*في واحدة من الروايات التي سبق ان تحدثنا عنها بشكل سريع الا انه وجدنا من الضروري جداً ان نعود مثل هذه الروايات لتفكيك الرسالة الموجهة في داخلها، هي رواية طويلة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تحدّثت عمّا سيجري في الاوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في عشية الظهور الشريف، وفي الوهلة الاولى ربما نلاحظ ان الرواية تتحدث عن ابعاد اخلاقية لكن حينما تُفحص بلغة الباحث الاجتماعي او بلغة المراقب لحركة المجتمعات نلاحظ ان الرسول صلى الله عليه واله وسلم تحدّث عن حزمة من المظاهر تتولد بالتدريج وتكون الاولى بمثابة المساعد لوجود الثانية والثانية مؤدية الى حصول مظاهر المجموعة الثالثة وفيما بين كل مجموعة ومجموعة، نجد في الرواية ان سلمان المحمدي رضوان الله تعالى عليه هو الذي يُسائل الرسول صلى الله عليه واله عن طبيعة ما سيجري فيقول له وانّ هذا كائن يا رسول الله فيجيبه الرسول صلى الله عليه واله وسلم بالإيجاب، ثم يعقّب على ذلك بحزمة أخرى، في هذا المجال هناك اكثر من اشارة سياسية تارة للغزو الخارجي وارتباطه بطبيعة التحلل الاجتماعي وبطبيعة الفجور السياسي الذي يحصل في المجتمع فيؤدي الى الغزو الخارجي، ثم الغزو الخارجي وما يفعله بالناس من مظالم يؤسس لما هو اخطر من المظاهر السابقة وهكذا، سنقرأ الرواية لنستجلي حقيقة الفساد السياسي ومنشأه ومظاهره وما يؤدي الفساد السياسي حينما يحل بمجتمع وما هي افرازاته وما ينتج عن هذا الفساد، ثم سنجد ان التحلل الاجتماعي يعطي للفساد ويأخذ منه فحالة التفكك الاجتماعي تساعد على ديمومة الفساد وهو يساعدها على مزيد من التفكك الاجتماعي ومزيد من التحلل بالشكل الذي لا يبقى من المجتمع الا ما يمكن ان نسميه بحالة مسخ المجتمع، فنلاحظ كيفية تقلب المعايير واندحار الموازين وسقوط القيم وكيفية مسخ فطرة الانسان، كل هذه المظاهر تحدَّث عنها الرسول صلى الله عليه واله بحديث طويل جداً، لكن القدر المتيقن ان كل ما اشار اليه الرسول صلى الله عليه واله وسلم قد حصل، وهذا الامر للأسف لا تُسلَّط عليه الانظار باعتبار انه لا يتحدث عن حدث معين، فحينما يقول كيف بكم اذا اكتفى الرجال بالرجال هنا حالة الشذوذ الجنسي او ما الى ذلك حالة موجودة ولكن ان تتعاظم قد لا يهتم بها الجميع كما لو حدثتهم بان الزلزال الفلاني سيحصل في المنطقة الفلانية في الوقت الفلاني سيكون هنا الاهتمام اكثر مما يهتموا بمثل هذه الاحداث، لان المظاهر الاجتماعية عادة اذا ما سكتنا عن اوائلها سنعايش الاواخر وسنتطبّع معها ونقبلها حتى لو اننا لم نرتضيها فعلاً ولم نرتضي اناسها، لكن نتطبّع معها على الرغم من كونها مورد من موارد الاشمئزاز لتبقى الامور تستفحل اكثر واكثر من ذلك، ما نريد ان نشير اليه في البداية انه لا يمكن لنا في المظاهر الاجتماعية ان نحسب ان هذه المظاهر توجد لوحدها او انها لا تعطي نتاج على الابعاد الأخرى، فكل ما يحصل في المجتمع يترابط مع غيره فيما قبله ويؤدي الى معلولات اخرى تنتج في داخل المجتمع اسوأ بكثير مما كنا عليه في المظاهر الأولى، يبتدئ الرسول صلى الله عليه واله وسلم الرواية ويعتبر ان البداية تكون من خلال التماهل او التضييع الفردي من إضاعة الصلوات واتباع الشهوات والميل الى الاهواء وتعظيم اصحاب المال وبيع الدين بالدنيا، كل هذا الامر يتحدث عن حالات شخصية فهذه الحالة هي عبارة عن تحويل المجتمع الى حالة فردية يفكر كل انسان بأنانياته ولا يفكر بواقعه الاجتماعي، عنها يقول انه في مثل هذه الحالة يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع ان يغيّره هذه هي المرحلة الأولى، والنتيجة الطبيعية لوجود هكذا افراد انه عندها يليهم امراء جَوَرَة، وزراء فَسَقَة، عرفاء ظَلَمَة، أمناء خَوَنَة، هذا التصنيف وهو في تصورنا تصنيف دقيق للغاية ولا يوجد فيه كلمات متشابهة وانما صنّف الواقع الاجتماعي في نخبته فالأمراء جورة ومن يأتمنونهم على الوزارات وما الى ذلك فسقة ومن يضعونه في وجاهة المجتمع بعنوان الوجه الاجتماعي او القائد يكون من صنف الظلمة وبعد ذلك من يُؤتمن هؤلاء يخون الأمانة.
* هنا الفساد السياسي والاقتصادي والاداري وما الى ذلك هو نتاج طبيعي لواقع إستُخِفَّ فيه بالمعايير الأولية لحالة التماسك الاجتماعي، لذلك حينما نفقد المعيار في مسألة التماسك الاجتماعي علينا الا ننتظر حصول معجزة وما سيحصل حتماً هو التفكك والتحلل الاجتماعي ما لم يتصدى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لمهمته عندئذ على المؤمن ان يدفع ضريبة هذا التصدي وعليه ان يمارس كل ما من شانه الحيلولة دون ذلك، اما اذا صار صوت المؤمن الى الخفوت والخمول بمكان بحيث لا يُرعى له ذمة ولا حرمة عندئذ ستكون الحالة التي اشار اليها الرسول صلى الله عليه واله وسلم هي الصورة البدائية وهي ان المؤمن يحترق في داخله نتيجة لما يراه من منكر يُفعل في الواقع الاجتماعي، لكن ما سياتي من بعد ذلك هو اعظم من هذه الحالة لان هذه الحالة لن تبقى مستمرة بهذه الشاكلة وانما سيتعاظم الجور وايضاً سوف يضمحل الخير وسوف ينحسر عن الواقع الاجتماعي، ووجود الامراء الجَوَرَة في البيان والوزراء الفسقة والعرفاء الظلمة والامناء الخونة هم حالة طبيعية حينما يكتفي الانسان بأنانياته، والسبب ان في اي دولة من الدول هناك ثروات وحينما لا ينتبه انسان هذه الدولة او تلك الى مسؤوليته عن هذه الثروات فسياتي من بعد ذلك من يجعل نفسه مسؤولاً عن هذه الثروة وهو غير اهل لهذه المسؤولية وبشكل طبيعي المال السائب يشجع السارق والظالم والفاسق، هذه هي الموجة الاولى لكن بعد ذلك سوف تنتج مسالة طبيعية اخرى وهي تزيين المنكر بحيث تكون له صورة جديدة وحينما يفعله السلطان او النائب او الوزير الجائر او المؤتمن الخائن عندها لا تنتظر منهم ان يقولوا بان ما نفعله هو المنكر بل سيعملون على القول بان المنكر له صورة اخرى غير هذه الصورة وهذه الصورة ليست منكراً وانما معروفاً بطريقة او بأخرى والحجج والذرائع هنا كثيرة جداً، وسيقال عن المتدين بانه رجل متآمر وعميل لأنه سوف يزاحمهم ولأنه سوف يقول بان ما تفعلونه منكراً، ومثال على ذلك ما فعلوه مع ابي ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه فهو لم يأتهم الا بقضية هي من بديهيات المجتمع بأن المال مال الله والخلق عيال الله لكن قيل للناس بأن هذا الذي يقول المال مال الله لديه مآرب وما الى ذلك فعملوا على تشويه صورة ابو ذر لكن حينما لم يستطيعوا ان يفعلوا ذلك اتجهوا الى قمعه وتهجيره مما ادى الى موته في دائرة الغربة، مثل هذه الامر تم مع عبد الله بن مسعود ومع عمار بن ياسر، اليوم حينما نسمع قصة عبد الله ابن سبا وما الى ذلك فان كل القصة اسمها عمار بن ياسر لكنهم كانوا لا يجرأون لان الرسول صلى الله عليه واله قال عمار مع الحق يدور معه حيثما دار وعمار تقتله الفئة الباغية، لذلك لن يقولوا انهم من الفئة الباغية لكن عملوا على لصق كل امر حصل بشخصية اسمها ابن السوداء والسوداء في نظر بني امية هي سمية رضوان الله تعالى عليها فكم من الناس يعرفون ان سمية هي المقصودة في هذا الاسم وان المقصود هو عمار بن ياسر الذي لحق به من التشويه الى يومنا هذا فحولوه اولاً الى ابن السوداء ثم حولوه الى ابن سبا، ونتيجة القول انه من خلال وجود الامراء الجورة والوزراء الفسقة والعرفاء الظلمة والامناء الخونة انه عندها يكون "المنكر معروفاً والمعروف منكراً ويؤتمن الخائن ويخون الامين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق" لهذه الصورة الان كثير من المصاديق الاجتماعية واضحة للعيان مرت بنا بكل اطيافها المختلفة، لذلك بعد تحلل المعايير وانقلاب الموازين لابد ان تأتي الصورة اللاحقة التي يعبّر عنها الرسول صلى الله عليه واله وسلم "يا سلمان فعدها تكون امارة النساء ومشاورة الإماء وقعود الصبيان على المنابر ويكون الكذب ظرفا والزكاة مغرما والفيء مغنما ويجفو الرجل والديه ..." هنا المسالة تشير الى ان العقل الاجتماعي يكون من الخفة بمكان بحيث من لا يليق بان يستشار يُؤمَّر على الناس لكن طبيعة انقلاب الموازين وانحسار الحكمة والعقل والبصيرة عن الناس تؤدي بالنتيجة الى ان نشهد وضعاً سياسياً مزرياً تماماً وصورته قدمها صلوات الله وسلامه عليه، والنتيجة الطبيعية ان البركة ستزول والارزاق سوف تنحسر والاسعار سوف ترتفع والفقر سيزداد، هذه كلها نتائج طبيعية لحالات أُسِّسَ لها حينما اندحرت المعاير، ثم يقول الرسول صلى الله عليه واله " يكون المطر قيظا " بمعنى ان المطر يسقط في وقت الحر وهو وقت عدم الحاجة له، "ويغيض الكرام غيظاً" بمعنى ان الانسان صاحب الكرامة لا يجد نفسه في وسط هذا المجتمع بل ينأى بنفسه عن مواضع السفه والتفاهة في الواقع الاجتماعي، ثم يقول "ويُحتقر الرجل المُعسر فعندها تقارب الأسواق ..." الى اخر الكلام في وصف جملة من المظاهر التي نتيجتها انحسار البركة.
* بعد ذلك يشير الى ان هذه الحالات وإن كانت اقتصادية واجتماعية لكن نتيجتها سياسية فيقول صلوات الله عليه " فعندها يليهم اقوام ان تكلموا قتلوهم وان سكتوا استباحوا حقهم ليستأثرون انفسهم بفيئهم وليطأون حرمتهم وليسفكن دمائهم وليملأنّ قلوبهم دغلاً ورعباً فلا تراهم إلّا وجِلِينَ خائِفِينَ مرعوبِينَ مَرهُوبِينَ " هذه نتاجات طبيعية لسلوكيات حينما تحصل شروطها ننتهي الى جزاءاتها كمثل المعادلة الرياضية بالضبط فاذا جمعنا ما بين الحق المستباح وما بين الحق الذي لا يطلبه صاحبه سيأتي من يستبيح الحق لتنتهي القضية، هنا الغريب ان الرسول صلى الله عليه واله اشّر إشارة تاريخية وبعيداً عن سند الرواية فان هذا الخبر صدقه يدل عليه، بعدها يشير " عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يُلوِّن اُمّتي، فالويل لضُعفاء اُمّتي منهم ، والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيراً ولا يوقّرون كبيراً، ولا يتجاوزون عن مسيء، جثّتهم جثّة الآدميّين ، وقلوبهم قلوب الشياطين" هنا إشارة الى الغزو الخارجي الذي يأتي لنهب الثروات وبالنتيجة هذا الذي جاء لينهب سيأتي مع اخلاقيات من شانها ان تدمر الواقع الاجتماعي وتفرقه لان الاستعمار عادة مبني على قاعدة فرق تسد فاذا لم يفرق المجتمع بالأفكار فسيفرقه باستهداف الاخلاق او بعزل الفرد عن المجتمع فهو داخل المجتمع لكن تفكيره وانانياته ووضعه واحاسيسه كلها فرديه خاصة به معزولة عن الاخرين والنتيجة الطبيعية التي ستحصل ان المعايير سوف تُهَد والاخلاقيات سوف تضمحل بشكل كبير جداً بين اخلاقيات مستوردة من الخارج وبين امكانيات تُدفع الى داخل من اجل تفكيك التماسك الاجتماعي بكامله، بعدها يرسم الصورة بعد الغزو الخارجي فيقول صلوات الله وسلامه عليه " وعندها يكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها، وتشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال " نرى الواقع الان يشهد مثل هذه الأمور ويصل الامر الى درجة من القباحة ان نرى تظاهرات لمثليين، قبل ذلك المثلي والشاذ متستر اما اليوم يعلن في وسائل التواصل ويدعو الى حزب سياسي ويطالب بحق في قانون الاحوال الشخصية، هذه المسائل تأتي بعد دخول الوافد على واقعنا الاجتماعي وبشكل طبيعي لكي يديم بقاءه يستخدم حملات تفكيك هذا الواقع، اليوم ما نسميه بالحرب الناعمة هو تداعي ضروري جداً لحركة الاستعمار فحينما لا يفي سلاحه بالمهمة يمكن لإعلامه ان يتحول الى اسلحة لكن هذه الأسلحة ليست من رصاص وانما من كلمات، هذه الكلمات تعمد الى ايجاد حالة من حالات التجهيل والتفسخ الاجتماعي والنتيجة المتوخاة منها ان ينتهي اصحاب الحكمة والخبرة والحرص على الواقع الاجتماعي واصحاب الاخلاقيات والمعايير ينتهون لصالح ان تأتي فئة تقبل بكل ما يقوله لهم هذا المستعمر، اليوم هل من الغريب ان نسمع التركيز على شعار (ايران برّا برّا) ولا نسمع نفس الشعار ضد امريكا او اليهود او بريطانيا مع ان هؤلاء بقواعدهم ودباباتهم وادواتهم من سبق ان صنع تاريخ العراق بصدام وامثال صدام وبعد ذلك هم من اوصلونا الى هذه المعادلات، في فترة الاستعمار غير المباشر استخدموا ادواتهم ومن نصبوهم للتحكم بالناس وبالنتيجة اوجدوا أنظمة قمعية متعددة الاشكال والالوان فاذا كانت غير قمعية بوسائل القمع الامني فهي قمعية بوسائل الاقتصاد وبوسائل التفكك الاجتماعي، فاذا انتهينا من هذا الامر بعد فضح الاستعمار غير المباشر وضغط الشعوب للتحرر فان افضل وسيلة استخدمها العدو هي اسقاط هذه النخبة التي تروي وتغذي هذه الأفكار، النخبة القريبة من الاستعمار الاول وعايشت الاستعمار الثاني عليها ان تُحذف تماماً ويجب ان تُحذف اجتماعياً إن لم يكن بالاغتيال السياسي الامني فسيكون بالاغتيال السياسي والفكري واسقاطها في الواقع الاجتماعي.
* وفق ما ورد سيحل محل القادة وأصحاب الخبرة ما تسميهم الرواية بالرويبضة، والرويبض هي تصغير واحتقار لإنسان قعد عن طلب المعالي والهموم الكبيرة كما تربض الدابة، ليس لديه خبرة بالحياة ولنا ان نتأمل حينما يُنصّب كقائد ما هي الحلول التي سيقدمها؟ وكيف سيدير هذه الثروات وهذه السياسة والمعتركات؟ لذلك سنراه يسقط مع اول عملية اغراء ومع اول لحظة من لحظات التخويف سترتعب كل جنباته وسيكون كما الشعرة في مهب الريح، ما يجري اليوم في واقع الامة الإسلامية بشكل خاص وواقع العالم المستضعف بشكل عام وواقعنا العراقي بأخص الخاص هو ما يعبر عنه الان بتسليم الامور للحالة الشعبية، ما نفهمه من الحالة الشعبية انها كانت تتمثل بوجود واجهات اجتماعية تحترمها الناس وتعزها وترجوا برها وخبرتها والناس كانت طوال عمر البشرية تتبع هذا الاتجاه، كان لدى الناس شيخ عشيرة ووجيه وانسان مربي وما الى ذلك، اليوم يُراد تغييب هؤلاء الناس واستبدالهم بصاحب الأموال وصاحب الصوت العالي الذي يتجنبه الناس وبالنتيجة هذا الذي يُراد له ان يتقدم بمعنى اسقاط النخبة الاجتماعية وابدالها بالتافه الاجتماعي والذي لا خبرة له بالمجتمع وبالواقع الذي يحتاجه هذا المجتمع، الصورة للأسف الشديد هي نفس الصورة التي تجري في واقعنا، نسمع في بعض الاحيان مطالبات لبعض الشباب بالتصدي للحكم من دون خبرة وكأن اكتساب هذه الخبرة يكون بمحاضرة من على شبكة الانترنت لكن المسألة ليست عبارة عن مسألة رياضية بل الخبرة هي معاناة حياة فتصبح القضية اغلى من كل غالي بحيث يسهل الموت من اجلها، لذلك هذا الذي يحكم هل هو مستعد لان يضحي من اجل الناس في وقت الشدة أمثال هجمة داعش وغير داعش؟ الغريب ان بعض الطبقات الاجتماعية عندنا للأسف نسيانها سريع جداً، لم يمضي على انكسار داعش الا وقت قليل مع معرفتهم بمَنْ قاتلهم والذي اصدر الفتوى معروف وكلهم احياء يرزقون لكن اليوم هناك ملامة وعملية تحميل للمسؤولية في مشكلة تردي الاوضاع وهي مشكلة موجودة سَلَفَاً، مع ان خطاب المرجعية خطاب شديد اللهجة ويعطي اجندة مهمة جداً، يجب ان يُتبنّى بشكل جاد من قِبل الحريصين على دينهم ووطنهم، لكن نلاحظ حالة هياج ضد السيد السيستاني وكأن كل ما يحصل في العراق من مسؤوليته الى درجة وجود دعوة الى ان يشكل السيد مؤسسة تتابع الاول والاخير من رئيس الجمهورية الى افقر الناس وكأنه هو الولي الفقيه، ولو دعوتهم لتسليمه ولاية الفقيه لرفضوا، بينما سماحة السيد قدم النصح فلم يُلتَزَم به ولولاه لما كان هناك تداول سلمي للسلطة ولولاه ما حُفِظ المال العام في حين ان السارق تم انتخابه من قبل الناس، دعوته كانت ان انتخبوا الوجوه التي تجلب الخير وابتعدوا عن الوجوه التي لا تجلب الخير، هنا من الواجب التنبيه الى سبب استهداف السيد السيستاني هو ومؤسساته ومن يرتبط به، نلاحظ من خلال كل المطالبات الحقيقية للناس في هذه الفترة انها محقة حتى لو كانت مترفة جداً لان العراق بلد غنى ولديه أموال، لكن هناك خلط للأوراق بشكل عجيب بحيث تكون المرجعية هي السبب، كذلك اتهام الحشد بكل هذا الخراب هذا الامر لا نستطيع ان نسميه الا استهدافات سياسية مدفوعة الثمن سلفاً، الناس لا يتحدثون عن هذه القضايا بل توجد جهات محددة هي التي تتحدث بهذا المنهج، رغم ان حديث هؤلاء بهذا المنهج جعل عدد المتظاهرين يضعف الى حد كبير، النتيجة التي يُفتَرَض ان نسال انفسنا ونسال الاخرين عنها هي هذه الدولة التي فيها الكردي وزير وحاكم وقاضي ومُنَفِّذ وفيها الليبرالي والعلماني والبعثي والشيوعي وكل هذه الطبقات لا يتحدث عنهم احد! لم نلاحظ خروج تظاهرة تتحدث عن وزير لا ينتسب الى واقع شيعي!! وزير الكهرباء الذي ينتسب الى طائفة اخرى لا يُهاجم بينما يقال هذا حكم شيعي مع انه كل الموجودين في الحكم علاقتهم بالتشيع علاقة انتساب ليس الا وعلاقتهم الحقيقية هي بمقدار برهم بالتشيع واكثر من ذلك لا يمثل الشيعة، من يمثل الشيعة هو المرجع الاعلى وهو الواجهة الوحيدة التي يمكن ان تُتَقَبَّل بمعتقداتنا وديننا وكل اوضاعنا، نحن في ازاء فتنة وفي هذه الفتنة سيسقط رجال وسينجح رجال بل سوف يخرج من كان يُحسَب على هذا الامر وسوف يدخل من لم يكن يُحسَب عليه، والحمد لله اولا واخرا والصلاة والسلام على رسوله وآله ابدا.
https://telegram.me/buratha