دراسات

قراءة  في الصوم.. ماذا يعني شهر رمضان؟!  


الشيخ محمد الربيعي ||

 

v    الصوم شهر الوعي والتفكر

قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ...﴾.

ورد عن الرّسول الأكرم (ص) أنّه قال: "أنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة".

ماذا يعني لك شهر رمضان؟

تختلف الإجابات باختلاف وعي هذا الشّهر، وتكون الإجابة العامة أنّه شهر الصيام عن الأكل والشّرب في المدّة الزمنيّة المحدّدة شرعًا قربةً إلى الله تعالى.

إلا أن هناك ثلة من الناس تنظر إلى الشهر الكريم بمنظار أكثر وعيًا، وتعتبر شهر رمضان الفرصة الذهبيّة التي تنتظرها وتتشوّق لبلوغها، وتتأهّب لخوض أجمل اللّحظات مع برامج هذا الشّهر لتحقّق الهدف وتنال درجة المتّقين، كما يقول ربّنا: ﴿... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

إنهم يعيشون تلك الضيافة الإلهية، ويتمتعون بتلك الرحمة الواسعة، ويتنعمون بألوان البركات والخيرات التي تنهمر عليهم كالغيث المبارك الّذي يتجلّى في البركة والعواطف والمشاعر الإيجابيّة التي يتبادلها الناس فيما بينهم.

من معاني وعي الصّوم

قال الإمام الصّادق (ع): "إنّ الصّيام ليس من الطّعام والشّراب وحدهما، فإذا صمتم، فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب، وغضّوا أبصاركم عمّا حرَّم الله"، من يعي الصوم وعيًا حقيقيًا، فإنه يتلذّذ بكل لحظاته وأعماله، حيث إن وعي الصوم يعني:

1. حياة القلب:

من أسمى معاني الصّوم، هو أن يصوم المرء بقلبه، ويجعله معراجًا للحبّ ومهبطًا للملائكة، فالصّوم الحقيقيّ يبدأ من القلب لينعكس على بقيّة الجوارح. وهو بهذا المعنى، يعدّ برنامجاً مهمًّا للتحوّل الكبير في حياة الإنسان، حيث ينجذب المؤمن إلى تلك المجالس والمحافل الإيمانية التي تنير قلب الإنسان، وتؤهّله لخوض ذلك التحوّل المعنويّ الكبير، ليشعر الإنسان بتلك الأنوار الإيمانيّة، وتلك الومضات التي تنير قلبه وتجعله قلبًا نقيًّا تقيًّا.

2. انتصار على الذّات:

ورد عن الرّسول الأكرم (ص) أنّه قال: "وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم". إنّ الصوم الواعي هو انتصارٌ على الذّات، والخروج من الأنانيّة إلى ساحة المجتمع بكلّ عطاء وعطف ومحبّة ومودّة، وهو وسيلة لتنمية روح البذل والسّخاء، والبرّ والإحسان بين أفراد المجتمع.

وإذا تمكّن الإنسان من التحرّر من زنزانة ذاته، ودائرة أنانيّته المظلمة، وأعطى الآخرين، وكان كريمًا وجواداً، فإنه يكون قد قفز قفزة واسعة للغاية في مسيرة تطوره وتكامله وسموه، إذ إنّه استطاع الوصول إلى حقيقة الإنسانيّة وجوهر الآدميّة، لأنّه يعيش الحقّ والإحسان والإنصاف، ولا يعيش الذّات والهوى.

3. سموّ أخلاقي:

ورد عن الرّسول الأكرم (ص) أنه قال: "مَن حَسُن منكم في هذا الشّهر خُلقه، كان له جواز على الصّراط يوم تزلّ فيه الأقدام".

شهر رمضان هو فرصة ثمينة سانحة أمام المؤمنين، لكي يضاعفوا من تخلقهم بأخلاق الله، وتفعيل مكارم الأخلاق، وطهارة ونقاء القلوب، ولقاء النّاس بطلاقة الوجه والبسمة الصادقة. ومخاطبة النّاس بلسان عذب وكلمات طيّبة، واكتساب الفضائل والتحلي بها.

4. صيام مميّز:

قال الإمام الصّادق (ع): "لا يكن يوم صومك كيوم إفطارك".

اجعل يوم صيامك يومًا مختلفًا عن بقيّة الأيّام، وإليك بعض النقاط:

ابتعد عن كلّ الأعمال الهامشيّة التي تستهلك من وقتك وطاقتك.

اجعل شهر رمضان بمثابة بوّابة العبور للتخلّص من كلّ العادات السيّئة.

لتكن لك لمسة ومشاركة في أحد الأعمال الخيريّة.

راجع علاقاتك الاجتماعية «الأرحام، الأصدقاء، الجيران» ليكن هذا الشّهر بداية صفحة جديدة معهم.

أنجز أعمالك بكلّ نشاط، لا تدع للكسل مجالاً، وكن منتجاً.

لا تَدعْ شهر رمضان يمرّ عليك دون أن يترك أثرًا إيجابيًّا في نفسك.

أخيراً.. من يصوم بالمعنى الحقيقيّ، فإنه يسير وفق خطّة ومنهجية يهدف منها إلى إعادة بناء شخصيته وصياغتها، وجعلها في خندق المتّقين.

v    الصوم فرصة للاختبار

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 183].

من بركات الله علينا، أن هيأ لنا هذا الشّهر الكريم، من أجل أن نعيش معه بتفرّغ روحيّ، وبكلّ لحظة، لأنّ الله أراد للإنسان أن يكون معه في كلّ شيء في هذه الحياة الدّنيا، وجاء هذا الشّهر ليكون دورة تدريبيّة، ليعيش فعلاً كيفية أن يكون مع الله في كلّ لحظة من لحظات وجوده. لذلك، فإنّ الصوم عن الطعام والشّراب في شهر رمضان هو دورة تدريبيّة للإنسان.

يقول تعالى: "الصّوم لي وأنا أجزي به". فالصّوم أكثر عبادة يتجلّى فيها الإخلاص لله تعالى. لماذا؟ لأنّ كلّ العبادات عندما يؤدّيها النّاس تظهر عليهم، فهذا الإنسان عندما يصلّي، يُعرف من خلال حركاته، عندما يحجّ إلى بيت الله الحرام، يسافر إلى الحجّ، عندما يؤدي الزكاة يدفع المال أو يدفع المواد العينيّة...

أيّ عبادة من العبادات لها مظهر خارجيّ إلا الصّوم، فلا يستطيع أحد أن يعلم أنّ فلاناً صائم أو غير صائم، لأنّ الصّوم بينه وبين الله سبحانه وتعالى، إلا إذا كان هناك من يريد أن يرائي، والعياذ بالله، أو يظهر أنه صائم. ولذلك، كلّ واحد منا قادر أن يقول إنّني صائم، وقد يكون في الواقع غير صائم، فبإمكانه أن يأكل ويشرب ويمارس كلّ المفطرات، ولا أحد يعلم أنه مفطر. لذلك، فإنّ أمر الصّيام هو بينه وبين الله تعالى. لذلك، فعندما نصوم لله، يكون الصّيام دورة على أهميّة الإخلاص لله سبحانه والانقطاع إليه تعالى.

لذلك، أعطانا الله تعالى الأجر العظيم على الصّوم، وهو أفضل العبادات الّتي أرادها الله سبحانه وتعالى، لأنها العبادة الخالصة. فمن خلال الصّوم، نحن نرتقي بين يدي الله سبحانه، وهو حاضر معنا في هذا الشَّهر.

ولذلك قلنا إنّها دورة، فالإنسان القادر على أن يصوم عن الحلال في شهر رمضان، سيكون قادراً على أن يصوم عن الحرام في خارج شهر رمضان، ففيه أدرّب نفسي على الوقوف بين يدي الله تعالى، وألتزم بما أراد عزّ وجلّ، فأصل من خلال صومي إلى التّقوى.

والتّقوى تعني أن تمتنع عمّا حرّم الله، وتلتزم بما أراد الله، وبذلك فسّرها الإمام الصّادق (ع): ألا يجدك حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك... هذه هي التقوى الحقيقيّة.

فالتقوى ليست بكثرة الذّكر والأوراد، كما يظنّ البعض، بل هي أمر روحي وعملي، أن أتّقي الله، أن أقف عند حدود الطاعات والمحرَّمات التي جعلها الله سبحانه وتعالى.

أن أكون تقيّاً، فلا أغتاب إنساناً، ولا أغشّ، ولا أكذب، ولا أترك واجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، أن اجاهد في سبيل الله، أن أؤدّي الزكاة والخمس، أن أبرّ والديّ، أن أصل رحمي، أن أقف إلى جانب النّاس... فهذه الواجبات هي التّقوى.

لذلك، الصّوم هو هذه الدورة التدريبيّة للإنسان، لنصل إلى هذه المرحلة.

فالإنسان الّذي يستطيع الامتناع عن الحرام في شهر رمضان، يمتنع عنه في خارجه، فالرّجل الّذي يستطيع أن لا يعاشر زوجته التي أحلّها الله له في نهارات شهر رمضان، مثلاً، قادر على الامتناع عن الحرام ـ لا سمح الله ـ كالزنا في خارجه.

وهذا يعطينا فكرة أنّ الصّوم ليس فقط من الطّعام والشّراب، كما ورد عن النبيّ (ص)، عندما جاءت امرأة صائمة وسبّت جاريتها، فجاء لها النبيّ بطعام وقال لها كلي، قالت أنا صائمة، قال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك؟!

الصوم ليس من الطعام والشراب، إنما جعل حجاباً عما سواه من الفواحش، ما ظهر منها وما بطن.

لذلك، أن نصوم، أن نلتفت إلى أننا نصوم ليس فقط عن الطّعام والشّراب، بل عن كلّ ما حرّم الله تعالى.

نسأل الله لنا ولكم أن نكون من الصّائمين حقاً، وليس من الجائعين، والحمد لله ربّ العالمين.

v    الصوم فرحة الفقراء

في شهر رمضان، تكثر مآدب الطّعام، وتتزيّن بأشهى المأكولات والمشروبات والحلويات، في سعيٍ من الصَّائم لتعويض ما يفوته خلال نهار الصّيام.

وعلى الرّغم من أنَّ ظاهرة الإسراف غير مستحبَّة، لا في هذا الشَّهر الكريم ولا في غيره من الشّهور، إلّا أنَّ ما يهمّنا في هذا المقال، هو تسليط الضَّوء على قضيَّة اجتماعيَّة تعنينا جميعًا.

ففي الوقت الّذي ينشغل الصّائمون بتحضير مائدتهم الغنيّة بألوان الطّعام، وترى الأسواق مليئةً بالنّاس الّذين يتجهَّزون لإفطارهم، والمحالّ تعجّ بالوافدين، ثمّة من يعيش العوز، ولا يقدر على سدّ جوعه وجوع عياله، ومن لا يستطيع إلّا أن يأتي بكفاف يومه. فكيف يكون حال هؤلاء، وهم ينظرون إلى ما لذَّ وطاب من المأكولات، تفوح رائحتها من بيوت الجيران، أو تتهادى بزينتها في واجهات المحلّات، دون أن يكونوا قادرين على شرائها أو تناولها بسبب الحاجة والفقر؟

كيف يكون حال هؤلاء في شهر الرَّحمة والبركة، وشعور الفقر يتعمَّق فيهم أكثر، ويترك ندوبه في نفوسهم ونفوس عيالهم؟

إنّ جزءًا أساسًا من معاني هذا الشَّهر الفضيل، هو التّعاطف مع الفقراء، والإحساس بما يعيشونه من عوز وفاقة، وما يحرمون منه من ملذَّات الطّعام، أو من مظاهر العيش الكريم.

ولا يعني ذلك أن نمتنع عن تناول ما نشتهيه من الطّعام والشّراب طالما نكون قادرين، ولكنَّها دعوة إلى التّكافل والإحساس بالمعاني الحقيقيّة لهذا الشّهر، من خلال التّكفّل بالفقراء ما أمكن، ومساعدتهم وتقديم المعونة لهم، بما يجعلهم يعيشون الفرحة في هذا الشّهر، ويدركون أبعاد الرّحمة الإلهيّة بهم.

ولو أنّ كلّ واحد منّا تكفّل في هذا الشّهر بإطعام مسكين أو فقير واحد، لاستطعنا أن نصنع فرقًا كبيرًا، وأن نجعل من هذا الشّهر واحةَ إنسانيّةٍ وعطاء، وخصوصًا أنّ العبادة ليست فقط صلاةً وصيامًا وحجًّا، بل إنّ مساعدة المحتاجين من أرقى تجلّيات العبادة والتّقرّب إلى الله.

إنّها دعوة إلى الخير في هذا الشّهر الكريم، وليبدأ كلّ منّا بنفسه، فليس من حيّ أو منطقة أو شارع إلّا وفيها فقراء، ولا سيّما المتعفّفين، الّذين تمنعهم عزّة النّفس من الطّلب وإهدار ماء الوجه بالسّؤال، وليكن ذلك بالطّريقة الّتي تحفظ لهم كراماتهم، ولا تخدش لهم شعورًا، وكلّه محسوب عند الله، وفيه الأجر والثّواب.

ورمضان كريم على جميع المسلمين.

v    القران وشهر رمضان

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى للنّاس وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.

في هذا التّأكيد القرآنيّ على نزول القرآن في شهر رمضان، في هذه الآية، وفي تحديد ليلة القدر في سورتي الدّخان والقدر، إيحاءٌ بأنَّ عظمة هذا الشّهر مستمدَّة من مناسبة نزول القرآن فيه. وقد اختلف الحديث في تحليل نزول القرآن في هذا الشّهر، فهناك من ذكر أنَّ المراد به أوّل نزوله، وهناك من ذكر أنّه النزول إلى اللّوح المحفوظ من البيت المعمور، وهناك من حاول أن يجعل من مفهوم الكتاب معنى غامضاً لا نستطيع إدراكه، فهو الّذي نزل على قلب النبيّ محمَّد (ص) دفعةً واحدةً ثُمَّ نزل عليه تدريجيّاً. وقد كان السبب في هذا الاختلاف، ظهور هذه الآية وغيرها في نزوله دفعة، بينما الآية الكريمة تنصّ على أنّه نزل تدريجياً: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلً}[الفرقان: 32]، والآية الأخرى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيل}[الإسراء: 106].

كما أنَّ هناك وجهاً آخر لهذا الاختلاف، وهو أنَّ النّزول والبعثة كانا في موعد واحد، مع أنَّ المعروف أنَّ البعثة كانت في السّابع والعشرين من شهر رجب، وأنَّ أوّل ما أنزل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1]، فكيف يمكن التوفيق بين الآية وبين ذلك؟!

والواقع أنَّ الظاهر من القرآن الكريم، هو أنَّ إنزاله كان في شهر رمضان، ولا نجد هناك فرقاً بين الآيات التي تتحدّث عن إنزال القرآن في ليلة القدر أو في شهر رمضان، وبين الآيات التي تتحدّث عن إنزاله على مكث أو تدريجياً، ولا نستطيع أن نحمل القرآن على معنى غامض خفيّ في علم الله، وذلك لا من جهة أننا نريد أن نفسِّر القرآن تفسيراً حسياً مادياً كما يفعل الحسيّون، بل من جهة أنّه لا دليل على ذلك في ما حاول بعض المفسِّرين أن يقيم الدّليل عليه، مما لا مجال للخوض في النّقاش فيه، لأننا لا نجد فيه كبير فائدة.

وعلى ضوء ذلك، فإنَّ هذا الظّهور القرآني البيّن، يجعلنا لا نثق بالرِّوايات التي توقّت البعثة في رجب، أو تعيّن أوّل الآيات النازلة في سورة اقرأ؛ ولذلك فإنَّ من الممكن أن يكون المراد من الإنزال هو أوَّل الإنزال، كما أنَّ كلمة القرآن تطلق على القليل والكثير بما يشمل السّورة والآية والمجموع. والظاهر أنَّ هذا المقدار كافٍ في الجانب التّفسيري من القضيّة، لأنَّ الباقي يدخل في باب التّخمين والتأويل من غير فائدة تذكر.

v    القرآن هدى للنّاس

{هُدًى للنّاس وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.

هذه هي قيمة القرآن وأهميّته في حياة النّاس؛ فهو كتاب هدى يهدي به الله من اتّبع رضوانه سبل السَّلام، ويخرجهم من الظّلمات إلى النّور. وهو كتاب البيّنات التي توضح للنّاس حقائق الأشياء ودقائقها بما يزيل كلّ شبهة، ويفرّق بين الحقّ والباطل. وقد بيّنا في بداية هذا التفسير، أنَّ معنى كون القرآن هدى، هو اشتماله على أسس الهدى لمن أراد أن يهتدي بها، فلا مجال للإشكال بأنَّ هناك من لا يهتدي بالقرآن، لأنَّ الهدى هنا بمعنى الشأنية لا بمعنى الفعلية

v    رمضان نقطة انطلاقة للتغيير

 ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان)

إن أنفسنا في لهفة لاستقبال شهر رمضان الكريم وعلينا في هذا الشهر الكريم أن نجعل منه انطلاقه للتغيير وهو برنامجًا عمليًا لجعل رمضان فرصة للانطلاق و التغيير إلى الأبد , إن شاء الله .

ميزات و صفات في هذا الشهر تؤهله لأن يكون شهر تغيير:-

1) البرمجة النفسية :

يرى علماء النفس المحدثون , أن أي تغيير يجب أن يكرر من 6 إلى 21 مرة , يعني حتى تحدث تغييرا حقيقيًا في حياتك فلابد أن تكرر نجاحاته 6 إلى 21 مرة .

شهر رمضان 29 إلى 30 يومًا , هذا يعني استمرار النجاح في هذه العبادة العظيمة 30 يومًا .. 30 مرة .. تمسك من الصباح وإلى المغرب فلا تشرب ولا تأكل ولا تجامع ولا تسب ولا تفسق هذه برمجة أكيدة , ولهذا فإنك لا تجد مسلمًا صام رمضان وبعد شهر واحد فقط من حياته إلا وقد تأثر في العبادة إلى الأبد فهذه صفة عظيمة في شهر رمضان , صيام شهر واحد بأكمله من رمضان أفضل نفسيًا وبرمجيًا من صيام متقطع غير مؤقت 60 يومًا أو حتى 600 يوم , هذا لا يقلل من شأن الصيام المتقطع , فصيام أي يوم له فوائد كثيرة , لكن نحن نتحدث عن فضائله في البرمجة النفسية , الاستمرارية لها بالغ الأثر في البرمجة و لهذا السبب تجد إن الإسلام نهى عن الإفطار طيلة أيام رمضان لمن ليس له عذر وأن الشخص الذي أفطر لا يعوض ذلك اليوم ولو صام الدهر كله .

2) اتخاذ القرار :

من ميزات هذا الشهر الفضيل تعليمه للمسلم اتخاذ القرار , مشكلة المشكلات عند الناس عدم اتخاذ القرارات , الإنسان القوي إنسان صاحب قرار , الإنسان الضعيف متردد , التردد لا ينشأ نفوسًا ضعيفة فحسب بل يأتي بأمراض سيكلوجية و سيكسوماتية أي أمراض نفسية وجسمانية . التردد يبدأ بسيطاً في اتخاذ قرارات صغيرة ثم يكبر مع البرمجة والعادة وأغلب أمور حياتنا تعتمد على قرارات بسيطة و صغيرة , فكل ثانية تمر في حياتنا فيها مجموعة قرارات , حركات يدك ورجلك ودقات قلبك وهضم معدتك ودوران دورتك الدموية ودفاع خلاياك الجسمانية وغير ذلك , كل ذلك قرارات يتخذها العقل بوعي أو بغير وعي في الدقيقة بل والثانية الواحدة بل وجزء من الثانية , تصور تردد في مثل هذه القرارات , إن ذلك يعني مشاكل كثيرة صحية ونفسية .

إذن رمضان بسبب أنه يعوّد الإنسان المحافظة على نيته في الصيام فإنه يعوّد اتخاذا القرار , و اتخاذ القرار قوة وإرادة , فالإنسان كلما جدد نيته بالصيام وأسرع في اتخاذ القرار بذلك , ثم بالإمساك وقت الإمساك , وبالفطور وقت الفطور كلما عوّد نفسه اتخاذ القرار بسرعة و باستمرارية حتى يتبرمج على اتخاذ القرار .

3) الميزة الثالثة هي الإنجاز :

هذا الشهر الكريم يعوّد الإنسان الإنجاز . وأغلب الناس يريد أن يفتح عين ويغمض عين فإذا

هو في النعيم , لذا فهو يذهب إلى شيخ يقرأ عليه لعله يزيل منه الحسد أو العين أو السحر أو الجان إلى آخره , أو يذهب إلى طبيب يوصف له روشته سحرية لدواء خارق يحل مشكلته في ساعات أو أيام , أو يذهب إلى مختص في الأعشاب ليوصف له العشب السحري الذي يخرجه من الجحيم ويدخله في النعيم أو يذهب إلى مشعوذ أو ساحر أو كاهن أو عرّاف ليفتح عليه ويفك عنه الأذى .. هيهات .. هيهات ...

ما هكذا تُحَل الأمور !! ...

ما هكذا يحصل التغيير أو تأتي الحلول أو يحل التغيير أو يتغير الحال !!

التغيير يبدأ من الداخل ليس عند مشعوذ ولا عند الكاهن ولا عند المعالج ولا عند الطبيب ولا عند الشيخ ولا عند العطار .. التغيير أولاً وقبل كل شيء من عند الله والله وضعه في داخل الإنسان قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) .

الإنجاز تكون بدايته الصحيحة في النفس , هناك أناس حققوا الملايين وبنوا القصور وأثاروا الأرض لكنهم في أنفسهم ضعفاء تعساء , ماتوا فماتت دعواهم . رمضان يعلم الإنسان الإنجاز في فترة 30 يومًا مكثفة تصوم نهارك وتقوم ليلك فتشعر في نهاية شهرك أنك حققت ربحًا كبيرًا وأنجزت عملاً عظيمًا , والناس طبيعتها تبدأ متحمسة فتخف الحماسة مع الأيام , أما رمضان فيعلم الإنسان كيف ينجز إذ هي بداية قوية وبإرادة فتصبح أقوى بعد أيام , فإذا طالت المدة تقوت أكثر على غير عادة الكسالى والخائبين فدخل في العشر الأواخر فزادت العبادات وتنشط الكسالى وأطال المسلم ليله في التعبد ونهاره في التلاوة والذكر خاصة إذا كان معتكفًا , فإن لم يكن ففي العمل والذكر والتلاوة , فإذا قربت النهاية زيد من عمله فدخل في الليالي الأكثر بركة , وهكذا يكون الإنجاز الصحيح ، ابدأ عملاً ثم كثّف أكثر ثم إذا قربت من الإنجاز فشد أكثر حتى تتم العمل كله بإتقان وتمام .

4)الخروج عن المألوف :

الإنسان معتاد أن يقوم في وقت وينام في وقت ويذهب إلى العمل أو الدراسة ويعود ويأكل ويشرب ويتسوق إلى غير ذلك من أمور الدنيا في وقت معين ومحدد , في الغالب , عندما يأتي عليه شهر رمضان المبارك تتغير عليه الأمور ويخرج عن المألوف والروتين المستمر وتتجدد عليه الحياة , ويكاد يجمع العارفون و الباحثون في موضوع الإبداع على إن الإبداع خروج عن المألوف , وما أحوج الإنسان في كل زمان وبالذات في هذا الزمان إلى الإبداع والتجديد , كما أن كسر الروتين والخروج عن المألوف أحد الأعمال الضرورية للتغلب على القلق وضغوط الحياة . التجديد والتغيير لابد أن يكون في جدولك اليومي والأسبوعي والشهري والسنوي .

التغيير و التجديد سمة من سمات هذا الشهر بل ومن سمات هذا الدين العظيم ,حتى لا تمل النفوس وحتى تتجدد فتنطلق من جديد .

5) تنظيم الوقت:

من ميزات هذا الشهر الفضيل تنظيمه للأوقات , في ساعة معينة ومحددة الإمساك وفي ساعة معينة ومحددة الإفطار دقة التزام تنظيم . أغلب الناس لا يولي أهمية للوقت والتنظيم هو بالتالي لا يولي أهمية لحياته لأن الوقت هو الحياة , فالحياة عبارة عن وقت يمضي فتمضي ,

ففي شهر رمضان دقة والتزام و تنظيم للأوقات وترى الأمة بكاملها تجلس على مائدة الإفطار تنتظر الإعلان بالفطور , والأمة بكاملها تمتنع عن الطعام والشراب والجماع ساعة الإمساك , وترى الأمة صافّة في الصلاة والقيام والتراويح وشيء عجيب لو كان لك أن تنظر إليه من أعلى أو تشاهده من بعيد , أمة في غاية النظام و الدقة و الترتيب.

كثيرون يسألون : هل أستطيع أن أتغير بنفسي ؟

والجواب يعتمد ما الذي تقصده بنفسك ؟ هل تقصد دون التعلم بتاتًا من الآخرين وتجاربهم ؟؟

الذي يريد أن يتغير ويعرف كيف يتغير ويجتهد في الحصول على التغيير هو فقط الذي يصل لما يريد , ها هنا إذن ثلاثة شروط :

1-الرغبة . 2-المعرفة . 3- التطبيق .

الشرط الأول الرغبة الحقيقية في التغيير :

أن هناك كثيرين يقولون أنهم يريدون أن يتغيروا ولكن في قرارة أو أعماق أنفسهم هم لا يريدون ذلك وهذا المعنى عميق.

والشرط الثاني معرفة كيفية التغيير :

إن التطبيق ينبغي أن يكون مبنيًا على معلومة صحيحة .

· الشرط الثالث التطبيق :

هناك أناس يريدون أن يتغيروا وهم يعرفون كيف يتغيرون ولكنهم لا يطبقون فهم لا يتغيرون , التطبيق فقط هو الذي يأتي بالنتائج . هناك أناس يحسنون الكلام لكنهم لا يحسنون التطبيق , والتطبيق بإصرار وعزيمة بعد معرفة الطريق الصحيح هو الذي يأتي بالنتائج المرجوة .

وهناك شرطين ضرورين :

الشرط الرابع أن التغيير لا يأتي من الخارج :

التغيير يأتي من الداخل , من يرجو التغيير من فرد أو شخص قد تعلق في الهواء ... الله عز وجل يقول : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) هذه قاعدتنا الرئيسية إن تغيير أي أمر لابد أن يكون من داخل نفسك , أولاً غيره في داخلك . إن الذين يترددون على الأطباء والمشايخ والنفسانيين وربما المشعوذين والدجالين دونما أي تغيير في حياتهم يعني أنهم بحاجة إلى التغيير من الداخل أولاً . قد يطلب الإنسان استشارة لكي يحدد طريقه في التغيير ويعرف , ولكن لو استمر يطلب الاستشارة أو المساعدة ولا يطبق أو يطبق فلا نتائج فأنه قد يكون يطلب التغيير في الخارج دون أن يحدث تغييرا في داخل نفسه .

خامساً : العزيمة .

أغلب الناس يريدون عصا موسى أو خاتم سليمان وأود أن أخبر هؤلاء أن العصا والخاتم مفقودان منذ زمن وليس عندنا طريق إليهما

المقصود أن أغلب الناس يريدون أن يتغيروا في لحظة ، أتعرف السبب الحقيقي في عدم طلب الاستشارات النفسية والأسرية عند أكثر الناس ، السبب أنهم لا يريدون كل هذه المشقة في التغيير . إذا أدرت أن تتغير فعلياً فتغير بالطريقة الصحيحة فكل ما تحتاجه هو العزيمة.

v    شهر رمضان للصحة و الايمان

لعل أهم ما يميز شهر رمضان عن بقية العام هو الصيام الذي يعني الامتناع عن تناول الطعام والشراب وممارسة الشهوات خلال النهار ، بالإضافة الي الجو الروحاني الخاص الذي يميز هذا الشهر من المشاركة العامة بين الأفراد في تنظيم أوقاتهم خلال اليوم بين العبادة والعمل في فترات محددة وتخصيص أوقات موحدة يجتمعون فيها للإفطار ، وهذه المشاركة في حد ذاتها لها أثر إيجابي من الناحية النفسية علي المرضي النفسيين الذين يعانون من العزلة ويشعرون أن إصابتهم بالاضطراب النفسي قد وضعت حاجزاً بينهم وبين المحيطين بهم في الأسرة والمجتمع .. وشهر رمضان بما يتضمنه من نظام شامل يلقي بظلاله علي الجميع حين يصومون خلال النهار ، وتتميز سلوكياتهم عموماً بالالتزام بالعبادات، ومحاولات التقرب الي الله ، وتعم مظاهر التراحم بين الناس مما يبعث علي الهدوء النفسي والخروج من دائرة الهموم النفسية المعتادة التي تمثل معاناة للمرضي النفسيين فيسهم هذا التغيير الإيجابي في حدوث تحسن في حياتهم النفسية.

وللصوم آثار إيجابية في تقوية الإرادة التي تعتبر نقطة ضعف في كل مرضي النفس،كما أن الصوم هو تقرب الي الله يمنح أملاً في الثواب ويساعد علي التخلص من المشاعر السلبية المصاحبة للمرض النفسي ، كما أن الصبر الذي يتطلبه الامتناع عن تناول الطعام والشراب . والممارسات الأخرى خلال النهار يسهم في مضاعفة قدرة المريض علي الاحتمال مما يقوى مواجهته ومقاومته للأعراض المرضية ..ولهذه الأسباب فإننا في ممارسة الطب النفسي ننصح جميع المرضي بالصيام في رمضان ونلاحظ أن ذلك يؤدى الي تحسن .

 يتضمن الصوم فائدة كبيرة لكل المرضى الذين يعانون من إضطرابات نفسية مختلفة .. فالاكتئاب النفسي هو مرض العصر الحالي ، وتبلغ نسبة الإصابة به 7% من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية ، واهم اعراض الاكتئاب الشعور باليأس والعزلة وتراجع الإرادة والشعور بالذنب والتفكير في الانتحار ، والصوم بما يمنحه للصائم من أتمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس ، كما أن المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان يتضمن نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب علي المريض ، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة وتقاوم مشاعر الآثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة اعراض الاكتئاب .

 أما القلق فإنه سمة من سمات عصرنا الحالي ، وتقدر حالات القلق المرضي بنسبة 30-40% في بعض المجتمعات ، والقلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف علي المال والأبناء والصحة ، وشعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان ، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه أيضا راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر .

 والوساوس القهرية يعاني منها عدد كبير من الناس علي عكس الانطباع بأنها حالات فردية نادرة ، فالنسبة التي تقدرها الإحصائيات لحالات الوسواس القهري تصل الي 3% مما يعني ملايين الحالات في المجتمع ، وتكون الوساوس في صورة تكرار بعض الأفعال بدافع الشك المرضي مثل وسواس النظافة الذي يتضمن تكرار الاغتسال للتخلص من وهم القذارة والتلوث ، وهناك الأفكار الوسواسية حول أمور دينية أو جنسية أو افكار سخيفة تتسلط علي المرضي ولا يكون بوسعهم التخلص منها ، ويسهم الصوم في تقوية ارادة هؤلاء المرضي ، واستبدال اهتمامهم بهذه الأوهام ليحل محلها الانشغال بالعبادات وممارسة طقوس الصيام والصلوات والذكر مما يعطي دفعة داخلية تساعد المريض علي التغلب علي تسلط الوساوس المرضية .

من وجهة نظر الطب النفسي فإننا ننظر الي الصوم وقدوم شهر رمضان علي انه فرصة جيدة وموسم هام يساعدنا في مواجهة الكثير من المشكلات النفسية ، والمثال علي ذلك حالة المدخنين الذين اعتادوا علي استهلاك السجائر بانتظام خلال الأيام العادية بمعدل زمني لا يزيد عن دقائق معدودة بين اشعال سيجارة بعد سيجارة حتى يتم الاحتفاظ بمستوى معين من مادة النيكوتين التي تم تصنيفها ضمن مواد الإدمان .. أن قدوم شهر الصيام والاضطرار الي الامتناع عن التدخين علي مدى ساعات النهار هو فرصة للمدخنين الراغبين في الإقلاع لاتخاذ قرار التوقف نهائياً عن التدخين ، ونلاحظ بالفعل أن نسبة نجاح الإقلاع عن التدخين في شهر رمضان اكبر من النسبة المعتادة في الأوقات الأخرى والتي لا تزيد عن 20% بمعني أن كل 10 من المدخنين يبدأ ون في الإقلاع ينجح 2 فقط منهم  ويعود 8 الي التدخين مرة اخرى.

وبالنسبة للإدمان - وهو احدى المشكلات المستعصية التي تواجه الأطباء النفسيين - فإن تحقيق نتيجة إيجابية في علاج هذه الحالات يمكن أن تزيد فرصته مع صيام رمضان ، فالصيام تقوية للإرادة المتدنية لدى المدمنين ، وقبولهم تحدى الامتناع عن الطعام والشراب خلال نهار رمضان يسهم في تقوية إرادتهم ومقاومتهم لإلحاح تعاطي مواد الإدمان المختلفة ، كما أن شهر رمضان يذكر الجميع بضرورة التوقف عن ممارسة الأعمال التي تتنافى مع روح الدين ويمنح فرصة للتوبة والرجوع الي الله ، وهي فرصة كبيرة للخروج من مأزق الإدمان لمن لديه الدافع الي ذلك ..

 القاعدة الطبية المعروفة التي تؤكد أن الوقاية افضل وأجدى من العلاج تنطبق تماماً في حالة الأمراض النفسية ، فقد ثبت لنا من خلال الملاحظة والبحث في مجال الطب النفسي أن الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوى ، ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملهم هم غالباً اقل اصابة بالاضطرابات النفسية ، وهم اكثر تحسناً واستجابة للعلاج عند الإصابة بأي مرض نفسي ، والغريب في ذلك أن بعض هذه الدراسات تم اجراؤها في الغرب حيث ذكرت نتائج هذه الأبحاث أن الأيمان القوى بالله والانتظام في العبادات لدى بعض المرضي النفسيين كان عاملاً مساعداً علي سرعة شفائهم واستجابتهم للعلاج بصورة افضل من مرضي آخرين يعانون من حالات مشابهة ، والأغرب من ذلك أن دراسات أجريت لمقارنة نتائج العلاج في مرضي القلب والسرطان والأمراض المزمنة افادت نتائجها بأن التحسن في المرضي الملتزمين بتعاليم الدين الذين يتمتعون بإيمان قوى بالله كان ملحوظاً بنسبة تفوق غيرهم ، وقد ذكرت هذه الأبحاث أن شعور الطمأنينة النفسية المصاحب للإيمان بالله له علاقة بقوة جهاز المناعة الداخلي الذي يقوم بدور حاسم في مقاومة الأمراض .

 فأمامنا جميعاً فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب كثيرة في هذا الشهر الكريم ..  فالصيام وذكر الله في نهار رمضان ، والتقرب الي الله بالعبادات في هذا الشهر من الأمور الإيجابية التي تنعكس علي الصحة النفسية للجميع .. والفرصة كبيرة أمام اخواننا ممن يعانون من الاضطرابات النفسية لتدعيم تحسن حالتهم ومساعدتهم في الخروج من المعاناة النفسية .. كما أن الفرصة الذهبية هي من نصيب إخواننا الذين هم آسري لعادة التدخين التي تهدد صحتهم ويمكن أن تودي بحياتهم ، وللذين وقعوا في مأزق الإدمان علي المواد المخدرة .. كل هؤلاء يمكنهم في هذا الموسم بالذات الاستفادة من هذه الفرصة في شهر رمضان الذي استقبلناه ونعيش أيامه ولياليه في جو روحاني رائع .. ونتمنى أن يكون هذا الشهر مناسبة مباركة يتم فيها شروق أمل في نهاية المصاعب والمتاعب التي يعانى منها المسلمون في أنحاء العالم .. وأن يشهد رمضان في الانتصار والخير والسلام للإسلام والمسلمين و العراق وشعبه الامين  ..  أنه سميع مجيب

اللهم احفظ الاسلام واهله

اللهم احفظ العراق و شعبه

 

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك