بقلم صادق الرصافي
كان الظلم والتسلط العباسي كبيرا وعاتيا لدولة اقامت ملكها على القوة العسكرية المدعومة بخزانة مالية ضخمة ،حيث كان بنو العباس الذين يملكون مفاتيح دولة شاسعة ممتدة من اقصى المشرق الى اقصى المغرب ينتهجون نفس اساليب من سبقوهم من الامويين ،حيث الرشاوي المالية والمغريات لجذب الزعامات التقليدية الى بيت الطاعة السياسي العباسي .لقد كان العباسيون ماخوذون بالانتصار الذ حققوه بسقوط بنو امية بتحالف اقاموه مع العلويين والذين سرعان ما انقلبوا على هذا التحالف بعد ان تمكنوا من الامساك بزمام السلطة والتي تعود الى جهود رجل عظيم القدرات يمكن ان يوصف بصانع الانتصار الاوهو ابو مسلم الخراساني الذي كان يملك من الدهاء والقدرات ما جعل الامويون الذين كانوا في ايامهم الاخيرة يخسرون امامه وتلحق بهم الهزائم على يديه الواحدة تلو الاخرى .كان بنو العباس التواقين الى السلطة باي ثمني ستغلون مشاعر الشعوب المسلمة التي كانت ترزح تحت حكم الظلم الاموي برفع شعار الثار لال محمد وكانوا يستغلون قرابتهم من النبي من حيث العم (العباس بن عبد المطلب ) للتاثير فيهم وكانت اساليبهم الدموية واضحة فهم قتلوا في خراسان وحدها بعد السيطرة علها وهزيمة واليها نصر بن سيار اكثر من 30 الفا على الاقل وكان رأس الدعوة العباسية ابو العباس السفاح قد امر ابو مسلم بقتل الاطفال الرضع من اجل اثارة الرعب والخوف في نفوس الجميع بينما كان مروان بن محمد وهو اخر خليفة اموي يتوق الى شخص بصفات علي بن ابي طالب (ع) لكي يستعطفه للابقاء على حياته عند هزيمته في معركة الزاب .لقد وجد الامام الكاظم (ع) نفسه في مواجهة خلفاء بن العباس الذين كانوا اشبه برؤساء عصابات المافيا ،حيث جيوش الامن السرية والمخبرين والوشاة الذين ينقلون التقارير تلو التقارير عن تحركات الامام ،بل يمكن القول ان جهازا استخباريا ضم الف شخص على الاقل كان متفرغا لمراقبة الامام (ع) وتحركاته ،لذلك وجد الامام نفسه في مواجهة صعبة وقاسية وهو يواجه هذه الجيوش الامنية وسلطة مستبدة كانت مستعدة لقتله في اية لحظة .لم يعدم الامام مواصلة وسائل الاتصال مع الجماهير التي كانت تلتف حوله باعتباره رمزا للبيت النبوي وللرسالة المحمدية الاصلة والعظيمة .كان بنو العباس يخشون تحركات الامام وخطواته وهم يراقبون شعبيته الملونية تتسع وتزيد ،بل لتحاصر الخلفاء في بيوتهم عندما كان القواد والوزراء وكبار المسؤولين من اتباع الامام (ع) .كان الامام (ع) يؤمن بالتغيير التدريجي للسلطة ونشر ثقافة العدالة والتسامح وقيام حكم عادل ونزيه يحكم الامة بالعدل والشورى والتقوى .كانت هذه الشعارات تخيف بني العباس مغتصبي السلطة والمهمنين على مقادير الامور بالقوة وسفك الدماء ،لذلك تجراوا على اعتقال الامام ولعدة مرات وكان الامام يخرج من هذه المواجهات الصعبة بالانتصار حينما كان بنو العباس يخسرون المواجهة ويخرج الامام من اللقاءات والكمائن المحرجة التي كانت تعد له من اجل الاقاع بعه منتصرا واكثر شعبية واكثر عزة ورفعا . كان الامام ينشء مدرسة سرية لنشر تعاليم مذهب ال البيت الذي كانت تحاصره السلطة بكل عنفوانها وجبروتها وكان من يقبض عله متلبسا بحديث او رقعة تحمل افكارا تدعو لمذهب ال البيت (ع) مصيره السجن والعذاب والتشرد .وكان بنو هاشم من ال علي وفاطمة في جملة قوائم التصفيات الجماعية ومهرجانات الذبح وقطع الرؤوس التي كان يقمها خلفاء بنو العباس الذين لم يكونوا يمتلكون احواض التيزاب او الاسلاك الكهربائية ،بل لجاوا الى اساليب اكثر وحشية وقساوة عندما كانوا يذبحون العلويين بالجملة ويرمون الرؤوس في داخل الابار او يقمون الحوائط والجدران عليهم وهم احياء ,بل ان الاثار واعمال التنقيب كشفت عن زنازين سرية كانت تشيد تحت الارض وكان الدخول الها من فتحات من اعلى سطح الارض كان المعتقلون من بني هاشم يوضعون فيها لسنوات طويلة وكان كثيرا ما يتركون من دون طعام او ماء ليموتوا عطشا وجوعا .كان نهج العباسين المجرمين ابادة ال البيت ورموزهم العظيمة وكان الائمة عرضة لعمليات اغتيال جبانة ودنيئة يقوم بها الحاكمون من اسرة بني العباس التي كانت عبارة عن اسرة منحلة يجاهر الخلفاء فيها بشرب الخمر والزنا من دون ادنى عقاب او رادع من احد ,لكن الثورات ضد الظلم العباسي كانت مستمرة ومتواصلة وانهكت قدراتهم وخططهم وكثيرا ما كانت هذه الثورات تجبرهم على تخفيف الضغط على الائمة (ع) وتسمح لهم بنوع من حرية النشاط والحركة ،لكنها سرعان ما تعود الى التضييق بعد تراجع هذه الثورات وضعفها .كان الامام موسى الكاظم (ع) عرضة لخطط هارون الرشيد المستبد الجائر والذي كانت يخطط لتصفية الامام في مقدمة خطواته واهدافه ظنا منه بانه سيقضي على فكر اهل البيت ومدرستهم .لذلك حاول اكثر من مرة قتل الامام ،لكن الله سبحانه وتعالى كان ينجيه قبل ان يقرر هارون المجرم وضعه في سجنه الاخير لدى ابن شاهك السندي الذي دس السم للامام وانهى حياته الشريفة .الطريقة التي تعاملت بها السلطة العباسية مع تشييع الامام عكست ذهنية قذرة ومريضة وحاقدة ترغب في اذلال الامام في مماته ،لكن ارادة اللله كانت اقوى عندما تحول التشيع الى تكريم مهيب عكس مكانة الامام الرفيعة وحب الناس له وتضاؤل قدر هارون الذي كان يخاف وهو يختبيء خلف اسوار قصره الخاوي الذي تحول الى خرابة في النهاية .اندثر هارون وذاب ذكره ولم يعد يذكره احد باستثناء انه مجرم من طراز عصابات القرون الماضية التي كانت تمتهن اعمال القتل والابادة بينما بقي الامام رمزا شامخا ونورا وتحول قبره الشريف الى مزار يؤوي ملايين الزائرين كل عام وتحولت مناسبة وفاته وطريقة قتله الاجرامية الى مناسبة عالمية ومليونية لاظهار الحب والولاء لامام نذر نفسه وحياته للناس والمظلومين والمضطهدين الذين جارت عليهم انظمة الكفر والظلم واغتالت احلامهم حتى تحول اليوم الى ماوى الى احلامهم وامالهم باقامة دولة العدل الالهي والرمز العظيم الذي يمثله ائمة اهل البيت (ع) ومدرستهم المعطاءة العظيمة التي لم تعرف التوقف وما زالت تواصل تقدم التضحيات من اجل عزة المسلمين ورفعتهم .
https://telegram.me/buratha