ملخص ملتقى براثا الفكري - الحاكم الظالم بين البيعة و الثورة في فقه المنتظرين
* حديث اليوم ليس جديداً و انما هو من الاسئلة المركزية التي تناقش بها جمهور الشيعة وكان محور النقاش متعلق بطبيعة النزعة الزيدية في التعامل مع الحكام مما ولَّدَ مشاعر متناقضة في داخل الشارع، و الناظر بدقة الى التصرفات السياسية في الشارع العراقي بل الشارع الشيعي بشكل عام سيعرف ان النزعة الزيدية في التفكير لها ابلغ الاثر فى اعماق الناس حينما يريدون ان يتعاملون في القضايا السياسية او المتعلقة بالظلمة وما الى ذلك، لذلك وجب علينا التحدث عن هذه الاشكالية ومحاولة استخراج طبيعه منهج اهل البيت صلوات الله عليهم في التعامل مع هذا الموضوع وليس هناك ما هو جديد وانما ما اعتمده فقهائنا في الاحكام التشريعية سيوضع في الاطار السياسي لتشخيص الذي يتبع و الذي لا يتبع، لاسيما وان الاحداث بطبيعتها تميل الى الهيجان و الهيجان سيطرح اسئلة كثيرة واسئلة ضاغطة على عقول وقلوب المنتظرين لكي يتخذوا موقفاً ما تجاه من يظلم او تجاه من يتصورون انه ظلمهم، وربما صوره التعامل العنيف في كثير من القضايا تظهر لنا طبيعه تاثر الناس بذلك السجال وان لم يعرفوا عنه شيئا، السجال هو الذي جعل الزيدية يضعون اماماً مهدياً لهم مع كل قائم بالسيف، يلاحظ ان الكثير من الحركات الشيعية في زمن بني العباس كانت متاثرة بالفكر والموقف الزيدي اكثر من تاثرها بالموقف الامامي لان الموقف الامامي كان رافضاً على طول الخط هذه التحركات، وحينما يدَّعون ان الخارج على الظلم هو الامام عند ذلك تنخرم العقدة التي تربط الناس بأئمتهم وبذلك يصلح كل شخص ان يكون اماماً ما دام ان الخروج بالسيف هو لغة التنصيب، وفوق ذلك سنعرف ان مثل هذه الامور هي التي تساعد الساحة ان تنشق وتتبضع وتفترق لانه حينما تكون لا ضابطة فيمن يتقدم عند ذلك الكل يريد ان يتقدم وعندها سنجد في كل منطقه امام.
* أُبتلي الشيعة في زمن الصادقين ص بشكل اخص وبعد ذلك امتد هذا الابتلاء ليشمل عهد الامام الرضا ص ثم امتد الى عصر الغيبة الصغرى والكبرى ولا زلنا لغاية اليوم نعاني من هذا السجال، هذا السجال يقول بان لدينا حكاماً ظلمة وما دام اننا شيعة واباة للضيم اذن يجب علينا ان نمحوا هذا الظلم وإن ادى ذلك الى الخروج بالسيف، في حين ان ائمتنا ص ومن خلال جملة من الروايات يتحدثون بمنطق مختلف تماماً ، لان منطق كونوا حلساً في بيوتكم هو نقيض لمنطق الخروج كيفما اتفق، وتعبير كن حلساً في بيتك في محتواها السياسي هو رد على هذا الموضوع، لكن لدينا جملة من الروايات تتحدث عن ان مسالة الحكم ورد الظلم مبتنية على اسس موضوعية إن رُفعت هذه الاسس او لم تتوفر عند ذلك يقال له كن حلس بيتك علي مبدا التقية ديني ودين ابائي، لكن لو قُدِّر ان الشرط الموضوعي متوفر في محاربة الظالم لانه بلغ بظلمه حداً لا يمكن معه السكوت عند ذلك يجب ان نعرف من الذي يحدد دائرة السكوت هذه؟، الامامية قالوا بوجود ضابطة اسمها الامام ثم المرجعية لتغطية هذه الاعمال شرعياً، وغير الامامية قالوا من سيقوم سنقوم معه، اضافة الى ان هذه الاعمال لا علاقة لها بالشخص او بالجماعة وحينما تقاس تقاس بالامة و لا تقاس ببضعة افراد ظُلِموا، و لا يوجد اكثر ظلما من الظلم الذي جرى على امير المؤمنين ص، لكن وجدنا ان منطقه التاريخي بانه لم يثر على الظالم، استخدم الحوار وحاول ان ينشر الوعي وحينما افتقد القدرة الاجتماعية على نصرته عند ذلك سقط الواجب عنه وتحول الامر الى منطق لأسالمنَّ ما سلمت امور المسلمين وكان الظلم عليَّ خاصه، بذلك يحدد امير المؤمنين ص بانه لا قيام مادامت امور المسلمين بشكل عام ماضية، نعم اذا انتقضت امور المسلمين عند ذلك سوف تكون مراجعة ، وهذا الشرط يكون هو الضابطة الموضوعية التي تمسك بعملية الثورة او الامساك عن الثورة او ما عُبِّر عنه في العنوان بالبيعة للظالم ، عند ذلك لن نستغرب اذا ما وجدنا الامام الحسن ص يبايع مثل معاوية والامام الحسين ص بموجب معاهدة الصلح بايع معاوية مع انه هو صلوات الله عليه صاحب هيهات منا الذلة، ولكن حينما وصلت الامور الى الخروج من الضابطة الموضوعية قال مثلي لا يبايع مثله وبقية الائمة ص كلهم بايعوا وفي تبرير قضية الامام المهدي ص، انه يخرج و لا بيعة في عنقه.
* في تعبير الرواية عن الامام الصادق ص لإزالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله، هذا احال المسالة الى ضوابط موضوعية تتحكم ببقاء الملك من زواله اعظم من تلك الضابطة التي هي فقط الظلم ، فاذا تواجدت هذه العناصر الموضوعية التي من خلالها يمكن ان يُزال الظالم عند ذلك مجابهة الظالم اولى ، وفي حالة عدم تواجدها كأن يكون المجتمع لا وعي له ولا نصرة فيه عند ذلك المجابهة لا جدوى منها، هنا المجتمع الناصر اصبح ضابطة والمجتمع المعين للظلم في طبيعة ضعفه وقوته اصبح معلماً اساسياً يجب ان يراقب، والا الامام ص جاهز للتحرك دائماً وبسبب ذلك غاب الامام ص وانتقلت الامور الىالعلماء المخصوصين بتقواهم وورعهم لكي لا يُفلتوا الضوابط التي يجب ان يمسك بها شيعة اهل البيت ص.
* اذاً ما هو الموقف من الظالم هل يُترك ليظلم؟ ، نذكر امرين كأمثلة تحدث بهما الائمة ص في هذه القضية، الاول عن الامام الصادق ص يقول " كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم، فإنه لا يصيبكم أمر تخصون به أبدا ويصيب العامة ولا تزال الزيدية وقاء لكم أبدا "، حينما يرى الامام صلوات الله عليه ان الامور لا تستقيم لاصحابه عند ذلك يطلب السكوت المطلق لوجود من يتحرك غيرهم، والزيديه هنا كمثال باعتبار انهم دائما يتحركون في مثل هذه القضايا و السبب في عدم التحرك عدم وجود العنصر الموضوعي للتغيير، المبدأ الاخر الذي يشير اليه الامام امير المؤمنين صلوات الله عليه في تعقيبه على كلمة الخوارج "لا امرة الا لله" يقول الامام ص "لابد للناس من امير بر او فاجر"، يوضح الامام ص ان ترك الناس من دون قيادة او جهة تمسك بهم يؤدي الى الفوضى ويعني ان الظلم الذي سيحيق بهم سيكون اكبر، لذلك لابد من وجود املاء للفراغات التي تنشا من عدم وجود الحكم وما يسمى في وقتنا الحالي بالفراغ السياسي وهو خطر جداً لانه يُنتج دولة عصابات ومليشيات متعددة .
* من المعروف باننا لا نخضع و لا نقبل بالظلم ولكن يمكن ان يدارى في الوقت الذي تكون مواجهة الظلم عملية انتحارية وهو منطق عقلائي تام ، نعم يوجد من يحدد امر التعامل مع الظلم، والظلم درجات وفق مقدار الظَلَمة وقوتهم، ويوجد في تراثنا كلمات مشددة جداً من قبل ائمتنا ص وعلمائنا، كذلك توجد كلمات لايمكن لنا ان نفهما الا الالتزام الشديد بالتقية، مابين منطق الثورة ومنطق البيعة نحن محكومين في كل الحالات بالاوضاع الاجتماعية للظلم وبالاوضاع الاجتماعية للثورة، فاذا كانت ظروف المجتمع مهيئة للثورة سيأتي من يقول لهم اخرجوا وجاهدوا جهاداً كفائياً او عينياً ، ولكن حينما يكون المجتمع غير مستعد ولا ينصر او ان القوة الظالمة من القوة والمنعة بمكان بحيث لايمكن مقاومتها ومجابهتها عند ذلك المنطق سيكون كونوا احلاس بيوتكم ولا تقدم رجلا وما الى ذلك من التوصيات، اما منطق الاستفزاز الذي يلعب عليه السياسيين وبناءً على مصلحتهم بتحريك مواضيع معينة لجعل المجتمع يتداك ويتشابك ويتصادم فيما بينه انما يتم على اساس شهوة مصلحة ، لذلك مسألة الثورة ضد الظالم او البيعة له لا تتم الا من خلال الضابطة الشرعية التي تُقدَّر اما من الامام المعصوم او نائب الامام المعصوم او مستخلف من قبل الامام المعصوم وبقية القضايا تكون عبارة عن فوضى تامة لايمكن للفقه الشيعي ان يقبل بها .
https://telegram.me/buratha