الصفحة الفكرية

الزيارة الكاظمية ودورها في التعبئة المهدوية ملخص ملتقى براثا الفكري_الاسبوعي

1892 2017-04-27

 

* لا يوجد لدينا في الروايات امر يتعلق في زيارة الامام الكاظم ص مشياً على الاقدام، ولكن ذلك لا يعني انه لا يجدر بنا ان ناخذ الروايات التي وردت بذكر الزيارة مشياً للامام الحسين ص وتطبيقها على كل زيارات مراقد المعصومين ص لان الملاك هنا واحد يتعلق باحياء امر اهل البيت ص، لذلك لا يمكن ان نقبل اعتراض البعض من اقبال المؤمنين على زيارة الامام ص مشياً او ما هو اقرب الى المشي لان مثل هذه الامور امور متحركة وليست موقوفة، الرواية حينما ذكرت الامام الحسين ص ولم تذكر غيره لا يعني ان الامر متعلق فقط بالامام الحسين ص ولاينسحب الى غيره، مع وجود النوايا والقصد في اعتبار ما يبذل في المشي وما يقصده الزائر بالتقرب الى الله سبحانه وتعالى فان كل هذه الامور تدخل في اطار المستحبات، ومثلما راينا ان الرواية التي تتحدث عن المشي لزيارة قبر الامام الحسين ص نستطيع ان نقول ايضاً ان من مشى لزيارة بقية الائمة ص عارفاً بقدرهم ايضاً له من الثواب العظيم، اذا ما تجاوزنا هذه القضية عندئذ لابد لنا من ان نراقب المشهد من الزاويه التي تتعلق بالتعبئة المهدوية وهل مثل هذه الافعال والتصرفات لها دخل في احياء امر اهل البيت ص؟ وهل ان ذلك يعضّد من تماسك المجتمع المؤمن بالامام المنتظر ص او لا؟  وهل ان هذا التماسك يمكن ان يخدم قضية الامام ص؟، مثل هذه الاسئلة هي التي يجب ان نتوقف عندها حينما نراقب المشهد برمته وحينما نرى كيف ان السواد يزحف في الشوارع باتجاه مرقد الامام موسى بن جعفر ص، وهو امر سبق ان شاهدناه في بقية زيارات اهل البيت ص، لذلك نحن معنيون ان نلاحظ ونؤشر على طبيعة قدرة مثل هذه الزيارات على ايجاد التعبئة المهدوية وعلى مقدار ما يمكن للامة ان تتعبئ .

 

* لاشك ان الذي يجري هو داخل في منظومة اهل البيت صلوات الله عليهم و مما اسسوا له في شأن زيارة الائمة ص، وما من شك ان الجو العام الذي يُضفى على هذه الجموع والزيارة هو ذكر الله سبحانه وتعالى والتلهج باسماء الائمة ص، وان قصد الزائر باحضار اسم الامام ص في داخل قلبه هو بداية عملية التعبئة، عملية التعبئة هذه كيف يمكن لنا ان نرصدها خصوصاً مع القول الذي يشير الى ان بعض هؤلاء الزوار قد يرتكبون مما لا يليق من اعمال الزيارة وقد لا ينتهضون من بيئة تربوية تعرب عن تدينهم او التزامهم الديني كما قد يتحجج بعض من يريد ان يُشكِل على مثل هذه الزيارات، لذلك قد يدّعون بان الحديث عن ان هؤلاء يُعبَّئون وما الى ذلك حديث تحميلي وليس واقعي والا لوجدنا ان الزائر يتعبد بالطريقة التي تعبّد بها ائمة اهل البيت ص في منهاجه السلوكي والاجتماعي بحيث يكون حاكي عن سيرة الائمة ص، لا شك ان هدف الائمة ص هو ان تستن الناس بسنتهم لكن ثمة فارق بين ان تضع الهدف الذي تريد الاخرين السير باتجاهه وبين ان ترى المجتمع بعيد جداً عن الهدف، مهمة الاهداف انها تجتذب ولكن ليس من المعقول ان تضع هدفاً في بداية الامر وتتوقع من الناس ان تتصارع من اجل الوصول الى هذا الهدف لان الناس يختلفون، منهم من وضعه التربوي متدنياً وفيهم من وضعه التربوي متقدماً وفيهم من يتلقى ببساطة وفيهم عكس ذلك، لذلك واحدة من ميزات منظومة التربية عند الائمة ص انها اطلقت مشاريع يمكن للجميع ان يحملوها ويشاركوا فيها بمعزل عن مستواهم التربوي اوالثقافي ومع هذا الاختلاط سيكون هناك حافز لاصحاب المستوى الثقافي المتواضع لكي يرتقوا بمستواهم، وحينما يسير الجمع بكل هذا التفاوت الثقافي والتربوي عندئذ من الطبيعي بمكان ان نجد ان تاثيراً ما يحصل ما بين المتسايرين باتجاه الاخذ بالافضل سلوكاً او ثقافةً او تربيةً او ما الى ذلك، ومع تكرار هذه العادات ياخذ الانسان الكثير من محيطه الاجتماعي، لا شك ان ايام هذه الزيارة لا اقل انها تنتشل الانسان من بيئة قد لا تكون محببة لاهل البيت ص وتضعهم في بيئة يحبها اهل البيت ص وبذلك تنعكس الاثار التربوية عليهم بطريقة او باخرى ونجد تغييراً في سلوكهم يمتد مع الايام لكون ان التغيير الفوري قد يحصل عند الشخص الواحد كما هو معروف في كلمة الامام الكاظم ص مع جارية بشر الحافي وقصة توبته، ردة الفعل الفورية هذه لايمكن تعميمها على الاخرين لان الجمع متفاوت في طبيعة تلقيه واستجابته ، وفق ذلك حينما ننظر الى تعبئة الامة يجب ان نضع مقاييس تختلف عن تعبئة اشخاص معينين باعتبار ان التفاوت موجود، يرد في خطبة المتقين لامير المؤمنين ص في خطابه لهمام العابد التي نقراها كثيراً لكن لم يحصل لدينا مرة ان نستجيب بالطريقة التي استجاب بها همام العابد الذي سقط ميتاً حين سماعه لتلك الكلمات التي لامست شغاف قلبه.

 * في المقاييس التي تتعلق بتعبئة الامة مع وجود التيارات التي تدعي اللا تدين واللا تشيع والتيارات العابثة اللاهية، نؤكد ان هذه الشرائح لا تمثل الامة المعبئة، لكن لو لاحظنا الناس ايام الزيارات سنلاحظ هناك اندفاع شعبي يتشكل فردياً ثم سرعان ما يتحول الى جماعات اكبر، بالنتيجة يتحول الى هذا السيل الكبير الذي يبدأ من القطرة الواحدة التي تضاف الى القطرة الاخرى وهذه هي ما نقول عنها التعبئة التي تحوّل المجتمع الى الموج الذي يكون لديه ارتدادات واسئلة مختلفة عن طبيعة ومناسبة هذه الزيارة، وكل هذه الاسئلة وباي مقدار كانت ستؤدي الى نمط من انماط المعرفة والحقيقة التي غيبها الاعلام السلطوي طوال كل هذه القرون، لان وسائل اعلام المذهب هي هذه القضايا وامثالها، اعلام لا ينطق لكن فيه الكثير من الكلام وله ردود افعال متعددة تؤدي الى اثارة تسائل الناس عن تلك الزيارة فيكون هناك من يجتذبه الحدث ليذهب ويبحث، لكن ليس من الضرورة ان نجد ان تاثر هؤلاء يحصل عند السؤال الاول في حين يبقى السؤال مطروحاً في اذهانهم، ومع التكرار لاكثر من حادثة قد يهتدون وتتحول تلك التساؤلات لديهم الى معرفة واستنتاجات، نعم قد لا يتسائل البعض تجاه هذا الموج لكن ايضاً يمكن التعويل على ان هذا الذي لا يبالي قد لا يتحول الى معادي وبالنتيجة سيكون هذا فرز اجتماعي لتعزيز قدرة الدفاعات الشيعية الذاتية وتجنيب العديد من الناس في ان يكونوا اعداء لهذه القضية، قد يكون هناك تلقي معادي ايضاً ولا شك ان بعضهم سيمتلئ قلبه حقداً على هذا العدد الشيعي الكبير الذي يسيطر على شوارع بغداد في ايام الزيارة وبالطبع ان هذا التواجد هو تواجد ديني لغرض الزيارة، لكن لو شاء المعادي ان يحول الامور الى الحالة الامنية المضادة سيتحول هذا التواجد الديني الى التواجد الامني كما راينا كيف تحولت زيارة الاربعين الى حشد والمواكب الحسينية تحولت الى روافد للدعم اللوجستي، هذه المظاهر وفق السياق الطبيعي هي مظاهر دينية ورسالة رحمة وتعاطف مع الجميع لكن لو ان العدو اراد امراً اخراً فستكون هذه الجموع قوة يعبر عنها انتشارها الواضح ، كما يمكن لنا ان نستنتج ان هذا الجمع على الرغم من اختلافاته لو قُدّر ان هُيئ له قائد يقوده لا يُختلف عليه وهو الامام ص عند ظهوره ستتلاحم هذه الملايين من اجل نصرته، وهذا هو المُبتغى الرئيسي من عملية التعبئة، هناك ارتداد اخر لهذه الزيارة يرتد على الذات ويعطي للشيعي شعور بالعزة والمنعة، كذلك يوجد ارتداد تربوي ينعكس على تحسين اخلاقيات الناس وقدرات التعاون فيما بينهم، ولو لاحظنا زيارات اهل البيت ص خلال ايام السنة بالاضافة الى المناسبات الدينية الاخرى نلاحظ انها ترتقي بالانسان درجة بعد الاخرى وهذا هو الاعداد وهذه هي التعبئة، لا شك ان ما يجري في الزيارة انما هي تعبئة مهدوية صادقة بحيث ان الناس يتربون في داخل عملية التعبئة هذه، لو تُرِك الناس لحياتهم الطبيعية قد لا يدركون الكثير من هذه المعاني ، لذلك نقول ينبغي علينا زيارة الامام الكاظم ص زيارة العارفين به وبطبيعة الموقع الذي يمثله في مدرسة الامامة، اذا كان إخبار الامام الكاظم ص بان موعد الفرج يوم الجمعة على الجسر ببغداد فان الجسر لازال منتصباً ولازال ينتظر امام الزمان ص، نعم ذهب الجسر التاريخي ولكن جسر العقيدة والانتظار لمّا يزل ينتظر من ياتي ليتشرف ان يكون من المنتظرين لامام الزمان ص.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك