عباس الزين (الفيسبوك): هل نضجت الدويلة الكردية في شرق سوريا؟ وإن أقرها أعداء محور المقاومة وأعطوها ما يلزم لتأخذ شكلها كدولة كم من الوقت بين إنشائها وظهور السفياني وبدء الملحمة في قرقيسياء؟
الجواب: مشاريع الدول من الناحية الموضوعية من دون أن تتكأ على وجود سيطرة عسكرية تؤمن دفاعاً أو تحيّد عدواً، ومنظومة اقتصادية ذاتية، واعتراف دولي، ومنفذ دولي آمن لا يمكن أن ترقى إلى أن تتحول الى دولة، ولهذا فالحديث عن مآل المناطق التي تسيطر عليها ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) الآن _ والتي تمثل القوى الكردية عصب النفوذ الأقوى فيه _ يجب أن ينظر إليه بهذا المعيار، وبالتالي فإن موعد قيام الانفصال الكردي أو تأسيس كيان سياسي كردي بعيداً عما إذا كانت مقومات الدولة متوافرة بشكل صحيح من الناحية الموضوعية، يجب أن يلحظ من زاويتين أولهما المعطيات الميدانية، والثاني الحماية الدولية والاقليمية، وما من شك أن المعطيات الميدانية الحالية واعدة وناضجة، إذ تهيمن هذه القوات على مساحات واسعة من المحافظات السورية الشرقية وأعني محافظات الرقة ودير الزور والحسكة وبعض مناطق حلب، وغني عن البيان أن هذه المحافظات تنطوي على ثروة نفطية كبيرة، وفيها وفرة غذائية لا سيما وأنها تضم سد طبقة الاستراتيجي على الفرات، وثمة تحالف لقوى كثيرة تضم جميع مكونات المنطقة لا سيما قبائل وعشائر شمر والشعيطات والبقارة وزبيد والشرابيين العربية والقوى التركمانية والايزدية والمسيحية لاسيما الاشوريين، وهذا التحالف يعطي للأكراد نسبة تفوق الثلث، ولكن ميزتهم انهم متحدون ذاتياً ومسيسون قبل غيرهم، بينما غيرهم متحالف بسبب ظروف المنطقة ميدانياً، مما يجعل التفوق الكردي على البقية تحصيل حاصل، ولذلك فإن مقومات إقامة الكيان الانفصالي من هذه الجهة متوفرة، لا سيما وأنهم شرعوا في ايجاد المؤسسات التي تنظم الأمور البلدية والاجتماعية والقانونية بشكل يعرب عن هذه الاستقلالية، أما على مستوى الحماية الاقليمية والدولية فإنهم يحظون بحماية أمريكية واضحة، وقد دخلت السعودية مؤخراً في مشروع دعمهم وإسنادهم، ويتفق الامريكيون والسعوديون على اعتبار المنطقة ضمن مشاريع الجدار العازل بين سوريا والعراق، وهو المشروع الذي كان هؤلاء يسعون لتمتينه مع مشروع مماثل أزمعوا لإقامته في المحافظات الغربية العراقية، لا سيما في الأنبار والموصل وتكريت، وقد أضاف مشروع صفقة القرن إلى مشروع الكيان الانفصالي زخماً جوهرياً، نتيجة لمخططات هذه الصفقة بتوطين عشرات الآلاف من الفلسطينيين في هذه المناطق لا سيما في الأنبار العراقية، ولكن هذا التحالف تقف في قباله جهوداً متعددة أهمها الواقع التركي الرافض والذي سيتطور الى خلاف مع الأمريكيين (تبعاً للروايات التي تتحدث عن خلاف الترك مع الروم)، وطبيعة الموقف الروسي والايراني والسوري في الاراضي السورية والعراقي في الاراضي المحاذية، ومما لا شك أن العراق وسوريا وتركيا تجد في ذلك خطراً كبيراً على أمنها الوطني، وتنظم إليهم إيران ولربما روسيا لاعتبارات أمنها القومي، ولذلك فإن طبيعة السجالات ما بين هذه الأطراف هو الذي يحدد الموقف الدولي والاقليمي، ولكنه وبمعزل عن حركة التناقض بين هذه القوى إلا إنه يفقد أي عملية إنفصالية إمكانية وجود المنفذ الدولي الآمن، ولهذا فإن مشروع الدولة في هذه المناطق لا يمتلك مقومات الحياة على مستوى البعد الزمني، ولهذا تجد أن الإجتياح التركي أولاً ثم السوري ممثلاً بالسفياني ثانياً، ثم الإيراني ثالثاً لهذه المنطقة هو السمة المباشرة لمستقبل المنطقة تبعاً لرواياتنا، خصوصاًً وأن الأتراك ستحرر حرب الروم والتي تعني الإنشغال الأمريكي أو ضعفه إرادتهم فيبادرون إلى اكتساح هذه المنطقة وصولاً إلى دير الزور والتي ستشهد عقب ذلك معركة قرقيسيا الثانية، وكل ذلك سيعني إن هذا الكيان أمده قصير وعمره ما أن يبتدأ نجمه حتى يأفل.
إن كل ذلك يشير إلى أننا ربما نشهد الآن المراحل الأخيرة لقيام الكيان الإنفصالي الذي أعربت عنه رواية المارقة من ناحية الترك.
أما من ناحية التوقيتات الفاصلة بينها وبين قرقيسياء الأولى والسفياني وقرقيسياء الثانية، فإن الروايات ساكتة عن هذه التفاصيل، ولكن القدر المتيقن أن قرقيسياء الأولى سيشترك فيها الأكراد ممثلين في الرواية براية المرواني، وقد ذكرنا سابقاً أن المرواني المشار إليه في الرواية ينتسب أصلاً إلى آل مروان بن علي الأكراد والذي كان من مؤسسي الدولة المروانية التي اقيمت في الحسكة وشمالها، ولكن هذا الإشتراك لا يحدد إن كان الكيان الإنفصالي قد قام أو لما يزل، وإن كنت استقرب أن ذلك يحصل بعد قيام هذا الكيان، كما أن القدر المتيقن الآخر أن السفياني يظهر في أواخر معركة قرقيسياء الأولى.
https://telegram.me/buratha