* من يراقب الآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن الوصول الى النتائج الايجابية كالنصر وحسن العاقبة والفوز بالجوائز الايمانية بشكل عام يراها تتحدث والى جنبها خط ملازم لها ، خط يمكن لنا ان نتلمسه في بعض الاحيان كمقدمة لهذه النتائج، يرد في الآية الكريمة "حتى اذا استيأس الرسل" حالة استيئاس الرسل وما يمكن للرسل ان يكونوا قد قطعوه حتى وصلوا الى درجة اليأس، هذه ليست عملية يمكن لها ان تتم من خلال يوم او شهر او سنة وانما هي عملية مستديمة ترافق الانبياء في مسعاهم للوصول الى اهدافهم، فيُمتحنون و يبتلون و يصابون بما اصاب الانبياء بالشكل الذي نجد الصورة هي استيئاس الرسل،
وحينما يتحدث القران الكريم عن معركة الاحزاب يتحدث عن صورة مذهلة فيها بلوغ القلوب الى الحناجر فيها زُلزِل المؤمنون زلزالاً شديدا وامثال هذه الصور التي تعبر عن ان ما حصل لم يحصل من خلال سويعة من نهار وانما من خلال امر مستديم ادى الى ان يقعوا في هذه البراثن التي ادت بهم الى ان يُصابوا بالهلع والخوف الشديد الذي تعبّر عنه الآية الكريمة، لكن النتيجة كانت نصراً ومن بعد هذه الحالة وصلت الامور الى الانتصار الكبير الذي تحقق في معركة الاحزاب،
لا شك ان القران الكريم لا يتحدث عن اماني ولا يتحدث عن عواطف و انما يتحدث عن سنن تاريخية موضوعية تحكم الامم و تسري على كل الاجيال في مختلف ظروف الزمان و المكان وان الاثمان الكبيرة لا يمكن لها ان تحصل الا من خلال ضرائب كبيرة و مدفوعات كثيرة، لا ياتي النصر كيفما اتفق و لا نحصل علي حسن العاقبة كيفما نرغب و انما لابد من سعي في الطريق الى ما نريد من نتائج، هذا السعي سمي في بعض الاحيان في القران الكريم بطريق ذات الشوكة، هذا الطريق الذي تنبته الاشواك وتعترضه العثرات ويثار امامه الكثير من الغبار والكثير من الوعثاء، بالنتيجة لا يوجد هناك ثمن كبير يفرش امامه بساط احمر، نعم يمكن للبساط المفروش ان يتلون باللون الاحمر نتيجة اثارة العرق والعلق الذي يشير اليها حديث الامام الباقر عليه السلام حينما قيل له اننا نرجو ان يكون امر الظهور الشريف امراً عفوياً سهلاً بلا المشاكل التي قيل لنا انها ستعترض هذا الطريق فقال ص لا و الله حتى نذوق وتذوقوا العرق و العلق، العلق يقصد بها الدماء التي تشخب في هذا الطريق نتيجة رغبة الوصول الى النصر.
* نحن نتحدث في حياتنا اليومية عن رغبة في التفوق والارتقاء ونتحدث عن رغبة في اننا نريد ان نعرج بأرواحنا لكي يمكِّنها ذلك العروج من ان ترى الامور على حقائقها بحيث تكون لدينا بصيرة يمكن ان تكتشف الحقائق بصورة جلية ولا تشتبه علينا الامور ولا تختلط علينا القضايا، وقد نتمنى لإخواننا الذين يصابون بالمحن ونتألم لهم ونتمنى لهم ان ينتصروا في البحرين ونتمنى لهم الفرج في العوامية و ما الى ذلك، كل هذه الرغبات والامنيات محقة لكن ما بين الامنية و ما بين تحقق هذه الامنية ثمة قانون، من يريد عليه ان يدفع و من يريد ان يرتقي عليه ان يستعد لكي يتحمل ضريبة هذا الارتقاء،
لا توجد هنا معاملة سهلة ولا يوجد هنا جوائز مجانية ان الله لا يُخدع عن جنته، حينما نعلم ذلك اذن يجب علينا ان نفكر في طبيعة الاثمان التي يجب ان ندفعها في هذا المجال وحينما يكون هم المنتظرين في مسارات الانتظار هو ان يظفروا بالفرج وان يصلوا الى الدرجة التي تُرضي امام الزمان ص ويستطيعون من خلالها ان يؤدوا كل المسؤولية المناطة بهم في درب الانتظار، اذا كان الامر كذلك اذن بشكل يقيني ان الامور ليست سهلة وان الطريق الى كل ذلك غير ممهد ابدا، هذا الطريق فيه الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، هذا الطريق فيه خوف وحذر وسهر الليالي فيه تعب ونصب وشهادة فيه تعذيب فيه سجن فيه كل هذه الامور التي هي من مسلمات هذا طريق وليست من غرائب هذا الطريق، قد يشتكي الانسان لماذا نحن في العراق نصاب بهذا البلاء من بعده بلاء اخر وهكذا وكأن مسيرة البلاءات تركزت على العراق، السبب لان المطلوب نتيجة هائلة جدا بحجم ان يكون العراق عاصمة لعدل العالم وان يكون العراق مركز لنشر العدل في العالم، لا يمكن للعدل ان يتحقق من دون ان يصاب المؤمن بكل انواع البلاء لكي يُرى إن كان صادقاً في حديثه عن العدل وراغباً في اقامته، لان الانسان لا يظهر في الحالة الاعتيادية ولا يستطيع ان يكتشف انه يقاوم الالم من خلال الحديث وانما نعرفه يستطيع المقاومة من خلال وقوعه واصابته في الالم، منهم من يتحمل ومنهم من يجد نفسه انه لا يتحمل اي مقدار من الالم او المعاناة.
* وفق ذلك من يطلب العواقب الكبيرة عليه ان يستعد بحجم كبر هذه العواقب، حينما نريد ان ننجح في امتحان يجب ان يكون هناك استعداد مسبق وكلما فكر المتدين في ان يجتاز اكبر مقدار من البلاء عليه ان يكون ذا استعدادٍ بحجم ما يريد ان يجتازه وذا قدرة تعبوية وذا مران روحي خاص يمكنه من ان يجتاز هذا الامتحان، من دون ذلك لا تأتي الامور بالدعاء، ثم تدعون فلا يستجاب لكم، ان الله سبحانه وتعالى يحب العباد ويحب دعائهم ولكن المشكلة تكون حينما لا يوفرون شرط الوصول الى النتيجة المطلوبة، حينما نقول ان ازالة جبل اهون على الله من ازالة ملكٍ لم يحن اجله، اذن كيف يحين اجل الملوك؟ يحين اجلهم حينما يكون الطرف المضاد لهؤلاء بقوةٍ يمكن لها ان تحطم قوة الملوك، حينما نريد ان نكسر هذه الرجال علينا ان نكون بقدر الاحاطة بكل اثمان عملية التحطيم هذه، لذلك نعتقد من الخطأ بمكان ان تخامر افكارنا او ان تبرد خواطرنا بالاستسلام الى الاماني او الى النظر الى الصورة الجميلة التي تقف وراء العاقبة الحسنة،
حينما نرى عدل الامام صلوات الله وسلامه عليه في الروايات وكيف ان الامام سيفتح العالم وكيف ان راية العدالة سترف على كل العالم هذه صورة جميلة و لا شك، لكن البلوغ الى هذه الصورة لا يمكن الا من خلال التمييز والغربلة والابتلاء وما الى ذلك مما ورد في الروايات لأننا لا يمكن ان نحصل على النتائج بطريقة سريعة والا ما سر ان نبي الله نوح عليه السلام يبقى لمده ٩٥٠ سنة في اطار الدعوة و لا يصل الى نتيجة هذه الدعوة الا من خلال عمل قيصري ، لا يوجد في هذا الطريق الذي سلكه نوح عليه السلام مع امتداد الزمن ما يمكن ان يجعله يظفر بالنتيجة الا من خلال عملية قيصرية هي الطوفان التي اطاحت بوجود قوم نوح الضالين و ابقت له صفوة هي العدد الاقل من كل هذا الجمع المتكاثر الذي كان موجود آنذاك، كذلك نبي الله ابراهيم عليه السلام بنفس الطريقة و بنفس الاتجاه ما وصل الى ما وصل اليه الامن بعد اختبارات نقراها في القران سهلة جداً ولكن دون تحقيقها ارادات عظيمة جداً حتى يمكن لنا ان نرى انساناً مستعداً لكي يرمى بالمنجنيق الى ذلك المركز الهائل من النيران و يأتيه جبرائيل في تلك اللحظة و يقول له يا نبي الله هل لك من حاجة فيقول اما منك يا جبرائيل انا لست بحاجة واما الى رحمة ربي بلى، فحصل البرد والسلام حينما اجتاز الامتحان، وفي قصة ذبح ابنه حينما يقول له يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك لم تكن القضية سهلة ولكن النتيجة كانت وفديناه بذبح عظيم حينما اظهر استعداده لتلبية الامر الالهي حتى وان كان على طريقة ان يذبح ابنه، وهناك الصورة التي يقدمها لنا النبي يونس ص في شان نجاته حينما يذكره القران الكريم وكذلك ننجي المؤمنين، سبيل النجاة كان بطريقة ان ابتلعه الحوت ونزل به الى الاعماق السحيقة و لكنه مع الاختبار الالهي هذا لم يفكر بكل هذه الامور وانما فكر في كيفية ان يعود الى الله سبحانه وتعالى بعد ما تبين ان نتيجة دعاءه على قومه لم يكن تصرفاً الذي يقبل به الله سبحانه و تعالى، لذلك ابتلاه الله فذهب مغاضباً، هنا نتعجب ان يقال بان النبي غضب على ربه، كيف يمكن تصور ان النبي يمكن ان يغضب على ربه؟ لان الانسان المؤمن العادي حينما لا يعطى رغبته بالدعاء يحيل الامر الى مصالح متعددة عند الله سبحانه و تعالى هي التي منعت عنه الدعاء، فكيف يمكن ان نتصور النبي يونس عليه السلام الذي أُجتُبي لمهمة كبيرة ان يقال عنه انه غضب على ربه كما يردد ذلك بعض الحمقى وبعض المنحرفين وبعض من اورد الكلام متسامحاً ومتساهلاً في هذه القضية بالوقت الذي هو ذهب مغاضباً من نفسه لأنه تصرف بهذه الطريقة، غضب تواضعاً وانابة الى الله سبحانه و تعالى وهو يعلم تماما ان الله سيبتليه ببلاء شديد جدا لرفع هذا الخلل الذي حصل لديه لأنه اعتبر نفسه اضر بنفسه، لذلك لابد لإزالة هذا الضر من بلاء يمحو هذا الضر فكان البلاء هو الحوت، ولكنه عاد الى الله سبحانه و تعالى سبحانك لا اله الا انت اني كنت من الظالمين، هنا الظلم ليس في مقابل التشريع لان النبي لا يمكن ان يظلم او ان يخطئ و يخرج من دائرة العصمة وانما هو غضب لله سبحانه و تعالى اراد ان يغضب على الناس بسبب انهم عصاة لله ولا يعملون بأمر الله سبحانه و تعالى و لكن النتيجة كانت ان الله سبحانه و تعالى لم يرتضي منه ان يرفع يده بالدعاء على قومه، كذلك هذه النتيجة التي وصلنا اليها "وكذلك ننجي المؤمنين" بسبب حالة النجاح في الابتلاء انه تمكن من ان ينجح في المحنة التي تعرض لها.
* نحن ايضا نتعرض للمحن والابتلاءات، اليوم اخواننا في البحرين و العوامية مصابين بمحنة كبيرة ومجاهدينا في كل الاماكن يتعرضون لبلاءات كبيرة، بل نحن ايضا في ما نحياه كل واحد منا بقدره وبطبيعة الساحة التي يمر بها وبطبيعة منزلته ومقربته من الله سبحانه و تعالى يُمتحن بانواع من هذه البلاءات والامتحانات، إن استسلم لهذه المحنة ورأى الامور كلها في اطار هذه المحنة لا شك انه سيسقط، لكن حينما يعتصم في المحنة بمن هو اكبر من اصحاب المحنة انفسهم عند ذلك يمد الله سبحانه و تعالى اليه يد العون، وحينما وعد الله سبحانه بالدفاع عن الذين امنوا وحينما وعد بنصر المؤمنين كان وعده مشروطاً ان هؤلاء ينصرون الله سبحانه و تعالى فيما امرهم ولا ينسونه اثناء ما يصيبهم من محن وعسر وضراء، لذلك وصيتنا الاولى لإخواننا في البحرين في العوامية في بقية المناطق ان لا تنسوا ان لكم رباً وهذا الرب بيده مفاتيح كل شيء ويعلم بكم اكثر من علمكم بأنفسكم، اخواننا الذين يتعذبون والذين أُصيبوا بالجراح والرصاص وما الى ذلك، عليهم ان يدركوا ادراكاً معرفياً حضورياً في اعماقهم في ان لهم رباً ينظر اليهم وهم في اشد ساعات العسرة، ولكن يريد معرفة إن ما كانوا قد صبروا او انهم لم يكونوا من الصابرين، لذلك حينما نتحدث عن الرغبة في حسن العاقبة والرغبة في الفوز برضا الامام ص ونتحدث بجدية التمهيد الى الامام ص ونتحدث بادعاءات طويلة ونريد ان نصل الى حقيقة ان ادعائنا هذا صادر من اعماق قلوبنا واننا نريد ان نحقق ذلك بالفعل عند ذلك علينا الاستعداد بمقدار هذا الحجم، ان الله سبحانه و تعالى وصف نفسه بالكريم ولم يحبس كرمه عن الكافرين فضلا عن المؤمنين لان كرمه مطلق، لكن هذا الكرم له درجات خاصة لا يصيبها الا خاصة الناس وهم الذين يريدون اخذ هذا الكرم باعتبار ان ابواب الله سبحانه و تعالى مفتوحة ولكنه اعطى للإنسان الارادة والحرية ليأخذ من هذا الكرم حتى يرتقي بنفسه، هذا الكرم او الفيض لا يستطيع الانسان ان يصل اليه الا بمعانٍ خاصة في داخله لا تعتمد على طبيعة لباسه ولا على طبيعة لسانه ولا على اي اعتبار من اعتبارات الدنيا لان كل هذه الاعتبارات زائلة ولا قيمة لها الا المعنى المدخر في داخل قلب الانسان، هذا الذي يحدد الانسان الشجاع من الانسان الرعديد و الجبان ، يجعله وفي او غادر خائن او امين، هذا هو القلب الذي يعطي للإنسان صورته الحقيقية ، لا نقصد بهذا القلب هذه العضلة المثلثة وانما ما نسميه مجازاً بهذا القلب الذي يجمع المعاني الروحية المستقرة في داخله، لذلك إن لم نعتني بهذا القلب عند ذلك حديث الاستعداد سيكون حديث خرافة وليس له قيمة.
* اشرنا الى انه سنة ٢٠١٧ ستكون قاسية واليوم نشاهد اطر القسوة في كثير من المناطق ونتيجة لاجتماع النفاق العربي الذي تم في الرياض خلال هذه الفترة يمكن ان يفضي لنتائج قاسية للغاية، ولا شك ان اجتماع هؤلاء له تداعيات متعددة على مسار الانتظار، واقعنا ينبئنا باننا قد نتعرض الى محن بعدة اتجاهات و ليس بالضرورة ان تأتي المحنة على شاكلة الضراء، محنة السراء والحالة اليسيرة والزعامة الطاغية وما الى ذلك اعظم بكثير و اخطر من محنة الضراء، لان محنة الضراء العدو فيها ظاهر ولكن محنة السراء العدو مخفي في داخل النفس وفي داخل هذه الانا التي تدفعنا الى الغرور في حين نتصور باننا في حال متواضع وفي اطار حسن العاقبة ، النتيجة اننا قد نصاب بمحن، هنا السؤال: اين نتجه ؟ في تعبير الآية الكريمة وهي احد الامثلة على المحن "الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم"، ولو تذكرنا حالة الهلع والقلق والذعر الموجودة اول ايام اقبال داعش، اليوم هذه الحالة غير موجودة لان ثمة من قال حينما قيل له ان داعش قد اقبلت قال حسبنا الله و نعم الوكيل، فكان الاتجاه الى من لا نفاذ لقدرته وهو الله سبحانه و تعالى، ان تعرف ان الله معك في الفتنة و في المحنة تستطيع ان تتخطى اعظم البلاءات، اذا كان سلمان وبن سلمان و ابن نايف و ما الى ذلك يتراقصون على صناعة جراحنا فهو طبعهم ولا جديد في ذلك، نعم لديهم جرعة جديدة من الحقد لكن ماذا يصنعوا بعد كل الذي صنعوه، اخواننا في البحرين ليس لهم بعد الشهادة الا العز والفخر وظلامة تكتب عند الله سبحانه و تعالى ان ثمة شعب يظلم وان ابنائه صبروا لما جاءهم البلاء و امتحنتهم المحنة فصبروا امامها و ثبتوا، كذلك اخواننا في العوامية، لذلك لاشك ان هناك الم لكن الالم ينتج من بعده امل ولا امال حقيقية يمكن لها ان تتجسد وتحقق من دون ان يكون هناك آلام حقيقية نصبر عليها ونتحملها ونجتازها لأنها عارض بشري وهو ينتهي باي طريقة كانت، امير المؤمنين ص كان لديه اولاد كثر قُتِلوا في كربلاء لكن الذاكرة دوماً تتجه الى العباس صلوات الله عليه من دون بقية اولاده، كذلك بنات امير المؤمنين ص متعددات في داخل سبي كربلاء بينما الذاكرة تتجه دائماً الى الحوراء زينب ص، كل ذلك حصل بسبب تحمل الالام الكبيرة والصبر على المعاناة .
* نحن على ابواب شهر رمضان المبارك والناس تتلقى الشهر الفضيل بطرق متعددة وحشد هائل من الناس يصوم الشهر، لكن الكثير من هؤلاء الصائمين لا حظ لهم في شهر رمضان ولا باي شكل من الاشكال قد تكون بالنسبة لهم عادة شعبية، السؤال: بالنسبة للمنتظر كيف يدخل الى شهر رمضان؟ باعتبار هو من ميز نفسه بانه ليس من الناس العاديين كونه منتظِر، وكما ذكرنا من يريد ان يحصد النتائج الجيدة عليه ان يبذل جيداً، نحن امام عطاء رباني هائل هذا الشهر الذي دعيتم فيه الى ضيافة الله، هذه الضيافة التي لا شك انها تعبّر عن عظيم اكرام الله سبحانه وتعالى لعبده، لكن ليس جميع الناس تستطيع ان تتحمل هذه الضيافة او ان تصل الى مقامها ، هذه الضيافة فيها ملائكة الله سبحانه و تعالى محدقين يتزاحمون مع الذين سيحضرون، هذه الضيافة سيحضر بها انبياء الله سبحانه و تعالى، وحينما نقول باننا منتظرين فان هذه الضيافة سيقودها صاحب الانتظار، هو الذي سيستقبل الموفدين و القادمين الى هذه الضيافة، لذلك كيفً السبيل للذهاب الى هذه الضيافة؟ لان الله سبحانه و تعالى لا يُخدع عن جنته، وكيف يمكن للمنتظر في هذا الشهر ان يستقر قلبه ويطمئن من انه ادى ما عليه من واجب الانتظار في هذا الشهر الكريم؟، في هذا الشهر تربى القلوب وفي هذا الشهر الصيام صيام القلوب وليس الصيام عن الطعام، القلب يجب ان يُثبِت بانه قد صام طاعة لله سبحانه و تعالى، بحيث يصوم عن معاصي الله سبحانه و تعالى ويفطر على رضا الله سبحانه و تعالى، في هذه الضيافة والمأدبة أُعِدَّ للصائم افطار عظيم هو ليس الافطار الذي يُنصب في المائدة وانما الافطار الذي تغذيه الملائكة هذا هو الافطار الحقيقي، من يميز نفسه عليه ان يذهب الى ذلك الافطار، الصيام يكون عن معاصي الله سبحانه و تعالى، من صام صامت جوارحه معه، لذلك من يريد الصيام ينبغي ان يتأمل الحديث القدسي الذي يقول الصوم لي وانا اجزي به، هو سبحانه و تعالى يتولى ثواب وجزاء الصائمين وطبيعة الكريم يعطي بلا حساب ولا استحقاق، حينما نقرأ دعاء الافتتاح في ليالي شهر رمضان نلاحظ ان المقطع الاول يبتدئ التحدث عن جمال الله سبحانه و تعالى ويظهر استعداد هذا الانسان لكي يحمد الله سبحانه و تعالى، لكن بعد هذا المقطع يرد مقطع يجب علينا ان نتأمله بشكل جدي، هذا المقطع الذي يعرينا عن واقعنا الدنيوي ويبرز لنا صورتنا الحقيقية، ويبين صورة الرب الذي يتودد لنا، صورة الرب الكريم في مقابل صورة العبد اللئيم، حينما نقف عند عبارة "فلم ارى مولا كريماً اصبر على عبد لئيم منك علي يا رب " هذه الصورة المريعة والمثيرة جدا تبين واقعنا الحقيقي في اننا نتعامل بلؤمنا ونتبغض مع الرب الكريم، "و تتحبب اليَّ فأتبغض اليك و تتودد الي فلا اقبل منك" وكأننا نحن اصحاب الفضل، هذه الصورة يجب ان نقرأها بقلوبنا قبل عيوننا ونرددها في دواخلنا قبل ما تردد بالألسن، هذا الدعاء الذي نقرأه في الشهر الفضيل طلب ان نقراءه الامام الذي ننتظر ظهوره ص وهو دعاء منسوب اليه صلوات الله عليه، لذلك يجب ان نسأل انفسنا عن هذه الصورة المبينة في الدعاء ، الحديث هنا ليس حديث مجازات ولا حديث بلاغة، الحديث هنا قصة صورة حقيقية اشتركنا على ان نصنعها لأنفسنا، اشترك معنا ثلاث شركاء: الاول صديق السوء والثاني الشيطان المضل المبين والشريك الثالث هو اهواء النفس، نحن في هذا الشهر نطلب المغفرة ويرد في الرواية عن ابي الصلت الهروي رض يوصيه الامام الرضا ص في اخر جمعة من شعبان سل الله سبحانه و تعالى وقل اللهم ان لم تغفر لي في ما مضى منه فاغفر لي في ما تبقى منه، هذه المغفرة يجب ان نطلبها بشكل جدي، لكن اذا اردنا ان ندخل شهر رمضان من الباب العريض ومن الباب الذي يُكرّم من يدخله يجب ان ندخل من خلال التنازل عن ذنوب الاخرين بحقنا، اذا كان مالك الاشتر قد دخل الى المسجد يصلي نتيجة ان احدهم اذاه ولان احدهم آلمه وهو ذو الصورة العظيمة في انفسنا فما احوجنا نحن الى التنازل لان الله سبحانه و تعالى لا ينظر الى القلوب التي تحمل الغل، نحن لا يمكن ان نكون من المنتظرين الحقيقيين ما لم نتجاوز هذه القضية، من يدخل من هذه البوابة لن يندم ولا باي شكل من الاشكال، نحن حينما نقرأ دعاء ابو حمزه الثمالي نطلب المغفرة في حين ان الله سبحانه و تعالى يعطينا المغفرة بهذا الثمن وهو التجاوز عن الناس وهو امر سهل ويمكن لمن يجرد قلبه الى الامام ص ان لا ينظر الى هذه الامور ابداً و لا يتوقف عندها، نسأل الله سبحانه و تعالى ان يدركنا واياكم برحمة منه وبإكرام خاص في هذا الشهر الفضيل، نسال الله ان يتقبل اعمالكم ويكتب لنا و لكم صياما مقبولا وعملا متقبلا و الحمد لله اولا واخرا وصلاته وسلامه على رسوله و اله ابدا.
https://telegram.me/buratha