ملخص ملتقى براثا الفكري - رجال الدين في عشية الظهور الحلقة الثانية
* لازال حديثنا عن رجال الدين في عشية الظهور الشريف وقد اشرنا في الحديث السابق الى ان كلمة رجال الدين التي نقصدها لا نقصد بالضرورة علماء الدين فحسب وانما نقصد كل من وضع على راسه عِمّة وبذلك يدخل في هذا الاصطلاح من ارتدى العمة طلباً للعلم ومن ارتدى العمة طلباً للرزق او الوجاهة او لامر من امور الدنيا او لغرض من اغراض النفاق او من اجل اضلال الناس والعمل على انحرافهم العقائدي وابعادهم عن مسار الهدى، وهذا الامر ميسور لان العِمة مجرد قطعة قماش يمكن لاي انسان الحصول عليها، لكن مائز رجال الدين عن العلماء بالدين تارةً يكون العلم هو المائز والاخص من هذا العلم هو التقوى والعمل على حفظ دين الناس وعقائدهم، باعتبار ان هناك من يرتدي العِمة طلباً للعلم ولكنه لا يحصن نفسه بالتقوى قد يتحول الى بلاء كبير على دين الناس وعلى عقائدهم كما نرى في ايامنا الحاضرة كثيراً من هؤلاء، وفي مجمل حديثنا لانقصد الذي ارتدى العِمة نفاقاً او من اجل طلب الاسترزاق فهم ليسوا من الصنف المهم فهم سرعان ما يفضحون انفسهم لذلك هم لا يُصَنَّفون على انهم علماء، نعم هناك جهل اجتماعي ربما جعل البعض منهم كل من يرتدي العمامة عالم دين وهذا اشتباه كبير جداً، لكن أن يعرف الناس العالِم من خلال الاداء الاجتماعي يحتاج منهم الى مؤونة كبيرة من الناحية العلمية والتقوائية.
* القران الكريم يتحدث عن الصنفين الاوليين بكثير من الاهتمام والمقصود بالصنف الاول الذي يعمل من اجل الدين والصنف الثاني الذي ياخذ بالعلم ولكنه لا يعمل بما عَلِم ولا يلتزم بمقتضى ما التزم به من الناحية العلمية، نعم هناك حديث عن العلماء الذين يصدون عن سبيل الله وياكلون اموال الناس بالباطل وهؤلاء يمكن ان يكونوا من الصنف الثالث ويمكن ان يكونوا من الصنف الثاني، ما يهمنا هو الصنف الثاني الذين يدرسون ويتعلمون لكن العلم الذي يتعلمونه يستغلونه من اجل الوصول الى مارب نفسية وذاتية لا علاقة لها بالدين ورسالته، هؤلاء اخطر بكثير من اي صنف اخر وهؤلاء يمكن ان يكونوا من الائمة المضلين وليس الضالين فحسب وانما يمكن لهم ان يتحولوا الى الصنف الاخطر من ذلك بالعمل على اضلال الناس وحرف مسيرتهم.
* حينما نطالع الرواية التي تتحدث عن ان الناس سوف تسأل عن الامام ص بتعبير الرواية مات او هلك لا يعرف باي واد سلك، هذه الكلمات تارة تخرج من عامة الناس واخرى تخرج من اناس يدَّعون العلم ولكن لا يؤدون رسالة العلم فيطلقون الكلام بهذه الطريقة، لا شك ان هذا الامر لا يمكن ان ينطلق من لسان عالم لان العالم يعرف ان روايات اهل البيت ص قد اجمعت على ان الامام ص سيغيب وستطول غيبته ويخرج ضمن مواصفات علامات معينة لذلك العالم لايمكن ان يتكلم بهذه الطريقة ، لكن لو تحدثنا بمنطق اليوم وعرفنا ان ما نسميه بالحرب الناعمة التي تستهدف غزونا فكرياً وتستهدف الامساك بعقولنا وقلوبنا وتحاول ان تفصل بيننا وبين عقائدنا لابد ان القائمين سيبحثون في ساحتنا عن الرجال الذين يتمكنون من اطلاق كلمة الضلال بعنوانها العلم، وعلى سبيل المثال حينما يشكك العالم الفلاني بقضية كسر ضلع الزهراء ص سيبدأ الشك لان القول صدر من صاحب عِمة ، والمقصود هو ان تشكل هذه القضية هزة في وعي الاناس وهؤلاء لايقصدون هذه القضية فحسب وانما من شأن زراعة الشك في قلوب الناس ان تاكل الكثير من الامور المماثلة ثم تتحول الى شك كبير في الاعمق من هذه ، لذلك القضية لن تبقى عند الزهراء ص وانما ستمتد الى الامام علي ص والى عقائده ومفاهيمه وتاريخه وبالنتيجة ستاتي على كل شيء، على طريقة فعل الفلاسفة الاوربيين وما فعلوه في حربهم ضد الكنيسة فانهم لم يحاربوها بالسيف وانما حمَّلوا الناس شكوكاً بنشرهم فلسفة الشك فاطاحت بكل شيء حتى اليقينيات التي كان هؤلاء الفلاسفة يتحدثون عنها سقطت هي الاخرى، لذلك خطورة هؤلاء المشككين والمضلين لاتكمن في البداية بالكلمة الاولى وانما خطورتهم فيما ياتي من بعدها، وهؤلاء هم الذين يمكن ان تخرج منهم الكلمات المشككة لا بل التي على القضاء على اصل فكرة الامام ص حينما يُقال لا يعرف مات او هلك هذه كلمات التشكيك لكن ما ورائها ستنتفي قصة الامام ص .
* حينما يسقط العالِم يعود ذلك الى ان القضية لا تحتاج الى العلم فقط وانما تحتاج الى الكثير من التقوى والى صبر كبير وقابليات خاصة وليس كل انسان يجيد هذا الصبر، في قصة بلعم بن باعوراء الذي وصفته الايات الكريمة بان الله سبحانه وتعالى قال اتيناه من اياتنا بمعنى له ولاية على الاشياء ولكن حينما انسلخ من التزاماته تجاه هذا العلم اصبح مقبولاً في ان يؤثر عليه الشيطان فاصبحت لديه قابلية ان يُغزى من قِبَل شياطين الانس او الجن، اليوم فيما نسميه بالحرب الناعمة هو ان العدو او شياطين الانس تتمكن من التاثير على العالِم وتتغلب عليه تجنده وتسقطه بسبب ان داخله لم يُهيء لكي يتحمل صعوبة التقوى والالتزام بها فاصبح قابلاً لكل
من يريد ان يعرض عليه يمكن له ان يستفيد منه وبالنتيجة يمكن تجنيده، لذلك حينما نقول ان امريكا لديها حرب ناعمة ضد التشيع يمكن تصور ما يمكن ان تفعله مع مثل هذه الشخصيات ومدى تاثيرهم وعبثهم في الساحة ، ولا شك ان من أُسس الحرب الباردة المبثوثة علينا في العراق هو ان العالم الرباني والمرجعية يجب ان تسقط لذلك يجب احلال بدائل امام الناس من قِبَل العدو والبديل هو هذه الشخصيات.
* خلاصة الروايات سواء تلك التي تتحدث عن وقوع الشيعة في الحيرة او الشك او تلك التي تتحدث عن ان فئةً يطلبون الرزق من الناس باسم الدين او الروايات التي تشير الى ان هناك من سيدعي المهدوية ،كل هذه الروايات سنجد فيها صنف من هؤلاء ، والضابطة للتمييز بين العالم الرباني ومدعي العلم وكقاعدة هي ان كل رجل دين يطلب الاعلام لنفسه لايمكن تصديقه كائناً من كان لان العلم يؤدي الى ان ينكر الانسان ذاته والانا لايمكن ان تلتقي مع العالم الرباني ابدا، اما الذي يتوسل الناس من خلال الصورة ومن خلال الاعلام لايمكن ان ننتظر منه اي علم صالح وهذه القاعدة لا تخيب ابداً ، عموماً نحن في هذا الزمن في بلاء ومن لم يستطع التمييز فان اهل البيت ص وضعوا لنا قاعدة حين الشك وعدم وضوح الرؤيا يجب التوقف عند النقطة المتيقن منها انها كانت على الهدى الى ان يتبين الحق من الباطل، خصوصاً ونحن في زمن الرويبضة الذي يتكلم كيفما اتفق يكذب او يصدق الامر سيان بحيث يومياً عشرات القضايا تهجم على وعينا والقاعدة تقول التوقف عند الامر القديم الواضح لحين التحقق والسؤال، يرد في الرواية عن الامام العسكري ص وهو من البشارات والتحديات حيث يُسال الامام ص عن البلاءات والفتن اخر الزمان وحال ضعاف الشيعة الذين ليس لديهم القدرة على التمييز بين الحق والباطل يقول ص يقيض الله لهم عبداً مؤمناً يستنقذهم مما هم فيه.
https://telegram.me/buratha