دراسات

ومثلي لا يبايع مثله..!

2308 2021-08-11

 

حسن المياح ||

 

    مقولة حق مدوية إهتزت لها الجبال الرواسي وإضطربت البحار  والمحيطات بتلاطم أمواج مياهها وشقت السماء وإرتفعت وسمت وتألقت مخبرة سكانها أن الحسين بن علي عليهما السلام أعلن موقفه الرسالي المؤمن برب السماء أنه جدير بحمل الأمانة وتحمل المسؤولية وأنه خليفة الله في أرضه والهادي الى سبيله ودينه الإسلام العظيم وإمام الزمان في خط جده النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وعلى إستقامة أبيه علي المرتضى عليه السلام ونهج أخيه الحبيب الحسن المجتبى، وأنه لا يبخل بدمه النازف الى يوم الساعة ولا بروحه الطاهرة المرفرفة بشوق وحنين لملاقاة الجليل جل وعلا والذوبان في عليين بباريء النسمة وخالق الخلق أجمعين وموجد الأكوان .

   كلمة ( مثل ) إذا أطلقت لوحدها يكون معناها محدد ومعلوم، ولكن آه  آه إذا أضيف اليها ضمير النسب ( ياء )  كما هو الحال في مقولة الإمام الحسين عليه السلام تصبح عنوانآ ضخمآ يهز الضمير الإنساني ويعبر عن شخص سبط رسول الله الحسين عليه السلام ، عن موقف، عن كيان وجودي طاهر، عن رسالة إلهية، عن أمة يؤمل أن تكون خير الأمم، عن كون إيماني رسالي، عن وجود إنساني على خط الإستقامة، وما أدراك ما هذا الوجود وهذا الخط .

      ولكن ( مثل ) إذا أضيف لها ضمير النسب للغائب ( الهاء ) في مقولة الإمام الحسين عليه السلام هذه ( ومثلي لا يبايع مثله ) التي تمثل يزيد الكفر والفجور والخنا والسقوط فإنها تعبر عن عنوان يتقزز ويشمأز منه الإنسان السوي لأنه يعبر عن سذاجة وخسة ودناءة ونذالة وهبوط وتسافل وفجور وعهر ورذيلة ما بعدها رذيلة .

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف إثبات جازم قاطع للرسالة والإيمان والدين مقابل موقف فاسد قالع لا دين له ولا إيمان، ولا تركيب بين الإثبات والنفي لأنه تناقض صارم كصرامة شهادة(( ( لا إله إلا الله ) ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف رجالي جهادي بطولي شجاع رسالي مؤمن جاد يعبر عن مروءة وإلتزام ويقين وصدق وإخلاص وإعتقاد جازم بعقيدة التوحيد الإلهية ويعبر عن روح ملكها شوق إلهي وهامت في سبحها للقاء بارئها والذي أوجدها وحبيبها الذي طالما كانت ترجو لحظة اللقاء الفعلي والذوبان فيه من خلال جهدها الجهيد في كدحها الصاعد في خط الإستقامة على عقيدة التوحيد ....!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف رسالي نبوي مؤمن رافض لمنهج يزيد وكل من حذا حذوه مقابل موقف شهواني عابث هزيل لا مسؤول ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) آه لو تعلم يا حسين شوقي ولهفتي أن أكون حاضرآ ساعة وقوفك وأنت الجبل الأشم والطود الشامخ حين خاطبت أمير المدينة للطاغية يزيد الخنا والفجور والعهر لأرى شفتيك المتوهجتين الثائرتين عزمآ كيف تهدران بصوتك الحق الناطق بقولك البطولي الشجاع الجسور، وأرى كيف كان وجهك المتلأليء نورآ وأنت تقول قولك بغضب المؤمن الرسالي الذي وعى رسالة ربه من أمه الزهراء البتول وأبيه علي الإيمان والتوحيد وجده صاحب الرسالة المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله المبلغ عن الله رسالة الإسلام الخالدة، وأرى إرتعاش جسمك الطهور وحركة أعصابك الإيمانية الجسور وحدة بصرك الثاقب وإنفتاح بصيرتك الواعية، وأرى كيف منحك الله القوة والصلابة لساقيك أن تحمل هذا الثقل الفادح ثقل الرسالة الإلهية والإستخلاف الإلهي في الأرض وحمل أمانة الرسالة التي عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال، وأرى حركة يدك اليمنى حين ترفعها وتخفضها بصلابة إيمانك وصوتك يهدر ويجلجل ومشيرة بعلامة الرفض للباطل والإستنكاف من الإستجابة أو الخضوع  للجلادين المارقين الأوباش والحكام الخونة من أمثال يزيد المجرم ومن لف لفه وسار على منواله وكفره وفجوره، وأرى كيف صبرت الفتية التي كانت تصاحبك وهي واقفة خلف الباب شاهرة سيوفها تسمع صوت الحق المجلجل في قصر أمير الطاغية يزيد الخمير وأميره المستعبد صابرة دون أن تدحوا الباب وتقلعه كما فعل أبوك حيدرة الكرار علي حين إقتحم الأسوار وقلع باب خيبر الذي عجزت عن فتحه أكف أربعون وأربع، وأرى ماذا يفعل بطل الإيمان والإسلام والإمام المفترض الطاعة الحسين بن علي وماذا يرجو أن يكون ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف البطولة الشجاع والعزم المؤمن المريد في وجه الطغاة والمنحرفين ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف قولة حق ودفع باطل عند سلطان جائر أو أمير مستعبد وأنت في عنفوان المجد والكرامة والشجاعة المنقطعة النظير ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف إثبات لإيمان رسالي متمثلآ بالإمام الحسين مقابل موقف كفر وإلحاد وإنحراف وفجور ومجون متمثلآ بيزيد اللاعب مع القرود الثمل السكران ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف المؤمن الرسالي الجاد على خط النبوة في ساحة العمل الحركي في أوساط الأمة مقابل موقف الميوعة والتخبط في أحضان الزواني والغانيات اللاهيات ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف البطل المجاهد القابض على سيف البطولة والشجاعة والإيمان مقابل موقف الجبان المتخاذل الفار الغاطس في أحواض الخمور والمرتمي في أحضان المومسات ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الطهر وطهارة المولد وطيب التربية النبوية والعز والشرف والنبالة والشهامة والكرامة مقابل موقف الرجس والدنس والزنا والرذيلة والموبقات في أحضان المسيحية الصليبية الحاقدة ( ﻷن أمه ميسون وتربى في أحضان المسيحيات )وأحضان العاهرات والجبن والفجور والخمور ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف صلابة الإيمان وصلادته والإلتزام المبارك بخط الإستقامة مقابل موقف الكفر والخنوع والإنفلات من عقيدة الإسلام والإيمان ونبذها ومحاربتها ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الحس الرسالي وتحمل المسؤولية وأداء الأمانة مقابل موقف الإنغماس في الغرائز والإرتكاس في الشهوات المهلكة والمنحطة الموغلة في مستنقع الرذيلة وأحواض الخمور ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الإباء والشمم الحسيني والسمو الأخلاقي النبوي والإرادة العلوية الماضية مقابل موقف الذل والهوان والإستكانة للموبقات والإنحطاط والتسافل الخلقي الموبوء ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الضمير الإنساني المتيقظ والوجدان البشري الواعي والروح المرفرفة المتطلعة لتطبيق منهج رسالة الإسلام في واقع الحياة لأمة الإسلام مقابل الغفلة والإنحراف والإنطماس في لوثة الطين الآسن النتن والجاهلية الرعناء الموحلة بالقاذورات والأنجاس ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الثورة لقلع جذور الفساد والإنحراف وإعادة معالم الدين مقابل موقف الإنتكاس والإرتكاس في حمأة الرذيلة والخوض الماجن في مستنقع الخمر ومواخير الزنا بالغواني الساقطات ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الشرف الإنساني والكرامة البشرية والإستعلاء الإيماني مقابل موقف الفجور والزنا بالمحارم والرقص مع المغنيات السافلات ...!

(ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الثبات على العقيدة والتمسك بالرسالة وإنجاز الوعد مع الله تبارك وتعالى وصدق العمل وتحمل مسؤولية الأمانة الإلهية مقابل موقف الترنح المخمور في أحضان الغواني وأفخاذ الساقطات اللاهيات الفانيات ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف لتغيير الإنحراف وإصلاح الفاسد من أمور الإسلام والأمة الإسلامية مقابل موقف العتو والتخبط السكران في أوحال المنكر والمنكرات ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف السمو والإرتقاء والألق الملائكي والسبح في آفاق المجد والفضائل وأشواق الإيمان الرسالي مقابل موقف طمر الذات وإرتكاسها النفس الهابطة وإنتكاسها في مستنقع الرذائل الوبيء الآسن والموبقات ...!

(ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الجهاد والصبر على الإبتلاء والمصابرة في سوح الوغى والمرابطة في الثغور مقابل موقف الهروب والإختباء في أحضان النساء والماجنات الراقصات ومعانقة دنان الخمر وإرتكاب جريمة الزنا ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف جاد بالإهتمامات الكبيرة التي تهم الناس والرسالة والإنشغال بهداية أفراد الأمة على إستقامة الطريق وتقويم السلوك الإنساني مقابل موقف الغوص في اللهو وعربدة السكر والمجون الحيواني الآثم ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف الجد والعمل الرسالي المثابر والمخلص مقابل موقف التحرر والإنفلات من المسؤولية ومزاولة عيش البهائم والحيوانات السائبة ...!( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف جاد بعزيمة ثابتة ورسوخ إيماني رسالي واثق مقابل موقف الهزل واللهو والميوعة في الذات والشخصية ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف كرامة وعز وسموق وعلا للأمة مقابل موقف إستحمار وإستعباد وإستمطاء للناس والرقص على جراحاتهم النازفة ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف رسالي عملي تطبيقي وحركي تغييري جاد من أجل النهوض بالأمة وتجاوز المحن والصعاب مقابل موقف اللهو والصيد وشرب الخمور المعتقة على طريقة الجاهلية الجهلاء الظلماء المظلمة ...!

( ومثلي لا يبايع مثله ) موقف ... وموقف ... ومواقف رسالية إيمانية صادقة مخلصة هادية مقابل موقف ومواقف هازئة لاهية ماجنةساخرة بالدين والرسالة والأمة .........!!!

      سيدي ... سيدي ... سيدي ... 

حسين ... يا حسين، ما أشجعك حين يجد الجد وتدلهم الخطوب وتكثر الصعاب ويحمى وطيس الحرب ساعة النزال وأنت الرجل الشجاع المقدام المنازل الضاحك المبتسم بعزم وقوة وصلابة موقف جهادي كما هو أبوك علي أسد الله وأسد رسوله حينما ينزل الى لهوات وغمرات الحرب مهرولآ مبتسمآ مستهينآ بالعدو لا يأبه بشجاعتهم ولكن بحذر المقاتل البطل الشجاع البئيس نازعآ الدرع يصول صولة الأسد الهصور مجاهدآ يرهبه الأعداء وهو على هذا الحال ويوم شد حزامه وهو قد ناف عمره على الستين عامآ وغاص بسيفه ذي الفقار لوحده وإخترق أربعة آلاف فارس دون وجل ولا خشية ولا خوف ورجع وإبتسامة النصر تعلو على شفتيه وصمصامه بيده يقطر من دم الأعداء ويفر الأعداء منه كفرار الشياه إذا إشتد عليها الذئب ويلوذون  من سيفه البتار ويحتالون حين يعلو السيف على رقابهم بكشف عوراتهم للنجاة من الموت المحتم بسيف أبيك علي الكرار...!

حسين ... يا حسين، ما سمعت ولا قرأت ولا خطر على بال مؤرخ أو كاتب أو إنسان أنك كما هو أبوك تحيزتما أو وليتما الدبر في قتال أو إرتجف لكما أوصال أو خطر على بالكما الضعف أو التردد أو تثاقلتما في سوح القتال، حاشا وألف ألف حاشا ...!

حسين ... يا حسين، ما أعظمك وأنور وجهك الكريم وأشرق سحنتك الطيبة الطاهرة حين تكثر من قولك هيهات منا الذلة وأنت الصادق في قولك والماضي في عهدك والعدو يشهد لك بالإباء والعز والكرامة والشهامة سواء قل عدد الأعداء عليك أو كثر بل هما سواء للحسين بن علي الإمام الهمام ...!

حسين ... يا حسين، يا عجبآ  لشدة عزمك وبطولاتك وقوة مرابطتك وثبات جنانك ...!

حسين ... يا حسين، ما أكرم جودك في عطاياك وحنانك، وما ألذ عبادتك وأنت في محراب صلاتك بين يدي ربك حين تناجيه بقلب عقول ولسان سؤول ووجدان جياش وضمير مؤمن وروح مرفرفة محلقة تخفق وجدآ وعشقآ وتنشد ذوبانآ بخالقها وبارئها وحبيبيها ومعشوقها الخالد الذي أرق ليلك وأشغل نهارك عبادة وتسبيحآ ومناجاة وعملآ جادآ وجهادآ متواصلآ للنفس وفي معارك الميدان وهداية على إستقامة الطريق ...!

حسين ... يا حسين، ما أعظم صبرك وجلدك وأنت تتنقل بضعينة آل الرسول الكرام عليهم السلام نساء وأطفالآ على الإبل تطوف بهم الصحاري والفيافي والوديان  ويجاروك ويماشوك فتية هاشمية ورجال علويون آمنوا برسالة ربهم الكريم ورسوله الأمين العظيم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله ...!

حسين ... يا حسين، ما أجمل صبرك على مفارقة أختك النبوية العلوية الفاطمية عقيلة الطالبيين السيدة الطاهرة المنتجبة فخر المخدرات زينب الإيمان والطهر والعفة والرسالة والشرف والكرامة....! أسالك سيدي الإمام ما هو شدة وجيف قلبك وغزارة دموع عينيك وخفقات وجيب روحك وحرقة إحساسك ووخز ضميرك النابض بالوعي ومحبة زينب أختك التي عاشرتك منذ ولادتها بعدك وقضت معك ستة وخمسين عامآ تكاد لا تفارقك والى لحظة إستشهادك، كيف كان وداعك لها وكيف وداعها لك، تعانقتما، شمت ريح رسول الله فيك من منحرك، دارت يديها عليك وضمتك الى صدرها لتشعر بحنان أبيها علي ساعة إحتضانه لكما في حياته، سيدي أحسست بحرارة دموعها على وجنتيك أو برعشة جسدها وهو مجهشة بالبكاء، سيدي هل نظرت في عينيك وتذكرت أمها فاطمة الحنون، سيدي كيف ثبتت رجليك وزينب الحبيبة لاصقة جسدها على جسدك وهي تزفر العبرات وترسل الآهات للوعة فراقك عنها، س...ي...د...ي  لا أقوى على وصف الموقف لأني عشتكما أحياء معي ورق قلبي وضعفت قوتي ولا طاقة لي على الإسترسال في وصف حالكما وأنتما متعانقان متلهفان تخافان لحظة الوداع تطرق مؤذنة الرحيل وفراق الأحبة وأنتما إخوة النسب والعقيدة والإيمان والرسالة والحبيب والحبيبه، الحسين بن علي وفاطمة الطهر و زينب بنت علي وفاطمة البتول ...!

حسين ... يا حسين، ما أحلى وأنقى وأحن معانقتك حبيبك وولدك الأكبر علي وهو على إسم أبيك الكرار لفرط محبتك لأبيك أسميت ولديك علي الأكبر وعلي زين العابدين، وهو في ريعان شبابه يصول ويجول  كصولات وجولات أبيه الحسين وعمه العباس وجده المرتضى علي في ساحة كربلاء في يوم عاشوراء وقد إشتد به العطش وهو يبارز ويقاتل الشجعان في معسكر يزيد الجبان قطع الله رحمه ويجندل الأبطال الواحد تلو الآخر وجاءك برأس بكر بن غانم الذي خفت منه عليه ساعة بروزه اليه لقتاله.، سيدي حسين إنحنى ظهرك عليه وطلقت الحياة وعفيت على الدنيا بعده ....! حقك ورب الراقصات، وكان يذكرك بشبهه بجدك رسول الله، وأنت الآن تراه مطروحآ على الرمضاء بشدة حرارتها ودماؤه تنزف من كل جانب ومكان لأنه مقطع بسيوف الأعداء الكفرة الأوباش أجزاء وتفاريق ...!

 حسين ... يا حسين كيف ودعت إبنك علي بن الحسين زين العابدين ذا الثفنات لكثرة عبادته وهو طريح الفراش ولا يقوى على القتال ويتوكأ على العصا من شدة مرضه، هل سلمته الإمامة وعرفته متطلباتها والدموع تهطل من عينيكما كالميزاب في يوم شديد المطر، حقآ وفيت بالعهد وقلدت زين العابدين قلادة الإمامة والإيمان وأوضحت له معالم طريق الهداية والعمل الرسالي في خط الإستقامة على النهج الرباني الأصيل ...!   سيدي حسين كيف حالك وأنت تنظر الى الفتية تجمع أعضاء علي الأكبر وأوصاله وما حال قلب أمه ليلى ...؟ . سيدي واسيتها، شاركتها البكاء والنحيب، أسكتها .؟ مسحت دموعها وضممتها الى صدرك الحنون، أم تركتها تعالج إبنها فلذة كبدها طالما حرمت نفسها النوم وسهرت الليالي لتتفرغ لعنايته وحراسته ومداعبته وتوجره اللبن عند شربه، وما موقف أختك زينب الطهر والعنفوان والشمم البطولي التي تنوء بالحمل الثقيل من رعاية النساء والأطفال، شاركتكما البكاء وذرف الدموع الحارقة على إستشهاد حبيب أخيها وولده علي الأكبر ...!

حسين ... يا حسين، أعانك الله على صبرك على فقدك أخيك وعضدك وحامل لوائك وكافل العائلة وأخته التي تربى في حجرها مخدرة علي بن أبي طالب والبيت النبوي زينب كعبة المصائب  أبي الفضل العباس، كيف تحملت فراقه وأنت معاشره طيلة حياته البالغة أربعة وثلاثين عامآ وهو لا يفارقك وأنت ترعاه رعاية الوالد الحنون كرعاية والدك علي له ..! أخبرني سيدي وعبر لي عن لوعتك ... إنكسر ظهرك لأنه هو عمادك، تهدمت خيمة عمرك وحياتك ووجودك يوم تمدد أخوك العباس على الرمضاء لا يرى وبغير يدين والقربة ينساب الماء  منها لتسقي عطش الأطفال ... ما أشدها من لوعة وما أكلرها من مصيبة وما أثقله من بلاء ....! والله أن الجبال تتفطر حزنآ على مصائب كربلاء وتشكو الى الله ثقل المصيبة وفداحة خطرها ونتائجها المؤلمة على آل بيت النبوة الميامين الأطياب ...!

حسين ... يا حسين، ما حالك وأنت تحمل رضيع البيت النبوي العلوي عبدالله الرضيع على يديك لسقيه الماء وإذا به يرفرف كالطير المذبوح بين يديك ودمه الطاهر يشخب على وجهك ووجنتيك وشفتيك ...! سيدي رميت دمه الى السماء تعبيرآ عن قربانه لله  وما نزلت قطرة من الدم الذي رميت ...! سيدي أعانك الله على تحمل المصائب الجلل وأنت في ساحة المعركة ....!

حسين ... يا حسين  حبيبي يا حسين، طلقت الدنيا لملاقاة الحبيب والمعشوق الأبدي... وتبقينا  حبيبي وسيدي أيتام نتطلع الى رؤية وجهك الصبوح المشرق بنور الرسالة وروحك المؤمنة بتبليغ الوحي الإلهي وخطوات قدميك على خط الإستقامة في منهجها الرسالي ....؟!

حسين ... يا حسين، ما أطيب قلبك وأرأف حنانك على أنصارك وأنت تتفقدهم وتتبادل الحديث معهم لتقوي عزائمهم وترفع من معنوياتهم وهم بين قائم وقاعد يصلي ويتلو القرآن ومناجيآ ربه ويدعو بالنصر للرسالة، والشهادة في سبيل الحق، وسلامتك من كيد الأعداء ... !

حسين ... يا حسين، ما أشد إيمانك وأصلبه وأنت في لهوات الحرب وتخطب ويرعد صوتك بموعظة أعدائك وتخويفهم من النار والعذاب الأليم من أجل هدايتهم الى الإيمان وتدعوهم الى حضيرة الإسلام وهم يرموك بالنبال والسهام ويشحذون سيوفهم لقتلك...! كم أنت عظيم ورحيم وكريم وعفو وغفور، وكم أنت صلب الإيمان ثابت الجنان رابط الجأش مدافعآ عن الحق تقاتل بسيف الإيمان مرتديآ ثياب جدك رسول الله صلى الله عليه وآله مذكرآ إياهم به ليرعووا ويتراجعوا عن غيهم، وتصول صولات أبيك حيدر الكرار في مقارعة الأبطال والشجعان في سوح النزال والقتال ....!

حسين ... يا حسين، لا تطاوعني نفسي ولم يثبت اليراع بين أناملي ولا تقوى كفي على مواصلة الكتابة والتدوين لحفظ وجودك وجهادك والمصائب التي نزلت وحلت بكم آل البيت بدلآ من المودة لكم كما أمر الله تعالى وبين مكانتكم ومودتكم التي هي أجر رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله ...!

سيدي يا أبا عبدالله وحقك لا طاقة لي على مواصلة حسين ... يا حسين، والكلام عن مصرعك ونزيف دمائك الطاهرة وشدة ضربات السيوف وطعن الرماح في جسدك وأنت تتلو القرآن وتتمتم بشفتيك الطاهرتين قرآنآ وتناجي ربك دعاء وتوسلآ وتسأله الشهادة التي وعدك أياه وحققها لك لتوز بالمرتبة التي رتبك الله فيها، وأنت على الرمضاء وتود اللحوق بجدك وأبيك وأمك وأخيك الحسن وكل شهداء الطف بغية ملاقاة الحبيب المعشوق الذي طالما كنت على تواصل معه وذوبان فيه في صلاتك ودعائك ومناجاتك وقراءة قرأنه الكريم .

سيدي حسين ... يا حسين، إسمك يفطر القلب حين ألفظه ويشل الفكر حين أتصورك شاخصآ أمامي بطلعتك السامية وبهائك الجميل  ويمطرني الدموع ويخرجها من مآقيها ومحاجرها لشدة وقع إسمك يا حسين ...! حسين ... يا حسين، فكيف بي وأنا أحسك جنبي بل معي في كل حرف أخطه وفي كل كلمة أكتبها، لا أغالي ولا أبالغ إذا قلت إن مداد كلماتي وكتابتي ممزوجة من دمك ودموعي وحبي لك وعشقي وولهي فيك، حسين ... يا حسين ... يا حسين، فجعتنا بقتلك ويتمتنا بفقدك، والقلوب حرى والعيون عبرى والصبر نفد ونشكو الى الله فقدك بعد فقد نبينا وإمامينا علي والحسن وأمنا الزهراء قبلك وأختك العقيلة زينب الصابرة المحتسبة وكل إل البيت الكرام بيت الكرامة والعفة والنجابة .

حسين ... يا حسين ... يا حسين الى قطع النفس والحياة ... حسين يا حسين

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك