دراسات

انواع الحب من جهة علم النفس والشريعة الاسلامية


الشيخ محمد الربيعي ||

 

بعد ان كان لنا بحثا مفصلا عن الحب ومفهومة وحقيقة من الناحية الاسلامية و الحكم الشرعي، ببحث اطلقنا عليه اسم ( الحب بأختصار )، وبسبب الطلب المتزايد التوسع به انتقالا من الناحية الشرعي و حكمها،  الى ماهية  ومفهومه من الناحية النفسية ايضا، كان لنا هذه الكلام ويعتبر الحلقة الثانية المكملة للحقلة الاولى.

محل الشاهد :

في الجزء الثاني  سيكون كلامنا عن ما هو الحب، و ما انواعه، ثم ماهي مراحل انتقالة، ثم ماهو الفرق بين الحب و الاعجاب.

محل الشاهد :

■ ماهو الحب من الناحية النفسية :

▪️مفهوم الحب في علم النفس يعتبر الحبّ من أشهر وأهمّ المواضيع التي تناولها المحلّلون النفسيّون، حيث يشكّل قيمة مهمّة في أبحاثهم القديمة والمعاصرة، لهذا فقد تعدّدت تعريفات الحبّ واختلفت، فالحبّ كما يفيد علم النفس هو مجموعة من التصرّفات التي تُصحب باهتمام قويّ وفريد لشخص ما مع التأثر به بدرجة كبيرة، وهو أيضاً شعور قويّ بالتعلّق والحاجة إليه، وكذلك هو عبارة عن شعور مباغت بالانجذاب والتأثّر بشخص ما يتعرّض له الإنسان في حياته، وهو أيضاً عبارة عن مجموعة من المشاعر التي تقوم على بعض القيم السامية مثل الاهتمام والاحترام الذين يكنّهما الشخص لشخص آخر، بالإضافة إلى أنّه خيار بتقديم المساعدة لشخص معيّن، وتعريفات الحبّ الكثيرة التي وافق عليها علم النفس تلخص إلى أنّه مزيج من المشاعر السامية تجاه شخص بعينه، وهو ما يؤدّي إلى أن يصبح هذا الشخص ذا مكانة عالية في حياة الإنسان، ويجدر التنويه هنا إلى أنّ مفهوم الحبّ لا يقتصر على حبّ إنسان لآخر وحسب، بل إنّه قد يكون شعوراً موجّهاً تجاه مفهوم معيّن كحبّ الخير أو أن يكون موجّهاً لحيوان على سبيل المثال، كأن يحبّ الإنسان قطّته.

▪️اذن الحب يعرف بشكل عام بأنه هو شعور الانجذاب لأي شخص وكذلك الإعجاب بيه، وقد عبر العديد من العلماء عم ذلك الحب بأنه عبارة عن كيمياء مشتركة بين شخصين.

 حيث يقوم الجسم بإفراز هرمون المحبة المسمى بهرمون الأكسيتوسين، ويقوم هذا الهرمون بتحسين الحالة المزاجية للشخص على الفور، ويعتبر الحب وأساس السعادة بين أي شخصين.

■ ما هي أنواع الحب في علم النفس؟ الحب (Love) هو عبارة عن عاطفة إنسانية، شيء بديهي وبدائي وروحاني غامض، لذا فإن فهم طريقة وكيفية حدوثه ليس بالأمر السهل، كما يعتبر الحب شيء معقد، ويعرّف على أنه مزيج من العواطف والسلوكيات التي ترتبط بمشاعر المودة والاحترام والدفء والحماية التي يكنها شخصٌ لشخصٍ آخر.

على الرغم من أن علماء النفس قد يفتقرون إلى بلاغة الشعراء في تعريف الحب، إلا أن البحث التجريبي الذي يقومون به مكنهم من دراسة طبيعة الحب بصورةٍ منهجية، وذلك من خلال ملاحظة الناس في العديد من المواقف، وإجراء المقابلات معهم، ومعرفة تجاربهم السابقة، ووضع العديد من الاستبيانات المختلفة، وبهذه الطريقة فإن علم النفس لم يقم بتعريف الحب بناءً على الآراء الشخصية فقط بل على البحوث العلمية أيضًا، وفيما يأتي شرح لأنواع الحب في علم النفس:

■حب الذات

حب الذات الذي يعرف باسم Philautia؛ هو ذلك النوع من الحب الذي يربطه الناس في الوقت الحاضر بالنرجسية أو الأنانية، إلا أن الإغريق القدماء حينما وضعوا هذا النوع من الحب لم يقصدوا ما يرمي إليه الناس في عصرنا؛ حيث إن حب الذات ليس سلبيًا أو غير صحي دائمًا، فلكي تعطي الحب وتتلقاه من الآخرين يجب أن تحب نفسك وتشعر بمزيدٍ منتقدير الذات، فكيف ستعطي الحب وأنت لا تملكه؟ وكيف ستحب الآخرين وأنت لا تحب نفسك؟ وينظر أيضًا إلى حب الذات الإيجابي على أنه نوع من التعاطف مع الذات، فمثلما تظهر المودة والحب لشخصٍ آخر، يجب عليك أن تظهر هذه المودة لنفسك أيضًا.

■حب الكون

حب الكون أو الحب العالمي كحب الغرباء أو الطبيعة أو الله، هو الحب المعروف بالحب الروحي أو الحب غير المشروط Agape أو Unconditional Love، وهذا الحب الإيثاري الذي فيه نكران للذات هو نوع نادر، لأن القليل من الناس يستطيعون الشعور بهذا الحب، ويختلف هذا النوع باختلاف الأديان أو الثقافات والعقائد.

■حب العائلة

حب العائلة الذي يعرف بـ Storge هو حب غير قائم على الجاذبية الجنسية والجسدية، تمامًا مثل حب الأصدقاء أو philia، فهو حب حنون ورابطة قوية وألفة، وهذا الحب يحدث بشكل طبيعي كحب الأمومة أي حب الأم لأطفالها وحب الأب لأطفاله.

 يختلف الحب العائلي عن معظم أنواع الحب الأخرى، لأنه يميل إلى أن يكون أحادي الجانب أو غير متكافئ لاسيما مع الأطفال الصغار، ويمكن تعريفه على أنه نوع من الولاء الناشئ عن مشاعر الألفة أو التبعية.

■حب الأصدقاء

 حب الأصدقاء أو كما يطلق عليه Philia هو الحب القائم على النوايا الحسنة بين شخصين، وقد اعتقد أرسطو أن الشخص يمكن أن يكون لديه نية حسنة تجاه الآخر لسببٍ من الأسباب الثلاثة الآتية:

 أنه شخصٌ مفيد، أنه شخص لطيف أو أنه شخص جيد وعقلاني وفاضل، وقال أرسطو أن الصداقة التي تقوم على الخير لا ترتبط بالمنفعة المتبادلة فقط، بل ترتبط أيضًا بالرفقة والثقة والاعتمادية.

 كما قال الإغريق عن هذا الحب بأنه الحب الحنون Affectionate Love، وهو الحب الذي يشعر فيه المرء بالانتماء إلى صديق ما، كما اعتقد الإغريق أن هذا النوع من الحب أفضل من الحب الجنسي أو Eros.

■الحب الجنسي

 الحب الجنسي أو الحب الشبقي أو الحب العاطفي الذي يطلق عليه اسم Eros، هو النوع الأقرب إلى الحب الرومانسي الذي نراه هذه الأيام، وتقول الأسطورة اليونانية أن هذا النوع من الحب تسببه سهام كيوبيد، فحينما يصيب سهم كيوبيد الشخص يقع في الحب، وهذا النوع من الحب كما يقول شوبنهاور هو النوع الذي يهدف إلى السعي للتكاثر والبقاء.

 هذا النوع من الحب يسمى أيضًا "الافتتان" والذي يتميز بمشاعر الشهوة والعاطفة الجسدية، وفي هذه المرحلة لا يكون هناك وقت لتنمية شعور أعمق بهذه العلاقة، إلا أنه في النهاية - أي بعد مرحلة الافتتان هذه - يمكن أن تظهر هذه المشاعر الأعمق، ويمكن أن يندرج الحب الرومانسي أيضًا تحت هذا النوع، وهو الحب الذي يربط الناس عاطفيًا وجسديًا، والمحبين في هذه العلاقة يكون لديهم علاقة قوية ومحادثات طويلة ومعرفة جيدة ببعضهم البعض، ويكون الأزواج من هذا النوع مستمتعان بعلاقتهم من الناحية العاطفية والجنسية.

■الحب العابر

 الحب العابر أو الإعجاب الذي يعرف باسم Ludus هو الشعور بالافتتان في الأيام الأولى من العلاقة الرومانسية، وفي هذه الحالة تشعر بأن معدتك تضطرب والفراشات تطير من حولك حينما يمر حبيبك من أمامك، وتشعر بعدم الرغبة في أن تكمل حياتك بدونه، ووجد أن الناس الذين يشعرون بهذا النوع من الحب، يتصرف دماغهم بنفس الطريقة التي يتصرف بها الشخص عند تعاطي الكوكايين، حيث ينشط العقل ويشعر الشخص بحماس ورغبة قوية تجاه الحياة.

■الحب العملي

 الحب العملي أو Pragma هو الحب القائم على العقل أو الواجب، أو الحب القائم على المصالح بين الناس، وكان هذا النوع من الزواج شائع جدًا في أيام الزواج التقليدي، وما يزال منتشر على نطاقٍ واسع حتى الآن، وعلى الرغم من أن البعض قد يراه غير عصري على عكس الحب الرومانسي، إلا أن هذا النوع من الحب موجودٌ في زيجات العديد من الشخصيات البارزة والسياسيين.

■النتيجة اذن :

الحب لا يقتصر على الحب الرومانسي فقط بين الرجل والمرأة، بل يشمل أنواع أخرى كثيرة، مثل الحب العائلي، حب الأصدقاء، حب الذات، حب الكون، الحب العابر، الحب العملي، الحب الجنسي وغيرهم، وكل نوع من الأنواع له سماته وأهميته.

بعد هذا لابد لتطرق الى موضوع جدا مهم :

■ماهي مراحلة الحب في علم

 النفس

 وللعلم هذه المراحلة غير متعلقة وضرورية بكافة انواع الحب، بعض انواعه لاحاجة لها لهذه المرحلة كليا، و بعضها لاتحتاجها الا ببعض المراحل.

محل الشاهد :

▪️الانجذاب الجسدي

 إن أول مرحلة من مراحل الحب في علم النفس هي مرحلة الانجذاب الجسدي، فإن الحب يبدأ بالانجذاب القائم على سمات خارجية كجمال الهيئة، فيرى الشخص سواء كان ذكرًا أم أنثى الطرف الآخر، فيبدو له مناسبًا للمعايير التي وضعها، ويمكن أن يكون هذا الانجذاب للشكل أو الصوت أو الرائحة، وفي الحقيقة تكون المشاعر في هذه المرحلة جنسية وليست مشاعر حب حقيقة.

▪️الحب الرومانسي

 يأخذ الحب الرومانسي مجراه في مرحلة مبكرة من العلاقة، ويكون عبارة عن الشعور بالسعادة العارمة والبالغة، وهوعبارة عن هوس عاطفي، حيث لا يكفّ الشخص بالتفكير في محبوبه، فينام وهو يفكر به ويستيقظ وهو في خاطره، حيث يكون قضاء الوقت مع الشريك هو أجمل ما في الوجود في هذه الفترة، ويصبح دون إدراك منه أعمى عن أخطاء محبوبه فيراه مثاليًا لا خطأ فيه، إلا أن الأشخاص خارج العلاقة يستطيعون التنبه إلى الأخطاء التي عادة ما تخلق المشاكل مع المحب، لذا يجب على الفرد الوعي في هذه المرحلة لحقيقة المشاعر وحقيقة الشخص.

▪️حب العشرة والرفقة

 يُطلق أيضًا على هذه المرحلة من مراحل الحب في علم النفس مرحلة الحب الحقيقي أو الحب الزوجي فهو الحب المتبقي بعد زوال موجة الحب الرومنسي وإسدال الستار على العلاقة والاستبصار بها وفهمها أكثر، وهو أساس دوام العلاقة. يتميز هذا الحب بأنه أقل حدة من الحب الرومانسي حيث يتضمن تقدير المحبوب ويتميز بالتسامح والرغبة في حل المشكلات، ويتكون هذا الحب من ثلاثة مكوّنات؛ هي الحميمية والعاطفة والالتزام، ويقصد بالحميمية الجانب الانفعالي من الحب والاحساس بالقرب، ويقصد بالعاطفة العنصر الدافعي في الحب الذي يوقد مشاعر الرومنسية والتجاذب الجسدي، ويقصد بالالتزام العنصر العقلاني المتحكم بالعلاقة للالتزام بهذه العلاقة على المدى البعيد.

اذن بعد هذه الانواع يجب ان نأخذ موضوع ايضا مهم من الناحية علم النفس وهو :

■ماهو الفرق بين الحب والاعجاب ؟

قد يشترك الحب والإعجاب في بعض الأمور ولكن الاختلاف أكبر، فإن الإعجاب ينطوي على التقدير الإيجابي والاحترام للآخر وشيء من العاطفة، ويمكن أن يكون بأشخاص بعيدين أشد البعد عنا كفنان أو رسام أو مغني أو كاتب، فلا يزيد عن مستوى التقدير، حيث قد تعجبك طريقة شخص معين في العيش ولكن دون أن تتأثر إن لم تكمل حياتك مع الشخص المعجب به. أما الحب فهو ليس الإعجاب الشديد بالآخر فحسب بل يختلفُ اختلافًا نوعيًا من حيث إنه ينطوي على التعلق؛ أي الحاجة إلى القرب من المحبوب والحميمية، حيث الرغبة في التواصل الحميم مع المحبوب وتشارك الأفكار والمشاعر، كما ينطوي أيضًا على الاهتمام أي الشعور بالمسؤولية تجاه الشخص المحبوب وهذا ما لا يحدث غاليًا في الإعجاب.

بقى امر لابد التطرق له ليكون بحثنا متكاملا، وهو

■ ما هي علامات الحب واسبابه في علم النفس :

▪️▪️فأما اسباب الحب من الناحية علم النفس 

 بحسب علم النفس يوجد العديد من الأمارات التي تدلّ على أنّ الشخص قد وقع فعلاً في الحبّ، وقد تمّ دراسة هذه العلامات استناداً إلى علم النفس الذي يوضّح الفروق بين الواقع في الحبّ والمتوهّم بذلك، ومن هذه العلامات: 

▪️ الشعور بالانجذاب الكبير

إنّ واحدة من العلامات الأولى للحبّ والتي تعتبر من أكثرها دلالة عليه هي أن يكون الشخص منجذباً بطريقة كبيرة إلى شخص معيّن، وهذا الانجذاب محدد بأنّه رومنسيّ، ويدلّ على أنّ الشخص يريد التقرّب أكثر من الشخص الذي يعجبه وهو ما يعني أنّه واقع في الحبّ معه.

▪️ التصرف بشكل طبيعي

 أثبتت الدراسات أن الشريكين الذين يتحدّثان بصراحة مع بعضهما ولا يعمدان إلى إخفاء الحقائق ويهتمّان بالاقتراب أكثر من بعضهما هما أكثر قدرة على إنشاء علاقة حبّ ناجحة، ولذلك فإنّ الحبّ الحقيقي هو أن يكون الشخص على طبيعته، وأن يكون نفسه بصدق، وأنّ يأخذ كامل راحته مع الطرف المقابل. التواصل البصريّ إنّ الشخص الذي يقع في حب شخصاً فإنّه لا يستطيع أن يبعد نظره عنه بل على العكس، فإنّه حالما يراه ينسى كلّ شيء من حوله وينشغل فقط به، ولذلك فإنّ الشخص المحبّ هو الذي يكون على تواصل دائم مع محبوبه من خلال العين، وهو ما يتيح له التعبير عن مشاعره بطريقة مختلفة توضّح شعوره الاستثنائيّ.

▪️ الاستمتاع برفقة الحبيب

يعتبر الاستمتاع بصحبة الطرف الآخر من الأشياء التي تدلّ على أنّ الشخص واقع في الحبّ معه؛ وذلك لأنّ الإنسان لا يستطيع أن يكون مستمتعاً برفقة أيّ كان، ويجدر التنويه هنا إلى أنّ هذا الشعور يكون فريداً من نوعه، فقد يشعر الشخص بالمرح والمتعة برفقة الأصدقاء وغيرهم من المقرّبين، ولكنّ هذا الشعور مع الحبيب يكون نادراً ومختلفاً لا يشبه أي مشاعر عادية، وهو ما يجعل الشعور يرتقي لأن يكون حبّاً.

جعل حياة الحبيب أسهل إنّ الإنسان عندما يحبّ شخصاً ما فإنّه يهتمّ لأن تكون حياته سلسة ومريحة وخالية من التعقيدات، ولذلك فإنّه بسبب حبّه يحاول دوماً أن يساعد حبيبه في تخطّي جميع الصعوبات التي قد يمرّ بها، وتعتبر هذه العلامة واحدة من أشهر العلامات التي توضّح الشخص العاشق، وذلك لأنّه لا يستطيع أن يقف مكتوف اليدين عندما يجد أنّ حبيبه يعاني من شيء ما بل على العكس، فهو يأخذ زمام المبادرة لتقديم العون.

▪️ التخطيط للمستقبل

عندما يصل الشخص إلى مرحلة أنّه يتخيّل المستقبل مع شخص معيّن، فإنّ هذا يعني أنّه يحبّه ويريد أن يكمل بقيّة عمره معه، ولا تتّضح هذه العلامة منذ بداية التعرّف إلى الشخص مباشرة بل إنّها تأخذ وقتاً حتّى يتأكّد الشخص من صحّة افتراضه هذا، ولكن حالما يؤكّد لنفسه أنّه يريد الارتباط بهذا الشخص بشكل رسميّ ومدى الحياة، فإنّ هذا يعني أنّه قد وقع فعلاً بالحبّ معه، وتبيّن هذه العلامة كذلك جدّية الشخص.

▪️▪️اما  أسباب الحب في علم النفس

للحبّ أسباب عديدة، منها ما يمكن ذكره ومنها ما هو غامض، وذلك يرجع إلى طبيعة الحبّ المعقّدة، ولكنّ الخبراء النفسيّين أثبتوا أنّ الأسباب التالية تسهم في إشعال الحبّ: ▪️التشابه

 يبحث الإنسان عادةً عن الأشخاص الذين يتشابهون معه في بعض السمات الشخصيّة بالإضافة إلى الاعتقادات والتصوّرات الكبرى، لذا فحالما يجد الشخص الإنسان الذي يتشابه معه فإنّه من الممكن أن يقع في الحبّ.

▪️إيجاد الصفات المرغوبة قد يضع الشخص في ذهنه مسبقاً عدداً من الصفات التي يرغب بأن تكون موجودة في شريك حياته، كالوسامة والجمال، والرأفة والطيبة، والذكاء، وغيرها من الأشياء التي تختلف باختلاف كلّ شخص، ولذا فإنّه حالما يقابل الشخص الذي يحمل هذه الصفات فإنّه يقع في الحبّ معه؛ وذلك لأنّه في الأصل واقع في حبّ الصورة التي رسمها في خياله.

▪️تلبية الحاجات

 يحتاج الفرد لأشياء معيّنة في شريك الحياة، منها أن يكون مهتمّاً به إلى أبعد حدّ، ومنها أن يكون ذا قدرة على إعطائه الحبّ الذي يلزمه ليكون أفضل، لذلك عندما يشعر بأنّ الآخر يلبّي هذه الحاجات فإنّه سيقع في الحبّ دون انتباه حتّى؛ وذلك لأنّ الشخص المقابل يملأ الفراغات والحاجات الضروريّة له.

▪️الإعجاب المتبادل

 عندما يشعر الشخص بأن الشخص المقابل يكنّ له مشاعر الإعجاب والانجذاب، فإنّه سيقوم بدوره بالانجذاب إليه كردّ فعل على إعجابه، لذا فعند حدوث هذا الأمر فإنّ احتماليّة الوقوع في الحبّ تصبح كبيرة جداً.

■ولتمام الفائد لابد الاشارة لما هو مفهوم الحب وحقيقته من النظر الاسلامية

نقول في ذلك :

الحب معنى شريف نبيل اودعه الله تبارك وتعالى في قلوب الناس ليجعل لحياتهم طعما جميلا ممتعا، فان الحياة بلا حب كصحراء جرداء قاحلة مخيفة، اما الحب فيحوّلها الى واحة خضراء مؤنسة، والحب يعطي للحياة معنى وجدوى لأنه يولّد عند الانسان املا وغرضا وهدفا يحيى ليحققه وهو الوصول الى محبوبه، سواء كان هذا المحبوب امرا معنوياً كالقرب من الله تعالى ورسوله الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) والائمة الطاهرين (سلام الله عليهم)، او ماديا كالمال او الشهرة او السلطة او الاتصال بالجنس الاخر، ولولا هذا الامل لأصبحت الحياة بلا هدف ولا معنى مما يؤدي الى الشعور بالاحباط واليأس والموت.

فالحب اذا نعمة الهية عظيمة، وقد نسب الله تعالى وجوده في قلب الانسان اليه تبارك وتعالى كما في العلاقة الزوجية (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) / الروم21 او بين الاخوة المتحابين في الله تعالى (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ...... وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) / الأنفال63، بالحب تعمر الحياة لان الانسان اذا لم يحب شيئا فانه لا يتحمس لفعله والتحرك باتجاهه، اما اذا احبَّ فانه يضحي من اجل حبه ويذوب في محبوبه كالوالدين بالنسبة لأبنائهما، او القائد الرسالي بالنسبة الى شعبه، وهكذا، لذا ليس غريباً أن نجد في الحديث الشريف عن الإمام الباقر (عليه السلام) (الدين هو الحب، والحب هو الدين) وعن الامام الصادق (عليه السلام) (هل الدين الا الحب؟ إن الله عز وجل يقول (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) / آل عمران31) لأن الدين محرّك ودافع لكل عمل مثمر يجلب الخير والسعادة له وللآخرين، والحب هكذا أيضا فهما يلتقيان دائما.

   لكن المشكلة في تحريف هذا العنوان الشريف النبيل وإفراغه من محتواه بل تحويله الى عكس معناه ككثير من المصطلحات والعناوين التي تناولناها في كلمات عديدة كالحرية والاستعمار والسياسة، فاصبح الحب يعني العلاقات المشبوهة بين الجنسين واتباع الشهوات والنزوات بلا تعقل وروية وخارج اطارها الصحيح مما يولّد مشاكل اجتماعية وآثار نفسية تكون عاقبتها وخيمة وان بدت في اوّلها كأنها سعادة ومتعة، ويوجد من يغذّي هذا المعنى السيء للحب بين الشباب وخصوصا في  الجامعات ويهيؤون البيئة المناسبة له، ويمجّدون من يقع فيه لاستدراج الآخرين وكسر الحواجز الاخلاقية والاجتماعية والنفسية والدينية، وتنتج دور السينما والتلفزيون والمسرح سيلا متواصلا من الافلام والمسلسلات لتحقيق هذا الغرض وتساندهم وسائل الاعلام المختلفة وهذا كله انحراف عن الفطرة السليمة وخروج عن الروابط الاجتماعية المتينة وتحطيم للأطر الصحيحة التي تنظم العلاقة بين الجنسين، وهذا تشويه لمنعى الحب ومصادرة له وتحوياه الى معنى سيء، وهو ليس حبا اصلاً ولا يمكن تسميته بالحب بل هو اتباع للنزوات والشهوات الحيوانية التي لا يمكن اعطاء عنوان الحب لها.

ان الحب الانساني الحقيقي هو ما يتعلق بمن يستحق الحب وهو الله تبارك وتعالى، لان كل ما يوجب المحبة متحقق فيه سبحانه، فالله تعالى جميل ويعرف ذلك من لمساته الجميلة على الكون وما فيه من حولنا، والقلب يحب الجمال والله تعالى محسن الينا وقد تولاّنا بإحسانه ونعمه قبل ان نكون وبعد ان كنّا، والانسان مجبول على حب  من احسن اليه، والله تعالى يحبنا ويشفق علينا حتى جعل من احبّ الاشياء اليه تعالى الاحسان الى المخلوقين، عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال (الخلق عيال الله، فاحبّ الخلق الى الله من نفع عيال الله، وادخل على اهل بيت سروراً)، ومقتضى المقبلة ان نبادله تعالى الحب وقد اثنى تعالى على قوم يبادلونه هذا الحب (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) المائدة / 54، وهكذا فان كل مقومات الحب متوفرة فيه تعالى.

        ويتفرع عن حبّه تعالى حب من يرتبط به ومن امرنا بحبّه كرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والائمة المعصومين (عليهم السلام) والاخوة المؤمنين عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال (افضل الاعمال الحب في الله والبغض في الله تعالى).

وكذلك فان حب الابوين والزوجة والاولاد داخل في هذا  الاطار وهو مبارك من الله تعالى ويثيب عليه لأنه مما ينسجم مع الفطرة، لكنه متى خالف ما يحبّه  الله تعالى وخرج عن تعاليمه فهو مذموم ويجب رفضه ونبذه (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة / 24.

 ولكي يكون الحب صادقا فلا بد ان تظهر اثاره على المحب من التملق للمحبوب والحرص على ارضائه والمسارعة الى تحقيق مرادهن فالحب لله تعالى لا بد ان يقترن بطاعته تبارك وتعالى وطاعة رسوله (صلى الله عليه واله) والابتعاد عن معصيته قال تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (آل عمران31)

تعصي الاله وانت تزعم حبَّه                  هذا لعمري في الفعال شنيع

لو كان حبّك صادقا لأطعته                   ان المحب لمن احبَّ مطيعُ

        ولا بد ان يـُبنى الحب على المعرفة ليكون راسخاً، لان المجهول لا يمكن أن تتعلق به المحبّة، ولو تعلّقت فلا تدوم، فعلينا أن نزداد معرفة بالله تعالى لنزداد حباً، ومن دون النظر بعين المعرفة والبصيرة فإننا لا ندرك معنى حب الله تعالى ولا نستطيع فهم حب عابس الشاكري للإمام الحسين (عليه السلام) بذلك الشكل الذي اذهل الأعداء والأصدقاء على حدٍ سواء، يُحكى أن قيس المجنون بحبِّ ليلى قيل له أن ليلى ليست بذاك الجمال الذي يُصيب بالجنون وتهيم في الصحراء شوقاً الى لقائها، قال قيس: ذلك لأنكم نظرتم الى ليلى بعيونكم وليس بعيني، فإذا لم ننظر الى هذه الحقائق المعنوية بعين المعرفة والبصيرة فإننا لا ندركها.

والحمد لله رب العالمين

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك