طالب رحمة الساعدي ||
خطوات شبابية تجاه الحضارة الإسلامية ح13 ج1//
الخطوة الثالثة عشر :
قد تضمنت الروايات بعض الإشارات إلى الخطوط العامة لذلك المجتمع، وأنّها حقًّا لعبارات حية ورائعة على الرغم من كونها وردت قبل ثلاثة عشر قرنًا.
ونشير هنا إلى بعض:
· تطور العلوم في عصر المهدي:
ليس هنالك من نهضة دون طفرة فكرية وثقافية أصيلة تنشد الرقي والكمال؛ وعليه فالخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف تكمن في انطلاقة النهضة الثقافية التي تسوق الأفكار إلى الحركة باتجاهين:
الأوّل: في مجال العلوم التي تحتاجها المجتمعات الحرة والصحية )هذا من حيث النظرة المادية(.
والثاني: على صعيد الوقوف على مبادئ الحياة الإنسانية المفعمة بالإيمان )النظرة المعنوية(.
جاء في حديث للإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «العلم سبعة وعشرون حرفًا فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتّى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفًا، فبثها في الناس وضمّ إليها الحرفين، حتّى يبثها سبعة وعشرين حرفًا (( . (»
فالحديث يشير إلى الطفرة الثقافية والعلمية التي يشهدها عصر النهضة للإمام المهدي والذي يعادل ضعفًا بالنسبة إلى العلوم والمعارف التي كانت سائدة في عصور الأنبياء جميعًا، حيث تفتح بوجه البشرية كافّة أبواب العلوم البنّاءة والنافعة، فيجتاز الإنسان بمدة قصيرة اثني عشر ضعفًا ما بلغته البشرية خلال آلاف السنين؛ وهل هنالك طفرة أعمق وأرفع من هذه؟!.
كما ورد حديث آخر عن الإمام الباقر عليه السلام يكمل سابقه حيث قال: «إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم (( . (»
وهكذا تنطلق العقول باتجاه الكمال في ظلّ إرشادات وتوجيهات المهدي عجل الله فرجه وعنايته ولطفه، وتنضج الرؤى والأفكار، وتزول كافة الرؤى الضيقة والأفكار الضحلة التي تعد مصدر جميع التضاد والتزاحم والنزاعات الاجتماعية العنيفة.
فالأفراد يتمتعون آنذاك بسعة الأفق والأفكار الحرة والصدور الرحبة والهمة العالية والنظرة الثاقبة فيتمكنون من حلّ أغلب المصاعب الاجتماعية بروحهم السامية ويبنون العالم المليء
بالأمن والسلام. والحقّ أنّ كلّ إصلاح اجتماعي إنّما يعتمد على هذا الانقلاب الفكري والروحي.
· التطور الصناعي المذهل في عصر المهدي |:
تشير الأحاديث
-1 روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها واستغنى العباد عن ضوء الشمس "
2-ورد في رواية أخرى عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إنّه إذا تناهت الأُمور إلى صاحب هذا الأمر رفع الله تبارك وتعالى له كلّ منخفض من الأرض، وخفض له كلّ مرتفع حتّى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته، فأيّكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها " .
3-عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «ذخر لصاحبكم الصعب! قلت: وما الصعب؟ قال: ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة أو برق، فصاحبكم يركبه، أما أنّه سيركب السحاب ويرقى في الأسباب؛ أسباب السموات السبع والأرضين"
4-الرواية الواردة عن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «إنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ، حتّى أنّه يبعث إلى رجل لا يعلم الناس له ذنبًا فيقتله حتّى أنّ أحدهم يتكلّم في بيته فيخاف أن يشهد عليه الجدار"
إلى أنّ هذه الطفرة العلمية والصناعية ستكون شاملة واسعة.
وستكون وسائل جمع المعلومات غاية في التطور؛ بحيث تصبح الدنيا كراحة اليد في وضوحها فتكون هنالك سيطرة تامة على أوضاع العالم دون ضياع الوقت في معالجة المشاكل؛ بحيث يقضي على بؤر الفساد )المتعمدة وغير المتعمدة( في مهدها.
كما تحلّ قضية الضوء والطاقة بحيث لم تعد هناك من حاجة إلى الطاقة الشمسية التي تنبثق منها أنواع الطاقة سوى الطاقة الذرية.
ولعلّ ذلك سيكون في ظلّ نظام ذري متكامل للطاقة خال من الإشعاعات الحالية الضارة التي تحول دون الاستفادة من هذه الطاقة) . كما سيشهد تطور وسائط النقل التي تأبى المقارنة بالوسائل السائدة اليوم، والتي لا تقتصر على الحركة بأقصر مدّة على سطح الكرة الأرضية، بل تقوم برحلاتها الفضائية في فترة
قياسية) . وهذا ما يمّهد السبيل أمام تلك الحكومة لتحقيق مشاريعها الإصلاحية.
وورد في حديث آخر عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ قائمنا إذا قام مدّ الله بشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه.
أي يتمتع كافّة الناس بوسائل نقل «الصوت » و «الصورة »بشكل بسيط وسهل، بحيث لم تعد هنالك من حاجة إلى وجود دائرة باسم البريد في حكومته ودولته، كما تحلّ أغلب القضايا دون الحاجة إلى الأوراق - كما هي سائدة اليوم والتي تتطلّب عددًا من الأفراد الذين يمارسون مهامهم ويستغرقون مدّة طويلة
بغية كشف الحقّ والواقع - فهنالك أجهزة الشهود والحضور التي تدير شؤون المجتمع، ويا لها من أجهزة تشيع أجواء الهدوء والاستقرار والاستفادة من عامل الوقت.
كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إنّ المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق سيرى أخاه الذي في المغرب؛ وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي بالمشرق . »
فالارتباط قائم بين الجميع، ولا يقتصر على مستوى الحكومة، ومن شأن الارتباطات الظاهرية والبدنية ترسيخ الوشائج المعنوية بحيث يصبح العالم بمثابة البيت وناسه أسرة واحدة. وهكذا سيكون العلم والمعرفة والصناعة وسيلة لتحسين أوضاع العالم وتعميق أسس الأخوة، لا التفرقة والهدم كما هي عليه اليوم.
ــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha