دراسة مشتركة بقلم: العلامة الشيخ محمد علي التسخيري وعلي المؤمن ||
· ضرورات تجديد الشريعة الإسلامية ومناهجها * القسم الرابع:
على مستوى دخالة عنصري الزمان والمكان في المساحات المرنة من الشريعة؛ نود أن نطرح مقولة «الإسلام يقود المستقبل»؛ ففيها تخصيص لا ينفتح على مطلق الحياة دون تحديد المسافات الزمنية، بل إنها قيادة تتعلق بالمستقبل ومحدداته الزمنية ومشاهده التي تم استشرافها، وفي إطار تخطيط علمي لهذه القيادة من خلال مناهج الدراسات المستقبلية، آخذين بنظر الاعتبار الأهداف العامة للإسلام في قيادة الحياة؛ لأنّ «المستقبلية الإسلامية» التي نتحدث عنها لا تستشرف المستقبل فحسب، بل تهدف إلى صناعته وصياغة مشاهده، أو التأثير فيه كحدّ أدنى. وبالتالي ففقه «المستقبلية الإسلامية» هو الفقه الذي يؤثر في بناء المستقبل بمحدداته الزمانية والمكانية.
ولكن ينبغي تحديد المفاهيم على نحو الدقة، وندخل في الجانب الإجرائي والتطبيقي، ولا نتحدث عن أمانٍ ورؤى فقط. وتحديد المسافات الزمانية والمكانية في عملية استباق الفقه للحوادث التي ستقع هو أمر في غاية الأهمية، وهو أمر ممكن كما ذكرنا؛ لأنّ هذه الحوادث يمكن استشراف كثير منها الآن، ويمكن التأثير فيها وفي اتجاهاتها وفقاً لمستويات قدرة المسلمين وما يستطيعون إعداده من القوة. أمّا مجالات المرونة في الشريعة، أي المساحات التي تسمح الشريعة بالتحرك فيها بحرية نسبية، فهي كثيرة؛ ونذكر أبرزها هنا مع المقترح الذي نضعه لتنميتها:
أولاً: فسح المجال للعرف والفكر لاستكشاف مصاديق جديدة للقواعد والأمارات الشرعية، من قبيل اكتشاف مصاديق اجتماعية حديثة لقاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، وقاعدة «الضرورات تبيح المحضورات»، وقاعدة «التزاحم» و«التعارض» وغيرها.
ثانياً: فسح المجال لاكتشاف آليات جديدة لأحكام اجتماعية ثابتة، من قبيل حرمة الربا، وحرمة الإسراف، وتنفيذ العقود، وأساليب تحقيق الشورى وغيرها.
ثالثاً: استثمار دائرة مشاريع الأحكام الثانوية التي تفرزها الظروف الضاغطة على الأحكام الأولية، وتخصيص ما يرتبط بولي الأمر وما يرتبط بالمجتهدين عموماً.
رابعاً: العمل على ملء ما يسميه الشهيد الصدر ـ مجازاً ـ بـ«منطقة الفراغ» التشريعي المتروكة للحاكم الشرعي، واكتشاف مساحات جديدة ستظهر في المستقبل في منطقة الفراغ؛ للاستعداد لملئها. وهناك أيضاً مجالات مرونة أُخر أقل أهمية أو تتفرع عن المجالات السابقة.
https://telegram.me/buratha