الصفحة الفكرية

ملخص ملتقى براثا الفكري - حراك الظهور الشريف وعلاماته بين العفوية والهدفية


 

* يشير السيد بن طاووس رضوان الله تعالى عليه في كتابه كشف المحجة الى ابنه بالقول بانك من الجيل الذي سيرى الامام صلوات الله وسلامه عليه، ويتحدث بمنطق ان هذا الزمن الذي ستحيى فيه هو الزمن الذي سيظهر فيه الامام ارواحنا له الفداء.

 وايضاً في كتاب الانوار النعمانية يشير السيد نعمة الله الجزائري رضوان الله تعالى عليه الى ان زمن الظهور قد حل وانه ليرجو ان تكون الحكومة الصفوية هي الحكومة الممهدة او الحكومة التي تسلم الامر الى صاحب الامر صلوات الله وسلامه عليه.

 وانقضت الايام من بعدهما وامتدت الى قرون وها نحن لمّا يظهر الامام بعد، في مقابل ذلك هناك حديث يسمع هنا وهناك ما بين الفينة والاخرى بان الامام ربما يظهر بعد آلاف السنين وبالتالي لا يوجد هناك اي جدوى بالحديث عن العلامات وما الى ذلك ولا يوجد هناك اي جدوى للتعلق بآمال قريبة وانما تُرمى الآمال الى البعيد الأقصى.

 السؤال: اين نحن من ذلك ما بين هذا الخط الذي رأيناه عند السيد ابن طاووس وعند غيره وما بين هذا الخط الذي يرميها بعيداً الى افقٍ غير منظور ابداً.

 ما من شك بالنسبة لنا ان البراءة تحكم الجميع ولا يوجد خبث في هذا المجال ولكن نحسب ان التعامل مع الامر يتم بطريقة ذوقية او بطريقة مزاجية أكثر مما كونه تعامل على اساس منهج اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم وما اختطوه لنا لأننا حينما نتحدث بمنطق الآمال البعيدة او بمنطق التشخيص المبكر لا يمكن لكلا الطرفين ان يقاربوا من منهج القصدية في حديث اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم في شأن هذه العلامات.

 تارة انهم صلوات الله وسلامه عليهم تحدثوا بمنطق انه سيحصل حدث معين من دون وجود ترابط لا في التاريخ ولا في الزمان ومن دون وجود توقيتات في داخل بعض العلامات التي يتحدثون عنها من بعد هذا الامر، كمثال حينما يتم التحدث عن السفياني يُتحدث عن منطق ان ستة اشهر من بعد خروجه سوف يكون حدث اخر ومن بعد ذلك بتسعة اشهر سيظهر الامام صلوات الله وسلامه عليه، ويتحدثون في هذا الامر بمنطق الحتم واللابد وفي بعض الروايات لا يتقدم يوماً ولا يتأخر، فاذا كان الامر بلا قصدية يمكن ان نفهم  ان الأمور قد تكون بعيدة المنال او نقول بان حديث اهل البيت عن العلامات لا محصلة له ابدا ولا يوجد اي ما من شانه ان يفيدنا في هذا الطريق، لان كل حدث وكل واقعة يمكن لها ان تحصل في مكان يمكن ان تحصل في عشرات الاماكن و في ازمانٍ متعددة ، لا بل يمكن لنا ان نصف حدوث حدث معين في مكان معين بانه يمكن ان يحصل نفس هذا الحدث بعد عشرة سنين ومن بعد العشر سنين سيحصل الحدث الثالث والرابع وما الى ذلك، لكن ان يتحدث الائمة صلوات الله وسلامه عليهم بمنطق نظام الخرز الذي يتبع بعضه بعضا، عندئذ لا يوجد هناك مجال لكي نخرج من هذا الطوق الذي وضعنا ائمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم ووضعوا العلامات في داخله.

لم تطلق العلامات في الهواء الطلق بحيث يمكن لأي صياد ان يصطادها ويمكن لها ان تفلت من اي صياد، وانما وضعت ضمن طوق، وهذا الطوق عُبّر عنه بانه نظام كنظام مسبحة الخرز يتبع بعضه بعضا اي ان ثمة تراتب وتسلسل في الزمان، ولو انهم لم يصفوا احداث الزمان ويربطوها بالمكان ايضاً اذن لقلنا يمكن لهذا الزمان ان يتعدد ويمكن لهذه الاماكن ان تكون في اي بلد اخر، لكن حينما يصفون الامر و ويحددونه ضمن خريطة زمانية ومكانية محددة عندئذ لا يمكن لنا ان نرضى لا بالاتجاه الاول و لا بالاتجاه الثاني،  لان التشخيص مهما كان وفي اي زمن كان سينطلق من ظنون لا قيمة لها على المستوي العلمي، بمعنى لو قلنا بان فلان هو المعنى بالرواية الفلانية ، لا يوجد دليل على ذلك، غايه ما هنالك بان هنالك امارات و قرائن لا نستطيع ان نتوثق منها لكي تكون هي الحاكم المطلق في هذه القضية لكي تفسر لنا بان هذا هو السفياني و ذاك هو اليماني و الثالث هو الخراساني وما الى ذلك، لذلك كان تحذيرنا منذ البداية بعدم الاقتراب من مرحلة التشخيص لان التشخيص دليل قول بلا دليل ولكن فوق ذلك قد يؤدي الى نتائج وخيمة جدا.

 ضربنا مثلاً في كتاب راية اليماني الموعود عن ذلك الصديق الذي كان يتوسم في أحد العلماء والشخصيات بان هذا هو اليماني وكلما قيل له بان هذا الامر خاطئ ولا يمكن ان يجدي نفعاً ما كان ليتنازل عن هذا الامر ثم من بعد ذلك توفي ذلك الشخص رضوان الله تعالى عليه فعاد على هذا الاخ بإحباط كبير وبسأم من كل قضية الامام صلوات الله وسلامه عليه.

 * لذلك نحن لسنا مع منطق التشخيص ولا بأي شكل من الاشكال ولكن هل ان القرائن حينما تتقارب مع طبيعة ما نراه من الاحداث او ان الاحداث تتقارب مع الخريطة الزمانية التي حددها اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، هل سنقف حينها كالصخرة الصماء لا يهمنا ما يحصل ونقول لا نذهب الى التشخيص ولا نذهب الى المقاربة ولا نذهب الى تلمس الاثار والبحث عن تلك الاثار، ام اننا يجب علينا ان نهتم لان مثل هذا الامر يمكن ان يحصل في اي وقت من الأوقات سيما بالنسبة لمن لم يدرسوا العلامات.

 نؤكد هنا لبعض الاخوة الافاضل الذين يتحدثون بمنطق التعميم؛ حينما لا تدرسون العلامات بالمنطق الذي اراده مذهب اهل البيت والذي وضعه ائمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم نخشى عليكم ان يكون حديثكم حديث جزافٍ ولا دقة فيه في التقارب مع طبيعة هذا المنطق.

 نحن نزعم بان الائمة صلوات الله وسلامه عليهم تحدثوا عن دولٍ محددة، قالوا بان العلامات ستحصل فيها تحديداً، لم يتحدثوا عن البرازيل وهي دولة كبيرة ولم يتحدثوا عن الارجنتين ولا عن اندونيسيا ولا عن الصين، كل هذه الدول مع انها كبيرة جداً ومع ان فيها عدد من السكان هائل جداً ولكنهم لم يتحدثوا عنها لان امر هذه المناطق لا يعني في قضية الظهور مباشرة، نعم الصين لاحقا سوف تكون معنية لكن في كلمة علامات الظهور انما نريد ان نستدل على الامام صلوات الله وسلامه عليه لا نريد ان نستدل على خريطة العالم او نستدل على التاريخ الانساني المقبل.

 نحن نتحدث عن قضية محددة اسمها ظهور الامام وهذه العلامات انما وضعت لتدلنا تارة على الامام صلوات الله عليه واخرى لتدلنا على خروجه صلوات الله وسلامه عليه، باعتبار ان العلامات تارة تتحدث عن الظهور الشريف واخرى تتحدث عن الخروج الشريف الذي يحصل في يوم عاشوراء، لذلك حينما تأسرنا الروايات بهذا المنطق اذن علينا ان نلتفت الى احداث هذه المناطق ونحن غير معنيين بغيرها.

 بعض الاخوة في دول متعددة يسألون دوماً هل يوجد اثر في الروايات لما يحصل مثلا في البحرين او الباكستان او افغانستان او في اي دولة من هذه الدول؟ وقد يفاجئون ان الروايات لم تتحدث عن هذا الامر لأنه ليس من عمل الروايات ان تؤرخ للمستقبل الانساني حتى وإن كان ذلك في البلدان التي ستشهد حراك الظهور، إذ أن ما يعني الروايات  في هذا الامر هو مقدار ما يمكن لهذه الحادثة من ان تخدم المنهج التربوي لشيعة اهل البيت صلوات الله عليهم في الاستدلال على الامام صلوات الله وسلامه عليه إن في ظهوره او في خروجه، وهذا الامر هو ما يهم أئمة الهدى صلوات الله و سلامه عليهم، لذلك قد يشار في الروايات الي حدث معين ثم يأتي من بعد او من قبل هذا الحدث حدث اعظم منه وقد يستغرب البعض من عدم ذكره، والحقيقة ان عدم ذكره بسبب ان أئمة اهل البيت صلوات الله عليهم ليسوا بمؤرخين لا للماضي ولا للمستقبل.

ان  أئمة اهل البيت صلوات الله عليهم أئمة هدى وما يعنيهم في كل المسيرة هو طبيعة الهدى الذي يريدون ان يسوقونه الى شيعتهم، وهذه قاعدة اساسية في التعامل مع حديث اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، وهنا لما تحصر الروايات الحديث بخمسة الى ستة دول وتشير الى انها هي المعنية بالعلامات بذلك نكون غير معنيين بكل الدول الاخرى، وما يحدث فيها من احداث غير متعلق في عملية البحث هذه، فاذا  كانت العلامات موضوعة ضمن نسق واحد اسمه نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، عندئذ نقول ان ما يحصل في هذه الدول يجب ان يكون مترابطاً لكي يعنينا، هذه الدول تحديداً هي تركيا، سوريا وما يجري بين تركيا وسوريا ونعني بذلك المنطقة الكردية السورية وليست اي منطقة كردية أخرى وانما المنطقة الكردية السورية تحديداً، العراق، ايران، الحجاز، ومقدار من مصر، هذه هي الدول المعنية بأحداث الظهور بشكل تام، اما بقية البلدان فقد يوجد اثر لرواية عن فلسطين وعن الاردن وعن لبنان وما الى ذلك، لكن كل هذه الروايات غير مترابطة بالمنظومة الأساسية بل ربما قد يكون من الزائد ان نضع مصر في هذه الخريطة، ونركز على هذه البلدان الخمسة الحجاز، العراق، ايران، سوريا وتركيا وهذه الخمسة هي المعنية بشكل مباشر عن هذه الاحداث،  في البين هناك هرج الروم وهذه منظومة مستقلة و ان ورد ضمن تراتب الاحداث من اجل ان نتأكد من انه كلما مر بنا من احداث كان تشخيصه سليم وهذه الحرب تأتي لتؤكد لنا ان من بعد هذا الحدث حدث الحرب العالمية وماذا يمكن ان يحصل بالعودة الى نفس الخريطة.

 * هذه الدول حينما تحصل فيها الاحداث تحصل في وقتٍ متقارب ومتصل، بمعنى انه يمكن لخراب الشام ان نرجعه الى عدة مرات حصل في التاريخ خراب في الشام ونقول هذا هو خراب الشام او نستدل على اي بقعة شامية خربت نقول ان هذا هو خراب الشام! لا يمكننا ان نتحدث بهذا المنطق لان خراب الشام اقترن بعلائم اخرى متعددة تحكم تركيا واكراد سوريا وتحكم العراق وإيران والحجاز.

 من دون ترابط الاحداث بمجموعها لا يمكن لنا القول باننا أشرنا الى الموضوع الدقيق في خريطة العلامات، لذلك نكرر قولنا بان الاحداث يمكن لها ان تتكرر في كل مرة، لكن ان تتكرر بمعية احداث اخرى تحصل في اماكن متقاربة وقد أُشير لكل الاحداث سويةً، عندها من السذاجة بمكان ان نقول بان هذه الاحداث غير مترابطة لان الاحداث تكرر في التاريخ إذا كانت مستقلة عن غيرها لكن إذا ما ترابطت من الصعب بمكان ان نقول بان هذا الامر لا علاقة له بما أُشير اليه في الروايات التي تحدثت عن هذا الترابط.

 وللتوضيح أكثر نعود الى بعض البديهيات  التي اشرنا اليها منذ زمن، قلنا ان طبيعة العلامات هي كالصور التي بعثرت قطعها على ارض واسعة وقيل لمن يلعب لعبة جمع القطع المبعثرة او ما نسميه لعبة البازل، قيل له اجمع هذه القطع المبعثرة و استدل على هذه الحدود ولا تخرج عنها، عندئذ عملية جمع هذه القطع ستكون عملية سهله فاذا قيل له ان هذه القطع ستظهر في وقت محدد ونحن في غير هذا الوقت غير معنيين به بذلك ستكون العملية اسهل، أئمة اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم تحدثوا عن العلامات بهذه الطريقة، يتحدث الامير صلوات الله وسلامه عليه بقطعة من العلامة ليأتي الامام الباقر صلوات الله وسلامه عليه يتحدث عن قطعة ثانية ويأتي الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه ليدل على قطعة ثالثة، فلا يعقل ان نأخذ قول امير المؤمنين بمعزل عن قول الامام الباقر ولا قول الامام الباقر بمعزل عن الامام الصادق وانما يجب ان نأخذ الجميع لأنها تتعلق بحدث واحد، لكن هذا الحدث هل هو مستقل عن بقية الاحداث؟ الروايات تقول ليس مستقلا عن بقية الاحداث وانما هو مترابط تماماً، على سبيل المثال حديث الامير صلوات الله وسلامه عليه عن اختلاف الرمحين، لم يقل ان هناك اختلاف في ارماح الشام ثم يسكت وانما ذكر حدثا ثم قال بعد هذا الحدث سيحدث الحدث الاخر وهكذا بقية الاحداث، فلو اخذنا حدثا واحدا منها لا يمكن ان نصيب الواقع ولا بأي شكل من الاشكال ولكن حينما تتكرر هذه الاحداث واحدة من بعد الأخرى وبنفس التسلسل الذي يثيره الامام صلوات الله وسلامه عليه لا يمكن ان نقول بان الامام يتحدث عن قضية أخرى.

 حينما تحدثنا عن اختلاف الشام وقلنا بان خراب الشام قد ابتدأ قيل لنا بان ذلك تشخيص ثم قلنا قبل ان تتحدث أي جهة من الجهات بانه سيحصل حدث سميناه في كتاب علامات الظهور بالتفجير النووي قد لا يكون نووياً قد يكون بحجم التفجير النووي لكن هذا الحدث سيكون من العظمة بمكان بحيث يصدر صوتاً هائلاً جداً وترجف الارض بسبب هذا الصوت ثم من بعد ذلك ستدخل رايات صفراء من غرب الشام الى الشام، هذه الاحداث سردناها وقلنا بانها ستحصل قبل احداث جبل قاسيون وقبل احداث حزب الله و ما الى ذلك وقلنا بان هذا الامر سيؤدي الى عكس المطلوب سيؤدي الى فتح يعم المؤمنين والى هلاك في ديار الكافرين، حصل الهلاك وحصل الفرج وحصلت كل هذه الروايات واحدة من بعد الأخرى ، فلا يمكن لنا حينئذ ان نقف امام هذه الاحداث ونقول ليست هي التي أُشير اليها، لكن هل نستطيع ان نجزم بان هذه الاحداث هي الاحداث التي أُشير اليها؟ قلنا ننتظر الحدث الذي يأتي من بعدها.

 ركزنا كثيراً على ان ثمة  زلزالٍ في الشام سيُطيح في الجابية وسيطيح في حرستا سيؤدي الى دمار كبير في مركز الشام حينما تحدثنا قلنا ننتظر هذا الحدث، اذن لم نشخص على مستوى المنطق الجازم ولكن ايضا لم ننظر الى الاحداث كالأبله الذي لا يعرف ما الذي يجري، تحدثنا عن ان اكراد سوريا سوف ينفصلون او سوف يحاولون القيام بحكم لا تبعية له بطريقة او بأخرى مع حكم الشام، اعترض الكثير علينا في وقتها ولكن اليوم يمكن ان نقول باننا تجاوزنا الحدث في كل ارهاصاته وفي كل حيثياته وقرائنه، الحدث اليوم حاضر غاية ما هنالك التسمية الرسمية لما تزل بعد، قلنا ايضاً ان هذا الامر سيحصل وسيزيدنا يقيناً في هذا المجال.

 * في كل الأحوال فإن الائمة صلوات الله عليهم حذرونا وسبق لنا ان تحدثنا قبل ثلاث او اربع سنوات عن الجهد الاستخباري الموجود في روايات علامات الظهور والذي قدموه لنا للتحذير، لكن على الطريقة الموجودة للأسف الشديد غالبية العلامات لن يجري عليها بداء بل ربما بعضها سوف يتعاظم لان حالة اللاأبالية هي السائدة في التعامل مع قضايا في غاية الخطورة، الكلام في اننا هل يجب ان نستعد ونكون من اهل المبالاة بالحاضنة الشعبية لحركة الامام صلوات الله وسلامه عليه او لا نكون، نكرر قولنا بان العلامات ليست نزهة  كما انها ليست خاتمة الطريق كما انها ليست هدف حياتنا، هدفنا وغايتنا وما نسعى اليه هو ارضاء الامام صلوات الله وسلامه عليه، نحن غير مكلفين ان يظهر الامام او لا يظهر او حصول علامة من عدم حصولها ، نحن معنيين بكيفية ان يرضى امام الزمان عنا صلوات الله وسلامه عليه، لذلك دوماً نركز على مبدأ اساسي وهو المرجعية ثم المرجعية ثم المرجعية كقائدة لحراك المتدينين في هذا العصر.

نحن دوماً نركز على ان المنتظر هو الأكثر عملاً بالتكاليف الشرعية التي انيطت الى المتدين من قِبَل الشارع المقدس، دوماً نؤكد بالحذر من التشخيص في العلامات لأنه امر بلا علم ولا ينطوي على حجة دقيقة، هذه خلاصة الامور وما نلخصه ان العلامات لا تحصل عفواً وانما تحصل بناءً على منطق موضوعي يجب ان يدرس بشكل دقيق هذا اولاً، الامر الثاني ائمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم حينما تحدثوا عن العلامات لم يتحدثوا عن شيء خيالي وانما تحدثوا عن امرٍ سيحصل، الامر الثالث ان هذا الذي سيحصل يقع في خارطة زمانية ومكانية محددة ومترابطة تماماً ويحصل بعضه من بعد البعض الاخر، الامر الرابع في هذا المجال وهو ان هذه العلامات لا تُدرس مستقلة عن بعضها وانما قرائنها تارة موجودة في داخل الرواية واخرى موجودة في العلامات الأخرى، هذه القضية ليست قضية فقهية، هي احداث مترابطة وبالنتيجة يمكن لما نفقده من قرينة في داخل العلامة؛ يمكن ان نجده في العلامة الأخرى.

المسالة الأخيرة في هذا المجال ان الامام صلوات الله وسلامه عليه يقصد من هذه العلامات هدى الناس والعمل على ابقائهم على طريق الهدى للدلالة بهم الى إمام زمانهم صلوات الله وسلامه عليه، لذلك حديث العلامات حديث هادف وليس حديثاً عابثاً او زائداً او مهملاً بل هو ضروري جداً للمتدين ان يتلمس وان يعي حقائقه لان في هذا الوعي دلالة  مهمة جداً حينما تضطرب الرايات وتتشابه الادعاءات وتتعالى المزايدات وعشرات الأمثلة التي نراها في مجتمعنا في هذا اليوم والتي نتوقع زيادتها في مجتمعنا المستقبلي، نسال الله سبحانه وتعالى ان يرينا ذلك اليوم المسعود وان يجعلنا ممن اعدّ واستعد ففاز برضوان امام زمانه وفاز بالنصر على عدوه او فاز بالنجاة من عدوه والحمد لله اولاً و اخرا وصلاته وسلامه على رسوله وآله ابدا.

 * بالنسبة للأخوة الافاضل ممن يريد ان يدرس العلامات، اما ان تدرسوها بشمولية كما اشير اليها في منهج اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم او لا تدخلوا في امر لا تجيدوا قراءته، لأنه من يأخذ جزءاً منفصلاً عن بقية الاجزاء لا يستطيع ان يصل الى الحقيقة ولا باي شكل من الاشكال، لا ضير في ان نتابع مثل هذه الامور ولكن حذاري من التشخيص والاسقاط غير المبرر  للعلامات، حينما حصل الشق في جدار مسجد الكوفة قيل بان ما جرى في الكوفة هو الهدم الذي تحدث عنه الامام صلوات الله وسلامه عليه وتوقع الكثير من الاخوة ان نتحدث بنفس المنطق، لكن لازلنا لغاية الان نقول بان هذه الرواية لم تتطابق عندنا مع طبيعة الذي اثير في رواية اهل البيت صلوات الله عليهم فقد يكون وقد لا يكون وللوصول الى حاله القطع نحتاج الى الكثير من الأدلة، وواحدة من الاخطاء الكبيرة التي وقع فيها الكثير من الافاضل هي حينما درسوا العلامات مستقلة عن بعضها.

 حينما نقرأ قصة اليماني بكاملها وفق ما أُثير في روايات اهل البيت صلوات الله عليهم نصل الى نتيجة تتعاكس في الكثير من الاحيان وتتخالف وتتضارب مع طبيعة الفهم العام لقصة اليماني، حتى اننا حينما قلنا بان اليماني من العراق وحدثه في العراق اعترض الكثير على اننا نتحدث بمنطق خلاف منطق اهل البيت صلوات الله عليهم، لكن في هذا الصدد حينما نتحدث عن رواية تقول بان اليماني معركته تكون في داخل النجف بل يبتدئ حراكه في داخل النجف علينا ان نتساءل بشكل منطقي: إذا كان اليماني في اليمن ما الذي سيوصله الى النجف؟ من حيث المبدأ لا ضير ان يكون من اي بلد لكن المشكلة في تشخيص منطلق حركته ومطابقة هذا المنطلق مع طبيعة الروايات.

 احد الذين كتب كثيراً عن ان اليماني حركته في اليمن وهو قريب من الحوثيين، قال: لم اطلع على رواية تقول بان اليماني يقاتل في العراق. مع ان الروايات لا تتحدث عن اي قتالٍ لليماني الا في العراق، لذلك في حالة عدم الاطلاع على الروايات بأكملها يجب عدم تفسير الروايات بشكل قسري على مكان ليس له علاقه باليماني، كذلك هناك من يقول بان اليماني سيحتل مكة والمدينة وما الى ذلك، نقول اذا كان الامر كذلك فكيف يدخل جيش السفياني الى المدينة ويتوجه الى مكة وان الامام صلوات الله وسلامه عليه في اكثر من رواية يقول بان اهل مكة يكرهوننا ولا يريدوننا، كذلك قتل النفس الزكية في مكة فاذا كان اليماني هو المسيطر فكيف يُقتَل النفس الزكية بين الركن والمقام؟ نعم يمكن لنا من خلال قراءة رواية او روايتين ان نتخيل مشهدا اخرا مختلفا، لكن حينما نربط العلامات الاخرى نخرج بنتيجة مختلفة تماماً.

 روايات اهل البيت صلوات الله عليهم لا تتحدث عن ان حدود العراق سيدخل لها بطريقة اعجازية وانما ستتم وفق السياقات الموضوعية، فاذا كان اليماني يريد الاقبال من اليمن فكيف سيدخل الى العراق؟ حدود الشرق يسيطر عليها الخرساني وحدود الغرب مأخوذة من قبل الاتراك ومن بعد ذلك مأخوذة من قبل السفياني، في الجنوب بلد معادٍ للإمام والدليل على العداء انهم هم من يقتل النفس الزكية وهم من يخاطب السفياني ويطلب منه ان يأتي الى المدينة فيخسف به ما بين المدينة ومكة، لذلك لا يمكن القبول بمنطق تفسير الروايات بصورة منفصلة لأنها لا تصل الى نتائج ابدا.

 

* يزعم البعض بان الله سبحانه وتعالى سيصلح امر الامام في ليلة واحدة؟، نعم يصلح امر الامام في ليلة واحدة لأنه يمكن للأمور ان تسير بطريقة غير متوقعة، من يقرأ احداث مؤتمر ترامب مع القمة الخليجية يتصور ان كل دنيا الشر قد اجتمعت علينا، لكن بلا حسبان دفعة واحدة أصبحت كل جهة تتحدث بمنطق إن كانت قطر او عمان او غيرها وتبين انهم غير متفقين فتغيرت الصورة المرعبة لاجتماع هؤلاء على الشيعة، ذكرنا سابقاً بان هذا الحدث فيه خير لنا وقلنا ان ترامب هذا رأسمالي يجيد جمع المال، فقد جمع أموالهم وتركهم يتصارعون فيما بينهم، وفي هذا المشهد نلاحظ ان الامر اصلحه نفس العدو ولسنا نحن من اصلحه لأننا كنا نشاهد صورة قاتمة لكن طبيعة الشر الموجود في داخل هؤلاء يبرز ويفرز يومياً معادلات هي في مصلحتنا دون ان نحسب لها أي حساب، لا شك ولاريب ان إسرائيل لو كانت تعلم نتيجة ما ستؤدي اليها ضربة جبل قاسيون لما فعلتها ولما اقتربت من جبل قاسيون مطلقا، ارادوا تدبيراً ولكن الله سبحانه و تعالى جعل هلاكهم في عين تدبيرهم لان الشر لا يفرز الا شراً والاناء لا ينضح الا بما فيه وزراعة  الشر لا تؤدي الا حصاد الخير.

 * خطابنا الى الاخوة الافاضل والعلماء والمفكرين بان تعالوا لنقرأ الروايات بطريقة جديدة، الروايات تتحدث بمنطق ان الشام ستتبعثر بقوى متعددة والحديث عن الكور الخمس حديث واضح جداً في ان حكماً مركزياً في الشام سوف يكون مضطرباً وسوف تخرج منه اماكن خارج سيطرته، هذا الذي تتحدث عنه روايات السفياني حينما يأتي ليجمع الكور الخمس، يجمعها من بعد التفرق.

 نحن لا زلنا نقول بان وقت السفياني لازال مبكراً لكن حسب منطق اليوم هل ان الشام مبعثرة ام غير مبعثرة؟ نعم هي مبعثرة وخرجت منها اماكن كثيرة، كذلك الروايات تتحدث عن اقتتال ما بين العصابات التكفيرية التي تتسلط على الشام ونلاحظ ان هذه الأمور تحصل الان.

تتحدث الروايات عن هذه الاحداث في وقت واحد وليس على خارطة زمانية مفتوحة، إذ تحصل هذه الأمور وتتجمع هذه القوى لتنال من بعضها البعض وجيوشها الإعلامية تحشد أحدها ضد الاخر والمعركة متجهة الى دير الزور.

 هل يمكن ان يتطابق هذا مع ما يوجد في معركة قرقيسيا ام لا يمكن؟، بالإضافة الى ان الروايات تتحدث بمنطق ان الاكراد سوف يفعلون ما يفعلون في شمال سوريا، فاليوم ما يسمى بقسد وهي قوات سوريا الديمقراطية ماذا تفعل؟ والكيانات الكردية في داخل المناطق التي حررتها من داعش او اخلاها النظام لمصلحتها يتحدثون بهذا المنطق، تركيا قيل لنا في الروايات بانها سوف تقتحم سوريا وقلناها في كتاب علامات الظهور ان سر اقتحامها يعود الى الحراك الكردي الذي يسبق في الروايات يسبق حدث احتلال تركيا الى الشرق السوري والى مقادير من الاراضي السورية، اليوم تركيا ابرزت رغبتها في الاقتحام بسبب المجاميع الكردية التي بدأت تحصل على هذه المناطق، تدخلت تركيا لكن منعها من الاستمرار الضوء الأحمر الأمريكي، ماذا لو انشغلت امريكا بحرب عالمية؟ عندها سيزول هذا الضوء الأحمر لان تركيا في الروايات تفعل ذلك بعد الحرب العالمية وكل هذه الاحداث لا تأتي مفاجئة ومن دون سابق انذار، أضف الى كل ذلك ما نشاهده من احداث العالم وما تنبئ به.

 ذكرنا سابقاً بان ترامب سيضع عينه على المانيا لان المانيا هي العقل الأوروبي، البديل الأوروبي، الشعب المقاتل، اغنى بلد في أوروبا، مساحتها أكبر المساحات في أوروبا، والصراع الامريكي في اوروبا سيبتدئ من المانيا، اليوم هل هم على وئام؟ هل تعيش اوربا حالة الربيع الأخضر؟ هل البساط الاحمر فيما بينهم لازال ممدوداً؟ هل بريطانيا لازالت متحدة مع أوروبا؟ هل فرنسا لا تريد الانشقاق عن الاتحاد الأوروبي؟ عشرات الأسئلة الموضوعية التي يبحث بها ساسة العالم اليوم وليس في وقت اخر.

 اصبحت كلمة الحرب العالمية من جملة الادبيات في الاعلام السياسي ما بين الدول واصبحت رائجة جداً، قضية رئيس كوريا الشمالية واستعراضه لصواريخه بين مدة وأخرى، إضافة الى روسيا واهتمامها بإظهار قدراتها، خوف اوروبا من الروس، تخلي أمريكيا من الدفاع عن أوروبا، كل هذه الامور اصبحت رائجة بشكل عملي والانسان الجاد يحسب نتائج كل هذه الخطوات واتجاهها، وفي البين هناك مليارات الدولارات بل تريليونات الدولارات، لا يتصور احد ان الصفقة التي اخذتها امريكا من السعودية ستنتهي على خير، الشركات الاخرى ستحرك عواملها وستحرك اياديها لان الامور لم تتم لغاية الان، السعودية دفعت جزية ليس الا نتيجة قانون جاستا اما البقية تأتي تباعا، اذن هل يمكن ان نقول بان كل هذه الامور لا علاقة لها بالروايات؟ ولكن ما الذي يمنعنا من ان نقول ان لها علاقة؟ سنكون على طرفي جدال، لكن العاقل فينا من يحترس لما ان الامر لو حصل ما الذي يمكن فعله، العاقل ليس من يرمي بنفسه في شبكة الاماني والاحلام الخضراء على منطق ان الدنيا بخير وما الى ذلك، المنطق دائماً مع الذي يحتسب ومع الذي يحترس.

 بالنسبة لأحداث العراق نجدها اليوم مترابطة بشكل كبير جداً مع كل هذه المنظومة، لذلك لسنا على خلاف ولا ندعى انه يوجد اختلاف في هذه القضايا لكن يوجد فهم غير متفق وقراءة غير متسقة، هذه القراءات لو اتسقت ونزعم ان سر الاتساق وعدمه ان العلامات تدرس بطريقة فوضوية لا علاقة لها بما يتقدمها او يتأخر عنها عند ذلك نستطيع ان نصل، اما اذا اردنا ان نفسر كيفما اتفق ونطلق العنان لأمزجتنا واذواقنا  لا نصل لنتيجة، حينما تحدَّث الائمة صلوات الله عليهم عن خطر السفياني وتحذيرهم من السفياني وما الى ذلك، تحدثوا لكي نتحسب اذا جاء الخطر بحيث نكون مستعدين له، تحدثوا بمنطقين صلوات الله وسلامه عليهم؛ تحدثوا تارةً بمنطق من سيواجهون السفياني وتحدثوا بمنطق اخر وهو غيبوا وجوهكم عنه بالنسبة الى الرجال، وكلا الامرين ليسا من الامور الحتمية، السفياني حتمٌ ولكن تفاصيل هذا الحتم بأيدينا، اذا استعدينا نستطيع تمشية  الامور بطريقة مختلفة عن ما اشارت اليه الروايات، الروايات لم تقطع قطعاً يقينياً  جازماً بعدم وجود بداء بل يوجد بداء في تفاصيل حركة السفياني لكن يجب التعامل مع منطق الاستعداد ومن يتعامل بمنطق الاستعداد لن يبالي بأي خطر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك