دراسات

المأساة العراقية وتداعيات ومخرجات صراع..قيم البداوة وقيم الحضارة

2217 2021-09-12

 

اياد رضا حسين آل عوض ||

 

بعد تدهور الاوضاع في العراق، وهذه الفوضى الغير مسبوقة لواقع الدولة العراقية وسلطاتها الفاشلة، اخذت هنالك اصوات تحاول ان تمجد قيادة النظام السابق، وكأن تلك المرحلة كانت عصرا ذهبيا،،وان تعقد مقارنة بين السيئ والاسوأ متناسية ان لولا السيئ لما كان هنالك اسوأ،،،في الوقت الذي كان هو البداية لتدمير العراق،

 حروب مع دول الجوار وصراع وقمع مع اهم مكونات الداخل, ودكتاتورية غير مسبوقة، والتي ادت الى سفك انهار من الدماء وتبديد الاف المليارات في الحروب الكارثية، والاستحواذ على اموال طائلة، الا انها كانت على نطاق دائرة محدودة.

 مجمل القول انها بمجموعها تعادل اضعاف مايختلس ويسرق  الان، والنتيجة في كل الاحوال هي واحدة، هي تحطيم وتدمير الدولة العراقية وتبديد وسرقة اموال الشعب والعبث فيها،،،، فما ألذي حدث ؟!

ولنا هنا ان نوضح اهم الاسس والحقائق المتعلقة بقيادة الدولة،،ويمكن ان نختار على سبيل المثال، الاسلام كنظام متكامل، حدد السلطة الروحية والزمنية للمجتمع والدولة والى قيام الساعة،،

  فعلى الرغم من عدالة الاسلام وان المسلمين سواسية كاسنان المشط، ولا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى، وان اكرمكم عند الله اتقاكم،الا ان اهل الحل والعقد في الدولة الاسلامية هم علية القوم وليس سوقة الناس وعوامها، اضافة الى الشروط الذاتية والموضوعية الاخرى،، والسبب لهذه الشروط المشددة التى وضعها النظام الاسلامي للقيادة، هو لانها، اما ترفع الامة الى العلى او الذرى،، او تنزل بها الى الحضيض،،وانظر الي قادة النظام السابق والحالي، اين اوصلوا العراق !! اوصلوه الى تحت الحضيض،

 وهنا نود ان نشير الى ان الموضوع لا علاقة له بالانتماء المذهبي لرأس النظام او الهيئة الحاكمة او العنوان الحزبي لها او شكل النظام السياسي، فانا رجل من مكون عشت في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي عصور ذهبية قياسا الى للكارثة المأساوية في الاربعين سنة العجاف الاخيرة (على مستوى الواقع الاجتماعي، والدولة ونظامها وقوانينها)، على الرغم من ان معظم قادة الدولة من السياسين والعسكريين هم كانوا من مكون اخر،،،

 والسبب انهم لم يكونوا من مجتمعات البداوة والتعرب وبعيدين عن هذا الوسط، وانما كان معظمهم من الاوساط المتحضرة، الاقرب الى مجتمعات الحداثة والعصرنة والتجديد والتطور،، اما النظام الحالي فهوسيء أيضا، على الرغم من ان معظم قادته الان هم من نفس المكون الذي انا انتمي الية، والسبب لان معظمهم من نفس مجتمعات قيادة النظام السابق، ولكن من نمط اخر،، فالنظام السابق قتل واعدام وحروب وارهاب دولة، اما النظام الحالي  سرقة ونهب واختلاس ولواكة ونفاق وانبطاح وتذلل .....

·        القسم الثاني 

العراق خلال الاربعين سنة الماضية مر بعهدين من حكم المتخلفين من اهل البداوة والتعرب، العهد الاول هو نظام صدام،، حروب مع الجيران وحروب مع مكونات الداخل، ومقابر جماعية ودكتاتورية غير مسبوقة، وتبديد اموال الشعب بالاف المليارات في الحروب والتصرفات الحمقاء،،

اما العهد الثاني، هو ما حدث ويحدث في النظام الحالي،،، سرقة ونهب واختلاس وفوضى ولا دولة ولا قانون ولا نظام وانما شريعة غاب، بلد يتلاعب بمقدراته مجاميع من المتخلفين اهل النزعات والعصبيات، وساسة فاشلين لاقدرة ولا اقتدار،، لواكة وانبطاح وتذلل، ودولة لاهيبة ولاسطوة، المافوق يخاف ويخشى المادون، مافيات ومليشيات،، وبالنتيجة كانت الاربعين سنة عبارة عن انهيار حضاري وخراب هذا البلد . انظر الى ما يحدث الان في المجتمع العراقي من فوضى وهرج ومرج واصبح الحاكم هو شريعة الغاب في قلب العاصمة بغداد،،،، نزاع عشائري وقتلى، بسبب ماعون تمن، او لان ديك هذا الدار تحرش بدجاجة الجيران،،،، وهذا يذكرنا بحروب  الجاهلية التي كانت قبل الاسلام، فحرب البسوس استمرت اربعين سنة بسبب معزة،،

 والان كم نجد من مفردة تندرج ضمن ظاهرة التعرب التي تعتبر من اشد الكبائر وهي تتحكم بالاعراف والتقاليد السائدة .  وهكذا سيبقى العراق في فوضى وضياع وفي اجواء الادولة ولا نظام او قانون، وقتل ونهب، وتحطيم وتدمير الدولة العراقية، وسرقة اموالها وموجوداتها ،،، الا بعد عودة المجتمعات المتحضرة لقيادة السلطة والمجتمع،

وعلى النحو الاتي :- 

 (اولا) ان يكون اهل الحل والعقد وكبار المسؤولين من عوائل عريقة في الجاه والثراء ولا تحمل عقد الدونية والعوز والحرمان واللواكة والتذلل، ولها مكانة اجتماعية بارزة،،،

 (ثانيا) ان يكون راس النظام والعمود الفقري للدولة، هم من العوائل العريقة والقديمة جدا من المركز الحضاري الاول وهو العاصمة بغداد، او اي مركز حضاري بارز اخر في العراق، والذين هم بعيدين جدا عن مجتمعات البداوة والتعرب . وهذة في الواقع تعتبر من اهم الشروط لعودة الدولة العراقية الى سابق عهدها، اضافة الى شروط اخرى ذاتية وموضوعية،، وحتى نجنب بلدنا السرقة والنهب والقتل والذبح والحروب، والمقابر الجماعية والقتل على الهوية وعلى اتفه واحقر الاسباب، وشريعة الغاب، ولا دولة ولاقانون ولا نظام . وقادة فاشلين يحملون كل عقد المجتمع، اما حمقى متهورين عدوانيين،،،، او لوكية اذلاء انبطاحين .

·        القسم الثالث 

وحتى ان لا يكون هنلك سوء فهم ، علينا ان نميز بين القبيلة والعشيرة وبين ظاهرة التعرب والاعراب ،،  فالعشيرة والقبيلة ماهي الا منظومة مجتمعية جاءت بجعل الهي ، وهي تعتبر من اقدم هذة المنظومات المجتمعية ، وهذا ما اشارت اليه الاية الكريمة في قوله تعالى (يايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم) ، او قوله تعالى (وانذر عشيرتك الاقربين) ،،، اما ظاهرة التعرب والاعراب فهي امر اخر ،

 وقد ورد فيها الاتي :-  (اولا) : قول الله تعالى (الاعراب اشد كفرا ونفاقا) ،،، (ثانيا) : قول الله تعالى (قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم) ،،،

(ثالثا) : ان من اشد الكبائر والتي وصفها الرسول الاعظم (ص) بالموبقات السبع ، والتي واحدة منها هو(التعرب بعد الهجرة) اي العودة الى الجاهلية الجهلاء بعد ظهور الاسلام ،، ويبدو اننا الان عدنا الى ماقبل الجاهلية بهذا الذي يحصل في المجتمع العراقي ،،

(رابعا) : نظرية العلامة ابن خلدون : (اذا سيطر الاعراب على اوطان اسرع اليه الخراب) ، وهذا الذي يجري الان في العراق منذ اربعين سنة والى يومنا الحاضر ، والذي تصاعد بشكل خطير وغير مسبوق بعد مرحلة سقوط نظام  صدام . الذي هو في الواقع كان نقطة البداية لحكم الاعراب والجهال ، وما تسبب من انهيار حضاري ودمار في هذا البلد ،،،  وفي الحقيقة وهذا مايؤسف له انه كم مفردة تندرج ضمن ظاهرة التعرب ، دخلت في اعراف وتقاليد العشيرة والقبيلة ، دون ان تكون هنالك وقفة لتشذيب وابعاد كل ماهو دخيل ومفروض على هذة المنظومة المجتمعية . ان هذة المجتمعات اي مجتمعات البداوة والتعرب لا تشكل خطورة وتعيش حياة طبيعية ضمن اعرافها وتقاليدها في مناطقها الاصلية ، كالقرى والارياف والنواحي والمزارع والبوادي والقفار ، وانما الخطورة والكارثة تبدأ عندما تزحف نحو المراكز الحضارية وبالاخص نحو المركز الحضاري الاول وهي العاصمة بغداد ، وذلك بسبب مايحصل من صراع قد يكاد يكون عنيف بين قيم البداوة وقيم الحضارة (نظرية العلامة المرحوم الوردي) ، ولذلك نجد بؤر الجريمة في العاصمة هي مناطق او المدن الخاصة بهذة المجتمعات .

اما هذة الاوساط الاجتماعية المشار اليها اذا هيمنت على مفاصل الدولة وتغلغلت فيها ، فهذة هي المصيبة الكبرى ، وهذا ما حاصل فعلا خلال اكثر من اربعين سنة في العراق.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك