كندي الزهيري||
لقد أثبت علماء الإعلام أن الرأي يتكون متفاعلاً بالتأثيرات التالية:
1 ـ نوعية الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد ونشأته وبيئته.
2 ـ نوع الثقافة التي تلقاها (هنا يبرز دور المدارس الدينية والمعاهد والجامعات).
3 ـ تأثير وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي.
4 ـ أهمية تأثير الدين والخطاب الديني والمنبر.
5 ـ أهمية الاسرة
6 ـ أهمية التجارب الإنسانية الماضية التي اعترضت الفرد أو المجتمع الذي ينتمي إليه.
7 ـ الظروف التي يعيشها ويفكر فيها للمستقبل من خلال الهداف والتحديات والفرص المتاحة.
إن الرأي العام هو شيء غير محدد أكثر من كونه مجموع الآراء الفردية. فالفرد في تفاعلات الرأي لا يعتبر عاملاً يمكن إضافته إلى عامل آخر في معادلة حسابية معينة. ولا هو شيء منفصل يمكن حذفه من أشياء أو إضافته إلى أشياء أخرى. فكل فرد متمايز عن غيره وله موقعه الخاص والفريد في نسيج العلاقات الاجتماعية المرتبطة بجنسه وسنه ودرجات انتمائه الدينية والوظيفية والسكنية والمعيشية وغيرها. والرأي الذي يكونه ـ سواء أعلنه أم بقي كامناً في سره ـ حيال أي حدث، لا يصوغه في المجهول أو في الفراغ، بل هو ناجم عن شخصيته الاجتماعية.
وقد أدَّت الأبحاث التجريبية إلى القول إن جميع الأفراد لا يتصرفون بالطريقة نفسها حيال الرسائل المذاعة. وفي غالب الأحيان يتخذون قرارهم ويرسمون سلوكياتهم بتأثير البيئة المحيطة بهم.
أن الرأي العام في المجتمع الديموقراطي يكون واضحاً صريحاً وظاهراً دون تكتم أو تشويه ، ويعبر عن إرادة الشعب في ظل جو من الحرية وصدق ووضوح. ولكن طبيعته تختلف في المجتمع التسلطي ويتَّصف بالخوف والخجل والترهيب والسلبية، ويكمن خلف جدار الكبت وكم الأفواه وقضبان قمع الحقوق الإنسانية الأساسية. ولا تسمح السلطات في هذا المجتمع بظهور اختلاف في الرأي.
إن منح الجمهور حق ممارسة حرياته يفترض بالضرورة وعياً وطنياً لها وديمقراطية متكافئة حقيقية، كما يفترض توافر امكانية حماية هذه الممارسة من التهديدات، وإلا عمت الفوضى وشاعت الاتهامات وأصبحت الحرية الممنوحة فوضى وعمالة كما يحدث اليوم في العراق.
الاستقرار النسبي في صحة الرأي العام الحقيقي:
يبقى الرأي عرضة للانتقال من حالة إلى أخرى ومن النقيض إلى النقيض عند احتكاكه بأحداث مادية محرضة تمس مصلحة الجمهور المباشرة. ولقد رأينا كيف ينتقل الجمهور تحت ضغط مادي أو نفساني معين من طرف النبل إلى طرف اللؤم، وكيف يكون الجلاد.. ثم يصبح الضحية.
أنواع الرأي العام من ناحية الثقافة والتأثير:
المتحيزون، فالمترددون والصامتون، سلسلة هرمية تمكِّن من ملاحظة ثلاثة أنواع من الرأي العام:
أ ـ الموجه القائد:
إنه رأي النخبة الممتازة وصفوة المجتمع ، هذه النخبة تؤثر من خلال الإعلام والدعاية ولا تتأثر بهما. (زعماء الأحزاب والتيارات السياسية، زعماء الطوائف، كبار المفكرين والمثقفون، مخططو الإعلام، ساسة الحكومة وأعضاء البرلمان...).
ب ـ المستنير ـ المثقف:
إنه رأي الغالبية المتعلمة والمتأثرة بوسائل الإعلام. تقوم هذه الغالبية بخلق مناخ الرأي العام وتكوين بنيته. يختلف حجم هذا النوع باختلاف درجات التعليم والثقافة بين الأفراد، وبالتالي، يؤثر ويتأثر هؤلاء بوسائل الدعاية بدرجات متفاوتة أيضاً.
ج ـ المنقاد ـ المنساق:
إنه رأي الأغلبية الساحقة والسواد الأعظم من الناس. ينقاد ويتأثر بما يفيض من مناخ إعلامي عن نوعي الرأيين السابقين. يتأثر بسهولة بما تحمله وسائل الاتصال. يتقبل الشائعات ببساطة ويروّجها ويزيدها ألواناً ومذاقاً. إنه رأي الأكثرية التي كان لها حظٌ قليل من التعليم، والثقافة، الأكثرية الانفعالية المنقادة كالخراف إلى أتون الأزمات والأحداث حيناً، أو إلى دائرة الأمن والاستقرار حيناً آخر.
أنواع الرأي من ناحية حجم معتنقيه:
أ ـ رأي الأقلية:
هو رأي أقل من نصف أفراد الجماعة. له قيمة إذا ضم رأي بعض النخبة. قد يصبح رأي الأغلبية بعد تطورات معينة.
ب ـ رأي الأغلبية:
هو رأي ما يزيد على نصف الجماعة. من الضروري أن يضم رأي بعض النخبة من أصحاب الرأي المستنير ـ المثقف.
ج ـ الرأي الساحق:
هو رأي أكثرية الجماعة. ليس بالضرورة أن يكون تكوينه ناتجاً عن التعليم والتثقيف، بل نادراً ما يكون هكذا في البلدان النامية. إنه غالباً ما يتكوّن في تلك البلدان من حماس الجماعة واندفاعها، وصولاً إلى الجموح وحتى الرعونة.
أنواع الرأي العام من ناحية التعبير:
أ ـ الكامن:
يحجم عن الظهور ويوصف بالسلبية ليبقى في الطوية ولا يُكشف عنه إلا في حذر. يرصد هذا النوع في المجتمعات التسلطية ويظهر من خلال الثورات عندما تتاح له الفرصة.
ب ـ الظاهر:
يظهر ويعبَّر عنه بحرية. يرصد هذا النوع في المجتمعات الديمقراطية. يمكن أن يؤدي إلى الثورة العامة في قمة عنفوانه وقوته.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha