عمار الولائي (منتظرون ٥): لدي تساؤل لو سمحتم يقول الامام الباقر(ع): خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد في يوم واحد نظام كنظام الخرز ثم قال: وليس في الرايات أهدى من راية اليماني ثم قال(ع) مباشرة: هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم. بحار الأنوار (ج٥٢ص٢٣٢)
تعلمون شيخنا أن كلام المعصوم يمتاز بالدقة والبلاغة وعدم الحشو فلا يمكن تكرار الكلام بنفس اللحظة لانه يكون كلام زائد لا قيمة له يعني ...كيف يقول الإمام هي أهدى الرايات .. أي أعلى مستوى ومن ثمَّ ينزل و يقول هي راية هدى هذا خلاف العقل والمنطق واللغة سؤالي شيخنا وعذرا هل يمكن أن تكون مفردة أهدى مصحفة والأصل أهدأ أي يكون المعنى أهدأ الرايات وهي راية هدى
مع الاحترام
الجواب: للتعامل مع مثل هذه الروايات لا بد من أن تتكامل لدينا الصورة التي يعرضها لدينا المعصوم صلوات الله عليه، وذلك بملاحقةكل القرائن التي من شأنها ان تعيننا على فهم المراد من النص الشريف، لان احتمال معنى دون غيره في لغة زاخرة بالمعاني المختلفة لاي مادة لغوية فيها سينطوي على مجازفة قد تبعدنا عن النص واغراضه، ولذلك دعنا اولاً نعود الى كامل النص في الرواية والتي يقول فيها الامام الباقر صلوات الله عليه: خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني، هي راية هدى لأنه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم. غيبة النعماني: ٢٦٢ ب١٤ ح١٣.
وهنا سنجد أولاً إن تخصيص كلمة الأهدى ليس لعموم الناس وإنما طرحت لخصوص الرايات الثلاثة، فهو أهدى هذه الرايات، وبالتالي فإن العودة الى تكرار كلمة الهدى ليس فيه حشو وإنما استخدمت لغرضين مختلفين الأول تعليل هدى اليماني، فالهدى الموصوف تم تعريفه بسبب أن اليماني يدعو للإمام روحي فداه، والثاني جاء تعليل لنصرته وعدم الإلتواء عليه، وفي هذين التعليلين قيم معرفية يجب الإنتباه إليها.
ثانياً: طبيعة الامور حينما توصف فإنما يصفها البليغ بما يتناسب مع مهمتها، ولما كانت مهمة الراية حربية وقتالية، فلا معنى لكي توصف بالهدوء، فالرايات توصف بالقوة والشدة وأمثال ذلك، أما الهدوء فليس من موارد وصف الرايات العسكرية، ويؤكد هذا المعنى أن نفس النص الشريف يتحدث عن الرايات الثلاثة بشدة البأس، والتعبير بويل لمن ناواهم لا ينسجم مع لغة الهدوء، كما أن التوصية بالنهوض إليه والتشدد بعدم الإلتواء عليه هو الآخر لا ينسجم مع أجواء الهدوء لو حملنا معنى الأهدى على الأهدأ، ومن ثم فليس ثمة مجال لصرف الكلمة عن معناها، او التحدث عن أنها ربما كانت مصحفة.
ثالثا: التكرار بطبيعته في لغة القران الكريم لا يدل على الحشو او الكلام الزائد وانما استخدم القرآن الكريم التكرار بشكل واسع كأداة من أدوات البلاغة، فقوله تعالى: الحق والحق اقول، او قوله اصحاب اليمين ما اصحاب اليمين، وقوله: الحاقة ما الحاقة، وامثال ذلك عشرات الايات التي استخدمت التكرار فتارة يراد منه التأكيد، واخرى يراد منه التهديد وثالثة يراد منه التعظيم والتهويل، ورابعة قد يراد به التنبيه وهكذا بقية الاسباب التي تكمن وراء تكرار الكلمات والالفاظ في البلاغة العربية فتنبه، هذا بالرغم من انني اشرت الى ان التكرار المستخدم في الرواية لكلمة الهدى معلل بعلل متعددة غير مكررة.
https://telegram.me/buratha