ملتقى براثا الفكري المعرفة والبصيرة في واقع المنتظرين/ 2017-01-14
ملخص ملتقى براثا الفكري - المعرفة والبصيرة في واقع المنتظرين
* اشرنا في اكثر من مرة الى طبيعة نتائج البلاء الذي يسلط على المؤمنين بالشكل الذي وجدنا فيه ان الواعي المدرك المُمتَحَن ممن يصح اطلاق القول عليه من انه يشق الشعرة بشعرتين مثل هذا يسقط في البلاء وبالتالي يسير باتجاه مزالق الانحراف، لابد من ان حدثاً كهذا الذي يتحدث عنه احد الصادقين ص لابد من ان يثير فينا التساؤل حول هذا الانزلاق، سُئلنا اكثر من مرة حول اولائكم الذين يمسون مؤمنين ويصبحون كافرين والسؤال يتكرر لماذا هذا الانزلاق وما الذي يؤدي بهم الى ان يكونوا في معرض البعد عن مسيرة اهل البيت ص؟، وفي ايدينا حصالة كبيرة من التجارب سقط فيها رجال كبار كما راينا ما حصل لوكلاء الامام الكاظم ص في حركة الواقفة وامثالهم، بطبيعة الحال نحن حُدِّثنا بان شدة البلاء ستكون في عشية الظهور وفي الايام المقاربة للظهور الشريف وبالنتيجة حرصنا على انفسنا وعلى ان نبقى على نفس الطريق الذي عاهدنا امامنا ص ان نبقى وننتظره فيه، لكن مع المعطيات المعاصرة راينا الفتن تضغط وان البلاءات تشتد وان هناك من تترجرج روحه بين هذا وذاك، راينا الولاءات البشرية المصطنعة تطغى على قلوب الكثيرين وراينا الاصنام الاجتماعية تاخذ من الباب الكثيرين بحيث تُنسيهم الههم المعبود الاول سبحانه وتعالى والا ماذا يعني انهماك الكثير ممن يحسبون انفسهم متدينين بالغيبة والنميمة ثأراً لصنم اجتماعي ونسياناً للمعبود الواحد الاحد والى عترة اهل بيت العصمة والطهارة ص، لا شك ان الكثير من الصور التي نقلت الينا عبر حديث اهل البيت ص عن مجتمع ماقبل الظهور الشريف تنبئ عن ان سقف المعرفة يتدنى جداً بل يتحول الى نقيضه حينما يتحول المعروف الى منكر والمنكر الى معروف انما ينبئنا بخلل كبير بطبيعة المعرفة التي يمتلكها اناس ذلك الوقت وبطبيعة تدني البصيرة في قلوبهم، حيث تختلط لديهم المعايير وتضيع منهم البوصلة فلا يكاد يبصرون شيء، حينما تتحدث الروايات عن ان توافه الناس هم الذين سيكون نطقهم هو الاعلى في المجتمع وما سموه بالرويبضة عند ذلك نعرف ان المعرفة قد تدنت وتسافل وضعها الى درجة كبيرة بحيث ان الناس تقبل من التوافه ولا ترضى من اصحاب المعرفة الحقيقية، كل هذه ظواهر اجتماعية نكاد ان نجمع على انها من موجودات هذه الايام .
* اذا ما اردنا ان ننظر الى المعرفة كمفردة اساسية ونتعرف على وسائل المعرفة لدى الناس ما هي؟ وكيف وماذا يتعلمون؟ لو اخذنا الصنف فوق المتوسط واردنا معرفة مقدار المعرفة الحقيقية التي يتلقاها، من المسلَّم ان الانترنت اليوم يتحكم بثقافات الكثيرين، فكيف سيكون اليوم المعرفي لدى هذا الصنف وكم سياخدون من المعارف خلال اليوم الواحد؟ اذا كان النت يطرح يومياً ملايين القضايا المعرفية وغير المعرفية بطريقة القوالب الثقافية السريعة، واذا اراد كل شخص من هؤلاء ان يتابع ما يطرح في ميدان المعرفة هذا قد يحصل على ثقافة موسوعية في مواضيع عديدة، ولكن كعمق في المعرفة لا يوجد لان القوالب والثقافات السريعة لا تقدم عمقاً بقدر ما تقدم معلومات هي الى السطح اقرب منها الى الثقافة التي تُكوّن ابداعاً او تخلق شخصيةً معرفية حقيقية، هذا الصنف يمثلون طبقة قليلة بالنسبة لشرائح المجتمع، لكن لو اردنا ان ننزل من هذا المستوى الى مستوى الثقافات المتوسطة سنجد انهم يعانون اشد من معاناة الاولين ولكن هم ايضا يحصلون على سطح وقشور من المعرفة ولا يجدون في وقتهم مجالاً لكي يتبحروا ويدققوا في صحة هذه المعارف التي تقدم لهم بسبب انهم يُهاجَمون بشكل شرس جداً من ثقافة تورَّد اليهم بحيث تُغلِق عليهم مسامعهم وافاق فكرهم وتبقيهم امام النصوص التي تُقدَّم وعليهم القبول بذلك، لذلك اليوم في الغالب لانجد اصالةً في المعرفة بقدر ما نجد قشور من المعرفة فما بالك لو نزلنا الى الصنف دون المتوسط، سنجد الويل كل الويل في هذه القضية، من الذي يقود المعرفة خلال هذه الفترة؟ شباب هيئ له حاسوب وبدأ يكتب ويثقف الاخرين على ما يكتب او كتّاب سيناريو يبحثون عن لقمة العيش ويجدون من يريد قصة بطريقة معينة، لذلك الحجم كبير لما يقدمه هؤلاء في الفضائيات والنت وفي الثقافات المبنية على اساس الهرج والصخب العام الذي أُخبِرنا بوجوده في داخل هذه المجتمعات، ثقافات يُقدِّمها الرويبضة الى الناس وهؤلاء لا يجدون الا الاستجابة لانهم لا يوجد لديهم وقت ليعودوا ويسألوا عن صحة هذه المعلومات وهل هي مقبولة او لا، لذلك نحن امام مشكلة كبيرة جداً والسبب لا يعود لنقص في معرفتنا لان معرفتنا قوية جداً ولولا قوتها لما احتالوا على جمهورنا بهذه الطرق التي لا تعبر عن اخلاقيات العلم والمعرفة.
* عليه نحن امام مشكلة وواقع يجب ان نتصدى له ويجب ان نضع امام جمهورنا البدائل التي تتيح لهم التعرف على دينهم وامامهم الحق، لذلك نعتقد ان علينا مسؤولية ليست سهلة ونعتقد ان المنتظرين لهم فرصة كبيرة كون الناس بشكل عام كرهت لغة السياسة وبشكل عام لايوجد لدى السياسيين
حل للمشكلات التي يعاني منها المجتمع، لكن القدر المتيقن ان مجتمعنا لازال ولائي الاداء وزيارة الاربعين مثلاً واضحاً على ذلك، لكن في مقابل ذلك هناك العديد من المتصيدين لهؤلاء لكي يبعدونهم عن الطريق من الدجاجلة ومن الذين يتكسبون من اموال الناس باسم اهل البيت ص ومن الذين يريدون وجاهة ما لغرض سياسي او اجتماعي وما الى ذلك، ناهيك عن الذين لا تقوى لهم الذين يلعبون بمشاعر الناس نتيجة احقاد وضغائن وغرائز الحسد وما الى ذلك، هؤلاء لديهم القضية المهدوية مرتكز لان الامام ص هو معشوق هذه الملايين التي نراها في الاربعين، لذلك إن لم يتحرك اهل المعرفة باتجاه هؤلاء ويتركوا السلبية في التعامل والخجل والتردد سيتصيدهم من هو في الجانب الاخر، اذا راينا في بعض الاوقات ان دجالاً كاحمد بن اسماعيل ياخذ بالباب الكثيرين فالسبب ليس ان لديه دليلاً او برهاناً او معرفة بل السبب في جهل من قَبِلَ منه وهؤلاء هم ضائعون على الطريق والسبب الرئيسي يعود في الغالب ان المتدين انشغل عن الناس وتركهم للدجالين، لذلك المؤمن لديه مسؤولية جادة تجاه هؤلاء، نعم المؤمن قد يُجابَه ويتعرض للاذى لكن كل ذلك لا يعفيه من مسؤوليته في انقاذ الناس، في تصورنا ان الناس تشتاق لمثل هذه الحركة خاصةً لو لم تصطبغ بصباغ السياسة والغالبية الكبيرة من المنتظرين وعوا الى جملة كبيرة من هذه المشاكل، لكن التردد في التعامل مع المجتمع لازال هو الحاكم، كذلك ادوات التعامل كثيرة اصبحت مبذولة والوضع في هذه الايام افضل بكثير في ايصال المعرفة من الايام السابقة، فمثل ما يتلقى الناس الجهل بقوالب سريعة يمكن للمنتظِر ان يقدم المعرفة الحقيقية بقوالب سريعة ايضا والجميع يستطيع ان يقدم ذلك بطريقة او باخرى، هذا من الجانب العام.
* اما بخصوص الجانب الذي يقي فيه الانسان المؤمن نفسه من ان تقع في المزالق نقول اذا اصبح لدينا اسس كثيرة لمعارف حقيقية فهذا شيء والانزلاق شيء اخر، هذه تعتبر معرفة لكن البصيرة امر اخر، قد تقدم المعرفة ذكاء وفطنة وانتباه وهو امر جيد، لكن ليس بالضرورة دائما الصورة واضحة بحيث تقدم لنا موقفاً سليماً، قد تكون الصورة مشوهة وغير مكتملة لذلك لا يستطيع الانسان الاستدلال على الصورة الحقيقية، هنا يجب ان نبحث عن البصيرة التي نحصل من خلالها على رؤية مبكرة الى طبيعة المشهد الذي يجب علينا ان نراه بشكل دقيق، امامنا صنفين الاول من يشخص القضايا قبل حصولها بمدة طويلة ويقرأ المشهد بدقة قبل ان تتشابك الخطوط، والصنف الثاني هو من لايستطيع تشخيص الامور الا في يومه وفي هذه الحالة سوف لن يكون لديه امكانية للتغيير لانه يتعامل مع ردود الافعال، وردة الفعل قد تكون سليمة ولكنها لا تؤدي الى تقدم الامة، اذن ما نحتاجه هو ان نتحول الى الصنف الاول الذي يرى الاحداث قبل حيانها، حديثنا ليس عن الرؤية المبنية على التخمينات او رؤية غيبية وانما الحديث عن قراءة واقعية للمشهد برمته، في حديث للامام الصادق ص "ان الله عزَّ وجلَّ اذا اراد بعبد خيرا، طيّب روحه، فلا يسمع معروفاً الّا عرفه، ولا منكراً إلّا انكره ثم قذف الله في قلبه كلمة يجمع بها امره "، هنا يعد الله سبحانه وتعالى الانسان بوجود بصر اخر في داخل القلب هذا البصر له عين اخرى داخلية هي التي ترى بوسائل غير حسية، هنا الحديث ليس عن الغيب وانما الحديث عن ارتقاء الانسان الى مستوى لو وصل اليه يتمكن من ان يرى النور بهذه الطريقة، نحن نحتاج الى انه اذا ما عُرِض علينا المعروف عرفناه ونحتاج الى ان نرى المنكر منكراً حتى لو أُقسِمَ الينا بالايمان ان هذا معروف قلنا ان هذا هو المنكر، نحن نبحث عن بصيرة مالك الاشتر رض في صفين وامثاله من الاصحاب البصيرة التي مهما هجمت النوائب هؤلاء يبقون يرون الصراط المستقيم ولا يعمّى عليهم طريق الحق، السؤال من اين ناتي بهذه البصيرة؟، ان الله سبحانه وتعالى عادل ولا يعطي الهدايا من دون استعداد لدى العبد، نعم ان الله واسع الرحمة لكن الانسان ياخذ بقدر استيعابه، فاذا كان العبد يريد بنفسه خيراً عليه ان يثبت ذلك، حينما يصبر على المحن وحينما يُحسِن الظن بالله تعالى ويحسن الاعتماد على الله سبحانه وتعالى حينما تشتد الامور، هذه البصيرة التي تبقي الانسان يرى نوراً يختلف عن ما يراه الاخرين، وافضل وقت يمتحن فيه الانسان نفسه هو في ساعة البلاء واشدها هو بطريقة تمسك الانسان بعناصر الغضب والغل وان لا يحملها في نفسه عند ذلك يزيح من قلبه ادراناً لذلك ينزل النور في قلبه بدل تلك الادران، كما ان المنازل الالهية لا تعطى الا بناءً على اثمان الاخلاص والصبر، والتجربة شاهدة ان من يصبر يحظى بجوائز لا يحظى بها غيره، يقول الله سبحانه وتعالى "ان الله يدافع عن الذين امنوا" ،"ولينصرن الله من ينصره " ،"والذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".
https://telegram.me/buratha