الشيخ محمد الربيعي ||
ان من الامور التي هي جدا مهمة في قضية الظهور الحق للامام المهدي ( ع ) ، الطليعة الواعية البصيرة ،
من المناصرين و المؤيّدين .
محل الشاهد :
إنّ وجود المناصرين المؤازرين المنفِّذين بيَدي ذلك القائد الواحد شرطٌ أساسٌ وحسّاس من شرائط الظهور .
ويتعيّن القول به بعد نفي فرضيّتين :
▪️الفرضيّة الأولى: أن يفترض أنّ هذا الفرد الواحد يغزو العالم بمفرده : وهو واضح الامتناع والبطلان، مهما أُوتي الفرد من كمال عقليّ وجسميّ، بعد التجاوز عن الفرضيّة الآتية، وهو إيجاد المعجزة من أجل تحقيق النصر .
▪️الفرضيّة الثانية: أنّ هذا القائد يغزو العالم عن طريق المعجزة، وهذا غير صحيح، وذلك لوجوه عدّة، وهي :
▪️أ- إنّ الدعوة الإلهيّة لو كانت على طول التأريخ قائمة على إيجاد المعجزات من أجل النصر، لما وُجد على وجه الأرض منذ خلقت أيّ انحراف أو ضلال، ولَما احتاج الأمر إلى قتال وجهاد .
في حين أنّ الدعوة الإلهيّة قدّمت آلاف الأنبياء ( ع ) ، والعاملين بهديهم كشهداء في طريق الحقّ، بما فيهم الأئمّة المعصومون عليهم السلام .
▪️ ب- إنّ الدعوة الإلهيّة على طول الخطّ قد ارتكزت على التربية الاختياريّة للفرد والأُمّة على السواء، وذلك أنّه بعد أن وهب الله تعالى الإنسانَ السمعَ والبصر والفؤاد؛ أي العقل والاختيار، وهداه النجدَين: طريق الحقّ وطريق الباطل، وحمّله مسؤوليّة أعماله والأمانة الكبرى التي رفضت السماوات والأرض أن تحملها، وحملها الإنسان، وبها تبدأ فكرة التمحيص.
ومن المعلوم أنّ الإيمان الممحَّص، ولو بشكله البسيط يكون أثمن وأرسخ من الإيمان القهريّ؛ فإنّه يتّصف بالضحالة والضعف، وبقلّة الاستجابات الصالحة المطلوبة من قِبَل الإنسان.
وهذا الإيمان القهريّ يمكن أن ينتج من جوّ المعجزات.
إذاً، فحيث تنتفي هاتان الفرضيّتان، يتعيّن المطلوب، وهو احتياج القائد، في تطبيق العدل على العالَم، إلى الناصرين والمؤيّدين لكي ينتشر الجهاد انتشاراً طبيعيّاً.
وتندرج، في هذا الشرط، الصفاتُ الأساسيّة التي يجب أن يتّصف بها هؤلاء المريدون؛ ليكون هذا الشرط في واقعه: وجود المؤيّدين على النحو المعيّن، لا المؤيّدين كيف كان.
و للمناصرين والمؤيّدين شرطان متعاضدان ، يكمّل أحدهما الآخر، ويندرج تحتهما سائر الأوصاف.
▪️أحدهما: الوعي والشعور الحقيقيّ بأهميّة عدالة الهدف الذي يسعى إليه، والأُطروحة التي يسعى إلى تطبيقها.
▪️ثانيهما: الاستعداد للتضحية في سبيل هدفه، على أيّ مستوى اقتضته مصلحة ذلك الهدف.
وبمقدار ما يوجد في نفس الفرد من هاتين الصفتين، يكون الفرد قابلاً للعمل الاجتماعيّ والجهاد في سبيل الحقّ.
وبمقدار ما يفقد الفرد من هاتين الصفتين، يكون عاجزاً عن العمل والجهاد مهما كان مخلصاً في تديّنه، ولكنّه كان منعزلاً عن المجتمع.
ومن هنا، استهدف التخطيط الإلهيّ إيجادَ التمحيص الذي يربّي الأُمّة التربية التدريجيّة البطيئة نحو إيجاد هذين الشرطين، وتكاملهما في نفوس الأفراد، بحيث يكونون قابلِين لقيادة العالم .
قد يقال بلزوم شرط اخر وهو وجود قواعد شعبيّة كافية ذات مستوى مطلوب من حيث الوعي والتضحية من أجل هذا التطبيق , لتكون هي رائدة اليوم الأوّل في اليوم الموعود.
فإنّ المخلصين الممحَّصين الذين يمثّلون الطليعة الواعية لغزو العالم. وأمّا تطبيق الأُطروحة فيحتاج إلى عدد أكبر من القواعد الشعبيّة الكافية, ليكونوا هم المُثُل الصالحة لتطبيق الأُطروحة العادلة الكاملة في العالم.
يتأكّد توافر هذا الشرط ، باعتبار وضوح توافر سائر الشروط في دعوته ( ع) ، وعدم وجود بوادر انخرامها إلّا فيما يعود إلى هذا الشرط، فإنّ دعوته مبدئيّة ذات قيادة، وهو بشخصه القائد.
ونلاحظ أمير المؤمنين ( ع ) كان يعاني من توافر المناصرين ، حيث نراه في العهد الأخير من خلافته يخاطب أصحابه بأنّهم ملأوا قلبه قيحاً، ويتمنّى إبدالهم بخير من صرف الدينار بالدرهم، وهذا راجع في حقيقته للظروف التي كان يعيشها المجتمع يومذاك.
وحينما تولّى الإمام الحسن ( ع ) مركز الخلافة والقيادة، وحاول مناجزة القتال للجهاز المنحرف الحاكم، تفرّق عنه جيشه، واستطاع معاوية شراء ضمائر قادة الإمام ( ع) واحداً بعد واحدٍ، حتّى لم يبقَ معه ( ع ) من جيشه ناصر؛ فاضطُرّ إلى الصلح مع معاوية، وهذا في واقعه، رجوع إلى المحافظة على الدعوة المبدئيّة بعد انخرام المناصرو المؤيد ، أو الرجوع إلى التقيّة بعد عدم وجود الناصرين المؤيّدين.
ويأتي بعده دور الإمام الحسين بن عليّ ( ع )، فتأتيه مئات الكتب من العراق، من الناصرين المؤيّدين الثائرين على الحكم الأمويّ المنحرف، فتتوافر له الحجّة بوجود الناصر بعد توافر الشرائط الأُخرى، فيشعر بوجوب قيامه بالدعوة الإلهيّة والثورة لطلب الإصلاح في أمّة جدّه الخاتم ( ص) ، ويأتي دور الأئمّة المعصومين ( ع ) ، المتأخّرين عن الإمام الحسين ( ع )، فيبدأ عصر الهدنة، كما سُمّي بذلك من
قبلهم ( ع ) ، وذلك باعتبار عدم توافر الشرط من المناصرين و المؤيدين ، وذلك باعتبار عدم توافر ا
لاانعدام الناصرين المخلصين، أو قلّتهم عن المقدار الكافي للثورة.
ويتّضح ذلك بجلاء من موقف الإمام الصادق ( ع ) ، تجاه مبعوث الثورة الخراسانيّة إليه، الذي كان يقول له إنّ الثائرين هناك من أصحابه ومؤيّديه، فلماذا لا يقوم بالجهاد والمطالبة بحقّه في الحكم المباشر، قائلاً: يابن رسول الله، لكم الرأفة والرحمة، وأنتم أهل بيت الإمامة، ما الذي يمنعك أن يكون لك حقّ تقعد عنه، وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يديك بالسيف.
فقال له (ع): اجلس يا خراسانيّ، رعى الله حقّك، ثمّ قال: يا حنيفة، أسجري التنّور، فسجرته حتّى صار كالجمرة وابيضّ علوّه، ثمّ قال: يا خراسانيّ! قم فاجلس في التنّور. فقال الخراسانيّ: يا سيدي، يابن رسول الله، لا تعذّبني بالنار، أقلني أقالك الله، قال (ع ): أقلتك.
قال الراوي - وهو حاضر في ذلك المجلس -: فبينما نحن كذلك، إذ أقبل هارون المكّيّ، ونعله في سبّابته، فقال: (ع ) يابن رسول الله، فقال له الإمام الصادق ( ع ): ألقِ نعلك من يدك واجلس في التنّور، قال: فألقى النعل من سبّابته، ثمّ جلس في التنّور. وبعد هنيهة، التفت إليه الإمام ( ع ) ، وقال: كم تجد في خراسان مِثْلَ هذا؟ فقال: والله، ولا واحداً. فقال: أما إنّا لا نخرج في زمان لا نجد فيه خمسة معاضدين لنا، نحن أعلم بالوقت .
مما اتضح اعلاه نكتشف ان من الضروري على الامة السير على النهج الصحيح ، لتعجيل فرج الامام الحجة ( ع ) .
🔹 *المهدوي و العدالة*🔹
▪️هناك عنوان كبير ، و هو العدل الشَّامل الّذي يشير الحديث إليه: ( يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً ) ..
و معنى ذلك ، أنَّ العدل الشَّامل هو هدفٌ للحياة كلِّها ، وهو في الوقت نفسه خطّ الإسلام..
وهذا ما نجده واضح جدا في للقرآن ، سورة الحديد يقول: [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَ الْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ]، و القسط هو العدل ، فمنذ آدم حتى نبيّنا الخاتم محمَّد(ص) ، كانت الرّسالات حركة عدل؛ عدل في العقيدة و في الشّريعة و في المفاهيم ، و في الواقع في علاقة الإنسان بنفسه و بربّه و بالنّاس من حوله و بالحياة .
▪️و نرى أنَّ مسألة العدل هي مسألة القاعدة الّتي يرتكز عليها الإسلام ، ولا بدَّ من أن نحمله في أنفسنا ، فيعدل الإنسان مع نفسه ، فلا يظلم نفسه بالكفر والانحلال و الانحراف، و أن يعدل مع ربّه ، فيوحِّده و لا يشرك به شيئاً ، و يطيعه ولا يعصيه ، و العدل مع النَّاس فلا يظلم أحداً ، و العدل مع الحياة فلا يبغي في الأرض بغير الحقّ ، و أن يتحرَّك العدل في حياتنا كشعارٍ ننطلق به في كلِّ مواقعنا ، بأن نعيش العدل في أنفسنا وفي علاقاتنا مع بعضنا البعض وفي علاقاتنا بالواقع .
▪️و لعلَّ مشكلة أكثر الحركات الإسلاميَّة و غير الإسلاميَّة، مما يتحرَّك في عمليَّة التَّغيير السّياسيّ ، أنّهم يطرحون العدل السياسيّ في مستوى الحكم ، ولا يطرحون العدل الفرديّ والعدل الاجتماعيّ ، و نحن نعرف أنَّ العدل الفرديّ يؤسِّس للعدل الاجتماعيّ ، و العدل الاجتماعيّ يؤسِّس للعدل السياسيّ .
▪️ لأنَّ مسألة التَّغيير هي مسألة الإنسان ، [ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ] ، فإذا لم تغيّر نفسك لمصلحة العدل ، فكيف يمكن أن يتغيّر الواقع، فأنت في الحقيقة صانع الواقع ، لأنَّ الله أوكل إليك مهمَّة صنعه ، ولأنَّ الله أراد للإنسان ، و هو خليفته في الأرض ، أن يرتّب الأرض بحسب قدرته و إرادته و وعيه على الخطِّ الذي أراده في رسالاته .
▪️أتعرفون لماذا لم تنجح أكثر الدّعوات الإسلاميّة و أكثر الدّعوات غير الإسلاميّة ، سواء الإصلاحيّة أو التغييريّة؟!
لأنَّ الَّذين يطلقونها ليسوا عادلين ، و لأنهم يعيشون العصبيّة الشخصيّة ، و إذا تجاوزوا العصبيّة الشخصيّة ، فإنهم يعيشون العصبيّة الفئويّة ، فبدلاً من أن تنطلق الحركة لتنفتح على الناس كلّهم ، لأنهم هم مسؤوليّتها ، فإنها تنغلق على نفسها ، و تعتبر نفسها العنصر المميّز الذي ينظر إلى الناس من فوق ، و الّذي يبدأ و هو يحدِّق في داخله في التآكل من الدّاخل ، لسببٍ بسيط ، و هو أنَّ الإنسان عندما يمنع غرفةً من تنسّم الهواء ، فإنّ الغرفة تبدأ بالتعفّن ، وإذا منعت نفسك من أن تتنفَّس الهواء في الفضاء الواسع ، و عشت في داخل زاوية ضيّقة من نفسك، فإنّك سوف تتعفّن، وهكذا تتعفّن حركتك ، و سوف يتعفّن واقعك..
▪️و على هذا، فلا بدَّ لنا دائماً كأفراد و جماعات و حركات ، من أن نعيش في الهواء الطلق ، وأن لا نحبس أنفسنا في زاوية شخصانيّة ، أو في زاوية فئويّة ، أو في زاوية عائليّة ، أو في زاوية طائفيّة ، أو مذهبيّة ، بل أن ننفتح على الهواء الطّلق ، لنكون للناس كلّهم ، و لنكون للإسلام كلّه ، و لنكون للإنسان كلّه، فانظر إلى الإسلام كلّه، واختر مذهبك من الإسلام.
▪️ إذا أردنا للواقع أن يتغيّر ، فعلينا أن نخرج أفكارنا و عواطفنا و مشاعرنا من هذه الزنزانة الضيّقة.. أتعرفون لماذا يملأ الإمام الأرض قسطاً وعدلاً؟
لأنَّ عقله سوف يكون عقل العالم ، و لأنَّ قلبه سوف يكون مفتوحاً للعالم ، و لأنَّ حركته لن تتجمَّد في زاوية عرقيّة أو إقليميّة أو قوميّة أو ما إلى ذلك ، بل تكون للإنسان كلّه ، فالله ربّ العالمين، و الرّسول رسول للعالمين ، والإمام إمام للعالمين ، ولا بدَّ من أن يكون المصلح للعالمين جميعاً ، و عندما تقرأون كلمة ربّ العالمين، فعليكم أن تعرفوا أنَّ الله إذا كان يطلّ برحمته و بعفوه و بكرمه و عطائه على العالمين جميعاً ، لتكن رحمتنا للعالمين ، وحركتنا للعالمين، وتفكيرنا بآلام العالمين، وإذا استطعت أن تحصل على هذا الأفق الواسع ، فسوف تحلّ مشكلة عالمك الصَّغير هنا و عالمك الصّغير هناك ، لأنها لن تُحَلّ، ولا سيَّما في هذه الأزمنة، مشكلة شعبٍ إذا لم تُحَلّ مشكلة الإنسان كلّه ، لأنّ المشاكل أصبحت مترابطة و العالم قرية واحدة .
▪️ لذلك، إذا كنت تريد أن تكون مسلماً في حجم ما عاشه رسول الخاتم الله(ص) ، فتذكَّر قوله تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ]، وقوله: [ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ]، إذا كنت تريد أن تعيش ذلك، فكن إنسان العالم الّذي يفكّر في حجم العالم بمستوى قدرته ، من أجل أسلمة العالم بالحكمة و الموعظة الحسنة،
والجدال بالّتي هي أحسن، و الأمر بالمعروف، و النَّهي عن المنكر، و الجهاد بحجم الظّروف .
اذن من هذا نعلم لماذا العدل هو مرتبط وقد ارتبط ارتباط و ثيق بقضية الامام المهدي ( عج )
● *رقم 313 في القضية المهدوية* ●
▪️[ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا ]
▪️العدد ثلاث مائة وثلاثة عشر هو عدد الجيش الذي شارك في معركة بدر , ونجد ان الائمة (صلوات الله عليهم) يذكرون ان اصحاب الامام المهدي (صلوات الله عليه) هم بعدد اصحاب بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر , و هناك هي الاشارة الى اهمية نهضة الامام وصلابة اصحابة كاهمية معركة بدر وصلابة الاصحاب فيها .
وقد وضعت الاخبار الشريفة لهم اوصافا .
وكلنا تواق الى ان يكون من ضمن هذا الرقم المعني منه عدد قادته ، او من ضمن جنودهم و مناصريهم ....
محل الشاهد :
▪️ان 313 هم جنود العدل ، لان الله يريد لنا أن نكون جنود العدل وأن نرفض المستكبرين لصالح المستضعفين، لأنه سبحانه وتعالى لا يريد للمستضعفين أن يستضعفوا أنفسهم، ولا يريد لنا أن نترك المستضعفين تحت سيطرة المستكبرين.
▪️أما الجانب الأوّل، فهو قوله تعالى: [ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا* إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا* فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورً ]. ▪️فالمستضعف الذي يملك أن يخرج عن استضعافه، والمستضعف الآخر الذي يملك أن يحوّل ضعفه إلى قوّة لينطلق في مواجهة المستكبرين من موقع قوّة جديدة، لا يعذره الله إذا انحرف تحت تأثير سيطرة المستكبرين عليه.
▪️أمّا الآية الثانية التي تريد لنا أن نقاتل في سبيل المستضعفين، فإنَّ الله يحدّثنا عن الذين يقاتلون في سبيل المستضعفين بقوله: [ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ ].
ونحن نعرف أن من أهداف الإسلام، هو القتال في سبيل المستضعفين. لهذا، فالله يريدنا أن نقاتل في سبيل المستضعفين، حتى لو كان المستضعفون غير مسلمين في بعض الحالات، فمسألة الاستكبار هي مسألة واحدة يرتبط بعضها ببعض، ذلك أن أيّ قوة للاستكبار في موقع، تعطيه قوّة في المواقع الأخرى، وأيّ ضعف للمستضعين في أيّ موقع، يكون ضعفاً للمستضعفين في موقع آخر.
▪️ومن هنا، نعرف لماذا لا يريد الله الظّلم كلّه، حتى ظلم المسلمين الكافرين، وقد ورد عندنا في (الكافي) عن أحد أئمة أهل البيت(ع): "أوحى الله إلى نبيّ في مملكة جبّار من الجبارين، أن ائتِ هذا الجبّار، وقل له إني إنما استعملتك لتكفّ عني أصوات المظلومين، فإني لم أدع ظلامتهم ولو كانوا كفاراً".
▪️فلا يجوز للمسلمين أن يظلموا الكافرين، بمعنى أنه إذا كان للكافر حقّ عندك، فلا يجوز لك أن تغمطه حقه، ولا يجوز لك أن تظلمه حقه. وأن تقاتل الكافر عندما يكون محارباً أو مفسداً في الأرض، فهذا شيء آخر، ولكن في الحياة العامَّة، إذا كان للكافر حقّ عندك، فلا يجوز لك أن تمنعه حقَّه.
▪️ونحن ـ أيها الأحبة ـ عندما نعيش في واقعنا المعاصر الذي يسيطر فيه الاستكبار العالمي على مقدّرات المستضعفين في العالم كلّه، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، فإن علينا أن ندرس المسألة في دائرتها السياسية والاقتصادية والأمنية، وأن ندرس كيف يمكن أن نقف ضد المستكبرين. فالهدف الكبير هو أن نسقط استكبار المستكبرين، بحيث لا تقوم لهم سلطة على المستضعفين في العالم، سواء فيما يتحركون به من مصادرة ثروات الشعوب، أو من مصادرة أمنهم، أو من محاولة مصادرة سياستهم، بحيث تكون سياستنا على هامش سياستهم، وأن لا يكون لنا استقلال في اقتصادنا وفي سياستنا وفي أمننا وفي قضايانا الحيويّة، بل لتكون بأجمعها تحت سيطرتهم، وهذا الاستقلال هو هدف إسلاميّ كبير، إذ لا بدّ لنا من أن نقمع استكبار المستكبرين، ليعيش المستضعفون على أساس أن تكون لهم الحريّة في خطّ العدالة.
تحالف المستضعفين
▪️ إنّ علينا أن نفكّر بأن نتحالف أو ننسّق بين المستضعفين في العالم، وان نكون على درجة كبيرة من الوعي للواقع السياسي في العالم، سواء واقع المسلمين في مقابل غير المسلمين، أو واقع المستضعفين في مقابل واقع المستكبرين، وهذا مانلمسه من الشعارات التي اطلقها سماحة اية الله العظمى السيد المجاهد العارف روح الله الخميني ( قدس سرة ) ، حيث أطلق شعارين في بداية الثورة، هما "( أيها المسلمون اتحدوا اتحدوا) "، ثم أطلق "( يا مستضعفي العالم اتحدوا) "، لأنه أدرك أن المسلمين لن يكونوا قوّة في إسلامهم إلا إذا اتحدوا، حتى يمكن أن يواجهوا الكفر والاستكبار من موقع واحد...
▪️لذلك ـ أيها الأحبة ـ علينا أن لا نسقط أمام قوة الأقوياء، وأن نعمل على أساس أن لا نجترّ ضعفنا لنزداد ضعفاً بعد ضعف...
اللهم احفظ الاسلام و اهله
الللهم حفظ العراق و اهله
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha