الصفحة الفكرية

ملخص ملتقى براثا الفكري - المنتظرون والبصيرة الاجتماعية


 *نعتقد اننا في غنى عن التذكير بطبيعة المظالم والفتن والمحن التي تحدثت عنها الروايات وجعلتها من سمات مرحلة ما قبل الظهور الشريف، فالروايات من الكثرة بمكان بحيث اصبح الحديث عن ظهور الإمام صلوات الله عليه يستبطن في نفس الوقت الحديث عن الفتن وعن حالة انقلاب العاقبة مما يستشعر المؤمن بالحذر الشديد منها، ونعتقد اننا في ايامنا هذه نشهد حالة من هذا القبيل الذي اشارت اليه الكثير من الروايات ولا نحتاج ان نُذكِّر الى اننا سبق وذكرنا في السنة السابقة ان سنة (2018) ستكون قاسية، والشيء الملفت اننا نخرج من فتنة فندخل في فتنة اخرى وبعصف جديد وبقوة جديدة او اتجاه جديد، والعِبرة بالنسبة للإنسان المؤمن ليس هو عدم الوقوع في الفتن او عدم التعرض الى المحن بل العكس ان الانسان المؤمن موعود دائماً ان يكون في هذه المعتركات وفي هذه الشدائد لكن يُطالَب بأن يكون من الثُبَّت ومن ذوي العاقبة السليمة التي كلما امتُحِنَ فيها اثبت انه جدير بحسن العاقبة وجدير بهذه الالتزامات العقائدية، وكل هذه الفترة التي نتحدث فيها عن نصرة الإمام صلوات الله وسلامه عليه او نتحدث فيها عن ثبات الموقف او سلامة العاقبة او حسن العاقبة وما الى ذلك تفرض علينا ان نتحمل ما يجري وان نمر عبر المضائق التي نتعرض اليها في سلامة ونخرج بنتيجة ايجابية فيما يتعلق بالتزاماتنا تجاه امام زماننا صلوات الله وسلامه عليه، الان نحتاج الى جملة من التذكيرات التي من شأن الانتباه اليها ان تُحصّن لنا مواقفنا بالشكل الذي تُيسّر لنا العبور بسلامة الى المرحلة القادمة ، باعتبار ان حياة الانسان المؤمن في العادة تتمثل بإنسان ركب قطار وهذا القطار يتوقف ما بين مدة واخرى وربما هذا المثل هو الاقرب الى ما سبق لائمتنا صلوت الله عليهم ان تحدثوا عنه وهذا القطار يتوقف ما بين الفينة والاخرى في محطة فيصعد أُناس وينزل اخرون، في معترك الايمان نحن نمر في قافلة وهذه القافلة على الطريق وفيها من لا يستطيع ان يتحمل، فإما ان يتوقف واما ان يتراجع وهناك من يلتحق بهذه القافلة اثناء الطريق، في تعبير الرواية ان الله لينصر هذا الامر بأناس كعبدة الشمس والقمر، بمعنى انهم أُناس قبل ذلك لم يكونوا في القافلة ولكن في محطة من المحطات يدركهم التوفيق فيصعدون، في البداية لهم سلوكيات مختلفة او سلوكيات ظالمة وضالة ولكنهم في مرحلة من المراحل يُوفَّقون الى هذا الامر، كما ان الرواية حين تتحدث ان يمسي الانسان مؤمنا ويصبح كافراً  اشارة الى أولئكم الذين يسيرون مع القافلة ثم يتنكبون ويبتعدون عنها وربما يعملون ضدها، وفي حياتنا رأينا نماذج كثيرة واطلعنا على اتجاهات متعددة كنّا نحسبها خيراً واذا بها مع الايام حينما تُمتَحَن تتنكب عن الطريق وتبتعد عنه، في كل ملاحظاتنا عن معارك الظلم وما تتحدث عنه الروايات الشريفة من ان الارض تمتلئ بالظلم والجور لاشك انه يمثل ارادات جماعية وليست ارادة شخص واحد يمكن مجابهته، وانما سيكون لدينا حالة يمكن ان نسميها حالة الظلم والجور الاجتماعي فالمجتمع الذي يقف في قبالنا هو الذي يظلم ونوع الظلم هنا يختلف حسب الظرف وحسب الحالة التي يمر بها، لكن لاشك ولا ريب ان الظلم يُؤسس له مؤسسات جماعية وهذه المؤسسات هي التي تقنن للظلم وتشرع للظلم وتقوي الظلم وتدعم ركائز هذا الظلم، ومهمة الانسان المؤمن حينما يريد النصرة ايضاً لا يمكن لنا ان نتخيلها بعنوانها الفردي، بمعنى ان انساناً مؤمنا في منطقة من المناطق قرر ان ينصر الامام صلوات الله وسلامه عليه لاشك ولا ريب يمكن له ان ينصره ولو بالدعاء لكن كفعل اجتماعي حينما نتحدث عن التغيير الاجتماعي وعن تأسيس القاعدة الاجتماعية للممهدين او المنتظرين لاشك اننا نتحدث عن جماعة عليها ان تعمل معاً وعليها ان تشكل وعياً جماعياً وارادة جماعية وعليها ان تشكل موقفاً جماعياً وثباتاً جماعياً بالشكل الذي يكمن لنا ان نقول بوجود حركة المجتمع المؤمن وحركة القاعدة الحاضنة لمشروع الامام صلوات الله عليه ونحن نعني بها مجموع المنتظرين الذين يعملون من اجل نصرة الامام صلوات الله وسلامه عليه، حينما نتحدث بهذه الطريقة نتحدث عن معسكرين : معسكر الظلم الاجتماعي والمعسكر الذي يريد العدل الاجتماعي او يتحزب الى العدل الاجتماعي او يؤسس لحالة التمهيد الى كل ما يريده الامام صلوات الله وسلامه عليه في مشروعه لتحقيق القسط والعدل في كل ربوع العالم.

* ما نريد ان نُحَذّر منه هنا ان العدو حينما يحارب كجماعة لا يُعقل ان تقف امامه كفرد، مع اهمية العمل والنية الخاصة بكل انسان منا الا انه يبقى كصاحب يدٍ جذاء لا يمكن له ان يترك أثاراً كبيرة، وكثيراً من القادة رأيناهم في التاريخ انهم اصبحوا من سكنة البيوت فلا يسمع لهم احد، حينما نسمع من امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه "لا رأي لمن لا يطاع" وهو اعظم قائد لكن المجتمع حينما تنكر له وحينما لم تنصره قاعدته الاجتماعية حينئذ النتيجة ان القائد يقول لا رأي لمن لا يطاع، فهو قائد لديه فكر ولديه مشروع ولكن لا يُسمَع ولا يُقبَل رأيه، وبناءً على ذلك حينما تحدثت الروايات الشريفة عن شخصية الرويبضة وشخصية الشيصباني والبترية تحدثت عن حراك بموجبه يكون العقل الاجتماعي من التفاهة بمكان بحيث يكون التافه فيهم هو الزعيم والشرير فيهم هو المتمكن والمجموعة المنحرفة الضالة هي التي تُنصَر وهي التي تُؤيَّد او تتمكن من ايجاد حاضنة لها لكي تدعم حركتها وتقويها، نحن حينما نقول بان الامام  صلوات الله عليه يقتل من البترية ستة عشر الفاً  فكم يتبقى منهم؟ وكم اولئكم الذين لم يشتركوا في القتال لسبب ولآخر؟ باعتبار ان الكثيرين قد يتخذون موقف البترية لكنهم لا يقاتلون ولكن في داخلهم لا يقبلون إمامة الامام، هنا حينما يكون الامر بهذه الشاكلة ما الامر الذي نحتاج اليه حتى نتمكن من الوصول الى مرحلة النصرة الحقيقة التي يريدها الامام صلوات الله عليه؟ تارةً نفكر بحسن عواقبنا واخرى نفكر في نصرة الجماعة المؤمنة، وكما قلنا ان عمل الانتظار في هذه المرحلة ليس عملاً فردياً، وحينما يتحول الظلم الى مجتمع لا يمكن لحركة الفرد ان تؤثر تأثير جدياً وانما يجب مقابلة  العدو بأساليبه وآلياته، فاذا كنا نتحدث عن حركة ضلال جماعي وعن حركة انقلاب المعايير الجماعية اذن يجب علينا ان نفكر بحركة البصيرة الاجتماعية بحيث يكون لنا بصيرتنا الفردية ويكون لنا بصيرتنا الجماعية، فهناك بصيرة نشترك بها مع الاخرين  نسميها بالبصيرة الاجتماعية تنظم احوال المجموعة او القاعدة الاجتماعية للمنتظرين ، لان العدو حينما يظلم لا يريد فقط ارواء شهوة الظلم لديه، وحينما يتعلق الامر بالسيطرة وبالنفوذ وبالتملك وبتعميم الظلم فان المسالة ستتعدى هذا الامر وستتحول الى منهاج للخداع وللتضليل ولهزم الطرف الاخر، بناءً على قاعدة اننا نحتاج ان نحارب العدو بأساليبه علينا اولا ان نتعرف على طبيعة الاساليب التي يعتمدها العدو ليُضلل البصيرة الاجتماعية، حينما ننظر الى العدو من زاوية نموذج عبيد الله بن زياد عليه لعائن الله سنجد ان فرداً واحداً يأتي معه مجموعة من الخدم والمؤتمرين بأمره لا يتعدون اصابع اليدين، كيف تمكن من ان يصل الى هذا الموقف العجيب الذي اتُّخِذَ ضد مسلم بن عقيل صلوات الله وسلامه عليه؟ لا شك ان البصيرة الاجتماعية في ذلك الوقت كانت معماة ومطفأة تماماً التي لم ترى في نصرة مسلم بن عقيل اي قيمة ذات مدى مقدس لديهم بالشكل الذي رأينا خذلانهم له، لكن الملاحظ ان الحركة ابتدأت من احاد، مارسوا الخداع والتضليل فتحولت هذه الحركة من الافراد حينها الى مجتمع، هذا المجتمع قد يلعن عبيد الله بن زياد من الصباح الى المساء لكن النتيجة العملية انهم نصروا عبيد الله بن زياد في نفس الواقع الذي كانوا يلعنونه فيه ويشتمونه، هنا العدو لا يريد بالضرورة منك ان تحبه ولا يريد بالضرورة ان تنتمي اليه، ما يريده منك ان تتحول الى حركة في ماكنة ظلمه وان لم تتحول الى حركة فعلى اقل التقادير ان تمتنع عن ان تكون معيقاً الى هذه الحركة، للوهلة الاولى يمكن لنا ان نقول ان العدو حينما يظلم يستهدف في كل استهدافاته هذه المجموعة المؤمنة والمنتظرة ولا يستهدف الهمج الرعاع فلهم سياسة أخرى، لان الناس الذين لا يهتمون للواقع الاجتماعي اولئك حطب وبيئة للخداع ليس الا، لكن يمكن لهم ان يتحولوا الى بيئة للنصرة والوعي اذا ما سُلِّطَت عليهم عوض اساليب الخداع اساليب التوعية.

* ان الظلم اول ما يستهدف في البداية يستهدف شعور الامل لدى المنتظِر باعتباره منتظِر لإمام زمانه والاحداث متجه له صلوات الله عليه فيمكن القول ان مستوى الامل مرتفع بشكل جيد، مع الايام نفترض لن الاحداث تُثري هذا الامل بشكل كبير، اليوم الوضع الموجود امام اعيننا تظاهرات وصخب وما الى ذلك وكثير من الناس ترى لديهم حالة من حالات القلق الشديد بل حالة اليأس من كل الذي يجري، بالمقابل مع كل الملاحظات المثبتة على الحراك السياسي يجب ان يبقى لدينا في الثوابت الرئيسية ان حالة الامل في الإنقاذ لازالت موجودة ويجب الا تموت لأنه حينما تموت عندئذ سيحصل الاستسلام وهذا بالضبط ما يريده العدو تماماً، ما يرده هو الاستسلام بالإضافة الى قتل الهدف لديك او تزييفه، عندئذ لن يبقى شيء يمكن لك ان تقاتل وتضحي وتثبت من اجله، فحينما اقاتل انا معتقد بوجود معايير يمكن لي ان احفظها واقويها واثبتها لكن اذا فُقِدَ الامل في ذلك الوقت قد اعيد حساباتي وقد لا ادخل هذه المعركة وهذا هو ما يريده العدو، اذن العنصر الاول ما يريده العدو هو ان تفقد الامل باي اسلوب او طريقة وقد تكون بأساليب فيها كثير من الحق لكن تسير تحتها رايات الباطل مثلما ترى في الكثير من الاحيان ان الظالم يتحول إلى مناصر للحق حتى من غير اختياره كما هو الان في بعض المناطق وفي بعض القضايا يمكن لك ان ترى الدب الروسي وما يمكن له ان يلعب دور المناصر لك مع انه لا يبحث عن الحق وانما يبحث عن مصالحه التي تقاطعت مع مصالحك، بالنتيجة نعود لنقول ان كل الظلم والاذى والهجمات والمحن والفتن التي تحصل اول ما تستهدف حالة الامل التي لدى المجموعة المؤمنة والمطلوب هنا ان يتحول الامل اما الى ملل واما الى يأس، الامل هو الذي يعطي القوة الدافعة واما الملل فيجعلك تتوقف اما اليأس يقودك للانسحاب، هذه المراحل اذا دققناها في وسائل الحرب النفسية التي يسعى لها العدو في كثير من الاحيان نجده يقاتل من اجل تحقيق هذه القضية بالذات، الامر الاخر ان العدو عادةً يسعى الى نشر الخوف والهلع ليس بالضرورة الخوف الذاتي لكن كمثال: مع هذه الاحداث انتشرت تحليلات على ان الامريكيين سيدعمون البعثيين وسيكون هناك انقلاب في الحكم والمجموعة الموجودة في تركيا ستفعل القضية الفلانية والمجموعة الموجودة في السعودية ستفعل كذا وما الى ذلك، والغالبية العظمى في مثل هذه الاخبار لا حقيقة لها غير انها تحاول ان تثري مسيرة اليأس لان عملية اليأس لا تحصل دفعة واحدة بل يراد لها تدخل عدة عوامل حتى يمكن ان يطاح بقوة الانسان وعزيمته، هنا المطلوب منا ان نخاف وان نعيش حالة من حالات الرعب والتهويل وربما الذي رأيناه من بعض الحالات ان غالبية الاعلام يحاول ان يهول القضية وكأنها تجتاح كل شيء، ولملاحظة حالة التهويل الاعلامي يكفي ان تجلس امام اي قناة من قنوات التهريج لتشاهد هول المشهد بينما تخرج الى الواقع فتراه طبيعي، نعم يوجد حدث حصل في مكان معين تم تطويقه وانتهى الامر لكن المطلوب من حالة التهويل هو التخويف وزعزعة الاوضاع ليكون من السهل الوقوع كفريسة بيد العدو، هنا ليس لدينا علاج الا ان نلتجئ الى المنطقة المقابلة لأنه في قبال الياس يوجد امل وفي مقابل الخوف توجد سكينة والسكينة من صفات المؤمنين والقران الكريم يقول ان السكينة صفة متلازمة مع المؤمنين، لذلك في بعض الاحيان عندما ترى الانسان في غضبه تراه انه فقد السكينة وقد يتحول الامر لديه الى الخوف والى حالة من حالات الهلع، ما يريده العدو من خلال الياس ومن خلال الخوف يريد قضية ثالثة وهي التفرق عن المجموعة وكلمة "فرق تسد" ليست كلمة عابرة وليست شعاراً افتراضياً نفذه كل الطغاة من اول يوم من هذه الدنيا وسيبقون الى اخر يوم.

* القضية الاخرى التي يستهدفها العدو عادةً هي ايجاد التضليل امام المجتمع وخداع الناس، لان الناس لو رأت الحق مثلما هو لا يمكن لها ان تنحاز عنه وبتعبير امير المؤمنين صلوات الله عليه" لو أن الحقَّ خلص من لَبسِ الباطل انقطعتْ عنه ألسنُ المعاندين"، لكن اهل الباطل بطبيعتهم يخلطون كثيراً من الباطل مع قليل من الحق ويقدموه الى الواجهة باعتباره هو الحق، الان حينما نشاهد كل هذه الاحداث التي تجري من الانتخابات وغيرها قبلها وبعدها وما الى ذلِكَ، فان كل المطلوب في هذا الصراع وخلاصته ان يتسيَّد فلان على فلان وهو الواقع الذي رأيناه في هذه الفترة وفي كل مراحل التاريخ، لذلك تجري دوماً عملية خداع بأساليب متعددة، نذكر قضية قد ذكرناها من قبل وهي قصة عمر بن عبد العزيز مع والده في لعن امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه التي كانت من السياسات الثابتة عند بني امية لعنة الله عليهم، عبد العزيز بن مروان ابن الحكم كان من الخطباء المفوهين جداً لكن عند وصوله إلى امير المؤمنين عليه السلام يتلجلج،  يقول له ابنه عمر اراك كلما ذكرت هذا الرجل تتلجلج وتضطرب، قال له يا بني لو حدّثنا الناس عن فضائل ومقام هذا الرجل لما اتبعنا احد، وهنا اتخذوا الكذب عليه وسيلة ليتبعهم الناس، والان في اي سياسة اعلامية من الذي يأتي ويقول فلان على حق؟ بل كل جهة تقول انا على الحق، وفي الاعم الاغلب سياسة كل حزب بما لديهم فرحون، بمعنى ان هؤلاء يمارسون الخداع من اجل ان يقنعوا الاخرين، والاخرون مُمارَس عليهم الخداع لكي يقنعوا بأنفسهم بأنهم على الحق، هنا من الذي ينقذنا من كل هذا الامر؟ ومن الذي يوضح لنا ويرينا ان القصة مرتبطة بهذا العدو الذي يريد مني اليأس؟ ومن الذي يجعلني لا اخاف ولا اخضع للتهويلات والاغراءات؟ ومن الذي يقول لي لا يجوز ان اتفرق عن بقية الناس؟ من الذي يميز لي الحقيقة من الخداع؟ هذه هي ميزة الانسان عن الامَّعَة، الامَّعَة يقبل بكل ما يقال له ويقبل بكل خداع وبكل تضليل وينعق مع كل ناعق، اما المنتظِر قطعاً ليس من هذا النوع ولا من هذا الوضع، المنتظِر في تعبير الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه "انما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب" فهو لا ينخدع ولا يندفع وراء توافه الامور وينسى الهدف الأصلي، هذا الحديث قيل لشخص يقول للإمام يا بن رسول الله ما اكثر شيعتكم فلم يقبل منه الامام بتعبيره صلوات الله عليه ما انتم بشيعة قولوا محبين او موالين "ان شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب" والمعروف ان الغراب يطمع مع اي شيء  لامع، هذه الحالة واجهتها الاولى البصيرة الفردية، وما يجب علينا ان نعمل عليه هو ايجاد البصيرة الاجتماعية والمجتمع الذي يرى ما لا يراه الاخرون والذي يمتلك نور يهتدي به، كيف نوجِد هذا النور وباي طريقة بحيث لا تمرر علينا هذه الأمور؟ لان القضية غير سهلة خصوصاً حينما تحدثنا الروايات عن حالات الخداع التي تصل الامور فيها الى درجة يسقط فيها من كان يشق الشعرة بشعرتين نتيجة التحرج ومع ذلك يسقط ويُخدع ويُضلل، بالنسبة لنا كيف نحصّن هذه القضية؟ قلنا ان المهمة الاولى بصائرنا والمهمة الثانية ايجاد المجتمع المتبصر، المجتمع الذي لا يضيع لديه الهدف ولا يُعمَّى عليه الهدف ويبقى نور الامام صلوات الله وسلامه عليه بالنسبة له ابين من الشمس في رابعة النهار كما يرد في الروايات، هنا من الذي يجسّد امر الامام في هذا اليوم وفي هذا الزمن؟ علينا ايضاً ان نقول ان هذا الذي امره يمثل الامام بالنسبة لي ابين من الشمس لان الامام صلوات الله وسلامه عليه غائب وانا معتقد بغيبته، بل الذين سيقاتلون الامام اليوم هم يؤمنون بالإمام وغير متنكرين له، ولا نستغرب الكثير من هؤلاء مستعد ان يقاتل من اجل الامام صلوات الله وسلامه عليه لكن وقع في الخداع والتضليل، نحن اليوم اذا لم نضع مقام المرجعية هو المقام الاعلى ليس بالكلام ولا بالعقيدة وانما بالفعل والتطبيق والتمسك والالتزام بالآليات التي يطرحها المرجع بحيث تكون كمنهج عمل، لذلك من لا يرى نفسه بهذا الوضع لا يمكن ان نقول انه من اصحاب البصائر، السؤال: كيف نضمن هذه الحالة؟ نعم توجد مسألة التوفيق الالهي وهذا ليس حديثنا الان، لكن القدر المتيقن نحتاج الى الكثير من التسليم لله سبحانه وتعالى في البداية حتى نضمن هذه الحالة، بمعنى في قبال التهويل نرى المثل القرآني " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل" هذا السبيل الاول وهو عدم الخضوع لعوامل التخويف.

* يرد في الآية الكريمة " لِمَ تعظون قوماً الله مهلكهم او معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرةً الى ربكم ولعلهم يتقون" هنا التكليف هو توسعة الوعي وبث البصيرة في داخل الناس وهذا هو السبيل الثاني بعد السبيل الاول الذي هو عدم الخضوع لعوامل التخويف، بالنسبة للمؤمن يفترض به الا يخاف لان  الاجل حتمٌ منزَّل من قوة اخرى وهو بيد الله سبحانه وتعالى، لذلك الخوف من القتل ليس له علاقة في وضع المؤمن، لكن الخوف الحقيقي الموجود ان نَضَلَّ او ان نخزى في الحياة الدنيا قبل الخزي في الحياة الاخرة، مع كوننا مدعوين الى الارتباط والاستعانة وحسن الظن وحسن الثقة بالله سبحانه وتعالى مع كل ذلك اننا ايضاً مطالَبين بالارتباط بمنبع النور الثاني الذي هو نور رسول الله ونور اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، اما لماذا نحتاج لهذا الارتباط؟ لان في الاولى الله سبحانه وتعالى يقول انا ادافع عنك" ان الله يدافع عن الذين امنوا" الله سبحانه وتعالى اعطى تعهداً بالنصرة والدفاع واهل البيت صلوات الله عليهم هم بوابة لهذا الدفاع، لديهم الشفاعة ولديهم الوسيلة ولديهم ما يمكن ان يوصلني الى منابع الدفاع الإلهي عن المؤمنين، الامر الثالث في هذا المجال هو امام الزمان صلوات الله عليه فاذا كان لدينا يقين بانه يرى ويراقب ويقود علينا ان نعرف بمن نستنجد، ومعنى الاستغاثة بالإمام صلوات الله عليه ليس بالضرورة ان نرى جيش الامام يأتي لينقذنا وانما الاستغاثة بالإمام تبقينا امام البوصلة والهدف، وما سيحصل ان المؤمنين يدافعون عن انفسهم بقوة لانهم متماسكون، هنا لا تكون القضية واحدة فردية وانما ستكون دفاع جماعي لارتباطنا بالمحور الاصلي في هذه القضية الذي هو امام الزمان صلوات الله عليه، وحينما نقرأ دعاء النُّدبة ونبكي على الامام ونستغيث به فعلنا هذا يعني ان البوصلة الحقيقية وضعناها بالاتجاه الصحيح وحينما نرى الامام يُظلم او شيعة الامام يُظلَمون هنا ما هي موجِبات دعاء الندبة؟ هل هو دعاء للقراءة فقط ام ان هناك التزامات اجتماعية تدعونا لنصرة المظلوم؟ وهذا ما كنّا نركز عليه في أدعيتنا بان كل دعاء ليس فقط تواصل بيننا وبين الله سبحانه وتعالى وانما هو تواصل مع واقعنا الاجتماعي ضمن مظلة الله وضمن منهج الله وضمن شرعة الله سبحانه وتعالى وشرعة اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، ومع كل هذه القضايا نحتاج الى ان نتبصر بحقائق الاشياء وما الذي يجري حولنا؟ لابد ان نتابع وان يكون لدينا اهتمام وغيرة على طبيعة الذي يجري كون الجميع في سفينة واحدة، وفي كثير من الأحيان المرجع الاعلى دام الله ظله الشريف يوصي ان التدين ليس فقط صلاة او زيارة وانما يُراد معرفة بطبيعة الذي يجري، فاذا لم نعرف الحق كيف ستنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر؟ بل قد تنهانا عن المعروف، في بعض الأحيان نرى هناك مصلين يدافعون عن ظلمة لأنه لا يرى الحق بانه حق وانما رأى الحق بصورة الباطل.

* خلاصة الكلام على المؤمن ان يكون كَيِّسٌ فطن وإذا اقبلت الفتن لن يستطيع الفرد ان يواجهها بمفرده بل لابد من اعتصام الجماعة بعضها ببعض ولابد ان يعملوا على دفع الباطل ودفع عملية حرب الكذب والخداع لان العملية هنا تستهدف بصيرة المجتمع، لذلك علينا ان نعيد ونكرر ونصقل ما يمكن لنا ان نُثَبِّت المجتمع امام الحقائق الأساسية، ويجب علينا ان نشعر بواجب اساسي وهو ان رؤية المرجع الاعلى ورؤية مقام المرجعية يجب ان تبقى دائماً كأولوية في عقولنا واذهاننا من دون ذلك قد نسقط مهما أوتينا من وعي، لكن من يضع امام عينه هذا المقام لا اقل ان يكون مبرئ الذمة امام الله سبحانه وتعالى بأن يفعل او لا يفعل امتثالاً لقول المرجع الأعلى، فاذا اتخذت هذا بوصلة يمكن لي ان اكون على احدى منصات الثبات والهداية، لكن لا انتظر من المرجع ان يقول لي تفاصيل هذه الأمور، فحينما يقول المرجع حصنوا البلد من الفساد بعدها لا يقول اذهب الى الدائرة الفلانية او المسؤول الفلاني وما الى ذلك ، هنا يقوم بالأمر كل شخص حسب قدرته وحسب طبيعة عمله، هنا نُحَذِّر من قضية اساسية ان في كل هذه السنين هناك خلط للأوراق بالشكل الذي يُقال ان الكل عملاء وغير نزيهين، لغة الجمع هذه ليس المراد بها كل السياسيين وانما المراد بها مقدار من المتدينين لان العميل لا تهمه الكلمة والكاذب والسارق ايضاً لأنه سارق فلا يهتم ولكن من لم يسرق ويقال له سارق هو المقصود ويُراد اسقاطه، التحذير هنا للمتدينين بانه لا يجوز اطلاق الاحكام بناءً على ما يقال في الاعلام، هذا الاعلام وهذه القنوات غير متدينين لينقلوا الحقيقة كما هي، اين انتم من قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " المؤمن في طبيعته لا يتقحَّم وبطبيعته وقور ومتزن ولا يستعجل الحكم بين الحق والباطل، فحينما يُتَّهم المعممون بهذه الطريقة نقول كم معمم موجود في اطار هذه الدولة؟ هم بالآحاد في مقابل غيرهم وقياساً الى العلمانيين، ولا شك ان غير المتدينين من العلمانيين وغيرهم أكثر بكثير في هذه الدولة وفي كل المحافظات، اذن لماذا المتدين والاسلامي والمعمم هو المتهم؟ لا نقول بعدم وجود من اساء لنفسه ولغيره لكن لا يجوز التعميم في الكلام، كذلك حينما يقال الان ان الشيعة فشلوا في الحكم، وهل هذا الحكم شيعي؟ الحكم الذي فيه كردي وفيه علماني وفيه انسان كافر لا يمكن ان نعده حكم شيعي، الحكم الذي تأسس على تراث وقوانين البعثيين لا يمكن اعتباره حكم شيعي، قبل ذلك كان صالح جبر رئيس وزراء العراق وهو من الشيعة والسيد محمد الصدر رئيس الوزراء في العهد الملكي شيعي فهل كان الحكم شيعي آنذاك؟ سابقا لم يُشر أحد الى حكام بني امية او بني العباس وغيرهم انهم يمثلون واجهة دينية معينة بل يُقال حكام ظلمة، من يظلم ظالم ولا دخل للمذهب بهذه القضية، المذهب لا يمثله السياسي ولا كل الأحزاب يمكن لها ان تمثل المذهب، نحن حينما نقول يوجد مرجع اعلى معناه هو يمثل الامام صلوات الله عليه وهو نائب له وليس غيره، هنا ننصح الاخوة ان لا يأخذوا كلام العدو من الاعلام المعروف بكذبه فيُحسب على اوضاعنا، والحمد لله اولاً واخراً والصلاة والسلام على رسوله وآله ابدا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك