم). فالجميعُ في حَدَقةِ العينِ وَعَلىٰ الرَّأسِ.
https://telegram.me/buratha