حسين (بريد الموقع الخاص): ماهو تفسيركم لهذه الرواية: تخرج راية سوداء لبني العباس ثم تخرج من خراسان أخرى سوداء قلانسهم سود وثيابهم بيض على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح من تميم يهزمون أصحاب السفياني حتى تنزل بيت المقدس توطئ للمهدي سلطانه ويمد إليه ثلاثمائة من الشام يكون بين خروجه وبين أن يسلم الامر للمهدي اثنان وسبعون شهراً.(الفتن لنعيم بن حماد: ١٨٨)
الجواب: ما نقلتموه رواه نعيم بن حماد بسنده لمحمد بن الحنفية رضوان الله عليه، والسند مما لا سبيل لنا لاعتباره فهو من أسانيد العامة، ولكن الخبر فيه ما له شاهد من حديث اهل البيت عليهم السلام، وفيه ما يتناقض معه، فالرايات السوداء الاولى التي ذكرها لبني العباس إما أن تكون متعلقة بأبي مسلم الخراساني وحالها معروف أو أنها متعلقة ببني العباس في صورتهم الثانية المقاربة لعصر الظهور الشريف، والتي أشرنا في غير مرة أنها رايات المسوّدة اي الذين اتخذوا من السواد شعاراً في ملابسهم وراياتهم كما كان يفعل بنو العباس، وهم الحركات التكفيرية التي تنضوي تحت إطار القاعدة وما أولدت، وهذه يمكن أن تنسب لخراسان لأن منشأها كان من أفغانستان، وخراسان التاريخية تستوعب أفغانستان وقسم كبير من الهند، ومن طبيعة السياق الزمني للرواية يبدو أن المراد به هو الرايات الثانية، وهذا ما يمكن أن ينسجم مع روايات أهل البيت ع.
أما الراية الثانية فبقرينة وجود شعيب بن صالح، فهي راية الخراساني التي يتزامن خروجها مع اليماني والسفياني، ولكن يجب حمل عبارة اصحاب السفياني على الذين يقتحمون العراق، فينسجم ذلك مع رواياتنا باعتبار ان جيش الخراساني هو احد العوامل الاساسية في طرد جيش السفياني من العراق بعد اقتحامه، وذلك بمعية جيش اليماني، ولا يمكن حمل هذه العبارة على أكثر من ذلك باعتبار ان الدحر النهائي للسفياني سيكون على يد الإمام روحي فداه.
أما كون أنهم ينزلون في بيت المقدس فهذا الأمر سكتت عنه رواياتنا إن أريد به محض الوصول الى بيت المقدس، أما إن أريد به تحرير بيت المقدس فالغالب أن هذا الامر متعلق بنفس الإمام المنتظر روحي فداه، ولكن لا يمنع من تصور تراجع نفوذ الصهاينة يومذاك قبل خروج الإمام عليه السلام، وتساعد عليه رواية مارقة الروم الذين ينزلون في الرملة، وهي ميناء اشدود، فلولا الضعف الذي سيعاني منه الصهاينة يومذاك ما كنا لنشهد نزول مارقة الروم في مينائهم، وهؤلاء لا ينزلون إلا لمهمة الدفاع عن أولئكم، ولا يمكن تفسير هذا الضعف الا بسبب وجود من يعجز الصهاينة في مقاومته لهم ويعمل على استنزافهم، بحيث يستغيثون بمارقة الروم وهم في الغالب الامريكيون، لمساعدتهم على القوة التي تعجز الصهاينة، وكل ذلك فيه تمهيد للإمام صلوات الله عليه.
يبقى أن الحديث عن الفاصلة الزمانية بين خروج شعيب بن صالح وبين تسليم الراية للإمام روحي فداه والذي حدده الخبر باثنين وسبعين شهراً، إن أريد به تحديد المدة ما بين خروج شعيب وبيعة شعيب للإمام عليه السلام فهو مستغرب ولا ينسجم مع منطق رواياتنا لان شعيباً هذا في رواياتنا سيقبل على العراق بعد اقتحام السفياني للعراق، والفاصلة بين حصول ذلك وخروج الإمام روحي فداه لا تزيد على السنة، وخروجه ومن ثم وصوله بأبي وأمي للعراق لا يرقى الى كل هذا الزمن الذي يتحدث عنه الخبر، وفي هذه الفترة سيكون الخراساني وهو قائد شعيب بن صالح مبايعاً للإمام، وعليه فلا يكون ثمة معنى لتأخير المبايعة لمدة تطول كثيراً بعد خروج الإمام صلوات الله عليه، أما إن أريد بهذه الفاصلة الزمانية هو انه سيسلم راية الجيش المرابط عند بيت المقدس فيها، بمعنى أن جيش الإمام سيصل إلى ذلك الموضع فيبايعه الجيش المرابط هناك، فذلك ما يستبعد لان البيعة الخراسانية للامام روحي فداه ستكون شاملة لكل ما ينضوي تحت ملك الخراساني، وهو امر يتحقق قبل هذه الفترة قطعاً.
وغني عن البيان أن الفهم الشعبي لمثل هذه الأخبار والذي يتصوّر أن خروج الإمام بابي وامي سيتأخر عن خروج شعيب مدة اثنين وسبعين شهراً ما هو الا محض وهم ولا اعتبار له، لاننا كما اشرنا من قبل إن الخروج المهدوي المبارك يتم قبل ذلك بكثير.
https://telegram.me/buratha