العمل والجهد (٤ )▪︎دور العمل وسلامة الجسم ...

  د.مسعود ناجي إدريس ||   يعتبر العمل من أهم العوامل في خلق والحفاظ على الصحة الجسدية للإنسان ، ونتيجة لذلك فإنه يضمن بشكل غير مباشر الوقاية من العديد من الأمراض العقلية والأخلاقية. لذلك ، بالنسبة لأولئك الذين يريدون جسمًا صحيًا ، فإن العمل والحركة والنشاط سيكونون وصفة طبية للشفاء. كما قال الإمام علي (ع): 《من يعمل يزدد قوة ، من يقصر في العمل يزدد قترة》  تجدر الإشارة إلى أن التمتع بجسم سليم يمهد الطريق لنفس وعقل سليمين ، كما أن الجسد المريض وغير الصحي ، من ناحية أخرى ، يمكن أن يكون أساسًا للعديد من الاضطرابات الأخلاقية والنفسية. لذلك فهو من أهم عوامل صحة الجسد والروح.  ▪︎العمل بحب وارتباطه بالإبداع في بعض الأحيان يتم العمل فقط لأداء الواجب . في بعض الأحيان ، يكون العمل متجذر بالحب لذلك العمل. العمل من أجل دافع ، على الرغم من قيمته العالية وأفضل بكثير من البطالة ، إلا أنه ليس  ولن يصل لدرجة ابداعه. في عمل بحب ، يصبح الإنسان لا يعرف الكلل ومبدعًا ومبتكرًا ، ويقوم بعمله على أفضل وجه. إنه أمر محبب له لأنه يتجاوز المقاييس المادية الصغيرة والحسابات النقدية ، وينزل معه جميع أنواع النعم من السماء. من يؤدي العمل بحب سيحبه الناس أيضًا . إذا كنت لا تستطيع العمل بالحب ، وإذا سممت عملك بكرهك له ، فمن الأفضل ترك العمل وان تأخذ الصدقات من أولئك الذين يعملون بسعادة وحب ؛ لأنك إذا لم تضع الخبز في النار ، فستخبز الخبز المر وتترك الجائع نصفه شبعانا. يكتب كاتب آخر في هذا الصدد: من المحزن جدًا أن يعتبر الناس العمل والمهنة الوسيلة الوحيدة لملأ بطونهم ، والأسوأ من ذلك هو وضع الأشخاص الذين في شبابهم ، وهم بدلاً من أن يكونوا مليئين بالروح والبهجة ومتلهفون ، يشعرون بالملل والتعب من عملهم وأنشطتهم. إذا كنت فخورًا بعملك ومهنتك وراضٍ عن ذلك ، فستكون مهنتك مصدرًا للفرح والسرور اللانهائي. الأشخاص الذين يبذلون قصارى جهدهم حتى لا يضيعوا وقتهم ولا يعرفون حدود العمل ، هم بالتأكيد أكثر نجاحًا من أولئك الذين يعملون فقط في حدود الواجب ، لذا فإن الإبداع والابتكار وعدم  الكلل والعمل الخيري والعديد من الثمار  الأخرى هي نتيجة العمل بحب ، وليس مجرد أداء واجبات مناطه. في البلدان المتقدمة اليوم ، يتم منح الناس تجارب خاصة وينصحون بدخول المجال الذي هم موهوبون فيه ، قالوا عن احد الرسامين الماهرين: 《كان طالبًا كسولًا في المدرسة الثانوية ولم يدرس أبدًا. نصحه الخبير النفسي بالعواقب. وبينما كان يتحدث ، لاحظ أن الطالب ، أثناء الاستماع إليه ، كان يرسم صورة لطائر جالس على غصن فيه أوراق كثيرة على الأرض بقطعة من الفحم. أدرك الخبير النفسي الذكي أن هذا الطالب خُلق للرسم وليس لحل المعادلات الجبرية. ناقش الأمر مع والده وقال: يتمتع طفلك بذوق رائع في فن الرسم ، فإذا غير مجال دراسته فربما ينجح في هذا المجال. بعد مرور الزمان تبين صحة كلامه ولم يمض وقت طويل حتى اصبح رسامًا ماهرًا》 لذا فإن العمل ناجح في مجال يتماشى مع ذوق الإنسان وموهبته.  ▪︎لزوم التخصص في العمل والمهنة في التعاليم الدينية ، تم إيلاء الكثير من الاهتمام لموضوع "التخصص" في العمل والمهنة. في القرآن الكريم عندما قال يوسف (ع) لعزيز مصر: <اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ> ( سورة  یوسف / ٥٥ ) تحدث عن تخصصه وخبرته الكافية و قال: <إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ> ( همان ) وأيضًا قال المولوي في المثنوي : 《حتى لو كنت تعمل في حياكة القطن ، يجب ان تكون خبير في هذا المجال》 قلة الخبرة في العمل تؤدي إلى أن العمل لا يتم بشكل جيد ويتأذى العميل في هذه الحالة. فما بالك في الأعمال كلطب و الصيدلة حيث اقل خطأ يكون ثمنه حياة الناس.  وقد اعتبر الرسول الكريم (ص) الضرر الناتج عن العمل دون خبرة أو وعي أكبر من تصحيحه فيقول: 《من عمل على غير علم كان ما يفسد اكثر مما يصلح » ( المحاسن : ج ۱ / ص ٣١٤ / ح ٦٢١ )  قال في مكان آخر: 《من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك.》 قال الإمام الصادق (ع):《 لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، ألا إن الإيمان بعضه من بعض.》» . ( الحياة / مجلد ٥ صفحه ٥٤٠ ) وباختصار ، فإن أهمية التخصص في العمل والمهنة كبيرة بحيث يتم ذكره في الروايات الإسلامية كمعيار لشخصية الإنسان. يقول الإمام علي (ع) في هذا الصدد: 《 والناس ابناء ما يحسنون 》 ( الکافي / ج ۱ / ص ٥٠ )  ورد في شرح هذا الحديث الشريف :  《أي ، مثلما يرتبط البشر بآبائهم ويعرفون ويتم تقديرهم بسبب آبائهم  ، كذلك يُنسب الأفراد إلى عملهم ومهاراتهم وخبراتهم. يسود السلام والنظام في المجتمع عندما يكون كل شيء وكل شخص في مكانه الصحيح. في المجتمع ، لكل فرد كرسيه الخاص ، عندما يكون الجميع في مقاعدهم الحقيقية ، يعمل المجتمع دون أي مشاكل وتسير الأمور بسلاسة وسرعة. لأن كل شخص يتحمل مسؤوليته الحقيقية. لذلك ، من المهم جدًا أن يكون الشخص في مكانه الحقيقي. إذا كنا نتوقع أن ينمو مجتمعنا بسرعة ويستقر ، يجب علينا جميعًا القيام بعملنا الحقيقي. يجب على المحترفين عدم التخلي عن وظائفهم واستبداله بوظائف لا يتخصصون بها》 والنقطة المهمة هي إعطاء أهمية للقرآن واهل البيت  الذين هم منبع الأخلاق لموضوع التخصص في العمل والمهنة...