دراسات

الشخصية العلوية صنيعة الدائرة النبوية


الشيخ محمد الربيعي ||

 

ان الامام علي ( ع ) تلقى التربية الروحية والفكرية والأخلاقية في حجر رسول الله (ص) ، وهي الضّلع من أضلاع شخصيته المباركة.

ولو أنّنا قسّمنا مجموعة سنوات عمر الإمام (ع) إلى خمسة أقسام، لوجدنا القسم الأوّل من هذه الأقسام الخمسة من حياته الشّريفة، يشكلّ السنوات التي قضاها (ع) قبل بعثة النبيّ الأكرم (ص).

وانّ هذا القسم من حياته الشّريفة لا يتجاوز عشر سنوات، لأنَّ اللّحظة التي ولد فيها عليّ (ع)، لم يكن النبيّ (ص) قد تجاوز الثّلاثين من عمره المبارك، هذا مع العلم بأنّه ( ص) قد بعث بالرّسالة في سنّ الأربعين.

وعلى هذا الأساس، لم يكن الإمام عليّ (ع) قد تجاوز السنة العاشرة من عمره يوم بعث رسول الله (ص) بالرّسالة، وتوّج بالنبوّة.

إنّ أبرز الحوادث في حياة الإمام علي (ع)، هو تكوين الشخصية العلوية، وتحقّق [ضلع من أضلاع شخصيته] بواسطة النبيّ الأكرم، وفي ظلّ ما أعطاه (ص) لعليّ (ع) من أخلاق وأفكار، لأنَّ هذا القسم في حياة كلّ إنسان، وهذه الفترة من عمره، هي من اللّحظات الخطيرة، والقيّمة جدّاً، فشخصيّة الطّفل في هذه الفترة تشبه صفحة بيضاء نقيّة تقبل كلّ لون، وهي مستعدّة لأن ينطبع عليها كلّ صورة مهما كانت، وهذه الفترة من العمر تعتبر بالتّالي خير فرصة لأن ينمّي المربّون والمعلّمون فيها كلّ ما أودعت يد الخالق في كيان الطفل من سجايا طيّبة، وصفات كريمة، وفضائل أخلاقية نبيلة، ويوقفوا الطفل عن طريق التربية على القيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية وطريقة الحياة السعيدة، وتحقيقاً لهذا الهدف السامي، تولّى النبي الكريم (ص) بنفسه تربية عليّ (ع) بعد ولادته، وذلك عندما أتت فاطمة بنت اسدبوليدها علي(  ع ) إلى رسول الله (ص)، فلقيت من رسول الله حبّاً شديداً لعليّ، حتى إنّه قال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي.

وكان (ص) يطهّر عليّاً في وقت غسله، ويوجر اللّبن عند شربه، ويحرّك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويلاحظه ويقول: "هذا أخي، ووليّي وناصري وصفيّي وذخري وكهفي، وصهري، ووصيّي، وزوج كريمتي، وأميني على وصيّتي وخليفتي".

ولقد كانت الغاية من هذه العناية، هي أن يتمّ توفير الضّلع الثاني في مثلّث الشخصيّة، وهو التربية بواسطته (ص)، وأن لا يكون لأحد غير النبي (ص) دخل في تكوين الشخصيّة العلويّة الكريمة.

وقد ذكر الإمام عليّ (ع) ما أسداه الرّسول الكريم إليه، وما قام به تجاهه في تلكم الفترة، إذ قال: وقد علمتم موضعي من رسول الله ( ص) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصّيصة، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده، ويشمّني عرفه، وكان يمضغ الشّيء ثمّ يلقمنيه.

محل الشاهد :

اذن كان إعداد [الرّسول (ص) لعليّ (ع)] ثقافيّاً وروحيّاً، حيث بقي عليّ (ع) ملازماً لرسول الله (ص)، فعندما كان النبيّ (ص) يذهب إلى المسجد الحرام، كان عليّ (ع) يصلّي خلفه عن يمينه، وخديجة تقف خلفهما، حتّى جاء أبو طالب وقال لجعفر: يا بنيّ، صل جناح ابن عمّك. فلم يفارق عليٌّ (ع) رسول الله (ص) في عبادته، وكان يقول إنَّ أوّل بيت في الإسلام هو البيت الذي ضمّه وضمّ رسول الله وخديجة، وليست المسألة العائليّة هي التي كانت تربط أفراد هذا البيت، بل هي المسألة الإسلاميّة التي يتحمَّل الجميع مسؤوليّاتها: رسول الله (ص) بالدعوة، وخديجة (رض) بمالها ورعايتها لرسول الله (ص) وعليّ (ع) بإعداد قوّته ليشهر سيفه دفاعاً عن الإسلام، وعقله دفاعاً عن الحقّ، وحركته في الخطّ الذي ينطلق منه وإليه، ولقد عرفنا أنّ رسول الله (ص) أعطاه سرّه في الهجرة، وأراده أن يعبّر عن إخلاصه وتضحيته ليغطّي على غيبته، فبات عليّ (ع) في فراشه، بعد أن اطمأنَّ لا إلى سلامته، ولكن إلى سلامة رسول الله (ص)، وكان الوحيد الذي ائتمنه رسول الله (ص) على أن يؤدّيَ ودائعه إلى الناس...

وكان يتثقَّف على يدي رسول الله (ص)، حتّى قيل إنَّ نساء النبيّ (ص) كنّ يغرن من عليّ لأنّه كان يشغل رسول الله عنهنَّ، عندما يتناجيان أو يتشاوران في أمر، حتّى قال عليّ (ع) وهو يتحدّث عن وعيه الثقافي مع رسول الله (ص) وتتلمذه على يديه: "عَلَّمَنِي رَسول الله أَلْفَ باب مِنَ العِلْم، يُفْتَح لي مِنْ كلِّ بابٍ ألْف باب".

وقد رعاه رسول الله (ص) في عقله وروحه وحركته وزهده وإخلاصه للإسلام، وانفتاحه على الواقع الإسلامي كلّه، لأنَّه مكَّنه من أن يرى ويسمع ما يسمع، ويتحرّك مع النبيّ (ص) في كلّ التجارب التي مرَّت عليه. وبهذا كان نفسه، لأنّه كان صورة عنه، ورسول الله (ص) هو الذي صنع هذه الصّورة على صورته.

ونستطيع أن نستوحيَ ذلك من مسألة خاصّة، وهي أنَّ النبيّ (ص) عندما آخى بين المسلمين، ترك عليّاً بلا أخ، فسأله عليّ (ع) عن ذلك، فقال رسول الله: أَمَا ترضى أن تكون أخي؟ وآخاه في الله، فكانت أخوّتهما تعني أن ليس هناك من المسلمين مَن هو في مستوى أن يكون أخاً لرسول الله، ذلك أنَّ الأُخوّة بينهما كانت أُخوّة عقل،

وأُخوّة روح،وأُخوّة إخلاص، وأُخوّة لله ولرسوله، وأخوّة انفتاح على الإسلام والمسلمين.

وإذاً فهو صنعته، وهو صورته، وكان لطفُ الله الذي يفيض على رسول الله (ص) يفيض على عليّ (ع)، ليعيش الكمال كأفضل ما يكون الكمال، وهذا هو ملمحٌ من ملامح صورة الإعداد النبويّ لعليّ (ع).

محل الشاهد :

ايها الاحبة : إذا التقينا بعلي(ع)، فإننا نقرأ في تأريخه أنه فتح عينيه أول ما فتحهما على الحياة في الكعبة، فقد ولدته أمّه في قلب الكعبة، وتوحي هذه الولادة التي تهيّأت ضمن ظروفٍ أراد الله لها أن تعطي الفكرة والإيحاء في مستقبل هذا الوليد، أنه الإنسان الذي احتضنه بيت الله الذي أراد الله له أن يكون البيت الطّاهر الذي يعطي الطهر للناس كلّهم عندما يتعبّدون فيه وعندما يطوفون حوله.. ولم يكن مع رسول الله(ص) إلا عليّ يتعبّد في فتوتّه التي كبرت برسول الله(ص)، عقلاً من عقله، وروحاً من روحه، وابتهالاً من ابتهالاته، كان معه يلازمه، حتى إذا جاء الوحي وسمع رنّة الشيطان، وسأل عليٌّ رسول الله ما هذه الرنّة: قال له: إنها رنّة الشيطان، أي صرخته، لأنه أيس من أن يُعبد عندما جاءت الرسالة. ورأى الوحي ينزل، فقال له رسول الله(ص) كما في (نهج البلاغة): "إنَّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلّا أنَّك لست بنبيّ، ولكنَّك لوزير، وإنَّك لعلى خير".

أوَّل بيت في الإسلام

وعندما صدع رسول الله(ص) بالرّسالة، حفظها عليّ في عقله، لأنه كان واثقاً بأن عقله قد بلغ من النضج بحيث يمكن له أن يفهم معنى الرسالة ويقتنع بها ويلتزمها، ورأيناه يقول: "لم يجمع بيت واحد يومئذٍ غير رسول الله(ص) وخديجة وأنا ثالثهما". حتى عندما انطلق رسول الله(ص) في الصَّلاة، كان يذهب إلى المسجد الحرام، وعليّ خلفه، وخديجة ثالثتهما تقف خلف عليّ. ومرّ أبو طالب، وقال لولده جعفر: صِل جناح عمِّك. وهكذا انتقل من بيت الله طفلاً وليداً، إلى بيت رسول الله الّذي هو بيت الله، بيت وحيه، لأنّه البيت الذي تنزل فيه الملائكة ويتحرّك فيه الوحي.

وكان يجلس إلى رسول الله(ص) في اللّيل والنهار تلميذاً في القسم الدّاخلي ـ كما نعبّر في هذه الأيام ـ وكان يقول: "ما من آيةٍ نزلت في رجلٍ من قريشٍ ولا في برٍّ ولا بحرٍ ولا سهلٍ ولا جبلٍ، إلّا وأنا أعلم فيمن نزلت وفي أيّ يوم وفي أيّ ساعة نزلت"، وقال: "علّمني رسول الله ألف بابٍ من العلم فتح لي من كلّ باب ألف باب"، فلقد كان علم رسول الله(ص) عنده، ولم يكن مجرّد تلميذ يحفظ العلم، ولكنه كان تلميذاً ينتج من العلم علماً.

وهكذا جاءت الكلمة النبويّة الشّريفة التي يرويها الفريقان: "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها".

واذا اخذنا الكلام عن الامام علي ( ع ) باتجاه اخر ، اتجاه الجهاد ، فلم يغب الإمام عليّ(ع) عن أية معركة كان فيها رسول الله(ص) يرفع سيفه ضدّ الذين يرفعون سيوفهم في وجهه، وكان في كلّ موقع من مواقع الإسلام يتحرّك حيث رسول الله(ص)، وينطلق حيث ينطلق، حتى إنّه عندما لم يأخذه معه في (تبوك)، شعر عليّ بالغبن آنذاك، وأعطاه رسول الله(ص) كلمته، لأنّه عرف أنه ليس له دور فيها، لأنّ تبوك لم تنطلق في قتال: "أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي؟!".

وعاش الكثير من مواقف الإسلام ومن آلامه، وكان يختزن في داخله حبّ الله كأعظم ما يكون الحبّ، وكانت ابتهالاته ودعواته تصعّد من روحه وقلبه: "فكيف تعذّبني وحبّك في قلبي؟!"، "فهبني يا إلهي وسيّدي ومولاي وربي، صبرت على عذابك، فكيف أصبر على فراقك، وهبني صبرت على حرِّ نارك، فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك".

كان يحبّ الله حبّاً بحيث كان يتحسّس لهيب النار، بل كان مستعداً أن يتقبّل العذاب، ولكنه لا يطيق مفارقة الله، أو أن يفارق كرامته، يقول ذلك ـ وهو المعصوم ـ هذا الإنسان الذي باع نفسه لله، حيث لم يبقَ لنفسه شيء، بل أعطى كلّ علمه وقلبه وجهاده وحياته لله.

وكان الامام علي ( ع ) يبتعد عن ما يسمى بالعاب السياسة او لعبة السياسة حيث لسان حال الامام ( ع ) يقول : ألعاب السياسة، وأفهم غدر السياسة وانحراف السياسة، ولكنّ مشكلتي هي أنّني ولدت على الحقّ، وجاهدت من أجله، وأريد أن أموت على الحقّ، فلا يمكن أن يقترب الباطل مني، ولا يمكن أن أقترب من الباطل، حتى لو كان ربحاً. إنه يقول أنا مع السياسة، سياسة الحقّ وسياسة العدل، لا سياسة الجور ولا سياسة الباطل، لأنّ الإنسان المسلم المسؤول هو الّذي يدير أمور الناس من خلال ما يصلح أمرهم في العمق وفي السطح وفي الامتداد، فلا يستبطن إسلامهم كفراً، ولا تختزن استقامتهم انحرافاً في داخلها. هذا هو عليّ(ع) في السياسة...

محل الشاهد :

فكم نجد ـ أيّها الأحبّة ـ في واقعنا من كلمات الحقّ التي تطلق من أجل الباطل، كلمات حقّ في مفهومها، ولكن يراد لها أن تطبّق على أساس الباطل، وكم من النّاس يطلقون من الكلمات باسم الإسلام وهم يعيشون معاني الكفر، وكم من النّاس يطلقون من الكلمات باسم محبّة رسول الله وأهل بيته وهم يتحركون في غير خطّ الاستقامة، في خطّ رسول الله

وخطّ أهل بيته،فليست الكلمات مجرّد شيء تطلقه في الهواء، ولكن لكلّ كلمة معناها في القاموس ومعناها في الواقع، إذ لا يكفي أن تحرّك الكلمة في القاموس لتطلقها في الهواء، ولكن عليك أن تطلق الكلمة وتأخذ معناها في اللّغة، ثم بعد ذلك، ترى كيف تتحرّك في الواقع، لأنّ بعض الناس قد يحرّكون الكلمات في معناها اللّغوي بعيداً من معناها في حركة الواقع، وتلك هي الكلمات والشعارات التي تطلق وهي حقّ، لكن الذين يقولونها يخطّطون لها من أجل أن تتحوّل إلى باطل في عالم التطبيق.

هذه هي المساحة ـ أيها الأحبّة ـ بين النظرية والتطبيق "كلمة حقّ يُراد بها باطل". نعم، يقول عليّ إنه "لا حكم إلا لله"، ولكن هؤلاء يقولون "لا إمرة إلا لله"، ولكن لا بدّ للحكم من أمير يحكم كما جاء في (نهج البلاغة): "وأنّه لا بدَّ للنّاس من أمير برّ أو فاجر ـ ليقوم به النظام ـ يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلّغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفيء ـ وهو ما يمثّل ميزانيَّة الأمَّة ـ ويقاتل به العدوّ وتؤمن به السّبل، ويؤخذ به للضّعيف من القويّ، حتى يستريح بَرٌّ، ويُستراح من فاجر".

وفي رواية قال: "أمّا الإمرة البرّة، فيعمل فيها التقيّ، وأمّا الإمرة الفاجرة، فيتمتع فيها الشقيّ، إلى أن تنقطع مدّته، وتدركه منيّته". فلقد فرّق بين "لا حكم إلا لله" وبين "لا إمرة إلا لله". فالمفهوم هنا يختلف عن التّطبيق هناك، ولا بدّ لكلّ مفهوم إذا أردناه أن يتحرّك في الواقع، أن يتحرّك مع التّطبيق، حتى يمكن أن يتعمَّق في الواقع...

والحديث طويل مع عليّ(ع)، لكنّنا نختم بالموعظة، لأنّنا نحتاج ـ أيّها الأحبّة ـ إلى ما يليّن قلوبنا القاسية، ونحتاج إلى ما يعرّفنا معنى الدنيا ومعنى الآخرة، لأنّ الدنيا تشغلنا وتخدعنا وتغرّنا وتتلاعب بنا وتنسينا الله وتنسينا الآخرة، "وإنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتّباع الهوى، وطول الأمل ـ  والهوى هو كلّ شهوات النّفس وكلّ هواها الذي ينطلق من غرائزها ومن نقاط ضعفها، ولا ينطلق من قاعدة تدلّ الإنسان على ما يجب أن يفعل وما يجب أن يترك وما ينبغي أن يحبّ وما ينبغي أن يبغض ـ فأمَّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ـ لأنه لا ينطلق من الحقّ، بل ينطلق من ضدّ الحقّ ـ وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة ـ لأنه كلّما امتدّ عمرك، فهناك أمل في عمر جديد، وعندما ينطلق الأمل مع الأمل، فإنك تتصوّر أنك خالد، وأنه ليس هناك موت، وإذا نسيت الموت، نسيت الآخرة، ونسيت الله، ونسيت الوقوف غداً بين يدي الله ـ ألا وإن الدنيا قد ولّت حذّاء ـ يعني سريعة، ونحن نحسّ بهذه السرعة، واللّيل والنّهار يطويان كلّ عمرنا، فنحن نأكل عمرنا ثانية ثانية، وساعة ساعة، ويوماً يوماً، ولا ندري متى يقف عقرب السّاعة عند السّاعة الأخيرة ـ فلم يبق منها إلا صُبابة ـ وهي البقية، فكأس كلّ واحد منا أول ما يولد يكون ملآن، ثم يبدأ يشرب منه، وربما تستطيع أن تنهي الكأس، وقد يبقى بعض الصّبابات فيها ـ  كصبابة الإناء اصطبَّها صابّها. ألا وإنَّ الآخرة قد أقبلت، ولكلّ فيهما بنون ـ للدّنيا بنون يستغرقون فيها، وللآخرة بنون يستغرقون فيها ـ فكونوا من أبناء الآخرة ـ اعملوا لها، لتكن هدفكم في كلّ ما تعملون وفي كلّ ما تقولون، قد تحصلون على المال وتختزنونه، وقد تحصلون على الأرض تسكنونها، وقد تحصلون على الشهوات تستغرقون فيها، ولكن {وجاءت سكرة الموت بالحقّ ذلك ما كنت منه تحيد* ونفخ في الصّور ذلك يوم الوعيد* وجاءت كلّ نفسٍ معها سائقٍ وشهيد* لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد}ـ

ـ ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإنّ كلّ ولد سيلحق بأبيه يوم القيامة ـ فإذا لحقنا بالدنيا، فماذا يبقى من الدنيا في اليوم الآخر؟ ولكننا إذا لحقنا بالآخرة، وكنا من أبناء الآخرة، فهناك الخلود ـ وإنّ اليوم عمل ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل"، {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}، {وتزوّدوا فإنَّ خير الزاد التقوى}، {أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى}، وغداً يغلق كلّ باب العمل {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً}، {ووضِع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مالِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربّك أحداً}...

محل الشاهد :

بقى ان نعرف كيف يمكن ان نكون  ضمن طريق الامام علي ( ع ) :

إنَّ عليّاً (ع) كان مسلماً، وكان إماماً، وكان في حياته كلّها يتحرّك على أساس التزامه بالإسلام، وكان يصلّي كمسلم، ويقف مع الحقّ كمسلم، ويقاتل المشركين والقاسطين كمسلم، كان عليّ يتحرّك من موقع إسلامه.

وكان رسول الله (ص) يتحرَّك من موقع إسلامه، {أمرت لأن أكون أوّل المسلمين}(الزّمر: 12)، كان يتحرّك من موقع أنّه كان المسلم الأوّل الذي انطلق في خطّ الإسلام.

إننا قد لا نستطيع أن نبلغ القمّة التي يقف فيها عليّ، ولكنّنا نستطيع أن نقترب منه، ولقد كان يقول: «ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به ويستضي‏ء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك - إنّه يقول لهم لا أريد أن أكلّفكم أن تزهدوا على طريقتي - ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفّةٍ وسداد».

وهناك كلمة للإمام عليّ (ع): «إذا لم تكن حليماً فتحلَّم»، أي مثّل الحلم، «فإنّه قلّ أن تشبَّه أحد بقوم إلا وأوشك أن يكون منهم».

لذلك، فنحن قادرون على أن نقترب من أفق عليّ (ع)، ولكنّ مشكلتنا أننا لا نريد، وعندما نريد ذلك، ونعدّ للأمر عدّته، فإننا نستطيع أن نقترب من القمّة، ولكن بعض الناس يحبّون الإيحاء لأنفسهم بالتّعب قبل أن يبدأوا المسير، ويحبّون أن يبحثوا عن العذر قبل أن يبدأوا التّجربة، إنّ الله سبحانه وتعالى يقول: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا}(العنكبوت: 69).

اللهم احفظ الاسلام واهله

اللهم احفظ القران واهله

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك