د.مسعود ناجي إدريس ||
في كثير من الحالات ، يكون المرض والمعاناة يسبب استيقاظ الشخص من الغفلة. أحيانًا ينشغل الشخص بالدنيا لدرجة أنه ينسى الله والموت ، ولا يرى سوى الأشياء المادية والملذات الدنيوية. ومن هنا يؤدب الله تعالى المؤمنين بالمرض ويوقظهم من نوم الغفلة. كم من الناس لا يستيقظون من هذا التنبيه ، وهم في الحقيقة صم وبكم وعمي بحسب القرآن ومن ثم فهم لا يفهمون شيئًا: < صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ > . ( البقرة / ۱۷۱ . )
قال رسول الله (ص): 《المرض سوط الله في الأرض يؤدب به عباده » ( کنز العمال حسام الدين الهندي ، صفوة السقا . الرسالة ، بیروت ، ١٤٠٥ ق ، ج ۲ ، ص ٤٠٤ )
وقد جاء في سيرة الأئمة أنهم كلما مرضوا يقولون: 《أللهم اجعله أدبا لا غضبا 》 ، ( بحار الانوار ، ج ٧٥ ، ص ۲۰ )
• أجر ومكافأة
من أهم أسباب المرض ثواب الله تعالى على بعض البشر. إن الله -سبحانه وتعالى- يبتلي المؤمنين بأمراض خطيرة ليبرأ المؤمنين من المعصية، ويثبتها في المقابل بثمار ومكافآت عظيمة.
قال رسول الله (ص) : 《عجبت للمؤمن وجزعه من السقم ولو علم ما له في السقم لأحب ألا يزال سقيما حتى يلقي ربه عز وجل» (الأمالی ، شیخ صدوق ، انتشارات مكتبة إسلامية ، ١٣٦٦ ر ، ج٢ ، ص ٣٠٦.)
وقال أبو محمد رقي : «ذهبت إلى الأمام الرضا وسلمت عليه.». أجاب سلامي وقال لي: «يا أبا محمد! يصيب الله كل عبد مؤمن ببلاء. ومن يصيبه له أجر شهيد في حضرة الله.» قلت في نفسي: «لماذا قال الإمام ذلك مع إنه لم نتحدث عن البلاء؟ أي في أي مناسبة قال الإمام هذه الجملة؟!» ودعت الإمام وخرجت من عند حضرته وعرفت نفسي على زملائي المسافرين وأصدقائي. فجأة شعرت بألم في ساقي. قضيت ليلة صعبة. في الصباح رأيت ساقاي متورمتين، وبعد فترة اشتد التورم، تذكرت كلام الإمام الذي أمرني بالصبر على البلاء. بهذا الوضع وصلت إلى المدينة. أصبح الجرح كبير في ساقي وخرج الكثير من القيح منه. كان الأمر صعبًا لدرجة أنه سلبني صحتي. أدركت أن الإمام قال لي إن مثل هذا الحدث سيحدث ، حتى أظل هادئًا وصابرا على البلاء. مكثت أعاني من هذا المرض لمدة عشرة أشهر. يقول الراوي: «بعد فترة استعاد صحته ثم مرض مرة أخرى ومات بسبب ذلك المرض». (بحار الانوار ، ج ٤٩ ، ص ١٠٥ ) يقول الإمام الصادق -(عليه السلام)- في تعبيره عن أجر بعض الأمراض : 《إنّ المؤمن إذا حُمَّ حماةً واحدةً تناثرت الذنوب منه كورق الشجر فإن صار على فراشه فأنينه تسبيح، وصياحه تهليل، وتقلّبه على فراشه كمن يضرب بسيفه في سبيل اللَّه، فإن أقبل يعبد اللَّه بين إخوانه وأصحابه كان مغفوراً له فطوبى له إن تاب ،وويل له إن عاد، والعافية أحبّ إلين» ( عدة الداعی ، ابن فهد حلي ، دار الكتاب الإسلامي ، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ ق ص١٢٧).
وتبقى آثاره في الجسم لمدة تصل إلى عام. لذلك يكون المرض كفارة الذنوب قبل تلك السنة وبعدها. لهذا السبب عندما اشتكى عبد الله بن أبي يعفور للإمام الصادق (عليه السلام) من مرضه وألمه الشديد ، قال الإمام:« يا عبد الله لو يعلم المؤمن ما له من الجزاء في المصائب لتمنى أنه قرض بالمقاريض » ( الكافي ، ج ۳ ، ٢٥٥ ) ...