ملخص ملتقى براثا الفكري - منطقتنا والعالم ما تنتظر وماذا ننتظر
* لا شك ولا ريب ان المنطقة لم تمر بظرف عاصف كما هي الان ولا يعرف في تاريخها المعاصر اي ازمة بهذا الحجم وبهذه التداعيات والامتدادات التي ما عادت موقوفة على الساحة السورية وانما بدانا نرى خيوطها وامتداداتها تترامى الى ساحات بعيدة جداً عن ساحة الاحداث الرئيسية، ماذا ينتظرون بعد ان وَضُحَ ان الميدان لا يحسم بسهولة وبعد ان اوشك الفرقاء ان يكونوا امام مفرقين اما مزيد من التصعيد العسكري او استسلام وتسليم لما هو موجود، ومن الواضح ان الاستسلام ليس مطروحاً بعد وواضح ان لغة التصعيد هي المتسيدة في المشهد إن محلياً او دولياً فضلا عن الوضع الاقليمي، ايضا من الواضح ان احدهم لا يريد ان يتنازل من دون ان يوفر مايمكن ان يقال عنه يصح السكوت عليه من مصالح يظفر بها من الساحة الشرق اوسطية، واليوم ما عادت اللعبة لعبة داعش والنصرة وانما اصبحت لعبة الكبار اذ ان الصغار يتراجعون ولا يبقى في اللعبة الا الكبار او كبار الصغار، ومن المتوقع ان هذا الامر سيزداد شيئًا فشيئًا بالشكل الذي لا تبقى الساحة السورية مفككة ومتشعبة بهذه الطريقة وسوف يتجهون لحسم رايتهم باتجاه راية واحدة.
* من سجال الاحداث في سوريا اصبح من السهل تصور ان التدخل التركي سيستفيد من اي ظرفٍ من ظروف انشغال القوى الكبرى للتوغل في داخل الارض السورية فهو لا يحتاج لمناطق بعينها وانما يحتاج الى الحلقات الامنية والنفطية ، ولذلك الحديث الذي يتحدث بان الاتراك سوف يصلون الى جزيرة الرصافة او مابعد الرقة ما عاد ليكون غريباً على متتبعي الاحداث بل ربما وضعهم في قبال نتائج معركة حلب يستدعي منهم ان يدخلوا ويتوغلوا اكثر من ذي قبل.
* الوضع العالمي في سجال الامريكان مع الروس ما عاد خفياً على احد وما عاد يمكن ان يمثل جانباً من جوانب الحرب الباردة، وانما نحن في اطار احداث نجد فيها الكثير من التشنج والتنافس والعناد المتبادل ولم يبالي اي طرف من الطرفين في ان يخفض منسوب التوتر، بل يمكن لنا ان نقول بان كِلا الطرفين متعمدين في ان يُصعِدا بلغة التوتر الى مناسيب اعلى، قد يفكرون بسياسة حافة الهاوية والتي تعني انهم يصلون بالامور الى النقطة الاخيرة ما قبل الحرب والاصطدام، فإن وجدوا ان الامور لا تسير الا من خلال الحرب تراجعوا، لكن هذه المرة لايبدو ان الخيار متاح لاي طرف من الطرفين في ان يتراجع، في حديث الامريكان المخالف للعرف الدبلوماسي المعتاد من انهم لن يغامروا في اعطاء الفرصة للروس في اطلاق القذيفة النووية الاولى او انهم لن يتركوا فرصة ان يكونوا اول من يطلق، هذا الحديث له مابعده ويحمل الكثير من المعاني التي يجب ان يُنظر اليها بعين الجد وخاصة حديثنا عن الحرب العالمية لم يكن جديداً وانما أُطلق في الوقت الذي كان مورد استهزاء واستهجان واستغراب ولكن هاهي الاحداث تسير باتجاه الوصول الى هذه النقطة التي لا يتراجع من بعدها احد .
* الموضوع الكردي ما عاد حديث الصحف وانما بات واضحاً جداً انه يتقدم الى الامام والمعني بذلك الانفصال الكردي السوري باتجاه الحكم الذاتي او شيء ٍ من هذا القبيل بالشكل الذي يشكل عقدة امنية ملحة وضاغطة على الاتراك، الى كل ذلك، معطيات معركة حلب وما يمكن ان تفضي اليه معركة الموصل كلها تشير الى امكانية تدافع القوى التكفيرية باتجاه منطقة الرقة ومنطقة دير الزور، والاندفاع يعني انهم سيحتاجون الى مناطق بعضهم البعض، لذلك فرضية التنازع بين هؤلاء اصبحت متصورة وبشكل واضح، ورواياتنا تحدثت عن اقتتال هؤلاء في قرقيسيا وهي هذه الرصافة وهذه المسماة بدير الزور، صحيح ان منطقة قرقيسيا التاريخية هي منطقة البصيرة التي تقع على مصب نهر الخابور في الفرات الا ان الصحيح الاخر هو ان منطقة المعارك تمتد الى مناطق شاسعة جداً دون ان تتوقف عند هذه النقطة او تلك، لذلك يمكن ان يقال بان قرقيسيا في امتداداتها كمعركة يمكن ان تمتد الى كل دير الزور والى الرقة ايضاً فضلاً عن استيعابها لمنطقة الجزيرة باتجاه محافظة الحسكة، تحدثت الروايات عن اقتتال التكفيريين فيما بينهم ويطاح بها اعداد كبيرة منهم ولا ينتصر فيها احد، هذه المعركة سنجلس ونتفرج عليها، من جانب اخر من الغريب ان نسمع عودة البعض للتحدث عن التواجد التركي العراقي بعنوانه ايذاناً لمعركة قرقيسيا، حيث قلنا اكثر من مرة بان العراق لا يشترك في هذه المعارك، والاتراك لانصيب لهم في وجودهم داخل العراق وفق مقتضى الروايات، بل الاتراك يدخلون الى جزيرة الرصافة ودير الزور وتواجدهم في العراق ظرفي وها نحن نجد ان هذا التواجد يلملم اثوابه باتجاه ان يعود بلا جدوى ، وقرقيسيا ليست في شمال العراق في اطار التوضيح بما أُلبِسَ على البعض بان الوجود الحالي هو ايذان بمعركة قرقيسيا ونحن نؤكد بان هذا الوجود لا علاقة له بقرقيسيا ، وتبقى قرقيسيا مرتبطة بصراع داخلي في معاركها الاولى ولا علاقة لها بالوضع التركي ولن يكون الاتراك طرفاً فيها ، بل هم طرف في
قرقيسيا الثانية، وقد نبهنا بان الروايات حينما تحدثت عن قرقيسيا تحدثت عن معركتين ولا يتوهم البعض بان المعركة واحدة، معركة ستكون قبل السفياني والسفياني يخرج في اخرها ومعركة سيشترك فيها السفياني مع الاتراك، والضابط للتفريق ما بين الاثنين ان الاولى لا وجود تركي ولا وجود للسفياني فيها بل ان السفياني ياتي في اخرها وانها تاتي قبل الحرب العالمية .
* بالنسبة للروس فان هناك تصعيد بالعلاقة مع الامريكان ويُعتَقد انهم يناورون للوصول الى يوم 17 كانون الثاني المقبل لكي يتحرروا من قضية العقوبات الاقتصادية، بالنسبة للاوربيين وخلافاتهم اصبحت قصة غير مخفية ، لا نقول بان الحدث سيكون قريباً لكن مما لاشك فيه ان ماتحدثت عنه الروايات اصبح معقولاً جداً وغير مستغرب، واخبار التوتر تتصاعد يومياً والحد الفيصل في هذا المجال لكي نتعرف باننا نتجه باتجاه هذه العلامات هو زلزال مدينة دمشق من الجابية الى حرستا هذا الحدث يجعلنا على يقين باننا اصبحنا على مقربة تامة من كل هذه العلامات، بالنسبة لاختلاف بني العباس لا نحتاج لنتاكد من اختلافهم فمعاركهم يومية ومدوية وما ننتظر هو تركيز هذه المعارك في منطقة دير الزور وما يلحق بها من مسميات قرقيسيا.
* لذلك ما ينتظرونه هو الحرب ومزيد من الاقتتال إن على مستوى المجاميع او الوضع الاقليمي او الدولي وما ينتظرونه مزيد من التوتر والتصعيد، اما ما ننتظره نحن فان الروايات تتحدث عن ان اعدائكم يقتتلون فيما بينهم وانتم جالسون في بيوتكم تتفرجون ، اليوم لا يوجد ما يقلق الوضع الشيعي خلال كل هذه المعارك، حيث ان المعارك انتقلت الى الوضع المعادي الذي بدأ ياكل نفسه، لكن هل هذا يدعونا للاسترخاء والترهل؟ بالعكس لان المرحلة التي تلي ذلك سيكون التصعيد والاستهداف ضدنا، ولتوضيح هذا الاستهداف من خلال معركة الموصل ولو قدر لهذه المعركة ان تنجح في طرد داعش من المسميات الرسمية للحكومة داخل الموصل، فان جيوب داعش وامتداداتهم الصحراوية لن تنتهي ، ويبقى من يقوّم ويوجه امر داعش يتحين الفرصة بنا، لا نحتاج توضيح بان داعش لاتمثل نفسها وانما تمثل مشروع هو الذي اوجدها ، ومن اوجد داعش يمكن ان يُوجِدَ بديلاً لها والبديل ان لم يكن عسكرياً ربما جاء سياسياً وربما عبر الملفين معاً وربما يتفعل عسكرياً بطرق اخرى متعددة، وليس صعباً لمن يبيع نفسه ان يتشكل وفق متطلبات المشتري ومشكلتنا مع هؤلاء بانهم لا زالوا مهووسين باستاصالنا وقد يتفقون على ما هو اكبر من الذي باعوه او انهم سيشتركون في هذه المعارك التي ستدار في سوريا ثم يعودون ليشكلوا ضغطاً مرة اخرى، وإن لم يكن كل ذلك فالسفياني ورائهم مباشرةً ،ومشاكل الساحة الداخلية ستداهمنا من جديد وسنعود الى الفتن التي يتمنى المرء ان يموت فيها صباحاً او مساءً والفتن التي يشق فيها المبتلى الشعرة بشعرتين ثم يسقط، وإن لم نكن في معرض هذه الامتحانات فلا اقل اننا سنكون قريبين جداً من الظهور الشريف ، لذلك استغلال الوقت والاستفادة من تنمية الذات والجماعة خلال هذه الفترة وتحسين الاداء وتربية الكادر كلها استحقاقات يجب ان نسير باتجاهها لضيق الوقت.
* العالم حينما ينتظر الحرب يكون واجب علينا ان نمارس الكثير من الضبط و الانضباط حتى لا يبتلى العراق بان يكون مورد اغراء للاطراف العالمية التي ستتصارع فيما بينها، فالاطراف السياسية قد بدت اضعف بكثير مما مر وهي مؤهلة لان تكون اضعف من الوضع الحالي، لذلك هنا امام المؤمن مسؤولية واستحقاق، ولا شك ان الحملة شديدة على المؤمنين وتهدف الى التشكيك بهم وبقدراتهم وتهدف الى فصلهم عن القواعد الشعبية لهم واسقاط آلياتهم في التعبئة والهجمة مدبرة على مستوى عالٍ جداً على شكل موجة الحاد وجحود واسقاط الرموز وايجاد الانحلال الاجتماعي وموجة ما يسمى بالتجمعات المدنية التي تبتعد عن التدين، وكل هذه الموجات مفتعلة وتركز على الخط الايماني في الامة ، ومن يطلع على تقرير راند وهو التقرير الامريكي الذي أُعدَّ لسياسات الامريكان من اجل تطويع الامم بدون حرب او لتسهيل المهمات العسكرية التي قد تتورط فيها امريكا، من يطلع على التقرير سيلاحظ الخطوط المتبعة كلها جارية في اوضاعنا وبشكل دقيق جداً، وبالنتيجة هي الحرب الناعمة التي تمارسها امريكا ضد الشعوب التي تريد تطويعها، لذلك واضح جداً ان هناك ممارسة للخداع والتزييف توجه الى الجمهور وما يجب ان ننتبه اليه هو ان جمهورنا يجب الا نتخلى عنه حتى لو لم يقبل بنا .
https://telegram.me/buratha