الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||
غالباً ما نُيمم عقولنا صوب التعدد والتنوع لقراءات النص ليكون أعظم فائدة وأكثر عائدة ، وليسهم في نماء الفاهمة الاجتماعية ، لأن القراءة الأُحادية تبقى مبتورة القصد ، أما تعدد القراءات فيكون دافعاً قوياً لاستخراج القيم الباطنة في النص ( القراءة الإثرائية ) التي لا تبدو واضحة لعيان في النصوص الطافحة بشرط أن لا تكون تلك القراءات متحاربة ، و لاننسى إن ذلك يتوقف ذلك على مدى ملائمة النص للسياق ( الحاضنة ) الذي يرد فيه أي مراعاة الزمان والمكان ليُحكم عليه بالقبول والاستحسان عندها سيخرج النص معروفاً من حيث الأبعاد المكونة له مثل المتكلم والمستمع والزمان والمكان الذي يسهم في إنتاج الخطاب المعرفي البنّاء .
فهناك قراءات جديدة لآية " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" الأعراف / 204 ، إذ تشير هذه القراءات إلى أن دلالة الإنصات في الآية تم تحريكها من مدلولها المركزي وهو " الاستماع مع ترك الكلام " المصدر : الاصفهاني ، مفردات ألفاظ القرآن الكريم ، ص469 ، إلى دلالة انزياحية وهي توجيه الفهم إلى نهايته في إدراك مداليل القراءة القرآنية لأن لا مقصدية لله عز وجل في ترك الكلام لذاته ، إذ من مجموع هذه المؤشرات الدلالية يمكن التوصل إلى أن مادة نص كان لها حضورها غير المباشر في إطار المعنى المركزي الذي هو " أقصى الشيء وغايته " المصدر : ابن الأثير ، النهاية في غريب الحديث ج5 ، ص64 ، و " رفع وارتفاع وانتهاء في الشيء" المصدر : ابن فارس ، معجم مقاييس اللغة ، ص962 ،
وقيمة ذلك النص تكمن في دلالته الانزياحية مع عدم تناسي الدلالة المركزية لأن قصد المتكلم لا يمكن بأي حال من الأحوال القفز فوقه وتعديه ، وفي هذا يقول نصر حامد ابو زيد " أُجزم أن النص لا يكتسب دلالة إلا بفعل قصد المتكلم " لكن تطورية الزمان واستحداثاته المستمرة تملي علينا التواكب التعاقبي للقراءة النصية للتكييف الحاجي والضروري في التساير مع ذلك المُستَحدَث.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha