قراءة فنية وإعلامية لصلاة الفجر

يوسف الكاتب ||                                                 

 

ظهور خيط الفجر هو توقيت لترك النوم وهجره واللجوء الى نور الله الذي ملأ أركان كل شيء .. فيا أيها المصلي قم واهجر نومك واستضئ برحمة الله ورضوانه واستقبل يومك الجديد بالصلاة ، فهي معراجك نحو ملكوت الفيض الإلهي .

والآن إستعراض لأهم الوسائل الإعلامية التي استخدمها الناس قبل النبوة الخاتمة :  

١..  العرب : كانت تستخدم الرايات لتعبر عما تود طرحه ، وهو أسلوب إعلامي يحمل دلالات معتقداتهم .

٢..  المسيحيون : كانوا يستخدمون الناقوس لبيان عباداتهم وطقوسهم  .

٣.. اليهود : كانوا يستخدمون البوق لترويج شعائرهم واحتفالاتهم .

٤.. المجوس : استخدموا النار كي يحثون ناسهم ويذكروهم بمراسيم ولائهم واحتفالاتهم .

لكن النبوة التي حملت وحي السماء جاءت بوسيلة إعلامية جديدة وفاعلة وهي دائمة وممتدة على الزمان كله لان النبي (صلوات الله عليه وآله) استخدم :

ا..  الصورة

ب .. الكلمة

ج .. الإيقاع

v    الصورة : قال الإمام علي (ع) : (أينما يقع بصرك فاعتبر)  .

فالصورة تحمل دلالات وتعابير ، لذا استخدم النبي محمد (ص) بلال الحبشي مؤذن للصلاة  :

أولاً : كان لون بلال الحبشي اسمراً ، وهذا توظيف فني وإعلامي .. واليوم نلاحظ الفضائيات تستخدم مقدمين ومذيعين سُمر ، لنقول إن أول من كسر المألوف وجاء بالجديد والإبداع هو النبي محمد (ص) .

ثانياً : بلال كان يلفظ كلمة اشهد بـ (اسهد) ، ونتساءل لماذا فعل النبي (ص) بإتيان بلال وهو يلفظ  الشين بـ (سين( بينما كانت العرب تفتخر بلغتها العربية .. ويبقى السؤال : ما السر في فعل النبي هذا ؟ نقول : انه استخدم بلال لكي يحارب المشركين حرباً نفسية ، فهم يستمعون الى الأذان كل يوم ، فلا يستمعون الى الصوت الجميل ، ولا الى الشكل الجميل ، ولا الى اللفظ الصحيح ، الأمر الذي كان يجلدهم في كل أذان .. والأنكى من ذلك استخدام الكلمة الدقيقة والتي هو الأساس والثيمة بل هي الأيقونة ، ولنا وقفة لهذه الكلمة لنعي معناها :

١ .. النبي محمد (ص) استخدم الكلمة مع الصورة مضافاً إليها الإيقاع الهارموني الذي ينسجم مع الروح  .

٢..  الأذان الإلهي هو الوسيلة الإعلامية المعاصرة لكل زمان ، حيث يطرح المباني والمعاني السماوية للإسلام بصورة تدخل الى القلب بسلاسة  .

٣..  وسيلة الأذان طرحت التوحيد ونفت الشرك .

٤..  إعلامنا كان الأذان حيث طرحت النبوة (اشهد ان محمدا رسول الله) في كل ذرة من هذا الوجود حين يشهد لمحمد (ص) بالنبوة من الملائكة والإنسان والطير والحيوان وحتى الجماد .. فالجميع يبصمون بأرواحهم بان محمداً (ص) هو النبي المنصّب من قبل السماء .. أما المعترض فقد فرز ذاته بنكران النبوة كما فعل الشيطان الرجيم إبليس .

٥..  وسيلتنا الإعلامية أكدت على (اشهد ان علياً ولي الله) وهي الشهادة الثالثة للإمامة باعتبار ان أمير المؤمنين علي (ع) هو (نفس محمد) .

٦ .. الأذان الإلهي الذي نسمعه يومياً هو هوية الإنسان المسلم وانتماؤه للرسالة الخاتمة  .

٧..  الأذان الإلهي الذي يزف يومياً وعبر الصوت والصورة والإيقاع ، فمن بركاته هو هادينا الى فعل الخير وإقامة الصلاة التي هي الحبل الممتد من الأرض والواصل الى الخالق جل وعلا .

٨..  الأذان الإلهي يترك آثاراً ايجابية كثيرة على الإنسان والأمة والطبيعة باعتبار ان الأذان كلام وصورة وإيقاع وكله طاقة ، وهذه الطاقة تُشحننا بالقدرة والهمّة ، وترفع لدينا المقدرة لتجعلنا مرتبطين بالفيض الإلهي .

٩ .. الأذان يظيف لنا النعم الكثيرة ، ومنها وقت برمجة الأذان فجراً حين ينتشر غاز الأوزان o3 وهو مفيد للصحة  .

١٠ .. النبي محمد (ص) يقول : (بورك لأمتي في بكورها ) ، فالأمة التي تنهض مبكراً تصبح أمة قوية

وسيلتها الإلهية الأذان حيث تدفعها للنهوض مبكراً .

١١ .. في حالة النوم يصل الدم الى الجسم بشكل ضعيف وحينما ننهض للصلاة حين سماعنا للأذان نتخلص من السكتة الدماغية والجلطة القلبية ، لان الدم سيضخ بقوة من جديد .

١٢ .. وسيلتنا الإلهية المعاصرة (الأذان) تدفعنا للسباق ليوم جديد حافل بالإيمان وعامر بالصلاة ومن فاتته صلاة الفجر إنما حرم من الفيض الإلهي لاربعين ليلة  .

v    الوضوء

١..  الماء سر الحياة وإكسير الخلود فحينما نجدد الوضوء للصلاة لأن الماء والوضوء يمنحاننا الطهر .

٢..  إسباغ الوضوء لأداء الصلاة يجعلنا ما بين نقاء الذات ونقاء الصلاة  .

٣.. غسل اليدين والوجه بالماء لان اليدين مصدر الفعل سواء الجميل او القبيح ، فعملية الوضوء هذه تذكير لنتزود بالجمال ونبتعد عن القبح ، لان لكل أداة منا لغة خاصة ، فما علينا الا ان نوظف هذه اللغة لصالحنا . أما غسل الوجه بالماء وذلك لنحافظ على نقائه وطهره ، لاسيما في خمس مرات باليوم (سيماهم بوجوههم) ، هذا كله بفعل الوضوء  .

٤ .. المسح على الرأس دلالة وترميز بأننا من امة الجمال والخير ، وكأنها علامة للخير .. فاليتيم دائماً يُمسح على رأسه للبركة .. فإننا بالمسح على الرأس إنما نحمل تاج من النور على رؤوسنا لان هناك من يتكفلنا  .

٥..  المسح على القدمين ترميز يضاف الى المتوضئ باعتبار ان هناك يوماً تزداد فيه الظلمة وينجو فيه المصلون مع قائدهم (قائد الغر المحجلين)  .

٦..  الوضوء يكسب الوجه وباقي بدن المصلي هالة من النور تحيط بكامل جسمه  .

٧..  لصفاء ونقاء وطهر وإنارة الوجه والجسم عليك بالوضوء لأنه نور على نور ، فجرب وتوضأ لكل صلاة ، ولكل فعل خير .. سترى وجهك وروحك مرايا من النور  .

v    صلاة الفجر

١ .. الصلاة هي عبادة الأنبياء والمرسلين والصديقين والأولياء .

٢..  الصلاة هي سر عروج الشهداء نحو الملكوت الأعلى .

٣..  من سره لقاء الله فليصلي  .

٤..  من أراد ان يحلق صوب الفيض الإلهي فليصلي لان صلاته ستحلق به  .

٥..  جنة عرضها السموات والأرضين أهديت لمن صلى  .

٦..  مفتاح الجنة هي الصلاة  .

٧ .. من أراد ان يركب بسفينة النجاة فليصلي  .

٨ .. كل ما في الكون قد عرف صلاته  .

٩..  الصلاة عنوان صحيفتك ، احمله وسافر نحو الفردوس الأعلى  .

v    بعض من فوائد الصلاة

١ .. صلاة الفجر تعلمنا فن التركيز والتنمية وتجعله ملكة دائمة لدينا  .

٢..  الأرزاق المعنوية والمادية تُقسم وقت الفجر ، وهي من البركات التي نحصل عليها من صلاة الفجر  .

٣..  القرارات الهامة على المستوى الشخصي والعام تؤخذ وقت الفجر ، وذلك لصفاء ونقاء وهدوء الوقت الذي يصلي فيه الإنسان عندما يتخذ القرار  .

٤..  هناك حضور استثنائي صار وقت الفجر من قبل ملائكة الليل وملائكة النهار معاً  .

وإذا سألتنا ما سبب ذلك ؟ .. فالجواب بإعتقادي : لأنه حدثت جريمة كبرى وهي قتل أمير المؤمنين علي (ع) وقت الفجر .. فقيامنا لصلاة الفجر هو عملية مولاة للإمام علي (ع) وبراءة ممن عادوه ، فكان لعنهم كل فجر.

٥ .. إن صلاة الفجر هي محراب الإمامة والملائكة جميعاً ، والمؤمنون المصلون يصبحون كلهم شهود على من قتل قرآن الفجر  .

v    البسملة

في صلاتنا اليومية منها ما هو إجهار ، ومنها ما هو إخفات .. فصلاة الفجر والمغرب والعشاء فإننا نجهر بصلاتنا ، أما الظهر والعصر فتكون صلاتنا إخفات  .

وفي كلا الصلاتين الاجهار او الاخفات فاننا نقرأ البسملة بصوت جهري ، فيا ترى ما السر في ذلك ؟

وقبل ان نعرف السر هناك مسالة نود ذكرها وهي : قبل ان تقرأ البسملة إستحباباً التعوذ من الشيطان الرجيم ..  فعندما تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم تدخل في البسملة ، فإنك تدخل في دائرة التبري قبل الدخول في دائرة التولي .. فان كل ما في القران الكريم في البسملة ، وكل ما في البسملة في الباء ، وكل ما في الباء موجود في النقطة التي تحت الباء ، ويقول الإمام علي (ع) وأنا النقطة تحت الباء .. ومعنى النقطة هي الانطلاق منها للوصول الى الهدف .. فمن أمير المؤمنين يكون الانطلاق وهو الضمان للوصول الى الهدف .. فتبقى البسملة سر حركة الوجود ، وسر حركة الخير ، فالخير كل الخير في البسملة  .

v    الركوع في الصلاة

كل ما في الكون منحنٍ ينحني طوعاً بالهمة والإرادة والاختيار ، لاسيما الإنسان (وليس الركوع بالصلاة بكسر الضلع (ونردد : سبحانه ربي العظيم وبحمده .. فالركوع هنا كالاستقامة ، لان أروحنا ومشاعرنا وجوارحنا وكل ما نملك قد سبحت وهللت فخشعت وتعبدت ونزهت وقدست رب العالمين .. فصار الركوع استقامة (سبحانه ربي العظيم وبحمده) .

v    القنوت في الصلاة

أقبح صورة للإنسان عندما يرفع يده للتسول ويطلب من الآخرين الفتات .. لكن حينما يرفع المصلي يده بالقتوت طالباً من الله داعياً : يا رب انا الفقير وأنت الغني ، فيأتيه الجواب : خذ ما شئت حتى ترضى ، اما سمعتني وانا القائل (ادعوني استجب لكم) .. فما أجمل صورة عطاء الله سبحانه وتعالى .

v    السجود في الصلاة

السجود لله جل وعلا عبادة خالصة .. طاعة .. خضوع .. تذلل . السجود ثيمة وروح العبادة لان سجودنا يطهرنا وينقينا وينورونا ويجعلنا نتسامى ونرتقي بعروج ملكوتي نحو الله .. ونحن في سجودنا نردد

(سبحان ربي الأعلى وبحمده) فما أجمل سجودنا لأنه يمثّل القرب  .

v    السجود على التربة الحسينية

١ .. السجود على التربة هو اقتراب من الله جل وعلا ، وهو الفناء بالفيض الإلهي .

٢..  السجود على التربة يعلمنا بأننا خلقنا من التراب وسنعود إليه .

٣..  نسجد على التربة مرتين ، ففي كل سجدة ترميز الى الدنيا والآخرة .

٤..  السجود على التربة هو عملية استذكار لما جرى على الإمام الحسين (ع) وكيف قتلوه وأهل بيته .

٥ .. البعض ممن اخلصوا لله سبحانه وتعالى نالوا شرف الشهادة وهم سجود في محراب صلاتهم  .

٦ .. السجود على التربة هوية وانتماء واعتقاد بأننا على مدرسة أهل البيت (ع) ، تلك المدرسة الفريدة التي لا نظير لها على الإطلاق .

٧ .. السجود على التربة هي عملية تفريغ للشحنات الضارة والسالبة الى الأرض ، لكي يتخلص منها المصلي .  

v    التسليم في الصلاة

عندما نبدأ بالتسليم ونصل بقولنا (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) ، فسلامنا عليه هو إفشاء للسلام المستحب ، فيكون رد السلام واجباً .. ونتساءل مع أنفسنا قليلاً : هل النبي محمد (صلوات الله عليه وآله) ميت أم حي ؟ فإذا كان النبي محمد (ص) ميت فلماذا نُسلّم عليه وقت الصلاة ؟ فنستشف من هذا السلام بان النبي محمد (ص) هو حي .. لذا نحن نسلّم عليه لأنه حي ، ونقول الى الذي يعتقد بانه ميت فعليه ان يراجع معتقده الضال أولاً باعتبار ان النبي محمد (ص) قتل مسموماً من قِبل أصحاب الانقلاب (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) .. فالشهيد حي يرزق .. وهو الشاهد الشهيد على الأمة ، فجاءت الصلاة لتعطينا أهم درس وهو أن النبي حي ونحن نسلم عليه (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) . 

v    والصبح إذا تنفس

تساؤل لابد من معرفته والجواب عليه  :

١..  إن صلاة الصبح استثناء ، ولها خصوصية وميزات عديدة وثيمتها تكمن لأنها حياة . 

٢..  صلاة الفجر لها حضور خاص حيث تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار  .

٣ .. في صلاة الفجر هناك رمز استثنائي وهو (وقرآن الفجر) ثم تكرار هذا الاستثناء مرة أخرى (إن قرآن الفجر كان مشهودا)  .

٤..  في صلاة الفجر حدثت جريمة كبرى واستثنائية وهي جريمة قتل أمير المؤمنين علي (ع) وقت صلاة الفجر  .

٥ .. في صلاة الفجر هتف جبرائيل (ع) بالسماء : (تهدمت والله أركان الهدى ، قتل والله علي المرتضى قتله أشقى الأشقياء)  .

٦ .. في صلاة الفجر وفي محراب الصلاة وفي شهر رمضان الكريم شهر ضيافة الله سبحانه وتعالى وفي ليلة القدر المباركة قُتل إمام السلام في ليلة السلام .. قُتل قرآن الفجر بسيوف الغدر .. فهل أُسدل الستار بيد ظلام الجاهلية ؟ كلا وألف كلا .. لان قربان الإمامة وهو قران الفجر أبقى سجل الشهادة مفتوحاً إلى يوم القيامة  .

 

ـــــــ