ملخص ملتقى براثا الفكري - افخاخ التقييم في معرفة علامات الظهور
* لاحظنا وقوع الكثير من الذين كتبوا في مسالة العلامات بالكثير من المشاكل التي اخرجتهم عن طريق التقييم السليم، وتورطوا باشياء كثيرة سرعان ما اكتشفوا انها لم تكن لها اي حقيقة، مع كل حدث يجري في الساحة نجد الكثير من الناس يبدا بتاويل هذا الحدث وكانه في داخل بنية العلامات حتى وصل الامر الى احداث صغيرة يسال عنها الناس هل لها علاقة بالعلامات او لا، مما يعطينا صورة عن وجود خلل اما معرفي في طرق تقييم ودراسة العلامات او ان هناك ثمة افخاخ نفسية او مزاجية او عاطفية يقع بها المنتظِر فتشغله عن الطريق وتسف به عن رؤية المشهد كما يجب ان يراه، لاشك ان الاماني والاستعجال واللهفه باتجاه المستقبل تمثل بمحضها افخاخ موضوعة على هذا الطريق لذلك لا نستغرب ان وجدنا ان الكثير من هؤلاء الناس والمقصود ممن بحثوا في الروايات يعانون اما من خلل منهجي او معرفي واما من مشاكل مزاجية، الخلل المعرفي ناجم عن رؤية ناقصة الى المشهد، والنقص في معلومة ما تعطي نتائج خاطئة في دراسة هذه المعلومة، او خلل منهجي كأن تدرس بشكل تجزيئي منفصلة عن بعضها البعض فلا يجد الانسان نتيجة لدراسة كل هذه العلامات، لانه يجد امكانية ان تتكرر هذه العلامة او تلك الاف المرات في التاريخ ، لذلك هؤلاء الذين يتحدثون بمنطق ربّما يظهر الامام بعد الاف السنين يصدرون من هذا الخلل لانهم يتحدثون بناءً على رؤية تجزيئية للروايات مما يخرجها عن المنهج الصحيح الذي طالبنا باعتماده اهل البيت ص في دراسة مثل هذه العلامات، او حديث الامزجة والمشتهيات وحديث الاستعجال وما الى ذلك مما يمثل احد الامراض المستشرية في واقعنا.
* بالنسبة للاحداث الاخيرة في حلب واحداث داعش وترامب اطلقت موجة حماس وموجة مشتهيات في ان هذه الاحداث داخلة في صلب خارطة العلامات، وعندئذ تبتدئ الاسئلة بتقييم الامور الواقعة على الارض في هذه الايام بعيداً عن الامور التي تقع اثناء وقت العلامات، اي ان هناك فارق ما بين الواقع الذي نحياه قبل ان نشخص بان هذا الواقع هو واقع العلامات وبين وقوع العلامة كعلامة اشار اليها اهل البيت ص، وقد نُسأل لدينا حشد كيف يمكن للسفياني ان يتدخل؟ وقد نُسأل هذه حلب وكأن الجيش السوري سيحسمها لنفسه فكيف تتحدث الروايات عن انسلاخ حلب عن النظام المركزي؟ وامثال هذه الاسئلة التي هي رائجة لدى الجميع، والسؤال ما هو العمل لكي لا نقع في هذه الافخاخ ؟ ولكي نبقى في في اطار الاتزان الذي يجب على المنتظر ان يلتزم به بعنوانه احد المناهج الاساسية التي شخصها اهل البيت ص، حينما يقولون هلك المستعجلون وما الى ذلك انما يريدون حالة الاتزان والسكينة التي يجب ان يتحلى بها الانسان المؤمن لكي لا يقع في هذه الافخاخ، خلال هذا الجيل الذي حييناه الكثير راق له ان يشخص شخصيات معينة والكثير وضعوا انفسهم على جادات لا علاقة لها بالجادة المهدوية فضلوا واضلوا، بل وجدنا موجة تحاول ان تاخذ كل القضية المهدوية من عالمنا الدنيوي هذا بمصاعبه وآلامه وبما وعِدنا به من الفرج لتحوله الى عالم اخر في نشأة اخرى عالم مجرد لا علاقة له بالواقع الذي يحياه المنتظرون.
* الافخاخ كثيرة، قسم منها قد يكون من النوع البسيط الذي يمكن ان يتم تلافيه، لكن قسم منها قد يوقعنا باخطاء كبيرة قد تؤدي بنا الى البعد عن كل المنهج، وحتى نتجنب هذه الافخاخ علينا ان نكون رؤية معرفية دقيقة الى نفس القضية المهدوية، من دون هذه المعرفة لا يمكن ان نصل الى نتائج القضية المهدوية وما تتجه اليه، ومن دون ان نشخص ما هي اهداف الامام ص لا يمكن لنا ان نعرف ما الذي يريده الامام ص، هؤلاء الذين قالوا بان الامام ص في عالم اخر كأنهم غابت عنهم كلمة اقامة القسط والعدل في هذه الدنيا بعد ان تملئ بالظلم والجور ، القسط والعدل يُطلب في الارض التي تظلم لا يطلب في عالم هو عدل في الاساس ، من دون ان نعرف ان هدف الامام ص هو اقامة العدل لن نخطوا نحن باتجاه العدل وبذلك ننشد اقامة القسط والعدل، لذلك نعتقد بان الكثيرين ياخذون القضية المهدوية وكأنها ترف ثقافي او فكري زائد عن الملاك ولا ينظرون اليه الا نظرة سطحية كأي مفردة ثقافية ترد عليهم ، في الوقت الذي يتحدث فيه الامام ص عن افضل الاعمال ويصنفه بانه انتظار الفرج وكلام الامام ص دقيق ولا يحتمل الخطا ، باعتبار ان الذي يقول بانه سيأتي في النشأة الاخرة او في برزخ لا علاقة له في هذه الدنيا عليه ان يلتزم بان كل ما سمي بافضل الاعمال لا علاقة له بهذه الارض عندها لماذا يكون افضل الاعمال ؟ ولماذا لا تكون قراءة القران او اقامة الصلوات او اداء المستحبات بمثابة افضل الاعمال؟، بينما افضل الاعمال لان مؤدياته الاجتماعية والسلوكية تنعكس مباشرةً على الفرد فتحول كل كيانه الى العدل او تدفع به باتجاه العدل الذي يريده الله سبحانه وتعالى لكي يقيمه على هذه الارض، ان الله سبحانه وتعالى لم يقل اني جاعل في الارض خليفة ليتركها للكافرين والظلمة ،واين نحن من مجتمع الوارثين والائمة الذين يهدون بامرنا، فاذا كان الامام ص يريد ان يقيم امره في عالم اخر فكيف نفهم بانه حاضر معنا، هذا تغييب حقيقي للامام ص عن الوجود المعرفي للانسان المتدين، لذلك على هؤلاء ان يعيدوا قراءتهم للمشهد لان كل الروايات التي تتحدث عن آلام والافراح ايضا تقف ضدهم ، وبعيداً عن من قال حتى لو كان من الاسماء الكبيرة جداً يمكن ان يعرض الاشتباه او الخطا لاي احد من الناس ما دام انه ليس بمعصوم.
* الخلل المعرفي يمتد ايضاً الى دراسة العلامات نفسها بمعنى دراسة العلامات مع وجود لوحات ناقصة عن المشهد والصورة المراد النظر اليها وهي مبعثرة لايمكن رؤية مشهد هذه الصورة ، لذلك من دون الالتزام بقواعد المنهج التي تشير الى ان ما نريد بحثه يجب ان نُدخل فيه كل المواد المتعلقة به، كما يجب اخراج كل ما لا علاقة له بالموضوع حتى تكون جميع القطع المتناثرة موجودة امامنا لتجميعها ، والقضية المنهجية تدعونا الى النظر الى مبدأ ان هذه العلامات نظام كنظام الخرز يرتبط ويتبع بعضها بعض، بمعنى وكمثال اننا لايمكن لنا ان ننظر الى السفياني من دون ان ننظر الى كل احداث الشام وتكون لدينا صورة متكاملة لان السفياني في داخل هذه الاحداث وليس خارجها، فلو حدثتنا الروايات عن الكور الخمسة التي سيستولي عليها لايمكن لنا ان نقبل بمجرد سقوط واحدة من هذه الكور ان نقول بان هذا هو السفياني لان هذا المشهد يمكن ان يتكرر كما حدث مع حلب وعبر التاريخ سقطت عدة مرات وتحررت عدة مرات، لذلك الذي يفرق بين هذه الاحداث سلسة من العلامات قيل لنا انها ستحصل حتى نصل الى النتيجة، وخطأ جميع الذين اتجهوا الى دراسة العلامات بشكل تجزيئي منفصل عن بعضه البعض يعود الى هذه القضية انهم درسوا العلامات بشكل مجزء ولم يربطوا العلامات بعضها بالبعض الاخر، اليوم في الحديث عن معركة قرقيسيا فقد حصلت في حلب معارك شديدة ولا زالت وقد تتطور لكن هل ان هذا الحدث يعني بالضرورة اننا نتجه الى قرقيسيا الاولى؟، والجواب انه ما لم نجد تسارع الاحداث باتجاه دير الزور لا يمكن لنا ان نقول بان حدث قرقيسيا الاولى اصبح امامنا، نعم ربما كل القراءات تتجه الى ان احداث حلب ستتورط من خلالها دير الزور ايضا فتنشأ لدينا ساحة اشبه ما تكون بقرقيسيا الاولى لكن قبل ذلك لا يمكن التحدث لانه سيكون خطا منهجي في هذه القضية، كذلك اعلان كل القوات التكفيرية وغيرها وحدتها تحت راية قائد واحد هذه علامة مشجعة باعتبار اننا حُدِّثنا عن ان ثمة رايات محددة هي التي ستتصدى الى قرقيسيا الاولى لكن نفس هذا الحدث المهم علينا التريث امامه الى ان نجد ان ارضية دير الزور والجزيرة اصبحت ملائمة لتعطينا صورة قرقيسيا التي تحدثت عنها الروايات، كذلك حينما نشهد ظاهرة كظاهرة ترامب او ما الى ذلك كصعود اليمين الفرنسي والتجاء البريطانيين الى الخروج عن اوربا وتفكير ايسلندا بالخروج من الكومنويلث البريطاني وتفكير كاليفورنيا بالاستقلال عن الولايات المتحدة مثل هذه الاحداث فيها مشجعات كثيرة باتجاه وجود حالة هرج الروم لكن لا يمكن التوقيت لهذا الهرج بل يحتاج الى المزيد الذي يثير في هذه القضية، لذلك علينا دوماً ان نضع عشرات الاسئلة ومئات الكوابح في دراسة المنهج حتى لا نقع في خطا يؤدي بنا الى تاسيس اخطاء لاحقة، بالنسبة للبعد النفسي في هذه القضايا مع وجود الضغط السياسي والضغط الاجتماعي وضغوط اقتصادية متعددة وثمة احداث تتحرك في الساحة، كل ذلك يؤدي الى مزيج من العواطف التي تدفع بنا الى الرغبة في رؤية الخلاص ، ما بين الشوق للامام ص والرغبة في نصرة محمد وآل محمد ص يؤدي بنا الى الاندفاع لطلب من ننصره لينصر هذا الدين ، اليوم الاحداث هي من هذا النوع وغداً ستكون اكثر ضغطاً، سنشهد مكاسب للمؤمنين وضغوطاً متعددة إن في واقعهم الاجتماعي اوالاقتصادي اوالسياسي ، وحينما نقول ان هذه المشاهد ستكبر اي ان امزجتنا واهوائنا وعواطفنا ستكون مستفزة دوماً ، لذلك قد يدفعنا هذا الاستفزاز الى ان نبدأ برؤية خداع المعرفة وليس المعرفة مما يوقعنا في الوهم الذي قد يدفع بالانسان الى حالة الاحباط واليأس .
* يُلاحظ ان الكثير من المنتظرين يتداولون بعض الاحاديث التي تصور وكأن الامام ص سيخرج غداً، وقد تقترن بتوقيتات بينما يمكن القول بان الامام ص قريب جداً لكن مع عدم الزام انفسهم او الزام الناس بمواعيد لان الامر بالنتيجة كله بيد الله سبحانه وتعالى ، لاشك ان الامام ص قريب والذي يدلنا على ذلك العلامات ، لذلك هذا الذي يقول بان دراسة العلامات ليست مهمة وليست من التكليف قد يتحدث عن التكليف الشكلي للعبادات والتشريعات لكن تكليف وواجبات المعرفة تؤدي بنا الى أن نعرف تماماً بانه من الضرورة جداً ان ندرس هذه العلامات ونفقهها، حينما يُسأل الامام ص كيف سيشخص الناس الصيحة الاولى من الثانية كان يقول لهم يعرفها من كان قد عرفها من قبل بمعنى الذي درسها ، وحينما يقال ان الامام ص يخرج بغتةً هذه البغتة ستكون على الذي يقول ليس من تكليفي ان ادرس اما الذي درس يرى الامام ص وحركته كأبين من الشمس في رابعة النهار، نعم ليس كل الناس مطالبة بهذا التكليف لكن لا يوجد ضير في دراسة هذه العلامات والا آلاف الروايات تتحدث في قضية الامام ص ويوجد من يقول ليس واجبنا دراسة العلامات، فاذا كان عدم الوجوب على من يقول فليس من الواجب دعوة الاخرين لعدم دراسة العلامات ، لو درسنا الرواية التي تتحدث عن الحَيرة في عشية الانتظار بالنسبة للكثير من الناس سنجد كل هذه الطبقات تعبر عن هذه الحيرة على طريقة من يقول ان الامام ص ليس في هذه الدنيا والاخر يقول لم يرد في الامام ص غير روايات معدودة والاخر يقول ما جدوى دراسة العلامات وبالنتيجة هي حيرة، بالنسبة لنا ننتظر الامام ص بغض النظر عن موعد خروجه ص طالما ان الروايات حدثتنا بان المنتظِر لهذا الامر إن مات قبل ظهور صاحب الامر ص فإنه يحشر في فسطاط الامام ص، الظهور بنفسه ليس الغاية وانما رضا الامام ص هو الغاية ، نعم الظهور ليس من تكليفنا لكن ان نندفع بالتشكيك في اصل الظهور هذه مشكلة كبيرة وحَيرة نبه عليها الائمة ص وحذرونا منها، لذلك حينما ندرس قضايا الامام ص ويكون لدينا خزين معرفي نستطيع رؤية الامور في الوقت الذي لا يراها الغير ، لذلك من يغيب عنه الوعي في ايام الفتن التي تكون كالليل المظلم لا يستدل على الطريق لذلك يقع، اما الذي يتسلح بالبصيرة والمعرفة لن تكون امامه الفتن بهذه الطريقة، لو لاحظنا اي بلاء وفتنة اشد من البلاء الذي نزل على اصحاب الامام الحسين ص مع ذلك كانوا يتمتعون بالوعي الذي لو ان احدهم قُتِل سبعين مرة ما ترك الامام الحسين ص وهذه المقامات لايمكن الحصول عليها الا بالمعرفة والبصيرة .
https://telegram.me/buratha