دراسة مشتركة بقلم: العلامة الشيخ محمد علي التسخيري وعلي المؤمن ||
* ضرورات تجديد الشريعة الإسلامية ومناهجها/ القسم الخامس:
تزداد أهمية موضوع فقه المقاصد أو مقاصد الشريعة، بمرور الزمن، وقد نظَّر لهذه المنهجية الفقهية كلا الفريقين السني والشيعي منذ مئات السنين، بيد أنّ الشاطبي هو الذي أطلق هذا المصطلح وبلور مفاهيمه. وهذا الحقل ـــ كما نفهم ـــ يعني في مدلوله الأساس الحكمة التي لحظها الشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، وغايته النهائية من التشريعات عموماً، ومن خلال وعي هذه المداليل والحكم والغايات، يمكن استنباط أحكام الموضوعات المستحدثة واستقبال الحوادث التي ستقع. وقد انطلقت دعوات متعددة لتطوير هذا الحقل في سبيل فهم أشمل للشرع يستوعب أبعاده بنظرة كلية، ويقصي الفهم الحرفي والتجزيئي الذي يفوِّت العديد مما لاحظه الشارع الحكيم.
ولا يستطيع أي متخصص واع أن ينكر أهمية موضوع فقه المقاصد أو مقاصد الشريعة، وهو موضوع يشترك في كثير من الأوجه مع فلسفة الفقه وعلل التشريع. ونستشهد هنا بكلمة للإمام الخميني يقول فيها ما مضمونه: إنَّ كثيراً من الطرق المتعارفة في إدارة أُمور الناس، ستتغير في السنوات القادمة، وإنّ المجتمعات الإنسانية ستحتاج إلى المسائل الفقهية الجديدة لحل مشاكلها، فيجب على علماء الإسلام العظام التفكير في هذا الموضوع من الآن.
فالإمام الخميني هنا يؤكد على ضرورة أن يستبق الفقهاء الزمن ويضعوا الحلول للمشكلات الفقهية التي ستظهر مستقبلاً. وأعتقد أنّ منهجية مقاصد الشريعة كما هو الحال مع فلسفة الفقه وتطوير علم الكلام ـ بإمكانها أن تدعم جهود الفقهاء في وضع الحلول للمشكلات الفقهية القادمة. ولكن قبل توظيف هذا الحقل، لا بدّ ــ أولاً ــ من تطويره وبلورته وتحويله إلى منهجية علمية حقيقية، ذلك أنّ هذا الحقل ما زال بعيداً ــ بنسبة معينة ــ عن العلمية التي تتطلب تحديد المصطلحات وتحديد الموضوعات، وتأصيل القواعد، والالتزام بعملية الاستنباط وقوانينها. والحقيقة أنّ تطوير هذا الحقل علمياً بحاجة إلى تظافر جهود مشتركة للعلماء والفقهاء في إطار مجمع فقهي أو حلقات فقهية تخصصية.
https://telegram.me/buratha