د.مسعود ناجي إدريس ||
نحن نعيش في دنيا عمرها قصير ولا تدوم لأحد...
نحن نعيش في دنيا يكون سماع جملة البس جيدا حتى لا تمرض أقل من ١٠ لايكات على منشور!!
في دنيا قيمة التعليق على منشور أكبر من سماع شخصا يقول أبقيت طعامك على نارٍ هادء ليبقى حارا!!!!
في دنيا نهتم فيه بلون جدران غرفة طفل شخص مشهور أكثر من اهتمامنا بطفل يبيع العلكة في عز البرد!!!
بدأ ذلك عندما أعطينا قيمة لمواقع التواصل الاجتماعي أكثر مما يستحق. كان من المقرر أن تعكس مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا فحدث العكس وأصبحت الدنيا التي نعيش فيها انعكاسا لمواقع التواصل الاجتماعي!!
كمْ نفتقد جملة أمير المؤمنين (ع) في أيامنا هذه حيث قال: (سيحتاج الناس التربية الصالحة أكثر من الذهب والفضة)
نحن فقراء وكل يوم نزداد فقرا ليس لأننا لا نملك الذهب والدولار بل لانخفاض المستوى التعليمي عندنا كل يوم وبذلك ضللنا أولوياتنا، الفقر ليس أن تقضي الليل دون عشاء بل إن تقضي اليوم دون السعي وراء العلم والمعرفة.
يحدث الفقر عندما تكون ثلاجة بيتك أكبر من مكتبتك!!
نحن جميعا اتحدنا لنقوم بالانتحار الجماعي.
الرجال مشغولين بقتل إحساس النساء والنساء مشغولين بقتل غرور الرجال!
حديثي معك أنت... أيها الرجل عندما تكون مشغول بمتابعة النساء الجميلات في الإنستقرام أنت بفعلتك هذا تضع زوجتك في منافسة جمالية معهن فتقتل روحها لأن المرأة لا يمكنها الخروج من هذه المنافسة الغير عادلة لأن المرأة تخشى من أن تكون عادية وأن يقل جاذبيتها عن ذي قبل وان لا تكون مرغوبة كالسابق. النماذج التي تقارن بها زوجتك يجلسون لساعات أمام المرآة ويضعن مساحيق التجميل لأنهن لا يملكن عملا سوى إظهار أنفسهن.
إظهار أنفسهن هو عملهن في الأساس لكن عمل زوجتك ليس إظهار نفسها فهي مشغولة بتربية أولادك!!
وأنت أيتها المتابعة للسفر الخارجي والسيارات الحديثة والنجوم السينمائية هل تعلمين أنك بهذا ودون أن تشعري تقومين بسحق غرور الرجل. عندما يكون مصرف تغير زيت سيارة عادية تعادل ٢٠ ساعة عمل للرجل وسماع آلاف التوبيخات من مديره عندها تكون هذه المقارنة خالية من الرحمة.
منذ متى أصبحنا على هذا الحال؟ منذ متى قول المرأة إنني ارتديت هذه الملابس لأجلك أصبحت أقل قيمة من تعداد المتابعين؟ منذ متى أصبح دخول الرجل إلى البيت وهو يحمل أكياس الدجاج واللحم غير مهم؟ عندما ذهبنا خلف المشاهير...
مَن هم المشاهير؟ من الممكن أن تجيب بأنهم هم الأشخاص الذين نعرفهم جيدا. كلا بالعكس... هم الأشخاص الذين يعرفوننا جيدا، يعرفون مدى سذاجتنا، يعلمون ماذا نتبع وادركوا جيدا إذا صدرت منهم ضجة سيضاف مليون متابع إلى متابعيهم.
هذا هو الفرق بين المشهور والفنان... الفنان يكسب أجره من فنه، عنده شيئا يقدمه وله قيمة لنشاهده فهو يخلق القيمة، لكن المشهور لا يملك شيئا غير جسمه وأملاكه وعلاقاته وباقي الأمور الجانبية. ماذا حصل حتى اعتقدوا أنهم يمكنهم أن يبيعوا لنا أمور حياتهم الجانبية؟
عندما أدركوا أننا مهتمون بمتابعة أمور حياتهم الجانبية. فعندما أدرك أن الناس ستشتري تفاليس جيوبي بقيمة الماس فبالتأكيد سأبيعها لهم بهذه القيمة... نحن الذين قمنا ببيع دقائق حياتنا التي تساوى الماس واشترينا أمور حياتهم الجانبية، نحن من أوجدنا جذور الإنستقرام نحن من أعطيناهم أكبر من حجمهم...
عندما شاهدوا أننا مستيقظون حتى الرابعة صباحًا لسماع حديثهم الفارغ والذي لا يساوي فلسا وعندما وشاهدوا آلاف الناس مستيقظين حتى الثالثة صباحًا لسماع أحاديثهم التافهة صدقوا بأنهم بالتأكيد عندهم كلام مهم ليقولوه. المشهور هو الشخص الذي لم يخترع لقاحا ولم يكتب مقال ولم يخترع شيء ولم ينشر ثقافة ولكن توهم أنه أهم من كل من فعل كل ذلك.
نحن لن لنصل إلى أهدافنا بمتابعة المشاهير بل هم من يصلون إلى أهدافهم بمتابعتنا، جماعة كيمكاردشيان لم يصبحوا ثرين بمجهودهم لكن نحن بمتابعة أجسامهم أوصلناهم للثروة. سعر الإعلان في حساب كيمكاردشيا ٥٠٠ ألف دولار رغم أن راتب رئيس جمهور أمريكا في السنة لا يصل ل ٤٠٠ ألف دولار كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
واضح جدا كلما انتبهنا لهم أكثر أصبحوا معروفين أكثر وكلما أصبحوا معروفين أكثر زاد سعرهم وكلما زاد سعرهم ازدادت ثروتهم وكلما ازدادت ثروتهم صرفوا أكثر على جمالهم وكلما أصبحوا أكثر جمالا تابعناهم أكثر. هذا يعني أننا وقعنا في دوامة باطلة نحن من علينا أن نُخرج أنفسنا من هذه الدائرة المسمومة. ممكن ان لا تصدق لكن إذا أردت النظر إلى هذه القضية بعمق ستدرك أنهم كثير من الأوقات هم من يتحسرون على حياتنا هم من يريدون أن يعودوا إلى الأيام العادية لكن الخوف من كونهم عاديين لا يتركهم. حتى في خلوتهم لا يتجرؤون أن يكونوا على طبيعتهم، يخافون من أن يراهم أحد بهذه الحالة الطبيعية لأن القسم الكبير من هويتهم مرتبط بمشاهدتهم ومشاهدتهم مرتبطة بعدم كونهم على طبيعتهم.
لديهم رهاب من الشيخوخة، من تجاعيد بشرتهم حتى لا يخسروا معجبيهم مجبورين أن يجلسوا كل سنة تحت رحمة عمليات التجميل وأيضا يتألمون من علاقاتهم لأنهم يعرفون أن الكثير ممن حولوهم باقين معهم من أجل جمالهم وثروتهم.
دعونا من ذلك... هناك سؤال غاية في الأهمية مكانه فارغ في حياتنا وهو... ما الشيء الذي يتعلق بي؟ كل شيء يساعد في نمونا ومعرفتنا وسلامنا الداخلي يتعلق بنا واي شي معرفته لا يضيف لنا شيئا لا يتعلق بنا...
عندما ترى أنك تقضي أوقاتا من حياتك بمتابعة ما يفعله للآخرين افهم أنك أضعت نفسك في حياتك ولا تعلم ماذا تريد أن تفعل في حياتك ولهذا مشغول دائما لترى ما يفعله الآخرون. كل لحظة كانت انتباهك على شيءٍ غير نفسك فأعلم أنك غافل عن نفسك وما تملك. هناك قانون في الوجود يجعل الناس محكومين بعدم رؤية الأشياء من حولهم. تذكر هذه قاعدة في الدنيا، الفائزين يفكرون بالفوز والخاسرين يفكرون بالفائزين. أيدينا خالية من الأشياء التي نريدها وجوالنا مليء بصور الأشخاص الذين يملكون هذه الأشياء.
الناجحين هم الأشخاص المشغولون ببناء أنفسهم والاستثمار في قدراتهم لدرجة أنهم لا يملكون الوقت للتفكير بنجاحهم فما بالك بنجاح الآخرين. إن تأثير أهمية رؤية حياة الآخرين للوصول إلى أحلامنا كأهمية رؤية شخص يأكل الطعام لنشبع نحن...
حان الوقت لنعكس الكاميرا علينا نحن ونبدأ بالاستثمار في قدراتنا، لا يجب أن نرضى بأن يستخدمنا البعض كسلم للوصول إلى أحلامهم نحن من يجب أن نسعى وراء أحلامنا...
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha