الشيخ محمد الربيعي ||
· العباس ( ع ) خير النصير لرسالة
دور الشخص الثاني في مسيرة الدفاع عن الرسالة دور هام وجدي ، ألا ترى كيف ان الامام علي ـ عليه السلام ـ كان دوره العظيم في الدفاع عن الاسلام ، وعن القرآن ، وعن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ دورا اساسيا ؟ وكذلك كان دور أبي الفضل العباس ـ عليه السلام ـ بالنسبة إلى أخيه الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ ، وكما كان دور مالك الاشتر للدفاع عن الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ، وفيما يتصل في حياة الانبياء كان هكذا دور هارون بالنسبة إلى موسى ابن عمران ـ عليهما السلام ـ .
ان الشخص الثاني في مسيرة الرسالة حينما يذوب وينصهر في شخصية القائد الاول ويدافع عنه ، ويبالغ في احترامه ، ونصرته والنصيحة له ، يضرب المثل الصالح للآخرين ، ولما يجب ان يكونوا عليه تجاه القائد . فلقد ضرب الإمام علي ـ عليه السلام ـ أروع الأمثلة للمنهج الذي كان ينبغي للمسلمين ان يتعاملوا به مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ . وهذا كان أمرا مهما ، لان الناس يمكنهم ان يقتدوا برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في أمور كثيرة ، ما عدا أمر واحد ، وهو كيفية احترام الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ ، ونوعية الدفاع عنه ، ومنهجية التعامل معه . ففيما يتصل بهذا الجانب ، تحتاج الامة إلى قدوة عملية ، وكان الإمام علي ـ عليه السلام ـ هو ذلك القدوة ، حيث علم الناس كيفية التعامل مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، وكيف ينبغي احترام مقامه ، وكيف ينبغي انه يفديه بنفسه في منامه في فراشه في ليلة الهجرة ، وفي دفاعه عنه في الحروب وكيف كان يذب عنه ، ويقي نفسه بنفسه .. ولولا الإمام علي ـ عليه السلام ـ وهذه المنهجية ، لم يعلم المسلمون كيف يتعاملون مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، ولعلهم كانوا يرفعون أصواتهم فوق صوته ، ويتقدمون عليه ، وربما يخاطبونه كما يخاطب بعضهم بعضا ، وقد مرت عشرات السنين على رحيل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ . وسئل الإمام علي ـ عليه السلام ـ لم لا يختضب ؟ فقال ـ عليه السلام ـ : نحن في عزاء رسول الله .
وقبيل شهادته يسأله اصبغ بن نباته ويقول له : أنت أفضل أم محمد ؟ فيقول الإمام علي ـ عليه السلام ـ له : انا عبد من عبيد محمد .
لقد كان الإمام علي تجليا لشخصية رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ واخلاقه وعلمه ، وآية لصدق رسالته ، ومبالغا في الدفاع عن رسالته ..
وهكذا كان سيدنا العباس ـ عليه السلام ـ بالنسبة إلى اخيه وامامه وحجة الله عليه والسبط المنتجب الحسين ـ عليه السلام ـ .
كان العباس ـ عليه السلام ـ فقيها من فقهاء أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ، وكان القائد الشجاع والكريم المضياف ، والعــابد الزاهد ، وكان بالتالي شخصية متكاملة من جميع الجهات ، ولكنه كان منصهرا في شخصية أخيه الحسين ـ عليه السلام ـ ، ومبالغا في طاعته والنصيحة له ، وهكذا عرف الناس كيف ينبغي ان يتعاملوا مع الإمام ـ عليه السلام ـ .
لقد عرفهم عمليا مقام أبي عبد الله الحسين ـ عليه السلام ـ ، ذلك لان أكثر الناس لا تسمو البصيرة بهم إلى معرفة مقام الأئمة المعصومين ، ومقام ولايتهم . وهكذا نجد النبي موسى ـ عليه السلام ـ يدعو ربه ان يجعل له وزيرا من أهله حيث يذكر لنا القرآن ذلك بالقول :
﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ وهكذا علينا ان نفقه مقام الأئمة المعصومين ـ عليهم السلام ـ ، ومن نصبهم الأئمة من العلماء الربانيين ، نفقه مقامهم ، ومنهج التعامل معهم من خلال معرفة سيرة أبي الفضل العباس ـ عليه السلام ـ والتي نعرفها من خلال زيارته .
ذلك لانه لا يسمو كل الناس إلى مستوى القيادة ، ولكن كل الناس يتعاملون مع القيادة ؛ وأبو الفضل العباس ـ عليه السلام ـ يعطيك المنهج الأمثل في الدفاع عن الدين ، وعن أهل بيت الرسالة ، وعن القيادات الشرعية التي فرض عليك طاعتهم واتباعهم والدفاع عنهم . وهذا درس عظيم نتعلمه من أبي الفضل ، وانه لدرس هام لانه يساهم في بناء التجمع الرسالي ، والبنيان التوحيدي بناءا رصينا قويا قادرا على تحدي اعاصير الفتنة ، وعواصف الشهوات .
فسلام الله عليك يا أبا الفضل العباس يوم ولدت للدفاع عن الحسين ويوم استشهدت في سبيل الإسلام تحت راية الحسين ، وحين تبعث حيا مع الحسين سلام الله عليكما ورحمته وبركاته .
· ماهو سر الموجود بالعباس ( ع ) ؟
ما هو السر في ذلك ؟
هذا السؤال يحمله الكثيرين في داخلهم ويتناقله البعض فيما بينهم قائلا : انه هناك قمما مضيئة في تأريخنا ـ نحن الموالين لأهل بيت الرسالة ـ ، ابتداءا من أصحاب الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى انصار الإمام علي ـ عليه السلام ـ إلى حواري الإمام الحسن ـ عليه السلام ـ ،والى أصحاب سائر الائمة المعصومين ـ عليه السلام ـ ، وان بينهم الفقهاء والقادة والابطال ، ولكن نور اولئك يخبو إذا سطع أبو الفضل العباس ـ عليه السلام ـ . لماذا ؟
كان جواب الأفاضل والعلماء متقاربا حيث قالوا : ان السر في ذلك ان العباس ـ عليه السلام ـ باب الحوائج ،فما من احد طرق هذا الباب إلا قضيت حاجته .
وهناك الدعاء المعروف الذي يتلوه المؤمنون حينما تصيبهم ضائقة ، وتحيط بهم بائقة ، يقولون : " الهي بحق كاشف الكرب عن وجه اخيه الحسين ـ عليه السلام ـ اكشف كربي " .
قلت بلى .. ونحن كلنا جربنا ذلك دائما ، بل لا يمر علي يوم إلا واشاهد هذه الحقيقة . فكلما اصابتني ازمة ، واصابتكم دعوت ودعوتم الله سبحانه وتعالى ، وتوسلت وتوسلتم اليه بأبي الفضل العباس باب الحوائج ونذرت ونذرتم له علي مئة صلاة على النبي وآله لاهدي ثوابها إلى روحه الكبير ، فإذا بالكربة تنكشف ، والازمة تتفرج .
ولكن السؤال العريض لماذا خص الله سبحانه وتعالى أبا الفضل عليه السلام بهذه الميزة العظيمة ؟ فما من احد في شرق الارض وغربها ، يدعو الله بكربة أبي الفضل ، إلا ويفرج الله كربته ؟ لماذا ، ماهو السر في ذلك ؟
كان الجواب ما يلي :
لعل احدا من أصحاب الحسين وأهل بيته ـ عليه وعليهم السلام ـ لم يمر بلحظة حيرة ، كما عاناها سيدنا العباس في وسط المعركة . حيث كانت امنيته الوحيدة ايصال الماء إلى المخيم ، حيث يتلظى الأطفال عطشا . لقد كانت القربة التي حملها ببقايا يديه النازفتين ، كانت أغلى عنده من حياته . وكان عشرات المئات من الرماة يمطروه بوابل من السهام ، فاختار العباس طريقا قريبا إلى المخيم بين النخيل ، لعله ينجو من الأعداء بالقربة . ولكن الخيبة الكبرى كانت عندما وجد العباس سهما يخترق القربة ، ويسيل ماءها ، هنالك سالت نفسه مع ذلك الماء فوقف وسط المعركة فلا يدين يذب بهما عن امام زمانه الحسين ـ عليه السلام ـ ، ولا أمل له في الحياة . فوقف آيسا من الحياة عازما على الموت .
بلى .. لعل تلك اللحظة التي عاشها أبو الفضل بكل صبر ويقين كانت عظيمة عند الله فعوضه الله عنها بأن جعله بابا للحوائج أوليس قد خابت حاجته في الدنيا .
بلى .. كذلك كان أبو الفضل ، وكذلك يعطي الله سبحانه عباده الصالحين الذين يخلصون العمل له ، يعطي لهم أجرا جزيلا وفضلا كبيرا ، وقد قال تعالى :
﴿ ... إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
وقال سبحانه :
﴿ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
فاذا اخلد الله ذكر الانبياء ، وجعل السلام عليهم في العالمين ، لانهم كانوا محسنين ، ولانه لا يضيع أجر المحسنين فلم تستغرب اذا أكرم أبا الفضل العباس على موقفه العظيم .
عندما جعل أمنيته سقاية أهل بيت الرسالة ، ولم يبال بقطع يمينه في سبيل الله ، بل قال وبكل صراحه :
و الله إن قطـعتم يميـني *** إني أحامي أبدا عن ديني
وعن إمـام صادق اليقين *** نجل النبي الطاهر الأمين
ثم قطعت شماله فلم يبال ، بل انشد يقول :
يا نفس لا تخشى من الكفار *** وابشري بـرحمة الجبار
مـع النبي السيـد المختار *** قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا رب حر النار
لقد اختصر ذلك الموقف حياة أبي الفضل ، واظهرت شخصيته الرائعة التي كانت نتيجة جملة عوامل تكاملت وتسامت .
· العباس ( ع ) صدق ماعاهد الله عليه
يقول تعالى في كتابه العزيز: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب: 23].
من مصاديق هذه الآية المباركة، أبو الفضل العباس(ع)، وهو من هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لله، وضحوا بها في سبيل إعلاء كلمته ونصرة دينه، وعاهدوا الله على الوفاء له ولعباده الصّالحين، فقدموا أرواحهم فداءً للرسالة.
في ذكرى شهادته نعيش في أجواء العزّة والكرامة والشّهامة التي رسمها العباس(ع) بدمائه الطاهرة، ونعيش الإباء ورفض الظّلم، والتعالي عن الصّغائر، والتضحية في سبيل الهدف الأسمى، وهو رضا الله تعالى.
في أجواء الإمام الحسين(ع)، نلتقي بالرّجل الكبير أبي الفضل العبّاس(ع)، هذا الإنسان الذي يقول عنه الإمام الصّادق(ع) في كلمات مختصرة، ولكنّها تعطي عناصر الشخصيّة الّتي تفسّر كلّ ما قام به العباس(ع)، مع أنَّ التاريخ لم يحدّثنا عن الكثير من تفاصيل حياته: "كان عمّنا العباس نافذ البصيرة"، فلقد كان يتمتع ببصيرة في عقله يبصر بها الحقّ، وبصيرة في قلبه يبصر بها مواطن الإحساس والشّعور والعاطفة، فيما يحبّه الله ويرضاه من الجانب العاطفي للإنسان، وكان يملك البصيرة في حركته في الحياة، عندما يواجه الخطّ المستقيم والخطّ المنحرف.
وكان "نافذ البصيرة، صلب الإيمان"، فلم يكن إيمانه الإيمان الّذي يمكن أن يهتزّ أمام التحدّيات، سواء كانت تحدّيات الترغيب أو الترهيب، ولذلك عندما نادى (الشِّمر): أين بنو أختنا؟ أين العبّاس وإخوته؟ لأنه كانت هناك خؤولة تربطه به، نرى أنّ العباس رفض أن يستجيب، ولكنّ الإمام الحسين(ع) قال لهم: استجيبوا له، فإنه بعض أخوالكم، وإن كان فاسقاً.. وعندما طرح عليه الشّمر الأمان، ردَّ عليه بكلامٍ قاسٍ، ليؤكِّد له أنّ القضيّة ليست قضيّة أمان وبحث عن الحياة الوادعة الرخيَّة، ولكنّها قضية رسالة نبحث عن حركتها في الواقع.
وجاهد مع أبي عبدالله الحسين(ع) وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً، ونحن نقرأ في الزيارة: "السّلام على العبد الصَّالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين وللحسن والحسين، فنِعْمَ الأخ المواسي"، كما أنّنا نلتقي مع حركة (العباس) في قتاله في هذين البيتين اللّذين قد يكونان رجزاً له، وقد يكونان لسان حاله عندما قطعت يمينه:
والله إن قطعتُم يميني إنّي أحامي أبداً عن ديني
فالإمام الحسين(ع) هناك يقول: "خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدّي"، في خطّ الدعوة. والعبّاس هنا يطلقها دفاعاً عن خطّ الدعوة أيضاً، فعندما وصلت الأمور حدّاً أنّ الدّين يواجه التحدّيات التي تريد إسقاطه، وقف العباس(ع) محامياً وذابّاً ومدافعاً: "إنّي أحامي أبداً عن ديني"، ليبيّن أنَّ هذه الحركة إنما كانت حركة إصلاح في أمَّة رسول الله(ص) وحمايةً للدّين، "وعن إمامٍ صادق اليقين"، ولم يقُل عن أخي، لأنّ القضية في وعي العباس وفي وجدانه، لم تكن قضيّة أخوّة يدافع عنها، ولكنّها كانت قضيّة قيادة يدافع عن حركتها وعن رسالتها في حركة التحدّيات التي واجهها.
وعن إمامٍ صادقِ اليقينِ نجلِ النّبيِّ الطّاهرِ الأمينِ"
وعندما ندرس بعض اللّمعات ذات الدّلالة في بعض مواقفه في كربلاء، نرى أنّه كان في البداية صاحب لواء الحسين(ع)، ونحن نعرف أنّ اللّواء يُعطى للشخصيّة المميّزة في الثّبات والشّرف والشّجاعة. ويُقال في السيرة الكربلائيّة، إنّ الحسين(ع) جمع أصحابه وأهل بيته ليلة عاشوراء وخطبهم فقال: "أمّا بعد، فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، وهذا اللّيل قد غشيكم فاتخذوه جملاً - اركبوا ظلام الليل كما يركب الإنسان الجمل لينجو بنفسه - وليأخذ كلّ واحد منكم بيد رجلٍ من أهل بيتي، وتفرّقوا في سواد هذا اللّيل، وذروني وهؤلاء القوم، فإنّهم لا يريدون غيري". فقام إليه العباس، وهو الّذي وجَّه مسار الحديث، فبدأهم فقال: "ولمَ نفعل ذلك؟ - إنّ الّذين يتخلّون عن قيادتهم هم الّذين لا تمثّل القيادة أيّ معنى في حياتهم من خلال معنى الرّسالة في عقولهم وشخصيّاتهم، إنهم الذين يحبّون الحياة أكثر مما يحبّون رسول الله وإمام الهدى والرّسالة - لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً"، لن نعيش في وقت لن تكون موجوداً فيه، نحن هنا من أجل أن نضحّي ونجاهد في سبيلك، لأنّ التّضحية والجهاد في سبيلك هما تضحية وجهاد في سبيل الله والإسلام. وتَتَابع أهل بيت الحسين(ع) وأصحابه بمثل هذا الكلام، وأشهدوا الله على أنهم يفدون الإمام الحسين(ع) بكلّ أنفسهم ومواقفهم
اذن في اجواء شهادته ( ع ) أبي الفضل العبّاس(ع)، نتذكّر تلك الشخصيّة الّتي جسّدت عظمة الإسلام وشموخ الحقّ وسطوع نور الحقيقة، ونتذكّر أخلاقيّات الإسلام في الجهاد والانتصار للحقّ وأهله، وبذل المهج فداءً لإعلاء كلمة التّوحيد وخذلان الكفر والضّلال وأهلهما. فأين نحن اليوم من هذه الشّخصية في شجاعتها وجرأتها في قول الحقّ والذّود عنه أمام الطّغاة والظالمين؟! وأين نحن اليوم من هذه الشخصيّة في تقواها وإيمانها وإخلاصها وجهادها لتكريس روح التّوحيد وروح الدّين في المجتمع؟! وأين نحن من هذه الشخصيّة في تحمّل المسؤوليّة أمام الله تعالى ومراعاة حدوده في الدّنيا والآخرة؟!...
اللهم احفظ الاسلام واهله
اللهم احفظ العراق و شعبه
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha