د.مسعود ناجي إدريس ||
يمكن الحصول عليها من كلمات وعبارات المعصومين (ع) هي:
▪︎الآثار الفردية للقمة الحرام
كسب مال الحرام وعدم الابتعاد عن ذلك يؤدي إلى تدمير الإنسان ؛ فكثير من الناس محرومون من السعادة بسبب إصابتهم بها ولم ينجحوا في بلوغ درجات الكمال ونتيجة لذلك عانوا مصائب الدنيا والآخرة. بالتأكيد خلال حياتنا واجهنا العديد من الأشخاص الذين لاقو الثقة والاستحسان من قبل جميع الناس في كل شيء ؛ لكن فجأة تغير مسار حياتهم وتغيرت نظرت الناس عنهم.
إذا تم فحص حياة هؤلاء الأشخاص بشكل صحيح ، يمكن رؤية آثار مال الحرام بوضوح. ولهذا يقول لقمان الحكيم لابنه في وصيته:《 یا بني ! اعلم اني خدمت اربعمائة نبي و اخذت من كلامهم اربع كلمات و هي : اذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك ، واذا كنت على المائدة فاحفظ حلقك ، واذا كنت في بيت الغير فاحفظ عینك ، و اذا كنت بين الخلق فاحفظ لسانك 》( تحرير المواعظ العددية ، الهادي ، قم ، ١٤٢٤ ق ، ص ٣٦٦ )
هذا الكلام لا يعني أن حفاظ الحلق معناه عدم أكل لقمة كبيرة او فيها عظم ؛ بل إن هذه الوصية المأخوذة من الارتباط بأربعمائة نبي من الأنبياء تبين أنه لا ينبغي السماح لكل لقمة حرام بالمرور في حلق مسلم لتتحول إلى لحم ودم. على اساس قول أولياء الله: عدم الاستجابة الدعاء (بحار الأنوار ، ج ٦٣ ، ص ٣١٤ )، وعدم قبول الأعمال (عوالى اللثالي ، ابن فهد الحلي ، دار الكتاب الإسلامي ، الاول ، ١٤٠٧ ق ، ج١، ص ٣٦٥) ، وسواد القلب (بحار الانوار ، ج ٣٥ ، في ۸ ) ، لعنة الملائكة (مکارم الاخلاق ، حسن بن فضل الطبرسي ، شریف رضي ، قم ، ، ١٤١٤ ق ، ص ١٥٠) ، وعدم شفاعة أهل البيت من آثار لقمة الحرام.
روي ابي العباس مكبر: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين على أبي جعفر (عليه السلام) يقال له أبو أيمن فقال: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون شفاعة محمد شفاعة محمد!
فغضب أبو جعفر (عليه السلام) حتى تربد وجهه، ثم قال:《 ويحك يا أبا أيمن، غرك أن عف بطنك وفرجك، أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله) ويلك، فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار.
ثم قال: ما أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة》.( تفسیر جامع ، سید محمد ابراهيم بروجردي ، ج٥ ، ح ٤١٣ )
بالإضافة إلى أن مال الحرام يسبب مشاركة الشيطان فيها (التفسير ، محمد بن مسعود عياشي ، ۱۳۸۰ ق ، ج ٢ ، ص ٢٩٩) ويسبب عقابًا إلهيًا (مكارم الأخلاق ، ص ٤٤٨ ) ، فإنه يؤثر أيضًا على الأبناء والأجيال القادمة.
يقول الإمام الصادق (ع) عن أثر الطعام الحرام على الذرية:《 كسب الحرام ببين في الذرية》 ، ( وسائل الشيعة ، حر العاملي ، مؤسسة آل البيت .)
▪︎ الآثار الاجتماعية للقمة الحرام
تظهر دراسة الآثار الاجتماعية للقمة الحرام أنه عندما لا يتردد شخص في المجتمع في أخذ مال الحرام والجميع يفكر فقط في كيفية ملأ جيبه وتفريغ جيوب الآخرين ، فإن روح الأخوة والإيثار ستختفي من المجتمع ويغلق .
نتيجة لذلك ، تتعرض الأخلاق الاجتماعية في المجتمع للخطر ؛ علاوة على ذلك ، فإن تغيير مصير المجتمع يعتمد على تغيير أخلاق الناس وسلوكهم.
لذلك ، فإن اللقمات المأخوذة من الدخل الحرام لها تأثير سلبي على السلوك الاجتماعي والأخلاق ؛ لأن الاموال المحرمة في المجتمع تصبح مصدر كراهية وعداء وتقضي على السلام والطمأنينة. بمعنى آخر ، عندما يجد الإنسان طريقه لكسب مال الحرام ولا يفرق بين ما هو حلال وما هو حرام ، فإنه يتجاهل الخصوصية الاجتماعية ولن يميز بعد ذلك بين الخيانة والسرقة والاحتيال وبالتالي سيفسد امن المجتمع كما أن انتشار لقمة الحرام في المجتمع سيؤدي إلى تدمير الفضائل ، ولن يؤدي فقط إلى حرمان الإنسان من الإنسانية ، وإفساد الجنس البشري ؛ بل إنه يعرض المجتمع للخطر ويؤدي إلى تفكك مبادئ الأخلاق الاجتماعية ، ونتيجة لانهيار هذه المبادئ سيعاني المجتمع من الفوضى والاضطراب.
نختتم هذا القسم بحديث يحذر فيه الرسول الكريم (ص) امته:《 ان اخوف ما أخاف على امتي من بعدي هذه المكاسب الحرام》 ( الكافي ثقة الاسلام الكليني، دار الكتب الإسلامية ، طهران ١٣٦٥، ج٥، ص ٢٤)...